فصل في اللفظ المفرد الجزئي
واللفظ المفرد الجزئي هو الذي لا يمكن أن يكون معناه الواحد لا بالوجود ولا بحسب التوهم لأشياء فوق واحد بل يمنع نفس مفهومه من ذلك كقولنا زيد لمشار إليه فإن معنى زيد إذا أخذ معنى واحدا هو ذات زيد الواحدة فهو لا في الوجود ولا في التوهم يمكن أن يكون لغير ذات زيد الواحدة إذ الاشارة تمنع من ذلك فإنك إذا قلت هذه الشمس أو هذا الإنسان يمنع من أن يشترك فيه غير الإشارة. فصل في الذاتي ولنترك الجزئي ولنشتغل بالكلي وكل كلي فإما ذاتي وإما عرضي والذاتي هو الذي يقوم ماهية ما يقال عليه ولا يكفي في تعريف الذاتي أن يقال إن معناه ما لا يفارق فكثير مما ليس بذاتي لا يفارق ولا يكفي أن يقال إن معناه ما لا يفارق في الوجود ولا تصح مفارقته في التوهم حتى إن رفع في التوهم يبطل به الموصوف في الوجود فكثير مما ليس بذاتي هو بهذه الصفة مثل كون الزوايا من المثلث مساوية لقائمتين فإنه صفة لكل مثلث ولا يفارق في الوجود ولا يرتفع في الوهم حتى يقال إنا لو رفعناه وهما لم يجب أن نحكم أن المثلث غير موجود وليس بذاتي ولا أيضا أن يكون وجوده للموصوف به مع ملازمته بينا فإن كثيرا من لوازم الشيء التي تلزمه بعد تقرير ماهيته تكون بينة اللزوم له بل الذاتي ما إذا فهم معناه وأخطر بالبال وفهم معنى ما هو ذاتي له وأخطر بالبال معه لم يمكن أن يفهم ذات الموصوف إلا أن يكون قد فهم له ذلك المعنى أولا كالإنسان والحيوان فإنك إذا فهمت ما الحيوان وفهمت ما الإنسان فلا تفهم الإنسان إلا وقد فهمت أولا أنه حيوان وأما ما ليس بذاتي فقد تفهم ذات الموصوف مجردا دونه فإذا فهم فربما لزمه أن يفهم وجوده له كالمحاذاة للنقطة أو يفهم ببحث ونظر كتساوي الزوايا القائمتين في المثلث أو يكون جائزا أن يرفع توهما وإن لم يرتفع وجودا كالسواد للإنسان الزنجي أو يرتفع وجودا وتوهما معا مثل الشباب فيما يبطي زواله والقعود فيما يسرع زواله. وأما العرضي فهو كل ما عددناه مما ليس بذاتي وقد يغلط فيه فيظن أنه العرض الذي هو المقابل للجوهر الذين سنذكرهما بعد وليس كذلك فإن العرضي قد يكون جوهرا كالأبيض والعرض لا يكون جوهرا كالبياض.
صفحه ۴