180

فصل في تحقيق معنى الكلي

المعنى الكلي بما هو طبيعة ومعنى كالانسان بما هو إنسان شيء وبما هو عام أو خاص أو واحد أو كثير وذلك له بالقوة أو بالفعل شيء آخر فإنه بما هو إنسان فقط بلا شرط آخر البتة شيء ثم العموم شرط زائد على أنه إنسان والخصوص كذلك وأنه واحد كذلك وأنه كثير كذلك وليس ذلك إذا فرضت هذه الأحوال بالفعل فقط بل وإذا فرضت هذه الأحوال أيضا بالقوة واعتبرت الانسانية بالقوة كان هناك إنسانية واعتبار غير الانسانية مضاف فتكون الانسانية وإضافة ما فالانسانية بما هي إنسانية لا عامة ولا خاصة لا بالقوة أحدهما ولا بالفعل بل يلزمها ذلك وليس إذا كانت الانسانية لا توجد إلا واحدة أو كثيرة تكون الانسانية بما هي إنسانية إما واحدة وإما كثيرة ففرق بين قولنا إن هذا لا يوجد إلا وله أحد الحالين وبين قولنا إن أحد الحالين له بما هو إنسانية وليس يلزم من قولنا إن الانسانية ليست بما هي إنسانية واحدة إن الانسانية بما هي إنسانية كثيرة كما لو فرضنا بدل الانسانية الوجود الذي هو من جهة أعم من الواحد والكثير ولا أيضا نقيض قولنا إن الانسانية بما هي إنسانية واحدة أن الانسانية بما هي إنسانية كثيرة بل أن الانسانية ليست بما هي انسانية واحدة ولا كثيرة - وإذا كان ذلك كذلك جاز أن توجد لا بما هي إنسانية بل بما هي موجودة واحدة أو كثيرة - وإذا عرفت هذا فقد يقال كلي للانسانية بلا شرط ويقال كلي للانسانية بشرط أنها مقولة بوجه ما من الوجوه المعلومة على كثيرين. والكلي بالاعتبار الأول موجود بالفعل في الأشياء وهو المحمول على كل واحد لا على أنه واحد بالذات ولا على أنه كثير فإن ذلك ليس له بما هو إنسانية وأما الاعتبار الثاني فله جهتان - أحدهما اعتبار القوة في الوجود - والثاني اعتبار القوة إذا صار مضافا إلى الصورة المعقولة عنها - أما اعتبار القوة في الوجود حتى يكون إنسانية في الوجود وهي بالقوة بعينها محمولة على كل واحد فتنتقل من واحد إلى واحد فتكون لم تفسد ذات الأول بل الخاصة وتكون هي بعينها بالفعل شيء واحد في الوجود محمولا على كل واحد وقتا ما فهذا غير موجود فبين ظاهر أن الانسان الذي اكتنفته الأعراض المخصصة بشخص لم تكتنفه أعراض شخص آخر حتى يكون ذلك بعينه في شخص زيد وشخص عمرو ويكون بعينه مكتنفا بأعراض متضادة - وأما اعتبار القوة بالوجه الأخير فموجود فإن الانسانية التي في زيد إذا قيست إلى الصورة المعقولة عنها لم تكن ما يعقل منها أولى بالحمل على زيد منه بالحمل على عمرو ولا تأثيرها في النفس صورة عقلية مأخوذة

صفحه ۱۸۰