171

فأما إن كانت جواهر جسمانية فيكون طول وعرض وعمق ليس معنى أنه لون فقد يزول اللون - ويبقى ذلك الطول والعرض والعمق بعينه فإما أن يكون قد كان للون طول وعرض وعمق غير هذا أو يكون لم يكن إلا هذا فإن كان للون مقدار غير هذا فقد دخل بعد في بعد. وقد بينا فساد هذا. وإن كان اللون ليس له مقدار غير هذا فليس لذات اللون مقدار بل يتقدر بما يحله وهذا مما لا يخالفه - وأما إن فرضت غير جسمانية ويجتمع من تركيبها جسم فيكون مالا قدر له يجتمع منه ماله قدر وقد بان بطلان هذا وإن كانت غير جسمانية وتسري في الأجسام ولا يصح لها قوام دونها فهي أعراض لا جواهر وإن كان يصح لها أن تخالط الجواهر الجسمانية وتسري فيها ثم تنتقل من بعضها إلى بعض ولا تقوم إلا في واحد منها فيجب إذا فسد البياض في جسم أن يوجد في الأجسام المماسة له وكذلك سائر الكيفيات وليس الأمر كذلك بل يفسد ولا يبقى منه أثر البتة فليس إذا قوامه إنه في الانتقال. وإن كان إذا فارق الجسم قام بنفسه. فإما أن يقوم وهو تلك الكيفية بعينها فيكون حينئذ بياض في الوجود وليس بمحسوس وكلامنا في البياض بما هو محسوس فإن اسم البياض يقع على اللون الذي من شأنه أن يفعل في البصر تفرقا فما ليس كذلك ليس ببياض. وإما أن يقوم بنفسه وليس هو تلك الكيفية. فيكون ههنا مشترك من شأنه أن يقارن الأجسام فيصير بياضا ويفارقها فيصير لا بياضا - فيكون أولا البياض بما هو بياض قد فسد لكنه يكون له موضوع تارة يصير بصفة اللون الذي هو البياض وتارة يصير بصفة أخرى فتكون البياضية عارضة لذلك الموضوع. ويكون الموضوع للبياضية هو المفارق لكنا قد بينا أن المفارق المعقول ليس من شأنه أن يقارن الكم ولا أن يحصل في الوضع والتحيز فقد بان واتضح أن هذه الكيفيات ليست جواهر فهي إذا أعراض.

صفحه ۱۷۱