165

فصل في أن المادة لا تتجرد عن الصورة

ونقول أن تلك المادة أيضا لا يجوز أن تفارق الصورة الجسمية وتقوم موجودة بالفعل لأنها إن فارقت الصورة الجسمية فلا يخلو إما أن يكون لها وضع وحيز في الوجود الذي لها حينئذ أو لا يكون فإن كان لها وضع وحيز وكان يمكن أن تنقسم فهي لا محالة ذات مقدار وقد فرضت لا مقدار لها هذا خلف وان لم يمكن أن تنقسم ولها وضع فيها لي لا محالة نقطة ويمكن أن ينتهي إليها خط ولا يمكن أن تكون منفردة الذات منحازتها لأن خطا إذا انتهى إليها لاقاها بنقطة أخرى غيرها ثم إن لاقاها خط آخر لاقاها بنقطة أخرى غيرها ثم لا يخلو إما أن تباين النقطتان عن جنبتيها فتكون المتوسطة " التي تلاقيها إثنتان لا تتلاقيان " تنقسم بينهما وقد فرضت غير منقسمة وإما أن تكون النقطتان تتلاقيان وبتلاقيهما تكون ذاتها سارية في ذات كل واحد منهما وذاتها منحازة عن الخطين فذاتاهما منحازتان منقطعتان عن الخطين فللخطين نقطتان غير الأوليتين هما نهايتاهما وفرضناهما نهايتيهما هذا خلف. فيكون إذا ذلك الجوهر غير منحاز منفرد بل طرفا للخط فيكون نقطة لكن النقطة توجد قائمة في جسم وفي مادة لا مادة الجسم - وأما إذا كان هذا الجوهر لا وضع له ولا إشارة بل هو كالجواهر المعقولة لم يخل إما أن يحل فيه المقدار والمحصل دفعة أو يتحرك إليه على الاتصال. فإن حل فيه المقدار دفعة ففي آن انضياف المقدار إليه يكون قد صادفه المقدار حيث إنضاف إليه فيكون لا محالة صادفه وهو في الحيز الذي هو فيه فيكون ذلك الجوهر متحيزا إلا أنه عساه أن لا يكون محسوسا وقد فرض غير متحيز البتة هذا خلف. ولا يجوز أن يكون التحيز قد حصل له دفعة مع قبول المقدار لأن المقدار لا يوافيه إلا وهو في حيز مخصوص - وأما إن كان قبوله للمقدار لأن المقدار لا دفعة بل على انبساط وكل ما من شأنه أن ينبسط فله جهات. وكل ما له جهات فهو ذو وضع وحيز فيكون ذلك الجوهر ذا وضع وقيل لا وضع له ولا حيز هذا خلف والذي أوجب هذا كله فرضنا أنه يفارق الصورة الجسمية فممتنع أن يوجد الفعل بالفعل تقبل الكم وتساويه فبين أن المادة لا تبقى مفارقة بل وجودها وجود قابل لا غير كما أن وجود العرض وجود مقبول لا غير. وأيضا فإنها لا تخلو إما أن يكون وجودها وجود قابل فتكون دائما قابلة للشيء وإما أن يكون لها وجود خاص متقوم - ثم تقبل فتكون بوجودها الخاص المتقوم غير ذات كم وقد قامت غير ذات كم فيكون المقدار الجسماني عرض لها وصير ذاتها بحيث لها بالقوة أجزاء: وقد تقومت جوهرا

صفحه ۱۶۵