146

متشابهين أو غير متشابهين فإن كانا متشابهين فكيف يجتمع منهما ما ليس إياهما - اللهم إلا أن يكون ذلك الشيء شيئا يحصل فيهما من جهة الزيادة في المقدار أو الزيادة في العدد لا من جهة الصورة فيكون حينئذ للصورة المعقولة شكل ما أو عدد ما وليس صورة معقولة بمشكلة وتصير حينئذ الصورة خيالية لا عقلية وأظهر من ذلك أنه ليس يمكن أن يقال أن كل واحد من الجزأين هو بعينه الكل في المعنى لأن الثاني إن كان غير داخل في معنى الكل فيجب أن نضع في الابتدا معنى الكل لهذا الواحد لا لكليهما وإن كان داخلا في معناه فمن البين الواضح أن الواحد منهما وحده ليس يدل عليه على التمام وإن كانا غير متشابهين فلننظر كيف يمكن أن يكون للصورة المعقولة أجزاء غير متشابهة فإنه ليس يمكن أن تكون الأجزاء الغير المتشابهة إلا أجزاء الحد التي هي الأجناس والفصول ويلزم من هذا محالات منها أن كل جزء من الجسم يقبل القسمة أيضا في القوة قبولا غير متناه فيجب أن تكون الأجناس والفصول بالقوة غير متناهية وقد صح أن الأجناس والفصول الذاتية للشيء الواحد ليست في القوة غير متناهية ولأنه ليس يمكن أن يكون توهم القسمة يفيد الجنس والفصل تميزا بينهما بل ما لا يشك فيه أنه إذا كان هناك جنس وفصل يستحقان تمييزا في المحل أن ذلك التمييز لا يتوقف على توهم القسمة فيجب أن تكون الأجناس والفصول بالفعل أيضا غير متناهية - وقد صح أن الأجناس والفصول وأجزاء الحد للشيء الواحد متناهية من كل وجه - ولو كانت غير متناهية بالفعل لما كان يجوز أن يجتمع في الجسم اجتماعا على هذه الصورة فإن ذلك يوجب أن يكون الجسم الواحد انفصل بأجزاء غير متناهية وأيضا لتكن القسمة وقعت من جهة فأفرزت من جانب جنسا ومن جانب فصلا فلو غيرنا القسمة لكان يقع منها في جانب نصف جنس ونصف فصل أو كان ينقلب الجنس إلى مكان الفصل والفصل إلى مكان الجنس فكان فرضنا الوهمي يدور مقام الجنس والفصل فيه وكان يغير كل واحد منهما إلى جهة ما بحسب إرادة من بدن خارج على أن ذلك أيضا لا يفنى فإنه يمكننا أن نوقع قسما في قسم وأيضا ليس كل معقول يمكن أن يقسم إلى معقولات أبسط منه فإن ههنا معقولات هي أبسط المعقولات ومباد للتركيب في سائر المعقولات وليس لها أجناس ولا فصول ولا هي منقسمة في الكم ولا هي منقسمة في المعنى فإذا ليس يمكن أن تكون الأجزاء المتوهمة فيه غير متشابهة كل واحد منها هو في المعنى غير الكل وإنما يحصل الكل بالاجتماع فإذا كان ليس يمكن أن تنقسم الصورة المعقولة ولا أن تحل طرفا من المقادير غير منقسم ولا بد

صفحه ۱۴۶