144

افتراق الجزء من القوة القابلة أو الجزء من الآلة التي بها تفعل القوة وكيف كان فإن الحاصل يبقى أن الإدراك بمادة جسمانية - أما القوة القابلة فلأنها لا تنقسم إلا بانقسام مادتها - وأما الآلة الجسمانية فهي التي إياها نعني فقد اتضح أن الإدراك الخيالي هو أيضا بجسم ومما يبين ذلك أنا إنما نتخيل الصورة الخيالية كصورة الانسان مثلا أكبر وأصغر ولا محالة أنها ترتسم وهي أكبر وترتسم وهي أصغر في شيء لا في مثل ذلك الشيء بعينه لأنها إن ارتسمت في مثل ذلك الشيء فالتفاوت في الصغر والكبر إما أن يكون بالقياس إلى المأخوذ عنه الصورة - إما بالقياس إلى الآخذ - وإما بالقياس إلى الصورتين وليس يجوز أن يكون بالقياس إلى المأخوذ عنه - فكثير من الصور الخيالية غير مأخوذ عن شيء البتة ولا يجوز أن يكون بسبب الصورتين في أنفسهما فإنهما لما اتفقا في الحد والماهية واختلفا في الصغر والكبر فليس ذلك لنفسيهما فإذا ذلك بالقياس إلى الشيء القابل لأن الصورة تارة ترتسم في جزء منه أكبر وتارة في جزء منه أصغر - وأيضا فإنه ليس يمكننا أن نتخيل السواد والبياض في شبح خيالي واحد معا - ويمكننا ذلك في جزئين منه ولو كان الجزآن لا يتميزان في الوضع بل كان كلا الخيالين يرتسمان في شيء غير منقسم لكان لا يفترق الأمر بين المعتذر منهما وبين الممكن فإذا الجزآن متميزان في الوضع - ولما علمت في الخيال فقد علمت في الوهم الذي ما يدركه إنما يدركه متعلقا بصور جزئية خيالية على ما أوضحنا قبل.

صفحه ۱۴۴