============================================================
وفى هذه السنة، وصل رسولان من جهة بركة- فى حادى عشر رجب- أحدهما يسمى جلال الدين ابن قاضي دوقات والآخر عز الدين التركماني(1)، فى البحر إلى حالسلطان بركة زيزا، فبلغه أن الرشيدى قد عزم على الركوب إلى الكرك فخدعه السلطان بأن أرسل إليه أحد خواصه يبشره بتسليم الكرك. فلما سمع الرشيدى ذلك وقف عن فعله وخلع على المبشر. فلما رجع السلطان من الكرك ونزل غزة قام ليسبغ الوضوء على العادة وتفرقت الخاصكية للوضوء والتهيؤ لصلاة الجماعة، وقام السلطان يتركع قبل الأذان، وإذا بالرشيدى قد أقبل فى مقدار ثلاثماثة فارس مستعدة من مماليكه والدمياطى والبرلى، فلما قضى السلطان صلاته شد سيفه، وقال للأمير شمس الدين سنقر الرومى: ما الذي رأيت؟ فقال: جماعة ما جاءوا فى خيرا ثم حضر الأمير سيف الدين قلاوون الألفى وركب فرسا جيدا ووقف، واجتمعت الخاصكية، وركب السلطان، وأتى الرشيدى فوقف بالقرب من السلطان فى مكان ما جرت عادته بالوقوف فيه، فحضر الأمير عز الدين إيغان الركنى فقال للرشيدى: أراك فى هذا المكان، ما هذا مكانك يا سيف الدين. و مازحه ومازال به حتى ساق من ذلك المكان، وساق الدمياطى والبرلى وتفرقوا.
وكان الدمياطى قد جرت منه قضية أخرى، وهي أن السلطان لما ملك الكرك وأنزل أولاد المغيث أعطاهم السلطان خلعا وأقمشة وإنعاما كثيرا، وأنزلهم فى المنظرة التي فى الوادى تحت الكرك بقرب منزلة السلطان، سير الدمياطى ضوا وجماعة يمشون حوهم بغير آمر السلطان، ثم حضر فى الليل إليهم جماعة من مماليكه بالسيوف متلثمين فكسروا الصناديق وأخذوا القماش الذي كان السلطان أنعم عليهم به ظنا منهم أن تقوم فتنة وشوشة فى العسكر، ولا يعلم آنهم مماليك الدمياطى، فكشف الله ذلك، وظهر القماش عند خواص مماليكه، واطلع السلطان على ذلك. وتحدث الأمير شجاع الدين المهمندار مع الدمياطى فما أنصف من مماليكه، وقال: أنا أغرم عنهم. وأحضر بعض القماش، وقرر أن تقوم بدراهم عن بقية ذلك. هذا والسلطان لا يتكلم بكلمة، بل كتم ذلك إلى أن استقر بقلعة الجبل، فلما أصبح طلب الرشيدى فاعتقله، وطلع الأمراء إلى الخدمة فى اليوم الثانى، فأمسك الدمياطى والبرلى".
بينما علل الذهبى تاريخ الإسلام ج 15 ص 8 - ذلك بكونهم "حطوا على السلطان فى إعدامه الملك المغيث ".
(1) تسميته فى نهاية الأرب للنويرى ج 30 ص 87: "نور الدين، علي".
صفحه ۱۲۱