والجواب على ذلك : أن ليس فى الظاهر إلا قولهم والحكاية عنهم ، فكيف يدل ذلك على أنه هو الحق ، مع علمنا أنه لا خلاف بين الجميع أن هذا القول منهم باطل؟ لأنه ليس لأمة النبى صلى الله عليه ، وقد دعاهم إلى الإيمان ، أن يحتجوا بأنهم لا يؤمنون حتى يروا ربهم جهرة ؛ لأن من يقول بجواز الرؤية على الله تعالى أيضا ، لا يجوز للمكلف أن يؤخر إيمانه إلى أن يراه ، وأن يقول ذلك ، ويجعله عذرا فى ترك الإيمان.
وبعد ، فإن الآية تدل على ضد قولهم ؛ لأنه تعالى خبر أنه عاقبهم بإنزال الصاعقة بهم لما قالوا ذلك (1)، وإنزال العقوبة على الشيء يدل على أنه باطل ؛ لأن الله عز وجل لا يعاقب على الحق ، وإنما سأل قوم موسى عليه السلام ذلك ؛ لكى يرد الجواب من قبله تعالى فى أنه لا يرى حسب ما سمعوه من موسى ، وإنما سأل صلى الله عليه ، عن لسان قومه ، فلحقه ولحقهم ما ذكره تعالى ، ثم أحياهم بعد أن أماتهم ؛ لكى يطيعوه ويحولوا عن هذه الطريقة ، فلهذا قال عز وجل : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) (2) يعنى : لكى تشكروا بالتمسك بالطاعة والعدول عن المعصية.
** 36 دلالة :
أن الرزق لا يكون من قبله إلا طيبا حلالا (3)، لأن الحرام
صفحه ۹۳