إذا فالمحكم والمتشابه واضحان لمن تأملهما بإخلاص وكان غرضه معرفة الحق، ولم يكن له هوى ولا عصبية ولا مصلحة دنيوية.
ولو فرضنا أن الأمر لم يكن متضحا لكان الله قد لبس خطابه، ولم يبين مراده، وحاشا الله عن ذلك وهو القائل: {تبيانا لكل شيء} [النحل:89]، والقائل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام:38]، وقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل:44]، وقال: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة} [الأنفال:42].
فما على المؤمن إلا أن يخلص نيته لله عز وجل، وينظر بقلب غايته معرفة الحق، وأن ينزع عن نفسه لباس التعصب للآباء والمشائخ، وأن لا يؤدي به بغضه لفئة أو مذهب إلى ترك ما تذهب إليه وإن كان هو الحق الصريح،كما قال عز وجل: {ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى(8)} [المائدة].
وأن يقبل الحق حيث وجده حتى ولو كان مع من يسميهم بالمعتزلة أو القدرية أو غيرها من الفرق؛ فالحق ضالة المؤمن.
وأن لا يجعل أقوال سلفه ومشائخه حائلا بينه وبين الفهم لمعاني القرآن الكريم؛ فإن الله أوصانا بالتمسك به ولم يوصنا بالتمسك بالسلف، ولا بقول بعض العلماء مهما بلغوا في العلم؛ فالحجة ليست إلا في كلام الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم .
صفحه ۳۱