وأما المخالفون فإنهم لما جوزوا على الله فعل القبيح وقالوا: لا يقبح من الله قبيح لم يستطيعوا أن يثبتوا صحة نبوة الأنبياء صلوات الله عليهم وصدق ما جاءوا به؛ لأنهم إذا قالوا نعلم صدقهم لأنهم جاءونا بالمعجزات التي لا تكون إلا من الله سبحانه، فلما جاءوا بها عرفنا أنهم صادقون.
قلنا لهم: وما يدريكم لعل الله أعطاهم المعجزات وهم كاذبون، وما المانع من ذلك عندكم؟
فلا يجدون بدا من أن يقولوا: المانع أن ذلك قبيح والله لا يفعل القبيح؛ فيخرجوا من مذهبهم ويرجعوا إلى ما هو الحق من مذهبنا.
أو يعاندوا ويبقوا على مذهبهم من أن الله لا يقبح منه قبيح
وتبطل عليهم الشريعة بكاملها حيث لم يستطيعوا إثبات حقيتها، وأن كل ما جاءت به الرسل صلوات الله عليهم فهو من الله عز وجل.
[ أقوال علمائهم في محاولة التخلص من هذا الإشكال ]
ولهذا فإن علمائهم المحققين لما وصلوا إلى هذه المسألة اضطربوا اضطرابا شديدا، ولم يجدوا ما يدفعون به هذا الإلزام.
ولذلك فإن الرازي قال: صحيح أنه يلزم على مذهبنا أنه يمكن أن تكون المعجزة نصبت على يد كاذب أو صادق، وأننا لا نستطيع أن نجزم بأنها نصبت على يد صادق.
صفحه ۱۵