قلنا: إذا لم يكن هناك ظلم في حق الله تعالى فما هو الظلم الذي تنزه عنه تعالى في قوله: {وما ربك بظلام للعبيد(46)} [فصلت]؟!!، ألم يكن هنالك ظلم أخبر الله تعالى في الآية أنه متنزه عنه لعدله وحكمته وغناه عنه؟!
فظهر بهذا أن الله يأمر بالحسن لأنه حسن في ذاته، وينهى عن
القبيح لأنه قبيح، وأن الأمر بالقبيح لا يصير القبيح حسنا، والنهي عن الحسن لا يصير الحسن قبيحا، والله لا يفعل ذلك لمنافاته لعدله وحكمته.
[النافون للتحسين والتقبيح العقليين لا يمكنهم إثبات صدق نبوة نبينا محمد(ص)]
وقد يقال : ما هي الفائدة من ذكر هذه المسألة هنا؟
فنقول: إننا نريد من إيرادها هنا أن نبين عدم صحة دعوى المتسمين بأهل السنة أنهم متمسكون بالكتاب والسنة؛ لأنهم على مذهبهم الذي ذكرناه لا يمكنهم في الحقيقة التصديق بالكتاب والسنة، وعليهم أن يأتوا لنا بالدليل على أن الرسول صادق على مذهبهم.
فإن قلت: وكيف تفرعت هذه المسألة أي مسألة التصديق بالرسل والبرهنة على صدقها على مسألة التحسين والتقبيح العقليين؟
قلنا: لأنه لا يمكن إثبات صحة الرسالة وصدق دعوة الأنبياء عليهم السلام إلا بإثبات التحسين والتقبيح العقليين والقول به.
صفحه ۱۳