فأخذ يجول في الغرفة ذهابا وإيابا، وكان يتعذب كثيرا؛ لأنه يحبها كثيرا، فقال لها بصوت يرتجف: أكنت متزوجة؟ - بربك لا تسألني. - نعم، يحق لك أن تكتمي سرك فاغفري لي، ولكني أخبرك أن امرأتي المنكودة كانت تدعوك المتنكرة الحسناء، وقد فارقت الحياة.
فعزته، ثم قالت له: كيف حال ولدك روبير؟ - أشكرك لأنك لم تنسيه، فهو ينمو نموا حسنا، وهو ذكي كريم القلب. ولنبحث في شأنك الآن، فإنك في حاجة إلى العمل للارتزاق. - بل في أشد حاجة. - إنك لا تستطيعين فراق ولديك، ولكني سأذلل هذه العقبة وأخالف نظام المعمل، فأسهل لك العمل في البيت، وذلك أنك تأتين في كل صباح فتأخذين الرسائل المراد نسخها، وتعودين بها في اليوم التالي فتأخذين سواها، وقد عينت لك مائتي فرنك في الشهر، فهل أنت في حاجة إلى سلفة الآن؟
فشكرته وقالت: كلا. قال: إذن إلى اللقاء في الغد.
مضى على ذلك عامان ومرسلين تشتغل في المعمل نفسه، وقد زاد راتبها فعاد 250 فرنكا وهو فوق حاجاتها.
وقد استأجرت منزلا صغيرا على ضفاف الترعة، ولم يكن لها من أنواع التسلية غير حديقة وراء المنزل كانت تجني منها الأزهار.
على أن العمل كان أعظم سلوى لها؛ إذ كانت تشتغل إحدى عشرة ساعة في اليوم.
وقد اتفق يوم أحد أنها كانت جالسة في الحديقة وولداها يلعبان بالقرب منها، وأن رجلا يدنو من الحديقة قادما إليها وهو الموسيو فولون، فدنا منها ووقف أمامها فحياها باحترام ولبث صامتا يبتسم.
فنظرت إليه مرسلين نظرة تدل على الامتنان وقالت له: إني لا أنسى فضلك ما حييت يا سيدي، فإني مدينة لك بحياتي وحياة أولادي.
فحلت عقدة لسانه وقال: إني أتيتك يا مرسلين كي أحدثك بأمور جدية.
قالت: إني مصغية إليك يا سيدي. - إنك تشتغلين في المعمل منذ عامين، وقد يكون خيل لك بأني نسيتك مع أنك ممثلة لي الليل والنهار بكل مخيل.
صفحه نامشخص