الشيعة في النظر إلى الإسلام وتعيين الأسس التي يقوم تشريعه عليها نحب أن يعلم القارئ أن أهل السنة يجتمعون مع الشيعة عليها في اسم الإسلام وفي الولاية له بالجملة، وأهل السنة لا يسوؤهم أن يتعاون الفريقان فيما اتفقا عليه، بشرط أن يعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه، ما دام متعذرا عدول أهل السنة عما عرفوه من الحق، أو عدول الشيعة عما ألفوه من مبادئهم وطرائقهم. فالتعارف والتعاون على الخير من الخير. وكان كاتب هذه السطور من دعاة هذا التعارف وهذا التعاون منذ أربعين سنة إلى الآن، ثم نجم أخيرا داع من الشيعة حضر إلى مصر من إيران ليدعو إلى ما سماه التقريب بين المذاهب الإسلامية، ومراده من ذلك أن يحدث شيئا جديدا مؤلفا مما عند أهل السنة والشيعة فقط. أما الأباضية فلم يدعهم إلى هذا التقريب مع أن في مصر بعض علمائهم. ونحن أيقنا من اليوم الأول أن هذا التقريب بين مذهبي السنة والشيعة غير ممكن ولا معقول ثم هو يؤدي إلى فساد، لأن لكل من المذهبين أساسا يقوم عليه ويختلف اختلافا جوهريا عن الأساس الذي يقوم عليه المذهب الآخر، والطريقة التي يمكن بها التقريب هي أن يتنازل أتباع أحد المذهبين عن مذهبه ويلتحق بأهل المذهب الآخر. ولم نأنس من داعية هذا التقريب أنه وجماعته مستعدون لهذا التنازل، فلم يبق إلا أن يطمع في تنازل أهل السنة عن مذهبهم، أو تكوين مذهب ثالث جديد مؤلفا من بعض ما عند هؤلاء وبعض ما عند هؤلاء، ولا ينتظر بعد ذلك أن يرضى به أهل السنة ولا الشيعة فيكون فسادا جديدا في الإسلام.
1 / 8