هم حملة أمانة التشريع عن النبي ﷺ، وهم ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ (١) كما قال الله ﷿ فيهم. وأن الذين أنفقوا منهم وقاتلوا مع النبي ﷺ قبل فتح مكة أعظم درجة عند الله من جميع خلق الله كما أثنى عليهم الله بذلك، ومن أصدق من الله قيلا وقد وعدهم الله الحسنى هم وكل من تشرف بعدهم بصحبة خير خلقه ﷺ إلى أن لقي ربه، وكل ما نحن فيه الآن من نعمة الإسلام وقيام الدولة الإسلامية ووجود الأمة المحمدية هو من ثمرات جهاد الصحابة ونتائج أعمالهم، ولولاهم لكنا وكان الشيعة أيضا كفرة فجرة خاسرين، فكل حسنة لكل مسلم على وجه الأرض - سواء أكان سنيا أو زيديا أو أباضيا أو شيعيا - فإن للصحابة الذين جاهدوا لإدخال البلاد في الإسلام نصيبا من ثواب الله له على تلك الحسنة إلى يوم القيامة.
هذه مكانة الصحابة عند الله. وهذا جزاؤهم عنده، وأهل السنة يدينون بذلك، وكانوا جميعا إخوانا متحابين، وقد كان علي وإخوانه أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير أتقى لله من أن يكون في قلب أحدهم منهم غل لإخوانه، وكان في عنق علي بيعة لأخيه أبي بكر، ثم لأخيه عمر، ثم لأخيه عثمان، وكان من شديد محبته لهم أن سمى أبناء له بأسمائهم، وكان من وثيق رابطته بهم أن صاهرهم وتعاون معهم وأمر ولديه وفلذتي كبده أن يكونا على باب عثمان لدفع الثوار الأشرار وبذل دمائهما فداء لدمه، لولا أن عثمان نفسه أمرهما وأمر الصحابة جميعا، - بصفته أمير المؤمنين - أن يكفوا عن الدفاع حقنا منه لدماء المسلمين وتضييقا لدائرة الفتنة وإمعانا منه في إقامة الحجة، ولأن النبي ﷺ بشره
_________
(١) سورة آل عمران: جزء من الآية ١١٠.
1 / 5