ويقال لهم: هل يدرك البصر إلا شخصا أو لونا ؟
فإن قالوا: لا.
قيل لهم: أخبرونا عن ربكم، أتقولون إنه لون ؟!
فإن قالوا: نعم.
قيل لهم: فمن أين قلتم ذلك وما بينتكم عليه ؟! ولن تجدوا سبيلا إلى إثبات اللون إلا من وجه الرواية، فيعارضون بأضداد رواياتهم، فإن جعلوا الرواية حجة لم يصح لهم دعوى ولا لنا، لأنهم رووا خلاف ما روينا وروينا خلاف ما رووا، ولا بد أن يكون أحدنا محقا والآخر مبطلا، وفي إبطال قول أحدنا إبطال أحد الأثرين، وفي إبطال أحد الأثرين إخراج الأثر الشاذ من الحجة، لأن الشاذ من الأثر لا يكون مثل كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مع ما يدخل عليهم من التناقض في إثبات اللون لمعبودهم، من وجه ما ذكرنا من إيجاد العجز عليه وإلزام النصب، لأن لون الحدقة غير لون اللسان، ولون اللسان غير لون الوجه، وفي الغير وجوب الاثنين فصاعدا ، لأن اللسان غير العين، والعين مخالفة للسان، وكذلك كل جزء غير ما يليه، وهو مقصر عن صفة غيره.
فإن قالوا: ليس لونا.
قيل لهم: كيف ترى العيون ما ليس يكون لونا، والعيون لا ترى في العقول إلا ملونا ؟!
وإن لجأوا إلى أن يقولوا: إن الله يعطيهم حآسة سادسة في القيامة بها يدركون ربهم إدراك الجهر، يسألون عن الذي يدركون ربهم به، أليس قد نال ثوابا لم ينل الجزء الذي كان في الدنيا له ناصبا عاملا ؟! فيكون الثواب لمن لم يطع، ولا ثواب إلا لمن أطاع.
ويقال لهم: كيف يسمى المطيع مدركا وليس هو المعاين ؟! وإنما المعاين هو السادس المحدث لهم في الآخرة.
صفحه ۳۲۵