وتأويل قول الله :{كل شيء هالك إلا وجهه} له معان:
منها ما أريد به وجه الله من العمل الطيب، والقول الحسن.
ومعنى آخر في :{كل شيء هالك إلا وجهه}. إلا هو. ومن أراد هذا المعنى قرأ وجهه مرفوعا، وله سوى هذا أيضا، من أراده قرأه مفتوحا، والمعنى فيه: ثواب الله عز وجل.
وقال الله عز وجل في كتابه :{فاغسلوا وجوهكم} [المائدة : 6]. فمعنى هذا الوجه معنى واحد، وهو الوجه الذي في الناس، وذلك عن الله عز وجل منفي، وقوله :{فثم وجه الله} [البقرة : 115]. دليل على أنه الله، لأن الشرقي والغربي بين المشرق والمغرب لا يكون جهتهم جميعا تلقاء وجه الله، لأن وجهه: الذي هم مقابلون دون ما سواه، فبطل قولهم في تأويلهم :{ثم وجه الله}. وزعموا أن وجهتهم جميعا تلقاء وجه الله، وبطل قولهم: (خلق آدم على صورة وجه الله)، لأن الصورة وجه، وهي لا تواجه إلا ما كان تلقاءها، ومما يبطل به قولهم في زعمهم، أن الله على العرش دون ما سواه، وأن الملائكة يسبحون من حول العرش، فقد أحاط المسبحون بالمسبح، إذ هم حوله، ولا يكون توجيههم وتسبيحهم تلقاء وجه الله . وإن قالوا: إن جهتهم جميعا، وإن الله هو أينما تولوا، رجعوا إلى التوحيد الأول.
صفحه ۳۱۷