قيل له تقدس الله وجل أن نذكره بكلام فيه تهجين، ولا يجوز أن نذكر أن الله في شيء ذكره تصغير بالمذكور، من أجل أن الله أخذ علينا في ميثاق الكتاب أن لا نذكره إلا بالأسماء الحسنى، ومن الأسماء الحسنى كل اسم لا يكون معناه عند السامع محتمل التهجين، وقول القائل: ربه في السلاسل والكبول تصغير بذكر الله وتهجين، تعالى الله عز وجل، وارتفع عن ذلك وعن أن نذكره به، لأن المذكور بهذا مذكور بالإحاطة والقلة، والله عن ذلك يتعالى، وإذا ذكر الرب بالاسم العام كان له تعظيما، وإذا ذكر بالاسم الخاص كان له تهجينا، ولا يعرف الرب من ذكره بهجنة، وقد دللنا على معنى صحيح، إذ قلنا إن الله في الأشياء مبثوثة، وإن خص السائل ذكر شيء هو بالمذكور تصغير وتهجين، ويذكر ما يكون حواء وإحاطة لم يجز الجواب فيه بنعم!
فإن سأل السائل ما الله تبارك وتعالى إذا قلتم: هو الواحد ؟!
قلنا: معنانا أن الله واحد أي: لا واحد سواه، إلا وله شبيه، والله واحد ليس له شبيه، وهو يقيم الأشياء، وهو القائم بها لا بغيره قامت الأشياء، وليس الله بذي أعضاء، بعضها لبعض مؤيد ولا ممسك، بل الله واحد ليس سواه واحد في معناه، وليس واحد سوى الله إلا وقيامه بغيره، وذلك أن الحركة لا تقوم في وقتها إلا بمحترك، كذلك اللون لا يقوم إلا بملون، والطول لا يقوم إلا بمطول، لأن ما ذكرنا كلها أجزاء، وإنما يقوم بعضها بعضا، ولا يكون الجميع إلا باتصال الأبعاض، ولما كان على الجميع الأجزاء، جاز أن يكون مع الجميع ثان، وجاز أن يقال: هذا كان غير هذا . كذلك لا يقوم شيء مما ذكرنا من الخلق إلا في زمان ومكان، والله القائم بنفسه لا تجري عليه الأزمنة، ولا تحويه الأمكنة.
صفحه ۳۱۲