رياض البساتين
وفي انتهائه حيث يقول:
تخطر ولا تسلم
عساك المأمون
مروع الكتائب
يحيى بن ذي النون
واستمر ذلك مستحسنا عندهم فتفننوا فيه وجعلوه على أوزان كثيرة مختلفة - وانتقل هذا النوع على المشرق فنظموا منه مال لا يدخل تحت حصر - ومن أرق ما نظم من ذلك قول ابن سنا الملك: (كللي - يا سحب تيجان الربا بالحلى
واجعلي - سوارك منعطف الجدول)
وسنذكر بقيته عند وضع كلام الموشحات - ثم بعد الموشحات ينشد المغني قصيدة أو موالا - وفي أثناء ذلك يطرب بآلة مثل العود أو القانون - ويسمى بالتقسيم - وأهل مصر في هذا العصر لهم شغف بسماع الأدوار البسيطة فإنهم يطربون لها بمجرد سماعها لسهولة ألفاظها وفهم معانيها ولخلاعة المغني بها - فينشدون معا القطعة الأولى من الدور المسماة بالمذهب - ثم ينشد المغني بمفرده أو بمساعدة رقيق له مساعدة بسيطة الدور - هذا إذا كان المغني حسن الصوت - أما إذا كان غير ذلك فينشد الدور مع واحد أو اثنين أو ثلاثة حسبما يتراءى له - ثم يختمون بإعادة المذهب - وبعد بالدوارج ويستريحون قليلا، ويسمى هذا - (بالفصل الأول) أو (بالوصلة الأولى) ثم يعيدون الغناء كما كان إلى الفصل الثالث - وفي أخريات الليل ينشد المغني بمفرده قصيدة - أو يردون لازمة عليه وهو ينشد لهم أبياتا مساوية لها في الوزن الشعري - ولي كلام هنا أيضا - وهو أن بعض الأمراء؛ نظرا لأن المغنين لا يبتدئون في الغناء إلا قرب نصف الليل تقريبا، فيكتفون بسماع الفصل الأول - الذي يكون المغني فيه غير متحصل تماما على الاستعداد الكافي للطرب - فالأصوب لأصحاب الأفراح أن يعودوا المغنيين على أن يغنوا مبكرا؛ ليكون للسامعين من انفساح الوقت ما يذهبون على منازلهم مستريحي الجسم منشرحي الصدر.
فصل في تفضيل الغناء القديم على الحديث وفيه بحث
صفحه نامشخص