مقدمة
1 - الصوت
2 - الفونوجراف
3 - النغمات
4 - التصوير
5 - العود
6 - القانون
7 - الكمنجة الإفرنجية
8 - الكمنجة العربية
9 - الناي
10 - الصونومتر
11 - المترونوم
12 - الأوزان الأصول
13 - فصل في آداب المغني والسامع
14 - فصول مهمة ومباحث ضرورية عمومية جدية بالالتفات التام
15 - بدائع الموشحات العربية
16 - ترجمة (المرحوم الأستاذ الكبير الشيخ أحمد أبي خليل القباني الدمشقي)
17 - ترجمة (المرحوم عبده أفندي الحمولي)
18 - ترجمة (المرحوم محمد أفندي عثمان)
19 - الشيخ محمد عبد الرحيم الشهير - بالمسلوب
20 - محمد أفندي سالم
21 - الشيخ يوسف المنيلاوي
22 - المختار من ألحان إبراهيم أفندي القباني
23 - أدوار داوود أفندي حسني
24 - ترجمة (الأستاذ الشيخ سلامة حجازي)
25 - ترجمة (كامل أفندي الخلعي)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
1 - الصوت
2 - الفونوجراف
3 - النغمات
4 - التصوير
5 - العود
6 - القانون
7 - الكمنجة الإفرنجية
8 - الكمنجة العربية
9 - الناي
10 - الصونومتر
11 - المترونوم
12 - الأوزان الأصول
13 - فصل في آداب المغني والسامع
14 - فصول مهمة ومباحث ضرورية عمومية جدية بالالتفات التام
15 - بدائع الموشحات العربية
16 - ترجمة (المرحوم الأستاذ الكبير الشيخ أحمد أبي خليل القباني الدمشقي)
17 - ترجمة (المرحوم عبده أفندي الحمولي)
18 - ترجمة (المرحوم محمد أفندي عثمان)
19 - الشيخ محمد عبد الرحيم الشهير - بالمسلوب
20 - محمد أفندي سالم
21 - الشيخ يوسف المنيلاوي
22 - المختار من ألحان إبراهيم أفندي القباني
23 - أدوار داوود أفندي حسني
24 - ترجمة (الأستاذ الشيخ سلامة حجازي)
25 - ترجمة (كامل أفندي الخلعي)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الموسيقى الشرقي
كتاب الموسيقى الشرقي
تأليف
الموسيقار محمد كامل الخلعي
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم محمد كامل الخلعي
حمدا لمن جعل سلطان المحبة مستوليا على قلوب العشاق، فتركها أهدافا لقسي الواجب ونبال الأحداث. وحكم فيهم سيوف الألحاظ ورماح القدود. فتركتهم صرعى في ميادين الغرام فلا تقبل لهم شهود، وخلع على الملاح من ملابس الجمال أفخر الحلل، فخضع لهم في دولة الحسن أرباب الممالك والدول. ونفذ أحكام العيون في القلوب نفوذ السهام، وجعل مورد الثغر عذبا والمورد العذب كثير الزحام.
وصلاة وسلاما على نبي جاءنا من خلاصة عدنان، صلاة دائمة ما سجعت الورق على الأغصان. (أما بعد) فلما كان فن الموسيقى من أجل الفنون مذهبا، وأعذبها موردا ومشربا، وأمزجها للطباع السليمة. وأروضها للنفوس الكريمة. كيف لا وهو مغناطيس القلوب. وشرح حال المحب للمحبوب. ومذهب الأتراح، وغذاء الأرواح.
يدفع الجيش للقتال ويهدي
لنفوس الأطفال طيف المنام
ولذا عني به أئمة السلف، وأساتذة الخلف، كابن سينا والفارابي والفازاني، وأبي الفرج الأصبهاني صاحب الأغاني، وألفوا فيه كتبا قيمة كثيرة. ومؤلفات شهيرة، يضيق مجال الفكر عن استقرائها. ويقصر طول العمر عن استقصائها. فأولئك هم القوم الفائزون بالقدح المعلى. والشرف الذي لا يبيد ولا يبلى. مضت على ذهابهم أحقاب، وذكرهم باق على الألسنة مخلد في كل كتاب.
قوم بهم شرف الزمان كلامهم
شرك النفوس وعقلة الأحداق
أشخاصهم صرفت ولكن ذكرهم
أبدا على مر الليالي باقي
وحيث إني ممن من الله عليهم بالانتظام في ذلك العقد الفاخر، تمسكت بأذيال الماضين وإن جئت في الآخر. وقنعت من الزمان هذه المنحة، وأرحت نفسي من التطلع إلى غيرها فالعمر وإن طال كلمحة.
اجعل همومك واحدا
وتخل عن كل الهموم
فعساك أن تحظى بما
يغنيك عن كل العلوم
لأن من كانت عنايته بتدبير جسمه، لا بتدبير روحه التي هي مناط شرفه وكرمه. فقد تجاوز حد العرفان. فإن المرء بالروح لا بالجسم إنسان.
مارست هذا الفن علما وعملا على أكبر أساتذته قديما. واتخذته نديما، وبلوت فيه الألحان والأوزان. وميزت منه ما شان وزان، فألفيت أن أكثر الكتب الحديثة لا تشفي غلة. ولا تبري علة؛ ولذا وجهت الهمة نحو التكلم فيه، بما عسى أن أكون من جملة واصفيه، مع ما رميت به من اختلال أحوالي. وتعسر مطالبي وآمالي. واقتسام أمري بين مثبط للهمة وحاسد. ومنكر للفضل وجاحد. وعدو في قلبه مرض. أو معاند لا يستقيم له غرض. فيجرحونني بظهر الغيب، وأنا غير شاهد. ويحرفون وجه كلامي إلى جهة غرضهم الفاسد. سيما وقد استقبلت زماني وهذا الفن قد خبت ناره. وزوت أزهاره. ودجت مطالعه. وخوى طالعه. ولم يبق بيد أهله إلا صبابة. والخطأ فيه أكثر من الإصابة. ورغباتهم في معرفة قواعد الفن قليلة. والبراعة فيه لا تعد من الفضيلة. وقد نفد المجيدون والعلماء. وكثر المدعون والجهلاء، فاستعذت بالله من العجز والكسل، واستعنت به في بلوغ الأمل. ووضعت هذا الكتاب القريب المنال. العزيز المثال. ولم آل جهدا فيما أودعته فيه من التوضيح والإفصاح عما يلزمه من علم النغم والتصوير والأوزان الصحاح. مع تبيين لذلك أتم بيان، حتى كأنه يشاهد بالعيان. وأضفت إليه المختار من تلاحيني - وتلاحين حضرة أستاذي الأول الذي سعدت بوجوده الأيام. وتزينت ببقائه الأعوام، العالم الجليل، والموسيقار النبيل. (الشيخ أحمد أبو خليل) وأكثرها من نغمات نادرة الوجود في هذه الأمصار. (كالنهاوني والبسته نكار. والعجم والبوسليك والحجاز كار.) فمن حفظها على أصلها. باهتزازاتها المرصعة بها. وتصور مسافات الأوزان. فلا شك أنه فائز على الأقران. وقلتها لا تزري بقيمتها فهي كالنقطة من العطر، ولو صغر حجمها ولكنها محصل كثير من الزهر. ولقد زينت صفحاته أيضا بصور أشهر مشهوري هذا العصر مع المختار من محاسن صناعتهم. وبدائع بضاعتهم وسؤلي من المولى القدير. أن يترتب على هذا الكتاب الذي هو (كالنجم) صغير كبير. النفع المأمول. وأن يحظى لدى الموسيقيين خصوصا والطلاب عموما بحسن القبول. وهو أكرم من أن يسأل في مثل هذه الطلبة ولا يجيب. وسائل الله لا يخيب.
مقدمة
الموسيقى هو علم يبحث فيه عن أحوال النغم من جهة تأليفه اللذيذ والنافر - وعن أحوال الأزمة المتخللة بين النغمات من جهة الطول والقصر. فعلم أنه يتم بجزئين: الأول علم التأليف وهو اللحن - والثاني علم الإيقاع وهو المسمى أيضا بالأصول. (فالنغمات) جمع نغمة بالتحريك وهي (لغة) الصوت الساذج الخالي من الحروف - و(اصطلاحا) الصوت المترنم به. (واللحن) بالسكون (لغة) صوت من الأصوات المصوغة و(اصطلاحا) ما ركب من نغمات بعضها يعلو أو يسفل عن بعض على نسب معلومة - (والنغم للحن كالأحرف للكلام) - ثم يرتب ترتيبا موزونا - أي أنه يصاغ على أحد الأوزان التي سنذكرها بعد. ويقرن بشيء من الشعر أو غيره من سائر الفنون السبعة التي هي - القريض - والدويت - والموالي - والموشح - والزجل - والقومة - وكان وكان. وهذا التعريف جامع مانع؛ حيث دخل فيه زيادة على الموشحات والأدوار البشراوات والبستات والقدود والشرقيات، إذ هي مقرونة بكلام موزون على لغة من ربطها ولحنها من الترك أو الفرس أو غيرهما، فهي من جملة الألحان وداخلة في التعريف - وخرج بقيد التركيب النغمات الفردة - وبقيد الترتيب الموزون المقامات أصولا وفروعا؛ لأن ترتيبها غير موزون، فلا يسمى شيء مما ذكر لحنا.
والصوت هو ما يصدر عن كل حركة اهتزازية لجسم رنان تحدث في الهواء ارتجاجا يسير فيه إلى بعد ما. (وسنتكلم عن تولد الصوت وعن الأجهزة المعدة لعد الاهتزازات الصوتية في باب خاص به إن شاء الله).
والأصول هي عبارة عن موازين للألحان لعدم اختلالها واختلال المغنيين عندما ينشدون معا حتى لا يسبق أحدهم الآخر ولا يتأخر عنه بل يكون مجموعهم كواحد.
وبما ذكر يكون الغناء.
وقد أجمعت الأمم من جميع الطبقات على حب الألحان ولكن ذلك حسب عاداتهم واصطلاح بلادهم؛ لأنك تجد لكل أمة من الناس ألحانا ونغمات يستلذونها ويفرحون بها، لا يستلذها غيرهم ولا يفرح بها سواهم؛ مثل غناء الروم والفرس والأتراك والعرب والأكراد والأرمن والسوريين والزنج وغيرهم من الأمم المختلفة الألسن والطباع والأخلاق والعادات - إلا بالتعود على سماعها أو بمعرفة مواقع الطرب في لحن كان.
ومن الدليل البين أن لها تأثيرا في النفوس كون الناس يستعملونها تارة عند الفرح واللذة والأعراس والولائم - وأخرى عند الحزن والغم والمصائب والمآتم - وطورا في بيوت العبادة والأعياد - وآونة في الأسواق والمنازل وفي الأسفار والحضر وعند الراحة والتعب وفي مجلس الملوك ومنازل السوقة - ويستعملها الرجال والنساء والصبيان والمشايخ والعلماء والجهلاء والصناع والتجار وجميع طبقات الناس.
وهي من الأدوية المفيدة في علاج بعض الأمراض العصبية. قال الشيخ أبو المواهب في رسالته: حكي أنه كان رجل مقعد لا ينصب قامته، فلما سمع آلات الطرب قام ونصب قامته وارتاحت مفاصله.
وتفيد أيضا لترويض الفكر بعد تعبه في المسائل المعضلة
1
قال الراجز:
الفكر في المسائل الصعاب
يورث في القلوب داء رابي
دواؤه سماع صوت يحسن
وذاك في (المعاق) حكم بين
وقال الشيخ عبد الرءوف المناوي - رحمه الله تعالى -: ينبغي للطالب عند وقوف سنه - ترويحه بنحو شعر أو (سماع) أو حكايات؛ فإن الفكر إذا أغلق ذهل عن تصور المعاني، وذلك لا يسلم منه أحد ولا يقدر إنسان على مكابدة ذهنه على الفهم، وغلبة قلبه على التصور؛ لأن القلب مع الإكراه أشد قبولا، وأبعد نفورا، وفي الأثر أن القلب إذا أكره عمي ولكن يعمل على دفع ما طرأ عليه بترويحه بشعر أو نحوه من الأدب، فيستجيب له القلب مطيعا، قال الشاعر:
وليس بمغن في المودة شافع
إذا لم يكن بين الضلوع شفيع
وقيل: إن الملاذ التي عليها مدار الوجود أربعة: المأكل لعدم قيام البدن بدونه، والسماع لتعلقه بالروح وهي أشرف أجزاء الجسم، والنكاح لتعلقه بالنسل، والملبس لستر البدن، ولا يزاد في كل منها عن اللزوم، فإن زيد فيها عن ذلك حصل الإعياء، ما عدا السماع؛ فالزيادة لازمة فيه لغذاء الروح وراحة البدن وشفائه من الأسقام.
قال أفلاطون: من حزن فليستمع الأصوات الطيبة؛ فإن النفس إذا حزنت خمد منها نورها، فإذا سمعت ما يطربها اشتعل منها ما خمد.
وكان إسكندر ذو القرنين إذا وجد في نفسه ما يعيي مزاجه من انقباض أو حدس؛ دعا تلميذه ليحضر له العود ويضرب عليه، فيزول عنه ما كان يجده.
وقال أفلاطون: إن هذا العلم لم تضعه الحكماء للتسلية واللهو، بل للمنافع الذاتية، ولذة الروح الروحانية وبسط النفس وترويق الدم، أما من ليس له دراية في ذلك، فيعتقد أنه ما وضع إلا للهو واللعب والترغيب في لذة شهوات الدنيا والغرور بأمانيها.
قال أحد الحكماء: إن الغناء فضيلة تعذر على المنطق إظهارها ولم يتعذر على النفس إخراجها بالعبارة، فأخرجتها النفس لحنا موزونا - فلما سمعتها الطبيعة استلذتها وفرحت وسرت بها، فاسمعوا من النفس حديثها ومناجاتها، ودعوا الطبيعة والتأمل لزينتها؛ لئلا تغرنكم.
وقال آخر: احذروا عند سماع الموسيقى أن يثور بكم شهوات النفس البهيمية نحو زينة الطبيعة، فتميل بكم عن سنن الهدى، وتصدكم عن مناجاة النفس العليا.
وقال آخر: إن أصوات آلات الطرب ونغماتها - وإن كانت بسيطة - ليس لها حروف معجم، فإن النفوس إليها أشد ميلا ولها أسرع قبولا؛ لمشاكلة ما بينهما؛ وذلك أن النفوس أيضا جواهر بسيطة روحانية ونغمات آلات الطرب كذلك، والأشكال إلى أشكالها أميل.
وقال آخر: نعم وإن كانت ليست بحيوان، فهي ناطقة فصيحة، تخبر عن أسرار النفوس وضمائر القلوب. ولكن كلامها أعجمي يحتاج إلى الترجمان
2 .
وقال آخر: إن جوهر النفس لما كان مجانسا ومشاكلا للأعداد التأليفية، وكانت نغمات آلات الطرب موزونة وأزمان حركات نقراتها وسكونات ما بينها متناسبة، استلذتها الطباع، وفرحت بها الأرواح، وسرت بها النفوس؛ لما بينهما من المشاكلة والتناسب والمجانسة - وهكذا حكمها في استحسان الوجوه وزينة الطبيعيات؛ لأن محاسن الموجودات الطبيعية هي من أجل تناسب أصباغها، وحسن تأليف أجزائها.
وقال (العلامة ابن خلدون) في سبب اللذة الناشئة عن الغناء: إن اللذة هي إدراك الملائم - والمحسوس إنما تدرك منه كيفية، فإذا كانت مناسبة للمدرك وملائمة كانت ملذة وإذا كانت منافية له منافرة كانت مؤلمة تدرك منه كيفية، فإذا كانت مناسبة للمدرك، وملائمة كانت ملذة، وإذا كانت منافية له منافرة كانت مؤلمة، فالملائم من الطعوم ما ناسبت كيفيته حاسة الذوق في مزاجها، وكذا الملائم من الملبوسات - وفي الروائح ما ناسب مزاج الروح القلبي البخاري؛ لأنه المدرك وإله تؤديه الحاسة؛ ولهذا كانت الرياحين والأزهار والعطريات أحسن رائحة وأشد ملاءمة للروح؛ لغلبة الحرارة فيها التي هي مزاج الروح القلبي.
وأما المرئيات والمسموعات، فالملائم فيها تناسب الأوضاع في أشكالها وكيفياتها، فهو أنسب عند النفس وأشد ملاءمة لها، فإذا كان المرئي متناسبا في أشكاله وتخاطيطه التي له بحسب مادته، بحيث لا يخرج عما تقتضيه مادته الخاصة من كمال المناسبة والوضع، وذلك هو معنى الكمال والحسن في كل مدرك - كان ذلك حينئذ مناسبا للنفس المدركة فتلتذ بإدراك ملائمها - ولهذا نجد العاشقين المستهترين في المحبة يعبرون عن غاية محبتهم وعشقهم بامتزاج أرواحهم بروح المحبوب، وفي هذا سر تفهمه إن كنت من أهله، وهو اتخاذ المبدأ وإن كل ما سواك إذا نظرته وتأملته رأيت بينك وبينه اتحادا في البداية يشهد لك به اتحادكما في الكون، ومعناه - من وجه آخر - أن الوجود يشرك بين الموجودات كما تقوله الحكماء، فتود أن تمتزج بما شاهدت فيه الكمال، لتتحد به، بل تروم النفس حينئذ الخروج عن الوهم إلى الحقيقة التي هي اتحاد المبدأ والكون.
ولما كان أنسب الأشياء على الإنسان وأقربها إلى أن يدرك الكمال في تناسب موضوعها هو شكله الإنساني، فكان إدراكه للجمال والحسن في تخاطيطه وأصواته من المدارك التي هي أقرب إلى فطرته، فيلهج كل إنسان بالحسن من المرئي أو المسموع بمقتضى الفطرة - والحسن في المسموع أن تكون الأصوات متناسبة لا متنافرة؛ وذلك أن الأصوات لها كيفيات من الهمس والجهر والرخاوة والشدة والقلقلة والضغط وغير ذلك، والتناسب فيها هو الذي يوجب لها الحسن؛ فأولا: ألا يخرج من الصوت إلى حده دفعة، بل بتدريج، ثم يرجع كذلك، وهكذا إلى المثل - بل لا بد من توسط المغاير بين الصوتين - وتأمل هذا من افتتاح أهل اللسان التراكيب من الحروف المتنافرة أو المتقاربة المخارج، فإنه من بابه. وثانيا: تناسبها في الأجزاء فيخرج من الصوت إلى نصفه أو إلى ثلثه أو جزء من كذا منه على حسب ما يكون التنقل مناسبا على ما حصره أهل الصناعة - فإذا كانت الأصوات على تناسب في الكيفيات كما ذكره أهل تلك الصناعة، كانت ملائمة ملذة - ومن هذا التناسب ما يكون بسيطا، ويكون الكثير من الناس مطبوعا عليه لا يحتاجون فيه إلى تعليم ولا صناعة، كما تجد المطبوعين على الموازين الشعرية وتوقيع الرقص وأمثال ذلك، وتسمي العامة هذه القابلية بالمضمار، وكثير من القراء بهذه المثابة يقرءون القرآن فيجيدون في تلاحين أصواتهم كأنها المزامير، فيطربون بحسن مساقهم وتناسب نغماتهم - ومن هذا التناسب ما يحدث بالتركيب، وليس كل الناس يستوي في معرفته، ولا كل الطباع توافق صاحبها في العمل به إذا علم، وهذا هو التلحين الذي يتكفل به علم الموسيقى.
وإن حسن الصوت مما أنعم الله به على صاحبه، فقال - عز وجل -:
يزيد في الخلق ما يشاء
جاء في التفسير من ذلك الصوت الحسن. وذم الله - سبحانه - الصوت الفظيع
3
فقال:
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير
يدل مفهومه على مدح الصوت الحسن النقي.
وقد ورد في الحديث الشريف: (حسنوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا).
وعن أنس بن مالك (رضى الله عنه) قال - قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم (لكل شيء حلية، وحلية القرآن الصوت الحسن).
وقد أنكر مالك - رحمه الله تعالى - القراءة بالتلحين. وأجازها الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وليس المراد بالتلحين تلحين الموسيقى الصناعي؛ فإنه لا ينبغي أن يختلف في حظره؛ إذ صناعة الغناء مباينة للقرآن بكل وجه؛ لأن القراءة والأداء تحتاج إلى مقدار من الصوت لتعيين أداء الحروف لا من حيث اتباع الحركات في موضعها ومقدار المد عند من يطلقه أو يقصره وأمثال ذلك - والتلحين أيضا يتعين له مقدار من الصوت لا يتم إلا به من أجل التناسب الذي قلناه في حقيقة التلحين واعتبار أحدهما قد يخل بالآخر إذا تعارضا، وتقديم الرواية متعين من تغيير الرواية المنقولة في القرآن، فلا يمكن اجتماع التلحين والأداء المعبر في القرآن بوجه، وإنما مرادهم التلحين البسيط الذي يهتدي إليه صاحب المضمار بطبعه كما قدمناه فيردد أصواته ترديدا على نسب يدركها العالم بالغناء وغيره، ولا ينبغي ذلك بوجه كما قال مالك، هذا هو محل الخلاف
4
والظاهر تنزيه القرآن عن هذا كله كما ذهب إليه الإمام - رحمه الله تعالى؛ لأن القرآن محل خشوع بذكر الموت وما بعده، وليس مقام التلذذ بإدراك الحسن من الأصوات، وهكذا كانت قراءة الصحابة رضي الله عنهم كما في أخبارهم - وأما قوله
صلى الله عليه وسلم : (لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود) فليس المراد به الترديد والتلحين، إنما معناه حسن الصوت وأداء القراءة والإبانة في مخارج الحروف والنطق بها.
وقال ابن غانم المقدسي - رحمه الله - في كتابه (حل الرموز): إن كثيرا من المتعمقين والمتقشفين كرهوا السماع وأنكروه أصلا وفرعا، وحقيقة وشرعا، وهذا غلط منهم؛ لأن ذلك يفضي إلى تخطئة كثير من أولياء الله - تعالى - وتفسيق كثير من العلماء؛ إذ لا خلاف أنهم سمعوا الغناء وتواجدوا وأفضى بهم ذلك إلى الصراخ والغشية والصعق، فكيف ينسب إليهم نقص وهم سالكون أتم الأحوال ، وإنما يحتاج ذلك إلى تفصيل ونظر في أهل السماع واختلاف طبقاتهم - فمن صح فهمه وحسن قصده وصقلت الرياضة مرآة قلبه وجلت نسمات العزيمة قضاء سره فصفا من تصاعد الأكدار طبعه، ونجا من بشريته وخيالات وساوسه وعري عن حظوظ الشهوات، وتطهر من دنس الشبهات، فلا تقول إن سماعه حرام وفعله خطأ. (محاورة فلسفية) اجتمع جماعة من الحكماء والفلاسفة في مجلس ملك من الملوك ففضل أثناء المحاورة أحدهم البصر على السمع بقوله: لا أنكر أن السمع والبصر هما من أفضل الحواس الخمس وأشرفها التي وهبه الباري جل ثناؤه للحيوان، ولكن أرى أن البصر أفضل؛ لأن البصر كالنهار والسمع كالليل - فقال أحدهم: لا بل السمع أفضل من البصر؛ لأن البصر يذهب في طلب محسوساته، ويخدمها حتى يدركها مثل العبيد - والسمع يحمل إليه محسوساته حتى تخدمه مثل الملوك.
وقال آخر: البصر لا يدرك محسوساته إلا على خط مستقيم - والسمع يدركها من محيط الدائرة.
وقال آخر: محسوسات البصر أكثرها جسمانية - ومحسوسات السمع كلها روحانية.
وقال آخر: النفس بطريق السمع تنال خبر من هو غائب عنها بالمكان والزمان - وبطريق البصر لا تنال إلا ما كان حاضرا في الوقت.
وقال آخر: السمع أدق تمييزا من البصر؛ إذ كان يعرف بجودة الذوق الكلام الموزون والنغمات المناسبة، والفرق بين الصحيح والمنزحف والخروج من استواء اللحن - والبصر يخطئ في أكثر مدركاته، فإنه ربما يرى الكبير صغيرا والصغير كبيرا، والقريب بعيدا والبعيد قريبا، والمتحرك ساكنا والساكن متحركا، والمستوي معوجا والمعوج مستويا.
وقيل إن بعض الحكماء كان جالسا عند بعض الملوك، فقال الملك: إن الإنسان يألف السماع إذا تعود مجالس الطرب، فقال له الحكيم: يألفه إن كان في طبعه استعداد - يعني من أصل الخلقة - فأنكر عليه الملك، وقال: هل لك دليل على ذلك - فقال: نعم - فأمر الحكيم بإحضار مائة طفل من بني الناس من أولاد الأمراء والوزراء والعلماء والكتاب والزراع والسوقة والعبيد وغيرهم، وكانت أعمارهم لا تزيد على عشرة أشهر وأحضروا في يوم معلوم من أول النهار، وقد هيأ لهم محلا في بستان وأمر الحكيم أمهاتهم أن يحجبن أنفسهن عنهم نصف يوم حتى أقلقهم الجوع الشديد، ثم أمر بردهم إلى أمهاتهم مرة واحدة ليرضعنهم، وبينما هم مشغولون بالتغذي، إذ أمر الحكيم بضرب آلات الطرب دفعة واحدة، فمنهم من ترك التغذي شاخصا نحو الصوت محركا أعضاءه وهو يضحك، ومنهم من ترك التغذي ساكنا لا يتحرك، ومنهم من جعل يلتفت مرة ويتغذى أخرى - ومنهم من جعل يحرك رجليه ويديه ولم يترك التغذي، ومنهم من بذل همته في التغذي ولم يلتفت، فعند ذلك ظهر للملك صحة ما قاله الحكيم، ولله في خلقه ما يشاء.
وأما تأثير السماع على الحيوان غير الناطق، فما ورد من أن الطيور كانت تلقي بنفسها وتصغي لقراءة داود - عليه السلام - مزاميره، فصوته الحسن حتى إن بعضها يموت من شدة الطرب. (وكانت أصوات الأنبياء كلها حسنة) قال الراجز:
والطير قد يسوقه للموت
إصغاؤه إلى حنين الصوت
وكذلك الإبل نراها تمد أعناقها صاغية لغناء الحادي لها فتهيم وتسرع في سيرها، حتى تزعزع أحمالها، وربما أتلفت نفسها من سرعة السير مع ثقل أحمالها، وهي لا تشعر بذلك بسبب نشاطها.
وقد غفل في الأحيان أن أبا بكر محمد بن داود الدينوري (رضى الله عنه) قال: كنت بالبادية فوافيت قبيلة من قبائل العرب فأضافني رجل منهم، وأدخلني خباءه، فرأيت فيه عبدا أسود مقيدا بقيد، ورأيت قباله إبلا وجمالا قد ماتت وبقي منها جمل ناحل ذابل كأنه ينزع روحه فقال لي الغلام أنت ضيف ولك أن تشفع لي إلى مولاي؛ فإنه مكرم لضيفه، ولا يرد شفاعتك في هذا القدر، قال: فلما أحضر الطعام قلت: لا آكل ما لم أشفع لهذا العبد، فقال: إن هذا العبد أفقرني وأهلك جميع مالي، فقلت: ماذا فعل؟ فقال: إن له صوتا طيبا، وإني كنت أتعيش من ظهور هذه الجمال، فحملها أحمالا ثقالا وكان يحدو لها حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة من طيب نغمته - فلما حطت أحمالها ماتت كلها إلا هذا الجمل، ولكن أنت ضيفي فلكرامتك قد وهبته لك.
فأحببت أن أسمع صوته فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل قوي ليستقي الماء من بئر هناك - فلما رفع صوته هام ذلك الجمل وقطع حباله فوقعت على وجهي فما أظن أني سمعت قط صوتا أحسن منه.
ومن قبيله ما يستعمله رعاة الغنم والبقر والخيل والحمير عند ورودها للماء من الصفير ترغيبا لها في شربه.
وقيل: إن صيادي الغزلان والدراج والقطا وغيرها لهم غناء يغنون به في وقت صيدها في ظلام الليل؛ حتى يوقعوها ويأخذوها بيدهم.
والصيادون يصيدون الفيل والغزال بالسماع وآلات الطرب، والملاهي تلهيها عن رعيها فتسهو عن الرعي والهرب حتى تؤخذ وتصاد.
وكذلك السماكون بالنواحي يصطادون السمك بأصوات شجية.
وكذلك يصيدون كثيرا من الطيور؛ لما في الغناء من الجذبة السارية الشاغلة.
وجملة القول أنه يستلذها جميع الحيوانات التي لها جامعة السمع.
واختلف في الواضع، فقيل فيثاغورث، وكان قد رأى جمعا من الحدادين يضربون بالمطارق على التناسب، فتأمل ثم رجع وقصد أنواع المناسبات من الأصوات، ولما حصل له ما قصده بتفكر كثير وفيض إلهامي جمع آلة وشد عليها وترا وأنشد شعرا في التوحيد وترغيب الخلق في أمور الآخرة، فأعرض بذلك كثير من الخلائق عن الدنيا وصارت تلك الآلة معززة بين الحكماء ثم وضع بعدها قواعد هذا الفن - وأضاف بعدها العلماء مخترعاتهم إلى أن انتهت النوبة إلى أرسطو، ففكر ثم وضع الأرغنون وهي آلة قديمة لليونانيين تعمل من ثلاثة زقاق كبار من جلود الجواميس تضم بعضها إلى بعض ويركب على رأس الزق زق آخر ثم يركب على الزقاق أنابيب لها ثقب على حسب استعمال المستعمل
5 . (وذكر في الإصحاح الرابع من سفر التكوين) وعرف قايين امرأته فحبلت وولدت حنوك. وكان يبني مدينة، فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك. وولد لحنوك عيراد. وعيراد ولد محيويائيل. ومحيويائيل ولد متوشائيل. ومتوشائيل ولد لامك. واتخذ لامك لنفسه امرأتين. اسم الواحدة عادة، واسم الأخرى صلة، فولدت عادة يابال الذي كان أبا لساكني الخيام ورعاة المواشي. واسم أخيه يوبال، الذي كان أبا لكل ضارب بالعود والمزمار. وصلة أيضا ولدت توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد.
قال الكامل في تاريخه - وقيل: أول من وضعه نوح - عليه السلام - واخترع العود المعروف واستخرج منه النغمات وانعدم ذلك العود عند الطوفان - ثم في عهد داود استخرج وهذب وضرب عليه.
وقد ذكر في تصحيح الغلطات، أن أول من وضعه لامك من أولاد نوح - عليه السلام - واخترع العود المعهود وبعد فتنة بختنصر فقدت تلك الآلة - وفي زمن إسكندر ذي القرنين أوجد الحكماء الكاملون بقوة الرياضة علم الموسيقى وقد ثبت أن أرسطو وبقراط وسقراط وجالينوس وأفلاطون قد استعملوا الموسيقى.
وقيل إن الحكماء استخرجت الصنائع بحكمتها وعلمتها للناس ومن جملتها فن الموسيقى واستعمل كسائر الصنائع.
وقيل: إن أول من وضعه جمشيد - وهو ملك من ملوك الفرس -
6
كان بمدينة اصطخر التي صارت الآن قرية صغيرة بقرب الشيراز.
وكان في سلطان العجم قبل الملة الإسلامية منها بحر زاخر في أمصارهم ومدنهم، وكان ملوكهم يتخذون ذلك ويولعون به حتى لقد كان لهم اهتمام بأهل هذه الصناعة، ولهم مكان في دولتهم وكانوا يحضرون مشاهدهم ومجامعهم ويغنون فيها - وهذا شأن العجم لهذا العهد في كل أفق من آفاقهم ومملكة من ممالكهم.
وأما العرب، فكان لهم أولا فن الشعر يؤلفون فيه الكلام أجزاء متساوية على تناسب بينها في عدة حروفها المتحركة والساكنة، ويفصلون الكلام في تلك الأجزاء تفصيلا يكون كل جزء منها مستقلا بالإفادة، لا ينعطف على الآخر ويسمونه البيت، فتلائم الطبع بالتجزئة أولا، ثم بتناسب الأجزاء في المقاطع والمبادئ، ثم بتأدية المعنى المقصود وتطبيق الكلام عليها، فلهجوا به، فامتاز من بين كلامهم بحظ من الشرف ليس لغيره لأجل اختصاصه بهذا التناسب وجعلوه ديوانا لأخبارهم وحكمهم وشرفهم، ومحكا لقرائحهم في إصابة المعاني وإجادة الأساليب. وما من أمة لها قوة على التصرف في المعاني إلا وفيها شعراء بلسانهم، إلا أن فضل الأشعار العربية مشهور كما لا يخفى. واستمروا على ذلك وهذا التناسب الذي من أجل الأجزاء والمتحرك والساكن من الحروف قطرة من بحر تناسب الأصوات والألحان، إلا أنهم لم يشعروا بما سواه ؛ لأنهم حينئذ لم ينتحلوا علما ولا عرفوا صناعة، وكانت البداوة أغلب نحلهم - ثم تغني الحداة منهم في حداء إبلهم، والفتيان في قضاء خلواتهم، فرجعوا الأصوات وترنموا، وكانوا يسمون الترنم إذا كان بالشعر غناء، وإذا كان بالتهليل أو نوع القراءة تغبيرا بالغين المعجمة والباء الموحدة، وعللها أبو إسحاق الزجاج بأنها تذكر بالغابر، وهو الباقي أي: بأحوال الآخرة، وربما ناسبوا في غنائهم بين النغمات مناسبة بسيطة كما ذكره ابن رشيق آخر كتاب العمدة وغيره - وكانوا يسمونه السناد، وكان أكثر ما يكون منهم في الخفيف الذي يرقص عليه ويمشي بالدف والمزمار، فيطرب ويستخف الحلوم، وكانوا يسمون هذا الهزج وهذا البسيط كله من التلاحين هو من أوائلها، ولا يبعد أن تتفطن له الطباع من غير تعليم، شأن البسائط كلها من الصنائع، ولم يزل هذا شأن العرب في بداوتهم وجاهليتهم.
فلما جاء الإسلام واستولى على ممالك الدنيا وحاز سلطان العجم وغلبهم عليه، وكان أهله من البداوة والغضاضة على الحال التي عرفت لهم مع غضارة الدين وشدته في ترك أحوال الفراغ، وما ليس بنافع في دين ولا معاش فهجروا ذلك شيئا ما ولم يكن الملذوذ عندهم إلا ترجيع القراءة والترنم بالشعر الذي هو ديدنهم ومذهبهم - فلما جاءهم الترف وغلب عليهم الرفه بما حصل لهم من غنائم الأمم صاروا إلى نضارة العيش ورقة الحاشية واستحلاء الفراغ وافترق المغنون من الفرس والروم، فوقعوا إلى الحجاز وصاروا موالي للعرب، وغنوا جميعا بالعيدان والطنابير والمعازف والمزامير، وسمع العرب تلحينهم للأصوات فلحنوا عليها أشعارهم وظهر بالمدينة نشيط الفارسي وطويس وسائب خائر مولى عبد الله بن جعفر فسمعوا شعر العرب ولحنوه وأجادوا فيه وطار لهم ذكر، ثم أخذ عنهم معبد وطبقته وابن سريج وأنظاره - وما زالت صناعة الغناء تندرج إلى أن كملت في أيام بني العباس عند إبراهيم المهدي وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق وابنه حماد - وكان من ذلك في دولتهم ببغداد ما تبعه الحديث بعده به وبمجالسه لهذا العهد - وأمعنوا في اللهو واللعب - واتخذت آلات الرقص في الملبس والقضبان والأشعار التي يترنم بها عليه، وجعل صنفا وحده واتخذت آلات أخرى للرقص تسمى بالكرج، وهي تماثيل خيل مسرجة من الخشب معلقة بأطراف أقبية يلبسها القيان ويحاكين بها امتطاء الخيل، فيكرون ويفرون وأمثال ذلك من اللعب المعد للولائم والأعراس وأيام الأعياد ومجال الفراغ واللهو، وكثر ذلك ببغداد وأمصار العراق وانتشر منها إلى غيرها.
وقيل إن الفارابي
7
صنعه لما مات والده وجعله على طبائع الإنسان، وقال: هذا أبي ليتسلى به، وعمل له لوالب تربط فيه الأوتار وتعرك إلى أن يضبط الساز - إن شاء حاذقا، وإن شاء رخيما - ولكنه لم يجوف له بطنا، ولم يثقب وجهه، بل جعله مسدودا، فلما ضرب عليه ولم يظهر له طنين بل خرس تركه وصار يقول إن أبي أخرس، ثم إنه تفقده في بعض الأيام وضرب عليه فظهر له صوت عال فنظر إليه فإذا الفار قد نقره فعلم أن صوته من نقر الفار، فقال هذا ليس بأبي، بل الفار أبي قالوا: ومن أجل ذلك لقبوه به أي: بالفارابي.
وأقول: هذا ليس بشيء؛ لأنها نسبة إلى فاراب، وهي ناحية وراء نهر سيحون أو اسم المدينة أترار كما في القاموس.
والفارابي لم يبدع العود قط بعد أن علم أنه من مخترعات الأمم السابقة، ولكنه زاد فيه أنغاما وأتقنه. وأيضا ذكر صاحب الصحاح أن العود اسم آلة من آلات المعازف. والصحاح لم يذكر إلا لغة العرب، أي: ما نطقت به والفارابي ما ظهر إلا بعد انقراض من يعتد بلغته من العرب وهو أيضا ليس منهم، بل عجمي مستعرب. (وفي أوائل السيوطي) أن أول من وضع الآلة المعروفة للغناء المسماة (بالقانون) ورتبها أبو نصر الفارابي أستاذ ابن سيناء.
وقيل: إن أول من صنع العود بعض حكماء الفرس، وأنه سماه: البربط وتفسيره (باب النجاة) والمعنى أنه مأخوذ من صرير باب الجنة - وقد جعل أوتاره أربعة بإزاء الطبائع الأربع - فالزير
8
بإزاء الصفراء - والمثنى
9
بإزاء الدم والمثلث
10
بإزاء البلغم - واليم
11
بإزاء السواد - فإذا اعتدلت أوتاره، ورتبت على ما يجب، جانست الطبائع وأنتجت الطرب، وهو رجع النفس إلى الحالة الطبيعية دفعة واحدة. ثم ما زالت عدة أوتاره أربعة إلى أن ظهر زرياب وتعلم ضرب العود من إسحاق الموصلي وتمهر فيه حتى برع وفاق أستاذه وصبغ الأوتار الأربع بألوان ما هو بإزائها من الطبائع - فجعل ما بإزاء السوداء أسود - وما بإزاء اليم أحمر - وما بإزاء البلغم أبيض - وما بإزاء الصفراء أصفر، وزاد وترا خامسا سماه: النفس؛ لعدم قيام الطبائع الأربع بدونه.
ولما أن علم إسحاق أستاذه بهذا الأمر؛ قال: إن العراق لا يسعني ويسعك فاخرج منه. فخرج ولحق بالحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل أمير الأندلس، فبالغ في تكرمته وركب للقائه وأسنى له الجوائز والإقطاعات والجرايات، وأحله من دولته وندمائه بمكان - وهو الذي اخترع بالأندلس مضراب العود من قوادم النسر عوضا عن مضراب الخشب - فأبدع في ذلك للطف الريشة، وخفتها على الأصابع وطول سلامة الوتر على كثرة ملازمتها إياه - فأورث بالأندلس صناعة الغناء ما تناقلوه إلى أزمان الطوائف، وطما منها بإشبيلية بحر زاخر وتناقل منها بعد ذهاب غضارتها إلى بلاد العدوة بإفريقية والمغرب، وانقسم على أمصارها، وبها الآن منها صبابة على تراجع عمرانها وتناقص دولتها.
وقيل: إن أول من غنى على العود من العرب بألحان الفرس.. النضر بن الحارث؛ وذلك أنه وفد على كسرى، فتعلم ضرب العود والغناء وقدم مكة فعلم أهلها.
وقيل: إن أول من غنى في الإسلام بألحان الفرس طويس؛ وذلك أن عبد الله بن الزبير لما بنى الكعبة ورفعها، كان في بنائها صناع من الفرس يغنون بألحانهم، فوقع طويس عليها الغناء العربي، ثم دخل الشام فأخذ من ألحان الروم - ثم رحل إلى فارس فأخذ الغناء وضرب بالعود وأتبعه من بعده.
وفي (أوائل السيوطي) أن أول صوت غني به في الإسلام كن يغني به طويس:
قد براني الشوق حتى
كدت من وجدي أذوب
وقال السيوطي: إن أول من ضرب بالدف عند ظهور الإسلام بالمدينة المنورة الجواري من بني النجار، استقبلن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بالدفوف يتغنين ويضربن بها وهن يرتجزن.
نحن جوار من بني النجار
يا حبذا محمد من جار
وأول غناء تغنى به النساء والصبيان في المدينة عند قدوم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بشعر لطيف وهو:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
وأول من أفسد الغناء القديم وجعل للناس طريقا جديدا رقيقا بالأصوات الحزينة إبراهيم بن المهدي (أوائل السيوطي) - [وقلده المصريون جميعا في ذلك للآن].
وأول من تغنى من العرب الحجازية خزيمة بن سعد ويلقب بالمصطلق لحسن صوته في غنائه (قاموس).
وأول من أحدث الحداء غلام من مضر - روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في مضر فسمع صوت حاد يحدو فقال: ميلوا بنا إليه فقال: ممن القوم؟ قالوا: من مضر. فقال: أتدرون متى كان الحداء قالوا: لا بأبينا وأمنا، فقال: إن أباكم مضر خرج في مال له فوجد غلامه قد تفرقت عليه إبله فضربه على يده بالعصا فعدا الغلام في الوادي وهو يصيح وأيداه وأيداه، فسمعت الإبل صوته واجتمعت.. فقال مضر: لو اشتق من هذا الكلام مثل هذا لكان كلاما يجتمع عليه الإبل فاشتق الحداء من ذلك.
وكان سلام الحادي من العرب في الدولة العباسية يضرب المثل بحدائه، فقال يوما للمنصور: يا أمير المؤمنين، مر الجمالين بأن يظمئوا الإبل ثم يوردوها الماء، فإني آخذ في الحداء فترفع رءوسها، وتترك الشرف، ففعلوا ما قال فأجرى ما التزم وارتجز:
ألا يا بانة الحادي
بشاطئ نهر بغداد
شجاني فيك صباح
طروب فوق مياد
يذكرني ترنمه
ترنم ربة الوادي
وإن جادت بنغمتها
فمن (أنجشة الحادي)
والحقيقة أن الموسيقى لم يعرف لها واضع، وكل من حدد واضعا لها فقد أخطأه الجد وخدعه الباطل، ولم يدرك حقيقة العمران وأطوار بني الإنسان، فإن الإنسان في أي طور ظهر وأرض انتشر، فالغناء حليفه والشعر أليفه - أو ما تراك ترى الأمم الهمجية والقبائل الوحشية لها ألحان وأنغام تلائم طبعها تناسب حالها - نعم إنها تختلف في الأمم اختلافا هائلا وتتباين تباينا عظيما، ومنشأ هذا تفاوتهم في المدنية ودرجاتهم في العلم والحضارة - فالذي ينظر مثلا إلى الزنجي في أفريقيا - والأديب في أوربا يضع كل واحد منهما في كفة ميزان - يرى أن الأول كأنه بالنسبة إلى الآخر ليس من نوع الإنسان، بل هو من نوع آخر يشبهه في اعتدال القامة وتقاطيع العضلات - وكما أن الفرق الذي تراه في شكلهما وعلمهما تراه بين لحنهما وغنائهما.
وقصارى القول في الموسيقى أن النفس عند سماع النغم والأصوات يدركها الفرح والطرب بلا شك، فيصيب مزاج الروح نشوة يستسهل بها الصعب ويستميت في ذلك الوجه الذي هو فيه، وهذا موجود حتى في الحيوانات العجم بانفعال الإبل بالحداء والخيل والحمير بالصفير كما علمت - ويزيد ذلك تأثيرا إذا كانت الأصوات متناسبة كما في الغناء، وأنت تعلم ما يحدث لسامعه من مثل هذا المعنى - ولأجل ذلك تتخذ العجم في مواطن حروبهم (الآلات الموسيقية) لا طبلا ولا بوقا فيحدق المغنون بالسلطان في موكبه بآلاتهم، ويغنون فيحركون نفوس الشجعان بضربهم إلى الاستمالة. ولقد سمعنا أيضا أن في حروب العرب الأقدمين من كان يتغنى أمام الموكب بالشعر ويطرب، فتجيش همم الأبطال بما فيها ويسارعون إلى مجال الحرب وينبعث كل قرن إلى قرنه - وكذلك زناتة من أمم المغرب يتقدم الشاعر عندهم أمام الصفوف، ويتغنى فيحرك بغنائه الجبال الرواسي، ويبعث على الاستمالة من لا يظن بها، ويسمون ذلك الغناء (تاصوكايت) - وأصله كله فرح يحدث في النفس، فتنبعث عنه الشجاعة كما تنبعث نشوة الخمر بما يحدث عنها من الفرح.
وهذا الفن آخر ما يحصل في العمران من الفنون؛ لأنه كمالي في غير وظيفة من الوظائف إلا وظيفة الفراغ والفرح، وهو أيضا أول ما ينقطع من العمران عند اختلاله وتراجعه كما هو واقع بالشرق الآن.
وفي لفظه لغتان إحداهما موسيقي بمثناتين تحتيتين بينهما قاف مكسورة (والأخرى) موسقي بحذف الياء الأولى - وعلى كل من اللغتين، هو بضم الميم وسكون الواو وكسر السين المهملة كلمة يونانية معناها علم النغمات والألحان - وكان هذا هو الأصل فيه، ثم صار علما على هذا العلم في سائر اللغات، ويسمون المغني: المطرب، والملحن المجيد: (موسيقار) والآلة التي يصور بها كالعود وغيره (موسيقيري) حسبما يظهر من تتبع كلامهم، حيث قالوا: كل صناعة متعلقة باليد فموضوعها الجسم الطبيعي، إلا الموسيقيري، فموضوعها الصوت المشتمل على الألحان المخصوصة، ولا يخفى عليك أن تعلق الصناعة باليد إنما يجري في الآلة فقط وبعضهم يسمى المغني (بالموسيقان) وآلة الغناء (بالموسيقات).
هوامش
الفصل الأول
الصوت
في تولد الصوت
الصوت هو ما يصدر عن كل حركة اهتزازية لجسم رنان تحدث في الهواء ارتجاجا يسير فيه إلى بعد ما - فمثلا إذا طرق بجسم صلب على كوبة من البللور لأجل حدوث صوت ومست حافة هذه الكوبة بالإصبع مسا خفيفا، حصل فيه رجات سريعة جدا تدل على اهتزاز الكوبة - وإذا ضغط بالإصبع على الحافة الملموسة لإيقاف حركتها الاهتزازية شوهد انقطاع الصوت في الحال - كذا إذا علقت كرة صغيرة من العاج ملامسة لجدر ناقوس من الزجاج، ثم أحدث في الناقوس صوت شوهد أن الكرة تفعل جملة حركات ذهاب وإياب سريعة تدل على حركة اهتزاز الناقوس.
ولبيان طبيعة الحركات الاهتزازية التي تحصل في الأجسام الرنانة عندما تولد صوتا تثبت صفيحة من الصلب أ ب في منجلة ح (شكل
1-1 ) ثم تبعد عن وضعها الذي تكون فيه في حالة موازنة بأن تجعل في الموضع أ د مثلا وتترك فيشاهد عند ذلك أنها تعود إلى وضعها الأصلي، إلا أنها لا تثبت فيه، بل تتعداه إلى أن تصير في وضع أ ه مماثل للوضع أ د ثم تعود بالثاني إلى أ د وهكذا - وكل حركة تامة من هذه الحركات مكونة من ذهاب وإياب يقال لها: ذبذبة، وإذا أعيدت التجربة السابقة جملة مرات بعد تقصير الجزء المتذبذب في كل منها، شوهد أن سرعة التذبذب تزداد بتقصير الجزء المتذبذب إلى أن تصير حركة الذهاب والإياب سريعة جدا، حتى إنه لا يمكن مشاهدتها وعند ذلك يرى أن الطرف الخالص من الصفيحة مفرطح؛ وذلك لكون العين تراه وهو شاغل أوضاعه المختلفة في آن واحد، وأخيرا فعندما تصير سرعة التذبذب عظيمة يرى أن الصفيحة تولد صوتا ما دام حاصلا فيها التذبذب.
شكل 1-1
ويمكن بيان ذلك أيضا بواسطة وتر مشدود، فإذا أبعد عن وضعه الذي يكون في حالة موازنة وترك شوهد فيه تفرطح، خصوصا في جزئه المتوسط، وإذا كان مشدودا شدا قويا فيسمع منه صوت عندما يذبذب؛ وذلك لأن سرعة تذبذبه عند ذلك تكون عظيمة.
والأجسام الصلبة المجوفة إذا نفر عليها يحدث بذلك صوت عظيم، ذو رنين ويستمر زمنا لتردد الهواء في جوفها وتموجه فيها؛ ولذلك لهم ينقبون مثل القانون والعود وما شاكلهما لتموج الهواء في جوفها.
وكذلك البوقات الطوال يخرج منها صوت عظيم؛ بسبب تموج الهواء في مسافة طولها.
وكذلك صوت الإنسان والحيوان يحدث عند تصادم الهواء الخارج من الرئتين في الحنجرة.
الفرق بين الشدة والارتفاع والنغمة
إذا عدنا إلى التجربة السالفة وأعطينا إلى الصفيحة طولا بحيث تولد صوتا عند تذبذب، وأبعدناها عن وضعها الأصلي قليلا أو كثيرا لتذبذب شوهد أن الصوت الذي تولده يكون أقوى، أي: أشد كلما كان اتساع الذبذبة المقابلة له أعظم ولو أن طبيعة الصوت المتولد تكون واحدة، ومن هنا يرى أنه يمكن أن يقال إن شدة الصوت تتغير بتغير اتساع الذبذبة المقابلة له.
وزيادة على ذلك، فقد ظهر لنا فيما سبق أنه بقصر الجزء المتذبذب تزداد سرعة التذبذب، وتزداد أيضا تبعا لها حدة الصوت، وبذلك يرى أنه يمكن أن يقال إن حدة الصوت أي ارتفاعه تزداد بازدياد عدد الذبذبات التي تحمل في زمن واحد، وأخيرا فتوجد أصوات شدتها واحدة وارتفاعها واحد وتختلف عن بعضها بصفة ثالثة تسمى بالنغمة، وهي التي تسمح لنا بتمييز أصوات أنواع الآلات الموسيقية عن بعضها، كذا هي التي تسمح لنا بتمييز أصوات الأشخاص المختلفة - والنغمة ناتجة من كون كل صوت تولده آلة مخصوصة يكون دائما مصحوبا بجملة أصوات أخرى خاصة بتلك الآلة دون غيرها.
اللغط
توجد أصوات لا تحدث على الأذن إحساسا مقبولا كالأصوات الموسيقية - وذلك كمصادمة مطرقة لسندال وحصول الرعد، وغير ذلك وتسمى لغطا - وهذه الأصوات ولو أنها لا تدوم إلا مدة يسيرة جدا، فإن لكل منها شدة وارتفاعا ونغمة خاصة به كباقي الأصوات.
في كيفية انتشار الصوت في الهواء والأمواج الصوتية
عندما يولد جسم رنان صوتا في الهواء، فإن الاهتزازات التي تحصل فيه عند ذلك، تنتقل إلى الهواء الذي يحيط به وهو الذي يوصلها إلى آذاننا.
ولبيان الصفة التي ينتقل بها الصوت في الهواء يكفي ملاحظة ما يحصل على سطح ماء راكد عندما تمس نقطة من نقطة جملة مرات متتالية بطرف عصاه، فيشاهد عند ذلك تولد جملة أمواج صغيرة دائرية تبعد شيئا فشيئا عن النقطة التي تتولد فيها - وإذا تأمل للأجسام الخفيفة السابحة على سطح ذلك السائل يرى أنها ترتفع كلما تقابلها موجة بدون أن تنتقل من مواضعها - ومن ذلك ينتج أن الاضطراب الذي يحصل في النقطة الممسوسة بالعصاة يولد في جميع نقط السائل على التعاقب بدون أن ينقلها حركات صعود وهبوط مشابهة التي تحصل في تلك النقطة - وبهذه الكيفية ينتشر أيضا الصوت في الهواء، أي أن الجسم المتذبذب لا يولد حركة انتقالية في الهواء، بل يحدث في نقطة على التعاقب حركات ذهاب وإياب صغيرة مشابهة للتي تحصل في الجسم الرنان، والذي يولد سمع الصوت هي الحركة الاهتزازية التي تحصل في الطبقة الهوائية الملامسة لغشاء الطبلة - وقد سميت الاضطرابات التي تحصل في الهواء حول الجسم الرنان (بالأمواج الصوتية) وذلك للاشتباه الموجود بينها وبين الأمواج المائية.
سرعة انتشار الصوت في الهواء
إذا نظر إنسان إلى مدفع وقت طلقه، وهو بعيد عنه، فإنه يرى اللهب الذي يخرج منه قبل أن يسمع الفرقعة، فهذا يدل على انتشار الصوت ليس وقتيا، بل يستغرق زمنا لانتقاله من نقطة إلى أخرى.
ومن جهة أخرى إذا لاحظ الإنسان ألحان موسيقى تصدح على بعد، فإنه يسمع تطابق وتوالي ألحانها كما لو كان بجوارها فهذا يدل أيضا على أن جميع الأصوات تسري في الهواء بسرعة واحدة مهما كان ارتفاعها وشدتها وعلى ذلك يكفي لتعيين سرعة انتشار الأصوات تعيين سرعة انتشار أحدها.
ثم إنه إذا انتقل إنسان في نقط مختلفة البعد عن مدفع وصار يعين في كل منها الزمن الذي يمضي من وقت رؤيته لهب المدفع إلى سماع صوته، فإنه يرى أن هذه الأزمنة تكون مناسبة الأبعاد تلك النقط من المدفع، فهذا دليل أيضا على أن سرعة انتشار الصوت منتظمة؛ ولذا عرفت سرعة الصوت بالمسألة التي يقطعها في الثانية الواحدة.
وأول تجربة فعلت لتعيين سرعة الصوت بضبط كاف كانت في فرنسا سنة 1822 وقد فعلت هذه التجربة بالقرب من باريس بين (فيلجويف) (ومونتيري) فوضع مدفعان في البلدين المذكورين، وأطلق المدفع الذي في البلد الأولى فحسب الذين في البلد الثانية الزمن الذي مضى من وقت رؤية لهب المدفع إلى سماع صوته، ثم أطلق المدفع الذي في البلد الثانية خوفا من أن يكون لاتجاه الهواء تأثير على انتشار الصوت، وحسب الذين في البلد الأولى الزمن الذي مضى من وقت رؤية اللهب إلى سماع الصوت - وقد عملت هذه التجربة جملة مرارا لزيادة الضبط وأخذ متوسط تلك الأعداد وحيث كان يمكن أن يعتبر أن الضوء يقطع المسافة الواقعة بين البلدتين المذكورتين في مدة غير محسوسة؛ إذن يكون متوسط هذه الأعداد هو الزمن الذي يقطع فيه الصوت المسافة المذكورة، وعلى ذلك، فإذا قسم هذا المتوسط على مقدار هذه المسافة يكون خارج القسمة هو سرعة الصوت - وقد عملت هذه القسمة، فكان الخارج هو 340 مترا أعني أن الصوت يقطع في الهواء 340 مترا في الثانية الواحدة.
وأما سرعة الصوت في الأجسام الصلبة في أعظم أيضا فقد عمل (بيوت) عدة تجارب على مواسير الزهر المعدة لتوصيل المياه، فظهر له أن سرعة الصوت في الحديد الزهر هي تقريبا قدر سرعته في الهواء عشر مرات ونصف.
انعكاس الصوت والصدى
إذا صادفت الأمواج الصوتية في سيرها عائقا ثابتا، فإنها تنعكس بواسطته كما ينعكس الضوء بسطح مصقول وانعكاس الصوت بهذه الكيفية وهو المحدث للصدى، فإنه متى صرخ إنسان على مسافة من حائط مرتفع أو تل يسمع إعادة صوته يعذر من طويل أو قصير على حسب بعد المسافة؛ وذلك لأن الأمواج الصوتية عندما تصادم الحائط أو التل ترد بواسطته إلى أذنه.
ولأجل سماع الصدى يلزم أن يكون بعد العارض الذي يرتد عليه الصوت عن الشخص المتكلم 17 مترا على الأقل؛ وذلك لأنه لا يمكن سماع صوتين متفاوتين إلا إذا كانت المسافة بين حدوثهما عشر ثانية على الأقل - وبما أن الصوت يقطع في عشر ثانية 34 مترا فيجب حينئذ لسماع الصدى وجود الشخص المتكلم على نصف هذه المسافة من العائق أي على 17 مترا منه وبدون ذلك، فإنه يسمع صوته والصدى الناتج منه في آن واحد.
في الأجهزة المعدة لعد الاهتزازات الصوتية (السيرينا المسماة: بنت الماء)
قد ظهر لنا فيما سبق أن الأجسام الرنانة تولد أصواتا ارتفاعها يزداد بازدياد عدد الذبذبات التي تحصل في زمن واحد، ولأجل عدد الذبذبات التي تقابل كل صوت تستعمل جملة أجهزة أهمها بنت الماء، وهي تتركب كما في (شكل
1-2 ) من علبة أسطوانية ه وفي قاعها فتحة مثبتة عليها أنبوبة ل معدة لتوصيل العلبة المذكورة بمنفاخ والجزء العلوي من هذه العلبة مسدود بقرص ثابت م ن (شكل
1-3 ) فيه عدة ثقوب متساوية الأبعاد، ومكونة لمحيط دائرة واحد وكلها مائلة على سطح هذا القرص، وذلك كالثقب ر ومن هذه الثقوب يخرج الهواء الذي يأتي في العلبة ه و من المنفاخ المتصل بها وفوق القرص م ن يوجد قرص آخر محكم عليه ومتحرك حول محور رأسي د ويوجد في هذا القرص عدة ثقوب كثقوب القرص السابق إلا أن ميلها مضاد لميل ثقوب ذلك القرص وذلك كالثقب
b
وعلى ذلك إذا وجد ثقبان من القرصين أمام بعضهما تكون جميع الثقوب الأخرى أمام بعضها، فإذا فرض حينئذ أن القرصين في هذا الوضع أي أن ثقوبها متقابلة مثنى مثنى، فالهواء الذي ينفذ من ثقوب القرص السفلي بضغط على جدر ثقوب القرص العلوي عند نفوذه منها، ويحدث دفعة على القرص المذكور ويديره حينئذ في الاتجاه المبين بالسهم ك وبما أن هذه الحركة تجعل في الحال ثقوب القرصين غير متقابلة، فيقف حينئذ مرور الهواء إلا أنه يمر ثانيا متى دار القرص بمقدار المسافة الموجودة بين ثقبين ويحدث دفعة ثانية على القرص المتحرك وهكذا - فينتج من ذلك حينئذ أنه ما دام الهواء آتيا من المنفاخ إلى علبة بنت الماء، فإن القرص العلوي من هذه الآلة يدور بسرعة تزداد بازدياد كمية الهواء الذي تنفذ منه ومتى صارت سرعة الدوران عظيمة يشاهد حدوث صوت يزداد ارتفاعه بازدياد سرعة الدوران.
شكل 1-2
شكل 1-3
ولأجل بيان طبيعة الصوت المتولد بهذه الكيفية، وسبب تولده نفرض مثلا أن القرص الثابت من بنت الماء المستعملة فيه اثنتا عشرة فتحة، وإن القرص المتحرك فيه فتحة واحدة، ففي كل دورة من هذا القرص تأتي فتحته على التوالي أمام الاثنتي عشرة فتحة الموجودة في القرص الثابت، وبذلك ينفذ منها الهواء اثنتي عشرة مرة، وينقطع مثلها، وحيث إن الهواء الذي يخرج من هذه الفتحة يحدث دفعات متتالية على الهواء الخارجي فيتولد منه حينئذ صوت يزداد ارتفاعه بازدياد عدد الدفعات التي تحصل في زمن واحد أي: بازدياد سرعة الدوران.
أما إذا كان في القرص المتحرك اثنتي عشرة فتحة كما في القرص الثابت، فيرى أنه متى كان أحد ثقوب القرص الأول أمام آخر من القرص الثاني، تكون جميع الثقوب الأخرى أمام بعضها مثنى مثنى - ومن ذلك ينتج أن الهواء يخرج من الاثنتي عشرة فتحة مرة واحدة، وتكون حينئذ الدفعة التي تحصل منها على الهواء الخارجي قوية أي أن شدة الصوت تزداد - أما ارتفاعه فيكون كما كان في الحالة الأولى ما دامت سرعة الدوران واحدة؛ وذلك لأن عدد الذبذبات التي تحصل في الدورة الواحدة من القرص المتحرك يكون أيضا اثنتي عشرة ذبذبة.
ولأجل إمكان عد الذبذبات التي تحصل في زمن معين يصنع في الجزء العلوي من محور الدوران د (شكل
1-3 ) قلاووظ ق يدير عجلة مسننة ب لها مائة سنة وتدور بمقدار سنة واحدة كلما يدور القرص المتحرك دورة تامة وتشاهد حركة هذه العجلة من الخارج بواسطة إبرة مثبتة في محورها، وتتحرك أمام برواز مدرج ب (شكل
1-2 ) ويوجد بجوار هذه العجلة عجلة ثانية ح (شكل
1-3 ) حاملة أيضا لإبرة تتحرك أمام برواز آخر بجوار البرواز الأول ومعدة لتعيين عدد الدورات التي تدور بها العجلة الأولى، ولأجل التوصل لهذه الغاية يثبت في محور العجلة ب ذراع
k (شكل
1-3 ) طرفه يأتي تحت سنة من أسنان العجلة ح كلما تدور العجلة الحاملة له دورة تامة فيدفع حينئذ الذراع المذكور هذه السنة أمامه لينفذ منها، وبذلك تتقدم العجلة ح بمقدار السنة المذكورة والإبرة الحاملة لها بمقدار قسم من أقسام البرواز والمدرج، وأخيرا فالعجلتان ح و ب مثبتتان على لوحة يمكن تحريكها جهة اليمين أو جهة اليسار بالضغط على أحد الزرين أ و ح وبذلك يحدث تقريب العجلة ب من القلاووظ أو إبعادها عنه فتتبع حينئذ حركته أو لا، حسبما تكون معشقة فيه أو بعيدة عنه، فإذا أريد حينئذ تعيين عدد الذبذبات التي تحصل عند تولد صوت تثبت بنت الماء على منفاخ وتوضع الإبرتان على صفر تدريج البروازين ب و ج بعد جعل العجلة ب بعيدة عن قلاووظ، ثم يمرر الهواء شيئا فشيئا إلى أن يصير ارتفاع الصوت الذي تولده بنت الماء كارتفاع الصوت المراد تعيين عدد الذبذبات المقابلة له، فيضغط حينئذ على الزر أ لجعل العجلة ب معشقة مع القلاووظ وتعين هذه اللحظة ثم يحفظ الصوت على ما هو عليه مدة من الزمن؛ وذلك بتنظيم مرور الهواء في الآلة وبعد ذلك يضغط على الزر ح لتبعيد العجلة ب على عن القلاووظ وتعين هذه اللحظة أيضا، ويستنتج من وضع الإبرتين على البروازين المدرجين عدد الدورات التي دار بها القرص المتحرك في هذه المدة، ومنها عدد الذبذبات التي حصلت - فإذا فرض مثلا أن التجربة استمرت 45 ثانية، وأن الإبرة المتحركة على البرواز ح وصلت إلى القسم الثاني والعشرين، وأن الإبرة المتحركة على البرواز الثاني وصلت على القسم الخامس والثلاثين، فيكون عدد الدورات التي دار بها القرص المتحرك هو 2235 ويكون حينئذ عدد الذبذبات هو 2235 في 12 أي 26820 ذبذبة وبقسمة هذا العدد على 45 يكون خارج القسمة وهو 596 عدد الذبذبات التي يحدثها الجسم الرنان المصنوعة عليه التجربة في الثانية الواحدة.
تعيين النسبة الكائنة بين عدد ذبذبات صوتين
يوجد آلات تصلح بالأخص لتعيين النسبة الكائنة بين عدد الذبذبات التي تحصل في آن واحد عند تولد صوتين ارتفاعهما مختلفان.
وأبسط هذه الآلات تتركب من أسطوانة أ ح (شكل
1-4 ) سطحها مغطى بطبقة من النيلج ومحمولة على محور ب د جزؤه العلوي مقلوظ ومار في حلقه مقلوظة من الداخل، فإذا أديرت هذه الأسطوانة بواسطة اليد (ي) قلتها تنخفض أو ترتفع حسب الاتجاه الذي تدار فيه بمقدار خطوة القلاووظ في كل دورة والجزء «و» من الشكل عبارة عن ساق معدني مثبت تثبيتا قويا من أحد طرفيه، وطرفه الآخر خاص وحامل لإبرة ط سنها متكئ على الأسطوانة أ ح فإذا أديرت هذه الأسطوانة وكان الساق «و» ثابتا فإن سن الإبرة ط يرسم على سطحها في النيلج شكلا حلزونيا، أما إذا أحدثت ذبذبة ذلك الساق قبل دوران الأسطوانة، فيشاهد أن الحلزون المذكور متعرج كما ذلك مبين في الشكل، ومن الواضح أن كل تعريج من هذه التعاريج يكون مقابلا لذبذبة من ذبذبات الساق «و».
شكل 1-4
فإذا وضعنا الآن ساقا ثانيا كالساق، وتحت ذلك الساق وأحدثنا ذبذبة الساقين في آن واحد، ثم أدرنا الاسطوانة بعد رسم خطين رأسيين على سطحها على بعد مناسب من بعضهما، يرى أنه إذا كان الساقان يولدان صوتين ارتفاعهما واحد يكون عدد التعاريج الموجود بين هذين الخطين واحدا في كل من الحلزونين أي: أن عدد الذبذبات التي يحدثها كل من الساقين في زمن واحد يكون واحدا - أما إذا كان الساقان يولدان صوتين مختلفين، فيكفي لإيجاد النسبة الكائنة بين عدد الذبذبات التي تحصل في آن واحد عند تولد هذين الصوتين عند التعاريج المقابلة لكل ساق على حدتها وقسمة العددين الناتجين على بعضهما. (تنبيه) - إذا فرض أن طبقة النيلج الموجودة على الأسطوانة أ ب تجمدت والتصقت على سطحها بعد رسم الشكل الحلزوني المتعرج فيها، وأديرت هذه الأسطوانة بعد إبعاد طرف الإبرة ط عنها في اتجاه مضاد للذي أديرت فيه لرسم هذا الحلزون إلى أن تعود إلى وضعها الأصلي ثم وضع سن الإبرة في النقطة التي تبتدئ فيها التعاريج وأديرت الأسطوانة ثانيا في الاتجاه الأول يرى أن السن المذكور يكون مجبورا أن يتبع التعاريج التي رسمها أولا على سطح الأسطوانة، وبذلك يتذبذب القضيب وبالصفة التي كان يتذبذب بها عندما كون التعاريج المذكورة أي أنه يعيد الصوت الذي أحدثه أولا وعلى ذلك أسس الفونوجراف المنسوب إلى (إيديسون).
الفصل الثاني
الفونوجراف
هو آلة معدة لطبع الأمواج الصوتية عليها لتعيدها ثانيا وهو يتركب كما في (شكل
2-1 ) من أسطوانة من النحاس الأصفر ح محمولة على محور أفقي ح ه أحد نصفيه مقلوظ، ويمر في حلقة مقلوظة مثله كما ذلك مبين في الشكل ويوجد على سطح الأسطوانة ح ميزاب حلزوني خطوته تساوي خطوة القلاووظ الذي على المحور، فإذا أديرت حينئذ هذه الأسطوانة بواسطة اليد م فإنها تتقدم جهة اليمين أو جهة اليسار حسب الاتجاه الذي تدار فيه بمقدار خطوة القلاووظ الموجود عليها في كل دورة، وأخيرا يوجد أمام الأسطوانة ح أسطوانة صغيرة ط على هيئة قمع محمولة على حامل ن وفي قاعها صفيحة رفيعة ي (شكل
2-1 ) تشبه صفيحة التليفون وهذه الصفيحة تتكئ مباشرة على أنبوبة من الصمغ المرن ق متكئة على صفيحة مرنة د منتهية بسن مخروطي من الصلب موجود في مقابلة الميزاب الحلزوني من الأسطوانة.
شكل 2-1
شكل 2-2
فلأجل طبع الاهتزازات الصوتية على هذه الآلة يبتدأ بتغطية الأسطوانة ح بورقة من القصدير بحيث تكون موضوعة على الأجزاء البارزة بدون أن تدخل في الميزاب ثم مرتفع أمام فتحة الأسطوانة ط مع تدوير اليد م بحركة منتظمة ما أمكن، فالصفيحة الصلب ي تهتز طبقا للصوت المتولد وتنتقل اهتزازاتها إلى الأسطوانة ق ومنها إلى الصفيحة د فيرسم حينئذ السن الموجود في هذه الصفيحة على ورقة القصدير انبعاجات عميقة كثيرا أو قليلا على حسب شدة الصوت - ولأجل إعادة ما ذكر أمام الآلة يبعد أولا السن عن الأسطوانة، ثم تدار في اتجاه مضاد للذي أديرت فيه أولا إلى أن تعود إلى وضعها الأصلي، ثم يقرب السن وبوضع طرفه على أول انبعاج، ثم تدار في الاتجاه الأول، فيرى أنها تعيد الجمل التي ذكرت أمامها والذي يحصل عند ذلك هو عكس ما حصل عند التكلم أمام فتحة الأسطوانة القمعية، أي أن الانبعاجات الموجودة في صفيحة القصدير هي التي تحدث اهتزاز الصفيحة د بتأثيرها على السن الموجود فيها، فتنتقل - حينئذ - هذه الاهتزازات إلى الأسطوانة ق ومنها إلى الصفيحة ي فيحصل حينئذ في هذه الصفحة نفس الذبذبات التي حصلت فيها أول مرة، وبذلك تعيد الأصوات
1 .
ولنعد إلى الكلام على الصوت فنقول: الصوت يكون جوابا لصوت آخر إذا كان عدد الذبذبات التي تقابله في زمن معين يساوي ضعف عدد الذبذبات التي تقابل الصوت الثاني في ذلك الزمن.
فإذا وجد صوت متولد عن 522 ذبذبة في الثانية وآخر متولد عن 1044 ذبذبة في الثانية فيقال للأول إنه قرار للثاني، ويقال للثاني إنه جواب للأول.
والأصوات التي تتولد عن ذبذبات محصورة القدر بين قرار وجواب معلومين تسمى أصواتا متوسطة، مثاله: المعلوم قرار يتولد عن 435 ذبذبة، وجوابه المتولد عن 870 ذبذبة - فالأصوات التي تتولد عن عدد ذبذبات محصور بين 435 و870 كعدد 478 و522 و600 إلخ تسمى أصواتا متوسطة بين ما يعطى عن 435 و870.
والأصوات ثلاثة أنواع: أصوات حادة، وأصوات غليظة، وأصوات متوسطة.
فالأصوات الحادة - ويقال لها الأصوات الرقيقة أو العالية - هي التي تكون ذبذباتها سريعة وتحس بأنها رقيقة جدا، مثاله: (صوت العصفور) و(صوت الولد الصغير).
والأصوات الغليظة، ويقال لها الأصوات التخينة أو الواطية هي التي تكون ذبذباتها بطيئة، وتحس بأنها غليظة جدا، مثاله: (صوت الجمل) و(صوت الرجل الكبير).
والأصوات المتوسطة ما جاءت بينهما.
والذبذبات السريعة أو البطيئة؛ إما أن تكون واسعة، وإما أن تكون ضيقة، وأقرب الأمثال المشاهدة ذلك وتحققه هو رؤية الوتر حال حدوث الصوت منه - فإن ذبذبته تكون أولا واسعة، ثم تضيق شيئا فشيئا إلى أن ينتهي الصوت.
وسعة الذبذبات وضيقها لا يؤثران في سرعتها إن كانت سريعة، ولا في بطئها إن كانت بطيئة.
نغمة الصوت - هي درجة ارتفاعه الخاصة به، فيقال لكل صوت حاد إنه من نغمة عالية - ولكل صوت غليظ إنه من نغمة واطية - ومن ذلك يرى أن لكل صوت درجة مخصوصة؛ بحيث لو ارتفع وعلا عنها أو نزل وهبط منها تتغير الدرجة - وبتغيير الدرجة يصير صوتا آخر.
والمسافة الصوتية - هي الفرق الذي يوجد بين صوت وصوت آخر من درجة أخرى.
وطنة الصوت - هي مدة مكث الصوت في درجة واحدة.
ورنة الصوت، أو (رنينه) هي طبيعته التي تميزه عن غيره لا من جهة العلو والسفل بل من جهة الأصل والمنشأ، فإن كل ما يحصل منه صوت مثل الخشب والحديد والنحاس إلخ له في صوته صفة يمتاز بها عن صوت غيره - وتلك الصفة هي الرنة أو الرنين وفي المثل (تعرف الأحباب برنة أصواتها ولو لم يقع شخصهم تحت نظرة).
وتمتاز الرنات عن بعضها بالغلظ والرقة، فيقال: صوت زيد رقيق، وصوت عمرو غليظ.
الصوت واطيا كان أو عاليا، إما قوى وإما ضعيف - فيكون قويا إن كانت ذبذباته واسعة - وضعيفا إن كانت ذبذباته ضيقة - ونحس بالقوى أنه شديد جهوري يسمع ولو على بعد منه - ونحس بالضعيف أنه خفي خفيف لا يسمع إلا بعناية له والتفات إليه واقتراب منه.
والصوت في درجة عالية مثلا يكون إما عاليا شديدا، وإما عاليا ضعيفا - وفي درجة واطية، يكون إما واطيا شديدا وإما واطيا ضعيفا، تبعا لشدة القوة المؤثرة في إيجاد الصوت أو ضعفها
2 .
والأصوات نوعان: حيوانية وغير حيوانية. وغير الحيوانية أيضا نوعان: طبيعة وآلية، فالطبيعية كصوت الحجر والحديد والخشب والرعد والريح وسائر الأجسام التي لا روح فيها من الجمادات، والآلية كصوت الطبل والبوق والمزامير والأوتار وما شاكلها - والحيوانية نوعان: منطقية وغير منطقية، فغير المنطقية هي الأصوات التي لسائر الحيوانات الغير الناطقة، وأما المنطقية هي أصوات الناس وهي نوعان: دالة وغير دالة؛ فأما غير الدالة كالضحك والبكاء والصياح - وبالجملة كل صوت لا هجاء له - وأما الدالة فهي الكلام والأقاويل التي لها هجاء.
والأصوات تنقسم من جهة الكمية إلى متصلة ومنفصلة: فالمنفصلة التي بين أزمان حركات نقراتها زمان سكون محسوس. مثال نقرات الأوتار وإيقاعات القضبان - وأما المتصلة من الأصوات، فهي مثل أصوات المزامير والنايات والرباب والدواليب والنواعير وما شاكلها.
والأصوات تنقسم من جهة الكمية إلى متصلة ومنفصلة: فالمنفصلة التي بين أزمان حركات نقراتها زمان سكون محسوس. مثل نقرات الأوتار وإيقاعات القضبان - وأما المتصلة من الأصوات، فهي مثل أصوات المزامير والنايات والرباب والدواليب والنواعير وما شاكلها.
والأصوات المتصلة تنقسم إلى نوعين: حادة وغليظة، فما كان من النايات والمزامير أوسع تجويفا وثقبا كان صوته أغلظ - وما كان أضيق تجويفا، وثقبا كان أحد صوتا - ومن جهة أخرى أيضا ما كان من الثقب إلى موضع النفخ أقرب كانت نغمته أحد - وما كان أبعد كان أغلظ.
وأصوات الأوتار المتساوية في الغلظ والطول والحزق (الشد) إذا نفرت نفرة واحدة كانت متساوية - فإن كانت متساوية في الطول مختلفة في الغلط كانت أصوات الغليظ أغلظ وأصوات الدقيق أحد - وإن كانت متساوية في الطول والغلط مختلفة في الحزق كانت أصوات المحذوقة حادة وأصوات المسترخية غليظة - وإن كانت متساوية في الغلط والطول والحزق مختلفة في النقر كان أشدها نقرا أعلاها صوتا...
أسماء أصوات الإنسان وصفاتها الحسنة والقبيحة (الشجي) هو أحسن الأصوات وأحلاها وأصفاها وأكثرها نغما. (المخلخل) وهو العالي الحاد النغم بحلاوة وجهارة. (المصهرج) الصيت الثقيل بلا ترجيع ولا نغمة. (الخادمي) ما كان غريب المواقع كأصوات العبيد. (الجهير) هو الغليظ الذاهب في الأسماع. (الأجس) هو الجهير ببحوحة مليحة ونغمة مفخمة. (الناعم) هو الصوت المليح الموقع الصافي النغم. (الأبح) على ثلاثة أوجه: خلقة وتعب وعلة وهو خلقة أحسن. (الكرواني) هو يشبه الكروانات دقة وصفاء وتسلسلا. (الزوابدي) هو الذي تكون نغمته زائدة عن مقادير الغناء (المقمقع) هو الذي يشبه كلام البادية بلا حلاوة. (المصلصل) هو الدقيق اليابس المجيد بغير شجي. (الصرصوري) هو الدقيق الحاد القبيح الموقع. (المرتعد) هو الذي كأن صاحبه مقرور بالحمى. (الأغن) هو الذي فيه الغنة والحلاوة والنغم. (الرطب) هو ما كان كالماء الجاري بلا كلفة وفيه حلاوة. (الصياحي) هو الذي ينفر عن الوتر إلى زيادة ونقصان (اللقمي) هو الذي كأن في فم صاحبه لقمة من الطعام. (الأماس) هو المعتدل الصافي الخالي من النغم والترجيع. (المظلم) هو الذي ليس فيه نغمة ولا يكاد يسمع (الدقيق) الذي يضعف ويكاد يخفى. (السغب) هو الذي يصفو مرة ويسغب أخرى ولا يخلص نغمة. (الصدى) هو الذي يكون فيه ما يعطي نغمة ويكدرها. (المختنق) هو الذي كأن صاحبه يخنق «ويكثر تنحنحه». (المغتص) هو الذي يمتنع بلع ريقه ويتغير فيه الغناء. (الأخن) هو الذي كأن أنف صاحبه مسدود. (الرخو) هو الذي يتعجن فيه النغم ويتفرع. (المبلبل) هو الذي تختلف فيه النغم وتزول عن أماكنها. (النابي) هو الذي ينبو عن الأصوات في المراسلات. (القطيع) هو الذي لا يكاد يسمع بالجملة. ويوجد شيء آخر في عيوب الصوت يقال له: (الصبيح) وهو فلق الحلق عن الوتر وخروجه عنه إما إلى زيادة أو نقصان، فمنه ما يكون في الصوت من أوله إلى آخره - ومنه ما يكون في المواضع الشديدة - ومنه ما يكون عند الابتداء أو عند الانتهاء أو في موضع، وربما كان في الكلام وقد يكون هذا في المولد والطبع، وقد يكون عن علة، وربما كان من جهة المعلمين، فيكون في المعلم مثلا شيء من هذا فأعدى المتعلم، وكذلك الخروج، فهو يعدي والانقطاع والعجلة والارتعاش كما تعدي الأمور الحسنة المطربة - فإذا ألف فما ينقلع إذا ثبت إلا بعد جهد، وربما لم ينقلع - ولا يدري أحد عللها وأسماءها ولو علم لما استحسن منها القبيح واستقبح المستحسن.
في المساكن التي تلائم الأصوات وتحسنها - والتي تنقصها وتفسدها
الأصوات تزداد حسنا وصفاء وحدة في المواضع المخصصة الجديدة - وفي المنازل المرتفعة التي تشرق فيها الشمس ذات الهواء النقي الخالي من الجراثيم المضرة الغير حامل للروائح الكريهة، وكذلك الحمامات وإن كانت دون ذلك لأجل رطوبة المياه إلا أن حر الحمام يذيب الرطوبة فتلطف لأجل ذلك الأصوات وتصفو صفاء بينا على شرط المحافظة حين الخروج من الهواء، والأصوات تنحصر فيها، فيكون لها طنين بمجاوبة من الحيطان
3
والمواضع الضيقة أنفع للأصوات من الواسعة لاجتماعها فيها وحصرها لها - ولذلك نجد الصوت عاليا في المراسح التياترية لحصره فيها.
ومما يضرها وينقصه ويتعبها ويذهب حسنها، ويغطي ملحها وشجاها المساكن الشعثة المتخربة الندية المنكشفة والبساتين والصحارى والبحار والأنهار والبراري والمواضع المكسوة بالفراش، والمستورة والمواضع، المرخمة والمغاير والسراديب، وتنقص منها أيضا الأزمنة واختلافها - أعني الشتاء والخريف - وينفعها زمان الصيف والربيع، والتحفظ في الصيف أجود منه في الشتاء لتفتح المسام وتخلل الأجسام.
الأشربة التي توافق الأصوات
أما ما يوافق الأصوات من الأشربة؛ فالماء الحار على الريق والزيت الحار وشراب الجلاب والبنفسج ودهن اللوز والغرغرة بماء بزر السفرجل المدقوق وماء الشعير وماء العناب ودهن البنفسج ورب السوس وعوده أي (العرقسوس) ولعوق الكرنب وأكله، والسكر النبات وقصب السكر والعنب والكشجين الساذج للأصوات البلغمية، وحسو الخمر العتيق ذو الثمن المرتفع، واستعمال الليمون المملوح والحلو والأحسا المتخذة من النشا وشراب التوت وماء البقلا المثبوت ودهن الياقطين وكل ما يساعد على هضم الأكل كالكبابة الصيفية، واللبان الذكر والكراوية والقهوة وينفع أيضا دهن الحبة السوداء، والخنتيت الخالي من الغش - والقطران بوجه الخصوص أخص بالذكر من أجناسه قطران جويو
Goudron de Guyot .
الأطعمة التي توافق الأصوات
وأما ما يوافقها من الأطعمة؛ فاللحوم والأمراق الطيبة الدسمة والبيض التيمرشت والبقلي المسلوق والأخبصة والأرز باللبن والأطعمة الحلوة. وللأصوات البلغمية الملوحات حيث منها ما يقطع البلغم ويجلوها خلاف غيرها.
وأما ما يضرها فالتعب المفرط والخمار المفرط والمخللات القبيحة والبلح والطلع الغض، والفول السوداني والسمك والمشمش والنبق والخيار واللب والبطيخ وقشور الرمان وحب الآس والسفرجل والعقص والفشار والدوم - وجميع الحوامض، والماء المثلج الشديد، والترك للغناء والغناء مع القطيع من الرجال والنساء والأخذ عنهن والغناء دون الطبقة المعتادة، والمغنيات يضر أصواتهن الحمل والولادة والسمن المفرط والأكل في الحمامات والأدوية الشحمة مثل ما يستعملنه من القدحات والمركبات لأجل السمن والصحة وحمل ما يثقل عليهن والمسهلات الشديدة - والتكشف للهواء مضر للجميع على حد سواء.
الآلات التي تقطع الأصوات
وأما الآلات التي تقطع الأصوات هي الزمر على العموم والرقص والإحصار الشديد - فأما الرقص؛ فإنه سهر وتعب وأما الزمر، فإنه يفسد الآلة المصونة، والإحصار يضر بالرئة وهي أول شيء يجب على المغني الكامل أن يحافظ عليه فوق العادة، فإن أمراضه صعبة وبعيدة الشفاء - وكذلك طلوع الدرج.
ومما يضر بالأصوات أيضا استنشاق الهواء الملوث بالتراب، فإنه في أكثر الأحيان يكون سببا (للأنفزيميا) أو نفث نقط دم صغيرة مع البلغم في الصباح - وغناء الإنسان مع من هو أقل من طبقته والاختصار على أقل قدرته والمداومة على الجماع تضر بالأصوات ضررا بليغا وتضعفها ولو تظهر لأصحابها أنها قوية، والحقيقة أنها صارت رفيعة رقيقة غير مطلوة بالحلاوة المعهودة فيها، وخصوصا إذا كان الجماع مع من يجب أي بشهوة متضاعفة، فإن ذلك يكون من الأسباب الموصلة إلى القبر بسرعة - وترك الجماع - ويضر بالصوت أيضا الأمراض الناشئة عن علل كالنزلات الشعبية وضعف الدم «الأنيميا» والولادة والبلوغ والتعب والرجفة والسمن والعلة المزمنة والمداومة على شرب الخمر سيما إذا كان رديئا وبدون غذاء كاف وشرب الدخان - والحشيش بوجه الخصوص؛ فإنه يطفئ نور العقل وبرهاني على ذلك أن أكثر المدمنين على شربه مختلو الشعور فضلا على أنه أيضا من الأسباب التي تسهل العدوى (بالسل الرئوي) لانتقال الجوزة من شخص إلى آخر.
هوامش
الفصل الثالث
النغمات
النغمات هي جمع نغمة بمعنى الصوت الفرد الساذج حسبما تقدم ذكره وقد تتركب وتترتب بتراتيب مختلفة؛ سواء قرنت بكلام أم لم تقرن، وإنها بهذا الاعتبار يقال لها مقامات وتسمى بأسماء مخصوصة. وهي جمع مقام بالفتح وهو ما ركب من نغمات ورتب ترتيبا مخصوصا وسمي باسم مخصوص، وإن عدة المقامات ثمانية وعشرون مقاما حسبما قرره علماء هذا الفن وهي تنقسم إلى أصول وفروع:
أما الأصول فعدتها سبعة فقط وهي مسماة بأسماء مرتبة بعضها فوق بعض بالترقي درجة، فدرجة حسب مراتب العدد المسرود على التوالي أولها (يكاه) وثانيها (دوكاه) وثالثها (سيكاه) ورابعها (جهاركاه) وخامسها (بنجكاه) وسادسها (ششكاه) وسابعها (هفتكاه) - وكل من هذه الأسماء السبعة مركب من كلمتين فارستين إحداهما وهي (كاه) بالكاف الفارسية القريب مخرجها من مخرج الجيم بمعنى مقام والأخرى وهي (يك) في الأولى بمعنى واحد و(دو) في الثاني بمعنى اثنين و(سي ) في الثالث بمعنى ثلاثة و(جهار) في الرابع بمعنى أربعة و(بنج) في الخامس بمعنى خمسة (وشش) في السادس بمعنى ستة و(هفت) في السابع بمعنى سبعة - وهذا التركيب، إما إضافي بمعنى مقام الواحد مقام الاثنين مقام الثلاثة على آخره أو توصيفي بمعنى المقام الأول المقام الثاني المقام الثالث وهكذا جريا على ما هو عادتهم من التقديم والتأخير في التركيب حسب لغتهم - ثم إن بعض هذه السبعة قد بقي على حاله في التسمية وهو الدوكاه والسيكاه والجهاركاه وبعضها قد سمي اسم آخر زيادة على السمة الأول حيث سمت العرب البنجكاه (بالنوا) والششكاه (بالحسيني) والهفتكاه بالعراقي تارة وبالأوج أو الأويح أخرى؛ نظرا إلى أنه الأعلى؛ إذ هو السابع - وسمت الفرس بالكاء بالراست، وهي كلمة فارسية اجتمع فيها ساكنان الألف والسين المهملة ومعناه (المستقيم) وإنما زادوه هذا الاسم على اسم المقر الذي هو اليكاه؛ نظرا إلى تركيبة الجاري على الترتيب الطبيعي؛ حيث بدئ فيه بالأول بخلاف البقية إذ بدئ في الدوكاه بالثاني، وفي السكاه بالثالث وهكذا إلى الأوج، فكان بسبب ما حازه من تلك المزية جديرا بأن يزاد هذا الاسم الدال على الاستقامة دونها؛ حيث لم يكن التركيب في شيء منها جاريا على الترتيب - ثم صار اليكاه اسما لمقر النوا فتأمل.
والسبعة الأصول المتقدم بيانها هي كلم الدرجة فوق الأخرى، فلم يكن البعد بينها متساويا، بل إن بعضها يبعد عن بعض أكثر وبعضها أقل، وهذه القضية موضع خلاف بين الموسيقيين من العرب والإفرنج، وحيث كان الغرض من كتابنا هذا التكلم على الموسيقى العربية أكثر، فنقول: إن العرب يقسمون البعد الكائن بين السبعة الأصول على رتبتين كبيرة وصغيرة؛ فالكبيرة ما كان البعد بين البرجين المتجاورين أربعة أرباع - والصغيرة ما كان البعد فيها ثلاثة أرباع كما - سنشرحه بعد - وقد رسمنا لها سلما موضوعا عليه الدرجات السبع التي يضاف إليها ثامنة، وهي الجواب وهذه صورته:
وقد جعلوا لهذه الدرجات أو النغمات السبع ثلاثة دواوين محتوية عليها بعينها والمخالفة في ارتفاع كل ديوان عن الآخر - فإن السبعة التي في الديوان الثاني أعلى من التي في الديوان الأول، والتي في الديوان الثالث أعلى من التي في الديوان الثاني، فيكون الديوان الأول هو الأصل والديوانان الآخران فرعين منه، وقد جعلوا الديوان الثاني جوابا للأول، والثالث جوابا للثاني، وسموا جواب أول نغمة من الديوان الأول وهي الراست (بالكردان) وهي عين الأولى، وهكذا حتى أنك لو وصلت إلى الرابعة عشرة لكانت عين السابعة، ولو إلى الخامسة عشرة لكانت عين الثامنة التي هي الأولى بعينها وهلم جرا.
وجواب ثاني نغمة من الديوان الثاني وهي الدوكاه (بالمحير) وجواب السيكاه (بالبزرك) وجواب الجهاركاه (بالماهوران) وجواب النوا (بالرمل توتي). ثم كرروا لفظة الجواب فيما وراء ما تقدم، فقالوا في السبع الثالثة أي الديوان الثالث جواب كذا.. إلخ.
وأما الفروع فعدتها واحد وعشرون فرعا، وهي تنقسم بالقسمة الثلاثية إلى عربات ونيمات عربات، وتيكات عربات؛ نظرا إلى مقادير مسافة البعد فيما بين الدرجات، وبيان هذا أن مسافة البعد الواقعة فيما بين كل أصلين من السبعة المتقدمة قد تكون كاملة وتسمى بردة، وقد تكون ناقصة وتسمى عربة أو نيم عربة أو تيك عربة، فإذا رفعت صوتك مبتدئا بدرجة من الدرجات السبع التي هي الأصول وانتقلت منها، فإما أن نقطع مسافة البعد التي بينها وبين الدرجة التي تليها وتنتهي إليها، وإما أن تقطع نصف المسافة أو ربعها أو ثلاثة أرباعها فقط، وتقف ثمة، فإن أنت قطعتها بأجمعها وانتهيت إلى الدرجة، كنت واقفا على البردة وكانت مسافة البعد كاملة، وإن قطعت نصفها ووقفت كنت واقفا على العربة، أو ربعها فقط كنت واقفا على تيم العربة أي: نصفها ونصف النصف ربع، أو ثلاثة أرباعها كنت واقفا على تيك العربة وكانت المسافة على كل ناقصة، وبهذا تبين أن عدة العربات سبع، وكذا عدة كل من التيمات والتيكات ضرورة.
ولكن بعض المقامات ينقصها تيكات كما سبق الكلام، فإن من الراست إلى الدوكاه (4) ومن الدوكاه إلى السكاه (3) ومن السيكاه إلى الجهاركاه (3) ومن الجهاركاه إلى لانوا (4) ومن النوا إلى الحسيني (4) ومن الحسيني إلى الأوج (3) ومن الأوج إلى الكردان (3).
فيكون الديوان مركبا حينئذ من أربعة وعشرين ربعا فقط لا من ثمانية وعشرين - ولكنهم قالوا ثمانية وعشرين باعتبار أن كلا من التيمات والتيكات سبعة - ولكن هذا سهو منهم كما يتضح لحضرة المطلع من ترتيب السلم السابق الذي وضعناه؛ حيث إن ثلاثة الخطوط البيضاء دليل على المقام الناقص، والخطوط الأربعة التي منها اثنان أسودان أحدهما من تحت والثاني من فوق، وبينهما اثنان أبيضان دليل على المقام التام.
وإن كل واحدة من العربات السبع واقعة بين درجتين من درجات الأصول، وينبني على هذا أن يكون ترتيبها كترتيب الأصول، وكل منها قد تسمى باسم مخصوص؛ فاسم العربة الأولى (زيركوله) أو (زنكلاه) وهي الواقعة بين الراست والدوكاه، واسم الثانية (الكردي) وهي الواقعة بين الدوكاه والسيكاه، واسم الثالثة (بوسليك) وهي الواقعة بين السيكاه والجهاركاه، وقد تسمى أيضا (بالعشاق) - واسم الرابعة (الحجاز) وهي الواقعة بين الجهاركاه والنوا، واسم الخامسة (الحصار) وهي الواقعة بين النوا والحسيني - واسم السادسة (العجم) وهي الواقعة بين الحسيني والأوج، وقد تسمى أيضا (بالنيرز)، واسم السابعة (الماهور) وهي الواقعة بين الأوج والكردان وتسمى أيضا (بالنهفت) - وفي الديوانين الآخرين كذلك بإضافة لفظة جواب إلى كل من العربات ما عدا عربة (الزيركوله) فإن جوابها يقال له: (الشاهناز) وجواب عربة (الكردي) يقال له: سنبلة.
وقد وضعوا لبعض التيمات والتيكات أسماء، وهذا جدول فيه المقام بأسماء عربانه وبعض تيماته وتيكاته.
1
كردان
24
عربة ماهور - (نهفت)
23
تيم ماهور
22
أوج
21
عربة عجم - (نيرز)
20
نيم عجم
19
حسيني
18
تيك حصار (شوري)
17
عربة حصار
16
تيم حصار
15
نوا
14
تيك حجاز (صبا)
13
عربة حجاز
12
تيم حجاز
11
جهاركاه
10
عربة بوسلك - (عشاق)
9
نيم بو سلك
8
سيكاه
7
عربة كردي
6
نيم كردي - (نهاوند)
5
دوكاه
4
تيك زير كوله
3
عربة زير كوله
2
تيم زير كوله
1
راست
ثم اعلم أنهم لما وضعوا سبع البردات المتقدمة التي أولها الراست وآخرها الأوج، وجدوا للثلاثة الأخيرة التي هي النوا والحسيني والأوج قرارات يمكن للصوت النطق بها، فجعلوها أصولا بدلا من الثلاثة الأخيرة المذكورة ووضعوها أول المقامات قبل الراست؛ لأنها أخفض منه فجعلوا قرار النوا وهو (البكاء) أولا وثانيها (عشيران) وثالثها (عراق) ورابعها (راست) وخامسها (دوكاه) وسادسها (سيكاه) وسابعها (جهاركاه) وهذه يقال لها المرتبة الأولى أو الديوان الأول ثم تعلوها المرتبة الثانية وأولها النوا وسابعها (جواب الجهاركاه) وهو نهاية المرتبة الثانية، ثم فوقها المرتبة الثالثة وأولها جواب النوا وسابعها (جواب جواب الجهاركاه) وهو نهاية المرتبة الثالثة، وهكذا تتعدد المراتب صعودا، وتسمى أبراجها بإضافة الجواب إلى مثله، فيقال: جواب الجواب وجواب جواب الجواب وهلم جرا إلى ما لا نهاية له، وتتعدد هبوطا أيضا بحيث يمكن أن يقال: تحت اليكاه قرار الجهاركاه وتحته قرار السيكاه، وتحته قرار الدوكاه، وتحته قرار الراست، وتحته قرار العراق، وتحته قرار العشيران وتحته قرار اليكاه إلى ما لا نهاية له. ويمكن في الحقيقة الابتداء من أي برج كان بحيث تصير المرتبة سبع بردات؛ الواحدة فوق الأخرى، وتكون الثامنة جوابا للأولى، وهذا الجواب هو ضعف القرار في الشدة، ونصفه في الضخامة؛ لأن صوت الجواب أعلى من القرار إلا أنه أرق منه.
ثم إن الصوت الإنساني بحسب الطبيعة لا يكون الصعود به من القرار للجواب، والهبوط من الجواب إلى القرار على أكثر من سبع بردات، أي: أنك لو قسمت المرتبة على عشرة بردات مثلا عوضا عن قسمتها إلى سبعة لم يكن يتأتى للصوت الإنساني المرور عليها إلا بعنف شديد، ويكون الصوت المسموع منها ما تنفر الطبيعة الإنسانية من سماعه، ومن ذلك يعلم أن قسمة المرتبة إلى سبع بردات هي أمر طبعي لا بد منه بالضرورة.
ثم وضعوا للثلاثة الأولى التي هي اليكاه والعشيران والعراف نيمات وعربات وتيكات، كما وضعوا للباقي: فسموا العربة الواقعة بين اليكاه والعشيران (قبا حصار) والعربة التي بين العشيران والعجم (عجم عشيران) والعربة التي بين العراق والراست (كوشت).
وقد وضعنا جدولين لصورة مقامين بأنصافهما وأرباعهما وأثمانهما، فخذ منهما ما شئت
1
نوا
1
جواب نوا
24
تيك حجاز (صبا)
24
جواب تيك حجاز (صبا)
23
عربة حجاز
23
جواب عربة حجاز
22
نيم حجاز
22
جواب نيم حجاز
21
جهاركاه
21
جواب جهاركاه
20
عربة بو سلك (عشاق)
20
جواب عربة بو سلك (عشاق )
19
نيم بو سلك
19
جواب نيم بو سلك
18
سيكاه
18
جواب سيكاه
17
عربة كردي
17
عربة سنبله
16
نيم كردي - (نهاوند)
16
نيم سنبله
15
دوكاه
15
محير
14
تيك زير كوله
14
تيك شاهناز
13
عربة زير كوله
13
عربة شاهناز
12
نيم زير كوله
12
نيم شاهناز
11
راست
11
كردان
10
عربة كوشت - (نهفت)
10
عربة ماهور - (نهفت)
9
تيم كوشت
9
تيم ماهور
8
عراق
8
أوج
7
عربة عجم عشيران
7
عربة عجم - (نيرز)
6
نيم عجم عشيران
6
نيم عجم
5
عشيران
5
حسيني
4
تيك قبا حصار (شوري)
4
تيك حصار (شوري)
3
عربة قبا حصار
3
عربة حصار
2
نيم قبا حصار
2
نيم حصار
1
يكاه
1
نوا
رصد المقامات والأنصاف والأرباع على الصونومتر بفرض أن طول وتر اليكاه 1000 مليمترا.
لعطو فتلو أفندم إدريس راغب بك الأفخم
1
بمساعدة المؤلف.
1
نوا
500
24
تيك حجاز - صبا
520
23
حجاز
537
22
نيم حجاز
549
21
جهاركاه
563
20
بوسلك - عشاق
571
19
نيم بو سلك
581
18
سيكاه
604.5
17
كردي
627
16
نيم كردي - نهاوند
642
15
دوكاه
666
14
تيك زير كوله
686
13
زير كوله
705
12
تيم زير كوله
726
11
راست
750
10
كوشت
765
9
نيم كوشت - رهاوي
779
8
عراق
808
7
عجم عشيران
840
6
نيم عجم عشيران
862
5
عشيران
888
4
تيك قبا حصار - شوري
908
3
قبا حصار
931
2
نيم قبا حصار
969
1
يكاه
1000
وقد وضع حضرة محمد ذاكر بك في كتابه (حياة الإنسان في ترديد الألحان) سلما لترتيب عموم أسماء النغمات (أي: ديوانين بأنصافهما) ومعادلتهما لأسماء النوتة في الموسيقى الإفرنجية، فآثرنا وضعه هنا تتميما للفائدة؛ كيما يكون للمتعلم إلمام بمبادئ النوتة؛ تسهيلا لفهم ما سنضعه فيها من المؤلفات في المستقبل إن شاء الله.
عدد متوالي
أسماء البرادات
أسماء النوتة
ملحوظات
29
تيزنوا
ري
عالي
وهي جواب بردة النوا
28
تيز حجاز
دو دييسيز
عالي
وتارة تير صبا ري بمول عالي وهي جواب بردة الحجاز والصبا
27
تيز جاركاه
دو
عالي
وهي جواب بردة الجاركاه
26
تيز بوسلك
سي
عالي
وهي جواب بردة البوسلك وتعادل سي عالي كاملة، وتارة دو بمول عالي
25
تيز سيكاه
سي
عالي
وهي جواب بردة السيكاه وتنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع سي عالي الطبيعية
24
سنبله
لا دييسيز
عالي
وتارة سي بمول عالي وهي جواب بردة الكوردي
23
محير
لا
عالي
وهي جواب بردة الدوكاه
22
شاهناز
صول دييسيز
عالي
وتارة لا بمول عالي وهي جواب بردة الزير كوله
21
كردان
صول
عالي
وهي جواب بردة الراست، وقد يقال كردانية أيضا
20
ماهور
فا دييسيز
وسط
وهي جواب بردة الكوشت وتعادل فا دييسيز كاملة وتارة صول بمول وسط
19
أويج
فا دييسيز
وسط
وهي جواب بردة العراق، وتنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع الفا دييسيز
18
عجم
فا
وسط
وهي جواب بردة العجم عشيران
17
حسيني
مي
وسط
وهي جواب بردة العشيران
16
حصار
ري دييسيز
وسط
وتارة شوري مي بمول وسط، وهي جواب بردة القبا حصار والقبا شوري
15
نوا
ري
وسط
وهي جواب بردة اليكاه
14
حجاز
دو دييسيز
وسط
وتارة صبا ري بمول وسط وقد تسمى (عزال) أيضا
13
جاركاه
دو
وسط
12
بوسلك
سي
وسط
وهي سي طبيعي كاملة، وتارة دو بمول وسط
11
سيكاه
سي
وسط
وهي تنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع سي الطبيعي
10
كوردي
لا دييسيز
وسط
وتارة سي بمول وسط وهي أراضي بردة السنبلة
9
دوكاه
لا
وسط
وهي أراضي بردة المحير
8
زيركوله
صول دييسيز
وسط
وتارة لا بمول وسط وهي أراضي بردة الشاهناز
7
راست
صول
وسط
وهي أراضي بردة الكردان
6
كوشت
فا دييسيز
واطي
وهي أراضي بردة الماهور وتعادل فا دييسيز واطي كاملة أو صول بمول وسط
5
عراق
فا دييسيز
واطي
وهي أراضي بردة الأويج وتنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع الفا دييسيز الواطي
4
عجم عشيران
فا
واطي
وهي أراضي بردة العجم
3
عشيران
مي
واطي
وهي أراضي بردة الحسيني
2
قبا حصار
ري دييسيز
واطي
وتارة قبا شوري مي بمول وهي أراضي بردة الحصار والشوري
1
يكاه
ري
واطي
وهي أراضي بردة النوا * *
قراءة أسماء البردات الموضحة أعلاه، تبتدئ من أدنى بالصعود تدريجا إلى أعلى بحسب موضوع الأرقام، وذلك بالنسبة لحالة مواقع درجات الأصوات صعودا، وبالعكس هبوطا وهو سلم أساس جميع البردات التي يشتق منها نظم طريقة كل مقام؛ ولذا ينبغي فهمها بحسب ترتيبها فهما جيدا.
ثم ولربما يظهر للبعض أن أسماء هذه البردات لم توافق مواقع النوتة وقت العمل، حيث لكل جماعة تصليح خصوصي في الآلات، فليكن معلوما أنه إذا وافقت أو لم توافق، فهكذا المصطلح عليه عند أرباب الفن أن الترك في كتابة الأهوية بالنوتة الإفرنجية، وهو لا مانع فيه والمتفنن الماهر في علم التصوير لا يخفى عليه ما يوافق درجات البردات من أسماء النوتة التي تعادلها تماما عند حدوث هذا الاختلاف. راجع الجدول الذي في آخر كتاب (آرائه نغمات) طبع في استانبول سنة 1304ه.
ومما توضح بسلم ترتيب عموم أسماء البردات يعلم أن المسافات الواقعة فيما بين درجات الأصوات وبعضها في اصطلاح الموسيقى التركية والعربية، تختلف في البعض منها؛ حيث إن موقع بردة العراق وجوابها الأوبج ينقص في كليهما ربع مسافة، وعليه لزم وجود بردة الكوشت، وجوابها الماهور، وكذلك لنقص موقع بردة السيكاه ربع مسافة وجب وجود بردة البوسلك - وهذا العمل يخالف موضوع درجات الأصوات في أصول الموسيقى الإفرنجية التي لا تجيز بتجزئة مسافات الأبعاد فيما بين درجات الأصوات وبعضها أكثر ولا أقل من نصف مسافة، وبذلك يكون فعل بردة العراق دواما في محل الكوشت والأوبج في محل الماهور، وأيضا فعل بردة السيكاه مستمرا في محل البوسلك أعني أن مواقع بردتي العراق والسيكاه في أصول الموسيقى الإفرنجية المذكورة تعادل تماما مواقع بردتي الحسيني والمحير على خط مستقيم.
وقد تختلف كذلك مواقع بعض بردات أخرى في الموسيقى التركية والعربية غير أن موقع رفع أي الدرجات في الموسيقى الإفرنجية هو ذات موقع خفض الدرجة التي تليها مباشرة بدون زيادة ولا نقصان، وعلى ذلك، فالبعد الواقع فيما بين كل درجتين فهو نصف مسافة لا تزيد ولا تنقص في أية حالة من الأحوال.
في قسمة الديوان إلى ديوانين متشاكلين
إن الديوان ينقسم إلى قسمين متشاكلين؛ أحدهما من البكاء إلى الدوكاه، والثاني من الراست إلى النوى، فيكون كل قسم منهما خمس نغمات؛ لأن نغمة الراست والدوكاه تتوافقان مع القسمين
2
وهكذا نغمة النوى تتوافق مع القسم الثاني من الديوان الأول ومع القسم الأول من الديوان الثاني
3 . وهذه المشاكلة الكائنة بين القسمين هي لكون البعد بين كل نغمة ومجاورتها من النغمات في كل قسم منهما متساويا؛ لأن البعد بين اليكاه والعشيران، كالبعد بين الراسب والدوكاه والبعد بين العشيران والعراق كالبعد بين الدوكاه والسيكاه، والبعد بين العراق والراست كالبعد بين السيكاه والجهاركاه، والبعد بين الراست والدوكاه كالبعد بين الجهاركاه والنوى؛ ولهذا كانت نسبة اليكاه إلى العشيران كنسبة الراست إلى الدوكاه، ونسبة العشير أن العراق كنسبة الدوكاه إلى السيكاه ونسبة العراق إلى الراست كنسبة السيكاه إلى الجهاركاه ونسبة الراست
جدول الديوان العربي عند المحدثين
الأرباع
الديوان الأول
الديوان الثاني جوابه
طول الوتر
عدد الاهتزازات
ديوان الفرنج
1
2
3
4
5
يكاه
نوى
0,00
775
Sol
1
قبا نيم حصار
نيم حصار
1,02
797,79 + sol
2
قبا حصار
حصار
2,01
821,1
Sol diése la bemol
3
قبا تيك حصار
تيك حصار
2,98
845,2 + sol d - la
4
عشيران
حسيني
3,92
780,3
La
5
نيم عجم عشيران
نيم عجم
4,83
895,4 + la
6
عجم عشيران
عجم
5,72
921,7
la d Si b
7
عراق
أوج
6,58
948,7 + La d - si
8
كوشت
ماهور
7,42
986,5
Si
10
راست
كردان
3,3
1034,6
Ut
11
نم زير كوله
نيم شاهناز
9,80
1064,8 + ut
12
زير كوله
شاهناز
10,54
1096
Ut d ré b
13
تيك زير كوله
تيك شاهناز
11,27
1128,2 + ut d - ré
14
دوكاه
محير
11,97
1161,2
Ré
15
تيم كردي
نيم سنبله
12,66
1195,2 + ré
16
كردي
سنبله - (زال)
13,32
1330,4
ré d mi b
17
سيكاه
بزرك
13,97
1266,4 + mé d - mi
18
بوسليك
جواب بوسليك
14,60
1303,4
Mi
19
تيك بوسليك
جواب تيك بوسليك
15,21
1341,6 + mi
20
جهاركاه
ماهوران
15,80
1381
Fa
21
نيم حجاز
جواب نيم حجاز
16,38
1421,4
fa
22
حجاز
جواب حجاز
16,93
1463
fa d Sol b
23
تيك حجاز
جواب تيك حجاز
17,48
1506 + fa d - sol
24
نوى
رمل توني
18,00
1550
Sol * *
شرح الجدول:
اعلم أن في العمود الثالث طريقة ثانية لتعريف نسبة النغمات إلى بعضها، وهي طريقة حسنة مؤسسة على قياس أجزاء الوتر الكائنة وراء الإصبع عند النقر، ولا يخفى أن أول هذه الأطوال لا يساوي شيئا في مطلق الوتر، وأن الأخرى تزيد شيئا فشيئا على حسب ارتفاع الصوت المحصول عليه، بينما تكون أطوال الأجزاء المنقورة تنقص بمقتضى النسبة نفسها؛ لأنه كلما قصر الوتر ارتفع الصوت.
وإن سألنا أحد عن سبب وضعنا نغمة “Sol”
بإزاء اليكاه، من المعلوم أن أول نغمة في الديوان الأوروبي إنما هي “do”
ويسمى أيضا “ut” . قلنا إن النغمات كلها قياسات ونسب، فلا مانع يمنعنا عن الابتداء بأية نغمة كانت إذا ما راعينا - بتدقيق - القياسات والنسب الكائنة بين النغمات والأرباع؛ فلذا عليك أن تختار التعبير عن الديوان العربي بالديوان الأوروبي المألوف أي: “do, ré, mi, fa”
وهلم جرا إلخ... بشرط أن تراعي النسب كما قلنا. إلا أن ذلك الاختيار لا نراه مستحسنا لعدم مطابقته لواقع الأمر، فإن صوت اليكاه من حيث درجته النغمية وعدد اهتزازاته إنما يقرب من “sol”
الأوروبي العادي لا من “do” . ولا ننكر أن العرب ليس عندهم نغمة أساسية يرجع إليها عند دوزنة الآلات الموسيقية - اعلم أن الأوروبيين اتفقوا على اتخاذ مقياس ما لارتفاع الأصوات وهبوطها فاخترعوا آلة خصوصية يسمونها ديابازون (Diapason)
وهي غالبا عبارة عن قطعة من الفولاذ صنعت على شكل نعل فرس محرج، فإذا قرع أحد طرفيه اهتز 870 هزة في الثانية وستراها مرسومة في مجموعة للعود وبعض آلات أخرى بعد، فلما كانت النغمة المطابقة لهذا العدد نفس النغمة التي يدعونها “la” (راجع الجدول) أصبح صوتها عندهم ميزانا يرتبون عليه أغلب آلاتهم كالبيانو والأرغن وآلات النفخ وغيرها. - فترى مثلا ما كان صوته بكاء في آلة يكون قبا حصار أو عشيران في آلة أخرى؛ ولذلك كلما اجتمع الشرقيون للغناء كان صوت متقدمهم قياسا يدوزنون عليه العيدان وسائر آلات الطرب. بيد أن ذلك لا ينفي قولنا؛ أولا لأن الفرق المذكور ليس بكبير في أغلب الأحيان، وثانيا: لأن في الصوت الإنساني قياسا طبيعيا عموميا يحترز به العرب عن مزيد التباين في إجراء ألحانهم، وإن لم ترشدهم إلى اتفاق صوتي تام آلة من الآلات الثابتة التي يتداولها الأوروبيون. وما لا نتمالك عن إيراده بهذا الصدد رغبتنا الشديدة في أن يتفق أولو هذا الفن الشريف بديارنا الشرقية، فيخترعوا - كالأجانب - آلة معدنية تكون عندهم بمنزلة مقياس لا يحيدون عنه في المستقبل. وهذا أمر سهل لا يقتضي إلا اجتماع بعض أساتذة من الموسيقيين واختيار صوت واحد ثابت، مثلا صوت مطلق الوتر الرابع في العود.
إلى الدوكاء كنسبة الجهاركاه إلى النوى؛ ولذلك صار العمل من الدوكاه إلى اليكاه، كالعمل من النوى إلى الراست وحصلت المشاكلة بين نغمتي الراست والنوى، ونغمتي الدوكاه والحسيني، ونغمتي السيكاه والأوج، ونغمتي الجهاركاه والكردان، فإذا كانت إحداهما قرار اللحن يسمون الثانية غمازا لها؛ لأنها أقرب النغمات لمشاكلتها ما عدا الجواب؛ فإن نسبتها إلى القرار أقرب النسب، فإذا نقر على أية نغمة، ونقر بعدها على جوابها، كان ألذ النقرات للسامع. وبعده في اللذة النقر على الغماز والبعد بين الغماز والقرار أربعة عشر ربعا أبدا، فإذا قيل: أية نغمة هي غماز نغمة السيكاه مثلا، والسيكاه كائنة في الربع السابع عشر، فأضف إليه أربعة عشر، وهي مسافة بعد الغماز المقررة فتكون الجملة واحدا وثلاثين، تطرح من ذلك أربعة وعشرون (وهي مقدار الديوان الأول) فيبقى سبعة، وهي محل نغمة الأوج من الديوان الثاني، وهي غماز السيكاه، وإذا سئل عن غماز العشيران، والعشيران كائنة في الربع الرابع، فاستخراجه بأن يضاف أربعة عشر إليه ربعا فتكون الجملة ثمانية عشر، وهي محل ربع البوسليك الذي هو غمازه. وهكذا يجري العمل في اختبار جميع النغمات والأرباع، ويعلم محل غماز كل نغمة وكل ربع منها.
في افتراق الألحان عن بعضها وانقسامها على أنواع
اختلاف الألحان يكون على أربعة أنواع: أولها اختلاف النغمة التي يقر عليها اللحن
4
والثاني: اختلاف إجراء العمل مع كون القرار على النغمة بعينها، والثالث: فساد يدخل على بعض النغمات. والرابع: كون اللحن مزدوجا.
أما النوع الأول: فكما لو نقر مثلا على نغمة الراست، ثم على العراق ثم على العشيران، ثم على اليكاه وقر عليها، لاختلف مسموعه عما لو نقر على نغمة الدوكاه ثم على الراست، ثم على العراق، ثم على العشيران وقر عليها، وهذا الاختلاف ليس ناشئا من ارتفاع صوت نغمة الدوكاه الذي ابتدئ بالنقر عليه، وصوت العشيران الذي قر عليه عن نغمة الراست التي ابتدئ منها، ونغمة البكاء التي قر عليها بالعمل الأول؛ لأن هذا الفراق متعلق بعلم الطبقة الذي يبحث فيه عن ارتفاعها وانخفاضها؛ وذلك لا يتعلق باختلاف الألحان؛ لأن اختلاف الألحان ليس بالارتفاع والانخفاض، بل من الأسباب التي نسعى الآن لبيانها فنقول: إنه لو كان البعدين النغمات متساويا لم يكن بينها تمييز؛ لأن كلا منها - حينئذ - يقوم مقام غيره، وتكون الأصوات في جميعها متساوية في الصعود والنزول، لكنها لما كانت مختلفة الأبعاد كان بمرور الصوت عليها وقراره على أحدها يحصل الاختلاف فيه حين المرور وحين القرار؛ لأن في المثال المتقدم بالنقر على نغمة الراست والهبوط نغمة نغمة إلى اليكاه اختلافا من الابتداء من نغمة الدوكاه والوقوف على نغمة العشيران؛ لأنه في الأول هبط من كل من النغمتين: الأولى والثانية ثلاثة أرباع، ومن الثالثة أربعة أرباع، أما في الثاني فمن الأولى هبط أربعة أرباع، وفي كل من النغمتين الثانية والثالثة ثلاثة أرباع، ولعدم المناسبة بين الهبوط الأول والهبوط الثاني حصل الاختلاف في مسموع الصوت، وهذا هو أصل النوع الأول من الألحان ومنه كان القرار على كل نغمة لحنا على حدته ويسمى ذلك اللحن باسم النغمة التي يقر عليها كراست ودوكاه وغير ذلك.
وأما النوع الثاني فهو فرع النوع الأول؛ إذ النغمات فيه أيضا تكون على ترتيبها بعينه، لكن يختلف عنه بأمرين أحدهما اختلاف إجراء العمل في الانتقال من نغمة إلى أخرى وثانيهما الدخول في اللحن، أما الأول فلا يمكن التعبير عنه بالكلام، وليس عند العرب اصطلاح على علامات له كالنقط والحركات مثل اصطلاح الإفرنج واليونان الذين يوضحون به هذه الاختلافات، وأما الثاني الذي هو الدخول في اللحن فنقول إن نغمة الدوكاه مثلا يكون عليها لحن الدوكاه ولحن الصبا، فلحن الدوكاه يكون الدخول فيه من نغمة الراست أحيانا، ويصعد إلى النوى، ثم يكون قراره على نغمة الدوكاه. وأما الصبا فيبتدئ من نغمة الجهاركاه ويقر على الدوكاه كما سنوضح ذلك بحسب الإمكان عند شرحنا حد كل لحن بمفرده حيث تذكر النغمات المصورة لكل لحن من أي النغمات والأنصاف أو الأرباع، تكون حسب التلاحين التي عندنا؛ قديمة كانت أو حديثة.
وأما النوع الثالث الذي هو فساد يدخل على بعض النغمات؛ فذلك كلحن الحجاز مثلا، فإنه تفسد فيه نغمة الجهاز كله، بمعنى أنها لا تستعمل فيه ويقوم مقامها ربع الحجاز المتوسط بين نغمتي الجهاز مثلا، فإنه تفسد فيه نغمة الجهاركاه بمعنى أنها لا تستعمل فيه ويقوم مقامها ربع الحجاز المتوسط بين نغمتي الجهاركاه والنوى. وهكذا عندما ينزل مما فوقه لا يمر عليها، وفي كليهما يكون مروره على ربع الحجاز لا على الجهاركاه، كما أن لحن البياتي أيضا لا تستعمل فيه نغمة الأوج بل تقوم مقامها نغمة العجم.
أما النوع الرابع الذي هو كون اللحن مزدوجا، فإنه يكون مركبا من أحد النوعين؛ الأول والثاني، ومن النوع الثالث. وهذا النوع يتناول فيه الصوت أكثر من سبع نغمات، إلا أنه تستعمل فيه نغمات من ديوانين جوابات وقرارات، مثاله لحن المحير فإنه لحن الدوكاه مكررا؛ لأنه يعمل أولا لحن الدوكاه من ديوان جواب الدوكاه، ثم ينتهي العمل إلى ديوان القرار الذي هو ديوان الدوكاه نفسه. وهكذا اللحن شد عربان، فإنه من حجازين من ديوانين. والعشيران يقرب أن يكون البياتي يعمل من فوق الحسيني ثم ينتهي بالبياتي على العشيران.
5
هوامش
الفصل الرابع
التصوير
في بيان كيفية عمل الألحان من غير مواضعها، وهو المسمى (بالتصوير) أو قلب العيان
1
إن أرباب هذه الصناعة قد تلجئهم الضرورة أحيانا إلى أن يجروا ألحانا من نغمات غير نغماتها الأصلية، كلحن الدوكاه والحجاز مثلا اللذين أصل كون قرارهما على نغمة الدوكاه، فإنهم أكثر الأحيان يجرونهما عن نغمة النوى؛ لكي ترتفع طبقتهما، وتلذ السامع وقد يكون ذلك ضروريا في بعض الألحان المزدوجة التي يكون عملها يتناول ديوانين، وقرارها على نغمات عالية مثل لحن شد عربان الذي يعسر على المنشد أن ينشده بأن يكون قراره على الدوكاه؛ لأنه حينئذ يضطر إلى أن يصعد بصوته إلى جواب الحسيني الذي على الغالب يعجز صوت المنشد عن بلوغه، وإن بلغه فيكون ذلك بعنف شديد، ويكون سماعه غير لذيذ، ففي مثل هذه الواقعة يصورون اللحن المذكور بأن يكون قراره نغمة اليكاه أو العشيران، كما أنهم غالبا يعملون أيضا لحن المحير من هذا المحل مثل (مر ساجي الطرف بدري) من تلحين المؤلف أصول (مربع) فإنه محير وخانته جواب بوسليك وتصعد إلى جواب الحسيني.
وأما عندما يراد إجراء العمل على آلتين مختلفتين في الطبقة من أصل وضعهما كقانون كبير طبقته منخفضة، ولا يمكن شد أوتاره أكثر من احتمالها فتنهتك، ومعه كرفت قصير وهذا تكون طبقته عالية بالضرورة، فحينئذ لا تتوافق أبراجهما إلا بأن أحدهما يصور اللحن المراد إجراؤه من أية نغمة في آلته تطابق نغمة تلك في الآلة الثانية؛ ولذلك كان يلزم أرباب الصناعة الموسيقية الحذاقة التامة في ضوابط فن اللحن المؤسس على معرفة أبعاد النغمات عن بعضها في كمية الأرباع بين كل نغمة ونغمة، ومما فوقها وتحتها؛ لأن بهذه المعرفة يتمكن الموسيقي من تصوير كل لحن على أية نغمة أراد.
ولأجل زيادة الإيضاح نورد لذلك مثالين: الأول إذا أريد إحالة نغمة النوى إلى الدوكاه، أي: إذا أريد أن يعمل من على نغمة النوى ما يعمل على نغمة الدوكاه، يلزم لهذا العمل إفساد نغمتين من الديوان، وهما نغمة الحسيني ونغمة الأوج بأن ينزل كل منهما ربعا واحدا، لتكون الأولى تيك حصار والثانية عجما. وحينئذ تكون أبعاد النغمات من النوى إلى جوابها على نسبة أبعاد النغمات من الدوكاه إلى جوابها؛ لأن نسبة الدوكاه إلى سيكاه كنسبة النوى إلى تيك حصار، ونسبة السيكاه إلى الجهاركاه كنسبة تيك حصار إلى العجم، ونسبة الجهاركاه إلى النوى كنسبة العجم إلى الكردان، ونسبة الحسيني مع النوى كنسبة المحير مع الكردان، ونسبة الأوج مع الحسيني كنسبة البروك ومع المحير ونسبة الأوج إلى الكردان كنسبة الماهوران إلى البزرك إلخ..
والمثال الثاني أنه إذا أريد إحالة النوى إلى الراست بأن يعمل لحن الراست من نغمة النوى، فقد تقدم أن العمل من نغمة الغماز كالعمل من النغمة التي هي غماز لها، وفي هذا المثال كأن النوى غمازا لنغمة الراست، وهكذا الحسيني غماز لنغمة الدوكاه، والأوج لنغمة السيكاه والكردان لنغمة الجهاركاه والمحير لنغمة النوى، فهذه النغمات لا يفسد منها شيء؛ لأنها متناسبة وأما البزرك والكردان أن فلا تصح نسبتهما إلى الحسيني والأوج، بل يقعان، وحينئذ يلزم أن يرفع البزرك ليصير جواب بوسليك، ويقوم مقام الحسيني وهكذا أيضا ترفع نغمة الماهوران ربعا واحدا لتصير جواب نيم حجاز وتقوم مقام الأوج، وبذلك يتم العمل.
وبرهان صحة العمل في المثالين المذكورين يظهر من هذين الجدولين الآتيين.
المثال الأول: في تصوير لحن الدوكاه من على برج النوى
المثال الثاني : في تصوير لحن الراست من على برج النوى
النغمات الأصلية
الأرباع
النغمات المصورة
النغمات الأصلية
الأرباع
النغمات المصورة
رمل توني
محير
رمل توني
كروان
جواب تيك حجاز
24
تيك شاهناز
جواب تيك حجاز
24
تيك ماهور
جواب حجاز
23
شاهناز
جواب حجاز
23
ماهور
جواب نيم حجاز
22
نم شاهناز
جواب نيم حجاز
22
أوج
ماهوران
21
كردان
ماهوران
21
عجم
جواب تيك بوسليك
20
تيك ماهور
جواب تيك بوسليك
20
نيم عجم
جواب بوسليك
19
ماهور
جواب بوسليك
19
حسيني
بزرك
18
أوج
بزرك
18
تيك حصار
سنبلة
17
عجم
سنبلة
17
حصار
نيم سنبلة
16
نيم عجم
نيم سنبلة
16
نيم حصار
محير
15
حسيني
محير
15
نوى
تيك شاهناز
14
تيك حصار
تيك شاهناز
14
تيك حجاز
شاهناز
13
حصار
شاهناز
13
حجاز
نيم شاهناز
12
نيم حصار
نيم شاهناز
12
نيم حجاز
كردان
11
نوى
كردان
11
جهاركاه
تيك ماهور
10
تيك حجاز
تيك ماهور
10
تيك بوسليك
ماهور
9
حجاز
ماهور
9
بوسليك
أوج
8
نيم حجاز
أوج
8
سيكاه
عجم
7
جهاركاه
عجم
7
كردي
نيم عجم
6
تيك بوسليك
نيم عجم
6
نيم كردي
حسيني
5
بوسليك
حسيني
5
دوكاه
تيك حصار
4
سيكاه
تيك حصار
4
تيك زيركوله
حصار
3
كردي
حصار
3
زيركوله
نيم حصار
2
نيم كردي
نيم حصار
2
نيم زيركوله
نوى
1
نوكاه
نوى
1
راست
نظم طرق المقامات (الألحان)
ليكن معلوما أن أسماء المقامات كثيرة، ولها تراكيب وطرق مختلفة، وليست كلها مستعملة في بلادنا المصرية؛ ولذا وضعت التراكيب الملحن عليها في مصرنا - قديمة كانت أو حديثة - حسب ترتيب المقامات من ابتداء الراست والمقامات التي تقر عليه، والدوكاه والمقامات التي تقر عليه إلى الأوج، وأمام كل تركيب تعبير الإفرنج عنه إذا كان مستعملا عندهم، ثم أضفت إلى كل منها بعض تراكيب غير ملحن عليها عندنا عسى أن بعضا من ملحنينا الفطاحل يتركون التلحين على مقامي البياتي والصبا؛ رحمة وشفقة على هذين المقامين التعيسين، ويضعون بعضا من التلاحين على هذه التراكيب المطربة، بدل أنهم يدعون اختراع مقام جديد، مع أن القديم لم يلحن عليه العشر منه. (الراست):
راست - دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا - حسيني - أوج - كردان - وعند لزوم زيادة الصعود أو الدنو للهبوط في بردات هذه الطريقة، تستعمل أجوبة وأراضي تلك البردات والركوز عند الانتهاء في بردة الراست - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ الطريقة المذكورة من الراست، صول
Sol - وإذا استعملت بهذه الطريقة بردة الكوشت بدلا من بردة العراق في الهبوط فتسمى مقام (رهاوي) صول
Sol - (يا هلالا غاب عني واحتجب) - أصول (توخت) - قديم. (شكل راست آخر):
راست - دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا. ثم ترجع إلى الراست وتجس اليكاه وتقف على الراست (قال لي صنو الغزال) - أصول (مدور) قديم.
وإذا أردت أن تجعله راستا سوزدلارا، فإنك تزيد الجهاركاه نصف مقام، وهو الحجاز، وتنزل الأوج ربعا وهو العجم، فحينئذ يكون ذلك مقام الراست الوزردلارا إلا أن هذه الزيادة أو النقصان لا يلزمان دائما، بل ينقصان ويرجعان كما هو مشاهد ذلك في البيشر والمسمى (بالسوزدلارا): صول
Sol
وإذا استعلمت بردة السيكاه طورا في هذه الطريقة، وأخرى بردة البوسليك مع دوام بردة العجم يدل الأوج فتسمى مقام (سازجار) صول ماجور
Sol majeur (يا غزالا شردا) - أصول (مصمودي) قديم. (السوزناك):
واست - دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا - شوري - أوج - كردان - محير - سنبلة - عند لزوم يزادة الصعود في بردات هذه الطريقة، فيكون العمل حينذاك بأجوبة بردني الجهاركاه والنوا - وعند الدنو للهبوط تستعمل بردات العراق والعشيران واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة الراست، وقد تسمى أيضا هذه الطريقة باسم مقام (دلكشا) - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة الجهاركاه إلى بردة النوا - صول ماجور
Sol majeur - (أيها المعرض عني) - أصول (نوخت) قديم.
أما باقي الموشحات والأدوار المصرية التي من مقام الراست، فهي على هذا التركيب كلها تقريبا - راست - دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا - حصار.. إلخ. (الكردان):
مثل تركيب الراست تماما غير أنه يختلف عنه بأن الشروع في التلحين منه يكون من أعلى إلى أسفل صول
Sol - (صاح خبر فاتر الأجفان) - أصول (أقصاق). (حجاز كار):
راست - زير كوله - سيكاه - جهاركاه - نوا - شوري - أوج - كردان - محير - سنبلة. عند لزوم زيادة الصعود في بردات هذه الطريقة تستعمل أجوبة بردتي الجهاركاه والنواب وعند لزوم الدنو للهبوط فيكون العمل ببردات العراق وأراضي الشوري والبكاء والركوز عند الانتهاء في بردة الراست. وقد تستعمل أيضا في هذه الطريقة تارة بردة الشاهناز بدل المحير وجواب بردة السيكاه بدلا من السنبلة والطريقة لم تزل مقام حجاز كار. وهي تصوير مقام الشاهناز ومقام الأوبج آرا ومقام السوزدل - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدي، هذه الطريقة من الأوج إلى الكردان. صول ماجور
Sol majeur (مزق يصبح الحميا أستار الظلام) - أصول (مربع) من تلحين المؤلف. (مكتوب بالنوتة). (النهاوند):
راست - دوكاه - كردي - جهاركاه - نوا - شوري - أوج أو (عجم) - كردان - محير - سنبلة - الصعود بأجوبة بردتي الجهاركاه والنوا، والهبوط ببردات العراق وأراضي الشوري واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة الراست، وبحسب الاصطلاح التركي تبتدي هذه الطريقة من بردة الجهاركاه إلى النوا - صول ماجور وبعضهم عده صول مينو
Sol majeur or Sol mineur (يا ولاة العشق قلوا) - أصول (نوخت) من تلحين المؤلف. (مكتوب بالنوتة). (النوأثر):
مثل تركيب النهاوند، غير أنه يكون فيه بدل الجهاركاه حجاز - وقد تسمى هذه الطريقة باسم مقام (نهاوند رومي) وهي تصوير مقام الحصار على أساس بردة الراست، وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من الحجاز إلى النوا - صول مينور
Sol mineur (أكثر الأدوار المصرية). (التكريز):
راست - دوكاه - كردي - حجاز - نوا - حسيني - عجم - كردان - محير - سنبلة - وتارة بدل العجم أوج - وقد تسمى هذه الطريقة أيضا باسم مقام (حجاز تركي) - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة الراست - صول مينور
Sol mineur (عازلي في الأغيد الأنس) - أصول (ورشان) من تلحين المؤلف، (مكتوب بالنوتة). (نهاوند كبير):
يبتدئ من الحجاز إلى النوا للعمل بطريقة مقام التكريز في الطبقة العليا، ومن النوا يصير التسليم بطريقة مقام النهاوند - صول ماجور
Sol majeur (بالنهاوند الكبير) - أصول (شنبر) لأبي خليل. (الطرز نوين):
راست - زير كوله - كردي - جهاركاه صبا - حسيني - عجم - كردان - شاهناز - وجواب السيكاه - وتارة سنبلة - السعود بأجوبة بردني الجهاركاه والصبا - والهبوط بردات العجم عشيران وأراضي الشوري واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة الرسات صول
Sol
وهي تصوير مقام شاهناز عشيران على أساس بردة الراست وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من العجم إلى الكردان. وهي من اختراع المرحوم السيد هاشم بك مؤلف مجموعة المقامات والأستانة العلية
2 . (مقام البياتي):
دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا - حسيني - عجم - كردان - محير - عند الصعود تستعمل أجوبة تلك البردات والهبوط بالراست والعراق والعشيران واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة الدوكاه، وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة الجهاركاه إلى النواة (بالذي أسكر من عرف اللمى) - أصول (دارج) لامينور
La mineur
والبياتي شوري بدل الحسيني حصار، وتارة يدل العجم أوج (طاف بالأقداح) أصول (مربع) قديم. (البوسليك):
دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا - حسيني عجم - كردان - محير. الصعود بالموافقة لأجوبة تلك البردات. والهبوط من بردة الدوكاه تستعمل بردات الزير كوله والعجم عشيران، والعشيران، واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة الدوكاه. وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة البوسليك إلى الجهاركاه والركوز عند الانتهاء في بردة الدوكاه. (وظبي سقاني من مراشف ريقه) أصول (شنبر) من تلحين المؤلف. (سلطان البوسليك في مصر) - (مكتوب بالنوتة). (العشاق):
تستعمل طريقة مقام العشاق الآلات التركية بطريقة مقام البياتي؛ بحيث يكون الشروع ببرودة الراست إلى الدوكاه والركوز كذلك في بردة الدوكاه بمس بردة الراست (يا بدر تم في سماء الجمال) - أصول (مربع) من تلحين المؤلف.
وأما في اصطلاح الآلات العربية تستعمل الطريقة المذكورة بطريقة مقام البياتي أيضا مع خفض موقع بردة الجهاركاه قليلا لتكون بولسليك والركوز أخيرا في بردة الدوكاه. والأصوب رفع موقع بردة السيكاه؛ لتكون بوسليك وإبقاء بردة الجهاركاه على ما هي عليه وحينئذ تكون هذه الطريقة هي ذات طريقة مقام البوسليك فقط يختلفان باستعمال بردة الراست في مقام العشاق واستعمال بردة الزيركوله في مقام البوسليك لا غير.
والفرق ما بين هذه الطريقة وطريقة مقام البياتي في الألحان التركية هو لميل طريقة مقام العشاق عند الروع في العمل إلى طريقة مقام الراست لا غير. (الحجاز):
دوكاه - كردي - حجاز - نوا - حسيني - أوج - كردان - محير - جواب السيكاه - جواب الجهاركاه. الصعود جواب النوا أيضا، والهبوط بالراست والعراق والعشيران واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة الدوكاه. وقد تسمى هذه الطريقة باسم مقام (نهاوند صغير) دو دييز
DO dièse - (زراني مرادي) - أصول (نوخت) تلحين المؤلف (مكتوب بالنوتة). (الصبا):
دوكاه - سيكاه - جهاركاه - صبا - حسيني - عجم - كردان - شاهناز - جواب السيكاه - جواب الجهاركاه. وتارة بدل بردة الراست في الهبوط بردة الزيركوله. ري بمول
RÉ bémol . (السيكاه):
سيكاه - جهاركاه - نوا - حسيني - أوج - كردان - محير - جواب السيكاه - الصعود بجوابي الجهاركاه والنوا، والهبوط بردة الكردي بدلا من بردة الدوكاه والركوز أخيرا في بردة السيكاه، وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من الكردي إلى البكاء. وهي تصوير طريقة مقام الكردي على أساس بردة السيكاه سي
SI (في القلب مني غرام) - أصول - (نوخت هندي) من تلحين المؤلف. (مكتوب بالنوتة).
والبكاء المستعملة في مصر مثلها غير أنه بدل الحسيني حصار مثل (يا نحيل القوام) - أصول. (سماعي ثقيل) قديم. (شاعر):
سيكاه - جهاركاه - نوا - حسيني - عجم - كردان - جواب الدوكاه - جواب السيكاه، وبحسب الاصطلاح التركي تبتدي. هذه الطريقة من بردة الكردي؛ لأن عليه المدار في نطق هذا المقام، سي مينور
Si mineur . (الجهاركاه):
جهاركاه - نوا - حسيني - عجم - كردان محير - جواب - سيكاه - جواب جهاركاه دو
Do - وإذا استعلمت بردة الأوج بدلا من بردة العجم، فتسمى مقام (ماهور صغير) أو مقام (بستة نكار عتيق) (لزمت السفار) أصول (نوخت هندي) من تلحين المؤلف. (مكتوب بالنوتة). (جهاركاه تركي):
يبتدئ من بردة العجم إلى الكردان والعمل بطريقة مقام الصبا والركوز أخيرا في بردة الجهاركاه. وهي تصوير مقام الحجازكار. (النوا):
يكاه - عشيران - عراق - راست - دوكاه - سيكاه - حجاز - نوا. وتارة جهاركاه بدل الحجاز. وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة الحجاز وتنتهي بعمل طريقة مقام العراق والركوز في بردة اليكاه. وهي باستعمال بردة الحجاز تكون تصوير مقام الراست وباستعمال الجهاركاه تكون تصوير مقام السوزدلار - ري
RÉ (تالله أيا من أخذ العقل وسارا) أصول (سماعي ثقيل) قديم. (فرحفزا):
يكاه - عشيران - عجم - عشيران - راست دوكاه - كردي - جهاركاه - نوا. الصعود بالموافقة لأجوبة وأراضي تلك البردات. والركوز عند الانتهاء في بردة اليكاه بمس أراضي بردة الحجاز. وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ، هذه الطريقة من النوا إلى الحسيني وهي تصوير طريقة مقام البوسليك على أساس بردة البكاء، ري مينور
RÉ mineur . (الحسيني):
عشيران - عراق - راست دوكاه - سيكاه - جهاركاه - نوا - حسيني - وقد تستعمل أيضا في هذه الطريقة عند الصعود بردة العجم بدل الأوج وهي تشابه لامينور أو مي
LA mineur ou MI (مر ساجي الطرف بدري) تلحين المؤلف - (مكتوب بالنوتة) تصوير لأن أصله محير. (نوع آخر منه):
جهاركاه - نوا - حسيني - أوج - كردان - محير - والركوز في بردة الحسيني إن يكن ساقي المدامة (أصول) (مربع) قديم.
ولكن أكثر التلاحين المصرية القديمة أو الحديثة من هذا المقام تقر على الدوكاه. (السوزدل):
عشيران - عجم عشيران - زيركوله - دوكاه - سيكاه - جهاركاه - حصار - حسيني. وقد تستعمل أيضا بهذه الطريقة بردة الأوج بدل العجم، والكردان بدل الشاهناز. وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من الحصار علي الحسيني مي مينور
MI mineur . (العجم عشيران):
عجم عشيران - راست - دوكاه - كردي - جهاركاه - نوا - حسيني - عجم، فا
FA - وهذا المقام نادر الوجود في مصر، ولم يلحن عليه أحد قطعة متينة ألبتة، غير أن المجيدين في مصر يعرفونه بالتصوير. ولذا فقد لحنت منه فصلا برمته ومنه (من لصب في الهوى) أصول/نوخت (مكتوب بالنوتة) وغيره. (مقام عجم):
يبتدئ من الحسيني إلى العجم والعمل بطريقة مقام عرضبار والركوز عند الانتهاء في بردة العجم (قم ونادم)، (شنبر) لأبي خليل. (شوق أفزا):
يبتدئ بعمل طريقة مقام جهاركاه ومن الجهاركاه يصير التسليم بطريقة مقام العجم عشيران والركوز في بردة العجم عشيران (كيف لا أصبو لمرآها الجميل) أصول (أقصاق) لأبي خليل. (العراق):
عراق - راست - دوكاه - سيكاه - جهاركاه نوا - حسيني - أوج - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من العشيران إلى العراق، فا دييز
FA dièse (زار حبيب القلب) - أصول (دارج) لأبي خليل. (الأويج):
مثله غير أنه بدل الحسيني عجم - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة العجم إلى الأويج. (بأبي باهي الجمال) - أصول (أقصاق) قديم. (راحة الأرواح):
عراق - راست - دوكاه - كردي - حجاز - نوا - حسيني - عجم - وتارة بدل العجم أوج. وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من الحجاز إلى النوا فا دييز
FA dièse . (أوبج آرا):
عراق - رسات - كردي - سيكاه - حجاز نوا - عجم - أوج - شاهناز - محير. وتارة سنبلة بدل المحير وكردان بدل الشاهناز والصعود بأجوبة الحجاز والنوا والهبوط ببردة العجم عشيران والبكاه. والركوز عند الانتهاء في بردة العراق ، وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من العجم إلى الأوج. فا دييز
FA dièse (في رياض الأنس وافاني) - أصول (مربع) من تلحين المؤلف الأدوار فيه (أوج). والخانة (أوبج آرا) (مكتوب بالنوتة). (الفر حناك):
عراق - راست - دوكاه - سيكاه - حجاز - نوا - حسيني - أوج - الصعود بالموافقة لأجوبة البردات المذكورة، فقط يستعمل جواب الجهاركاه بدل جواب الحجاز في الطبقة العليا، والهبوط بعد العراق بالعشيران واليكاه والركوز عند الانتهاء في بردة العراق. ري
RÉ . (البسته نكار):
عراق - راست - دوكاه - سيكاه - جهاركاه - صبا - حسيني - عجم - كردان - شاهناز - وبحسب الاصطلاح التركي تبتدئ هذه الطريقة من بردة الراست - (الشوق أعياني) - أصول (ظرفات) من تلحين المؤلف وهو من أبدع وأطرب الموشحات في هذا المقام. (مكتوب بالنوتة).
تفسير بعض كلمات وأسماء سبقت ومستعملة في الموسيقى التركية والعربية (قبا حصار):
هو اسم مركب من كلمتين إحداهما قبا، وهي لفظة تركية معناها غليظ، والأخرى حصار وهي اصطلاحية فباجتماعهما يكونان اسما لتلك البردة. (بوسليك):
اسم تركي معناه لثمة خفيفة أي بوسة، والقصد بها مسة، أو دوسة صغيرة. (ماهور):
هو اسم فارسي معناه الهلال. (كردان):
هو اسم تركي معناه العقد. (شاهناز):
هو اسم فارسي مركب من كلمتين؛ إحداهما كلمة شاه ومعناه سلطان، والأخرى ناز ومعناه دلال، فباجتماعهما يصير معناهما: دليل السلطان حسب التركيب العربي. (تيز):
هي كلمة فارسية معناها حاد أو سريع، ومصطلح عليها في الموسيقى التركية بمعنى جواب. (بردة):
هي كلمة تركية وفارسية أيضا ومصطلح عليها في الموسيقى التركية بمعنى: درجة من درجات أصوات الطبقة أو (نغمة) كما أن مجموع درجات الأصوات في الطبقة تسمى بردات أو (نغمات) وتسمية درجة صوت باسم بردة المحكي عنها؛ لأن الصوت قبل ظهوره يكون مستورا وراء حجاب. (بيشزو):
هو اسم فارسي مركب من كلمتين؛ إحداهما كلمة بيش ومعناها أمام، والأخرى زو ومعناها ذهاب، فباجتماعهما يصير معناهما الذهاب أمام. وفي اصطلاح الموسيقى التركية يطلق هذا الاسم على الهواء الابتدائي الذي يصدر به أول الفصل ومعناه المقدم كما يقال نظير ذلك عند الرب بشرف وهي تحريف كلمة بيشرو المذكورة. (نيم):
هي كلمة فارسية معناها نصف ومصطلح عليها في الموسيقى التركية لرفع أو خفض أي: البردات نصف درجة أي: نصف مسافة كما يقال نظير ذلك عند العرب عربة، وفي الموسيقى الإفرنجية يقال لرفع أي البردات دبيز
dièse
ولخفضها بمول
Bémol . (بسته):
هي كلمة فارسية معناها رابط، ومصطلح عليها في الموسيقى التركية بمعنى موشح أي: المربوط. (شرقي):
هي كلمة تركية تطلق على كل نظم من الأنغام، كما يقال نظير ذلك عند العرب موشح أو هوا أو دور أو فرع. (أصول):
هي كلمة تركية وعربية أيضا تطلق على كل وزن من أوزان الألحان الموسيقية، كما يقال نظير ذلك في الموسيقى الإفرنجية تمبو أي: الزمن
le temps . (ديوان):
هي كلمة تركية وعربية تطلق على ثمانية درجات أصوات متصاعدة بالتدريج في هيئة سلم، ويقال طبقة وعند الإفرنج أكتاف
Octave . (دوزان):
هي كلمة تركية تطلق على تصليح مقامات الآلات - وفي الموسيقى الإفرنجية أكوردو
Accord
ومعناها اتفاق الأصوات، ولتركيب جملة أكوردات يقال أرمونية
Harmonies . (رهاوي):
هو اسم مدينة الرها أي: أورفة. (سوزدلارا):
هو اسم فارسي معناه نار المحبوب. (سازجار):
هو اسم فارسي معناه عمل الآلات. (سوزناك):
هو اسم فارسي معناه المحرق. (دلكشا):
هو اسم فارسي معناه محرق القلب. (حجازكار):
هو اسم فارسي معناه عمل الحجاز. (طرزنوين):
هو اسم فارسي معناه الطراز الجديد. (نهاوند):
هو اسم مدينة ببلاد العجم. (نواثر):
هو اسم فارسي معناه الأثر الجديد. (فر حفزا):
هو اسم فارسي معناه: مزيد الفرح. (سوزدل):
هو اسم فارسي معناه: محرق القلب. (شوق أفزا):
هو اسم فارسي معناه: مزيد الشوق. (بستة أنكار):
هو اسم فارسي معناه: رابط المحبوب. (راحة الأرواح):
هو اسم عربي معناه استراحة الروح. (أويج آرا):
هو اسم فارسي معناه مزين العلا. - وأما ما بقي من الأسماء التي في كتابنا هذا فكلها أسماء اصطلاحية غير ما فسرناه في السابق.
آلات الطرب
اعلم أن آلات الطرب كثيرة مختلفة الأنواع، وهي قسمان: أحدهما يختص بفن الإيقاع أي: (الأصول) كالطبل والدف والنقارات، وما أشبه ذلك، وهذا لا يتعلق بمعرفة الألحان، بل هو متعلق بقياس الزمان
3 .
والثاني يختص بالألحان وهو نوعان ذوات أوتار وذوات نفخ. أما ذوات الأوتار؛ فمنها ما يشدون عليه وترا كالعود والقانون، ومنها ما يشدون عليه سلكا من حديد أو نحاس كالطيور وما شاكله، ومنها ما يشدون عليه شيئا من شعر الخيل كالمنجة والرباب ونحوهما، وذوات النفخ كالناي والمزمار وغيرهما، إلا أن المستعمل الآن كثيرا في بلادنا للطرب الدف والعود والقانون والكمنجة والناي، فالدف من متعلقات الأوزان، وباقيها من متعلقات الألحان، وأهل مصر يسمون مجموع ذلك (بالتخت) أو (الجوقة) وأعظمها عندهم.
هوامش
الفصل الخامس
العود
ولهم في ضربه طرق وفنون تكاد أن تكون من المغيبات فهو سلطان الآلات بالإجماع وفي سماعه نفع للجسد وتعديل للمزاج، وهذا علاج وأي: علاج؛ لأنه يرطب الأدمغة وينعش القلوب ويرزن العقول ويجلو الكروب وهو غذاء الأرواح وجالب الأفراح ومذهب الأتراح.
قال الشاعر في مدحه:
وناطق بلسان لا ضير له
كأنه فخذ نيطت على قدم
يبدي ضمير سواه في الحديث كما
يبدي ضمير سواه منطق القلم
وقال آخر:
إن الملاهي أصناف فسيدها
يأتي به المزهر
1
الغريد معقود
فاستنطق العود قد طال السكوت به
لا ينطق اللهو حتى ينطق العود
وقد اشتهر بحسن التوقيع عليه في زماننا هذا في مصر حضرة (أحمد أفندي الليثي) فإن له في ضربه فنونا مطربة؛ وذلك لخفة أنامله على أوتاره وحسن حركاته، وكذلك (محمود أفندي الجمركشي).
وقد اعتنى أهل مصر بالعود زيادة عن غيره من الآلات حتى إن أمراءهم وأكابرهم يتعلمونه لحظ أنفسهم، وتتميما لمنتزهاتهم؛ واستجماعا لأنواع مسراتهم، وهذا لا يخل بمروءاتهم؛ فقد غنى به كثير من الخلفاء كيزيد بن عبد الملك ومسلمة بن عبد الملك، وإبراهيم بن المهدي، وقد رزق حسن الصوت وتمام هذه الصناعة، وقد كان في درجة الأئمة في العلوم الشرعية وغيرها، وأبو عيسى بن الرشيد، وعبد الله ابن موسى الهادي، وإبراهيم بن عيسى بن جعفر المنصور ومحمد بن جعفر المقتدر، والمتوكل، مع ما كان عليه من عظم الخلافة، وقد رزق من ذلك حظوة عظيمة حتى أشرق على الدنيا إشراق الشمس ، وكذا المهدي وولده المؤيد وطلحة الموفق والطايع والمقتدر رحمة الله عليهم أجمعين.
والعود في مصرنا
2
يشدون عليه خمسة أوتار مزدوجة لأجل ضخامة صوت النقر عليها، وهي مختلفة في الغلظ والدقة، وقلما يزيدون زوجا سادسا وهو قرار الدوكاه أو قرار الجهاركاه.
شكل 5-1: عفق نغمات وأنصاف العود على الطريقة المصرية.
فالوتر الأول من شمال العود يشدونه يكاه، ويسمونه أيضا (نهفتا) وعند الحاجة قرار السيكاه أو قرار البوسلك، أما الزوج الذي عن يمينه فيجعلونه (عشيرانا)، والثالث (دوكاه) والرابع (نوا) والخامس (كردانا) حتى يكون البعد بين مطلق ومطلق ما عدا بين الأول والثاني ثلاث نغمات.
وأحسن طريقة للدوزان هي المصطلح عليها في الوقت الحاضر أن يشد النوا فيكون جوابا لليكاه.
وإذا جس على النوا بالسبابة، فيخرج منه صوت يكون جوابا للعشيران ويسعى بالحسيني، ثم يجس على العشيران بالبصر فيسمع منه صوت قرار الكردان وهو الراست، ثم يجس على الكردان بالسبابة، فيسمع منه صوت المحير أي: جواب الدوكاه، فيشد الدوكاه قرارا للمحير.
وقد رسمنا رقبة لعود وضعنا عليها عنق النغمات والأنصاف وبعض الأرباع؛ بغاية الضبط والإحكام في التقسيم والتثبت الشافي من معرفة المحل الحقيقي لأية نغمة أو عربة؛ حتى يتيسر معرفتها لمن يريد أن يعرف مواضعها بسهولة.
وذلك بأن تؤخذ صورة طبق الأصل من هذه الرقبة وتلصق على رقبة عود طول رقبته مساو لطول الرقبة المرسومة على الورق، وكذلك طول أوتاره مساو أيضا لطول أوتار العود الذي أخذنا عليه القياس
3
ثم يعود نقل أصابعه على مواضع النغمات والأنصاف كما يريد. (جدول المقادير)
اسم الوتر
اسم النغمة
طول الوتر
مسافة العفق
ابتداء هذه المسافة
اليكاه
حصار
640 مليمترا
40 مليمترا
من أول اليكاه
العشيران
تيم عجم عشيران
640 مليمترا
20 مليمترا
من أول العشيران
عجم عشيران
640 مليمترا
10 مليمترا
من بعد نيم عجم عشيران
عراق
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد العجم عشيران
كوشت
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد العراق
تيك كوشت
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الكوشت
راست
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد التيك كوشت
نيم زير كرله
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد الراست
زير كوله
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد النيم زير كوله
تيك زيركوله
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الزير كوله
الدوكاه
الكوردي
640 مليمترا
40 مليمترا
من أول الدوكاه
السيكاه
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الكوردي
البوسكك
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد السيكاه
تيك بوسلك
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد البوسلك
الجهاركاه
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد التيك بوسلك
تيم حجاز
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد الجهاركاه
حجاز
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد النيم حجاز
تيك حجاز
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الحجاز
النوا
حصار
640 مليمترا
40 مليمترا
من أول النوا
حسيني
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد الحصار
نيم عجم
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الحسيني
عجم
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد النيم عجم
أوج
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد العجم
ماهور
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الأوج
تيك ماهور
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد الماهور
الكردان
شاهناز
640 مليمترا
40 مليمترا
من أول الشاهناز
محير
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد الشاهناز
نيم سنبلة
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد المحير
سنبلة
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد النيم سنبلة
جواب السيكاه
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد السنبلة
جواب البوسلك
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد جواب السيكاه
جواب التيك بوسلك
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد جواب البوسلك
جواب الجهاركاه
640 مليمترا
20 مليمترا
بعد جواب التيك بوسلك
جواب النيم حجاز
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد جواب الجهاركاه
جواب التيك حجاز
640 مليمترا
10 مليمترا
بعد جواب النيم حجاز بعد جواب الحجاز
وجواب النوا 20 مليمترا بعد جواب التيك حجاز.
هذا في حالة ما إذا كان طول وتر العود التي تشتغل عليه مساويا لطول وتر العود الذي قسنا عليه، أما إذا كان مختلفا عنه، فيمكنك إيجاد مسافة للعنق على عودك بأن تأخذ المسافة الموجودة بجدولنا، وتنسبها إلى طول الوتر وهو 640 وتضرب هذه النسبة في طول وتر العود الذي تشتغل عليه تنتج مشافة العفق عندك.
مثال ذلك إذا كان طول وتر العود الذي تشتغل عليه 620 بدلا من 640 وأردت تعيين نغمة الحصار، فناسب هذه المسافة في جدولنا إلى الطول الأصلي للوتر في الجدول المذكور تجد النسبة 40 على 640 أي 4 على 643 أي 1 على 16 فتضرب هذه النسبة في طول الوتر الذي تشتغل عليه هكذا: 1 على 16 في 620 = 620 على 16 = 310 على 8 = 4 على 37,8 مليمترا أي 37,5 مليمترا، ويمكنك أن تهمل هذا الكسر وهو نصف المليمتر؛ لأنه لا يؤثر في مسموع الصوت، وتنبع نفس هذه الطريقة في قياس باقي النغمات والأنصاف والأرباع.
ولما كنت لا أريد من هذه الحياة إلا خدمة صالحة للشرق عسى أن يحيي ويتقدم فيه هذا الفن الجليل وضعت طريقة إصلاح العود حسب الدوزان الإفرنجي كما قرره حضرة الشاب الفاضل (أحمد أفندي أمين الديك) في كتابه (نيل الأرب في موسيقى الإفرنج والغرب) وهو أمثل كتاب ألف لتعليم مبادئ علم النوتة.
وقبل تبيين كيفية إصلاح العود ليكون قابلا للعمل به يلزمنا أن نعلم أن صوت الوتر يعلو بشده ويغلظ بإرخائه، وأن صوت جزئه أحد من صوته كاملا، وأنه لأجل أن يمثل الوتر صوتا معلوما يعالج بالشد والإرخاء؛ حتى يعطي ذلك الصوت.
لإصلاح العود (انظر الرقبة شكل
1-1 ) - يعالج النهفت (البكاء) بالشد والإرخاء حتى يعطي نغمة ري (قرار النوا) ثم يعفق (أو يداس أو يزم) في نقطة مي النهفت التي تبعد عن أوله ري بمقدار عشر طوله، فتحدث نغمة مي (عشيران) وبمعلوميتها يصلح الحسيني حتى يعطيها، ثم يعفق في نقطة «لا» من وتر الحسيني التي تبعد عن أوله مي بمقدار ربع طوله فتحدث نغمة لا (الدوكاه) وبمعلوميتها يصلح وتر الدوكاه حتى يعطيها، ثم يعفق في نقطة ري 2 من وتر الدوكاه التي تبعد عن أوله لا بمقدار ربع طوله، فتحدث نغمة صول 2 (الكردان) وبمعلوميتها يصلح وتر الكردان حتى يعطيها، وعندئذ يكون تم تصليح العود وصار قابلا للاستعمال.
شرح ش - 1 - اللوحة - م مشط العنق (م) مشط الوجه (و) الوجه (ر) منطقة الضرب بالريشة (8) عنق العود (س). مكان الدوس أو العفق (ا) شباك العود (ه) سهم يوضح اتجاه الريشة عن الضرب بها على الأوتار، شكل - ا - رقبة مبين عليها مواقع عفق التصليح - شكل، 3 - قبة مبين عليها مواقع عنق الأصوات الطبيعية - شكل
1-3
و
1-4
كلاهما رقبة مبين عليها مواقع عفق الأصوات الطبيعية مع مواقع على العربات - شكل - 7 - ديا بازون ذو ساق، وهو مصنوع من الصلب، ويستفاد الصوت منه بضربه على شيء صلب وتقريبه من الأذن - شكل - 8 - ديا بازون فم، وهو مصنوع على شكل صفارة. (تنبيه) ربط الأوتار في مفاتيح العود، تربط فتلتا وتر النهفت في المفتاحين نمرة - 1 - (ش 1 وفتلتا وتر الحسيني في المفتاحين نمرة - 5 - وفتلتا وتر الدوكاه في المفتاحين نمرة - 2 - وفتلتا وتر النواق المفتاحين نمرة - 3 - وفتلتا وتر الكردان في المفتاحين نمرة - 4 - والفتلة نمرة - 1 - تربط في المفتاح نمرة - 1 - والفتلة نمرة - 2 - تربط في المفتاح نمرة - 2 -.
تعيين مواقع العفق انظر الرقبة (شكل
1-2 ) علم من البند السابق أن النغمات ري مي لا ري 2 صول 22 تحدث كل منها من وترها كاملا - وهذه النغمات مرموز لها في (شكل
1-2 ) بالأرقام - 1 - و - 2 - و - 5 - و - 8 - و - 11 - أما النغمات الأخرى، فإنها تحدث من العفق في المواقع الآتية فنغمة فا (عجم عشيران) تحدث العفق في نقطة - 3 - التي تبعد عن - 2 - بمقدار جزء من ستة عشر من طول الحسيني - ونغمة صول (الراست) تحدث من العفق في نقطة - 4 - التي تبعد عن - 2 - بمقدار سدس طول الحسيني - ونغمة سي (سيكاه) تحدث من العفق في نقطة - 6 - التي تبعد عن - 5 - بمقدار تسع طول وتر الدوكاه. ونغمة دو 2 (الجهاركاه) تحدث من العفق في نقطة - 7 - التي تبعد عن - 5 - بمقدار سدس طول الدوكاه - ونغمة مي 2 (الحسيني) تحدث من العفق في نقطة 9 - التي تبعد عن - 8 - بمقدار عشر طول وتر النوا. ونغمة فا (عجم) تحدث من العفق في نقطة - 10 - التي تبعد عن - 8 - بمقدار سدس النوا - ونغمة لا 2 (محير) تحدث من العفق في نقطة - 12 - التي تبعد عن نقطة - 11 - بمقدار عشر طول وتر الكردان، ونغمة سي 2 (جواب السيكاه) تحدث من العفق في نقطة - 13 - التي تبعد عن - 11 - بمقدار خمس طول الكردان - ونغمة دو 3 أي (جواب الجهاركاه) تحدث من العفق في نقطة - 14 - التي تبعد عن - 11 - بمقدار ربع طول الكردان.
والنغمات ري (قرار النوا) ومي (عشيران) ولا (الدوكاه) وري 2 (النوا) وصول 2 (الكردان) تسمى نغمات سليمة لحدوثها من غير عفق - والنغمات فا (عجم عشيران) وسي (السيكاه) ومي 2 (الحسيني) ولا 2 (المحير) تحدث بواسطة العفق بالشاهد في مواقعها المعينة بالنمر - 3 - و - 6 - و - 9 - و - 12 - من الرقبة (شكل
1-2 ) - والنغمات صول (الراست) ودو 2 (الجهاركاه) وفا 2 (العجم) وسي 2 (جواب السيكاه) تحدث بواسطة العفق بالبنصر في مواقعها المعينة بالنمر - 4 - و - 7 - و - 10 - و - 13 - (رقبة شكل
1-2 ) - والنغمة دو 3 (جواب الجهاركاه) تحدث بواسطة العفق بالخنصر في موقعها المعين بالنمرة - 14 - من الشكل المذكور. وطريقة التصليح وإيجاد مواقع العفوقات التي ذكرت تسمى طريقة تصليح العود على مقام الجهاركاه.
وهناك طريفة أخرى لإصلاحه أكثر استعمالا وهي أن تشد وتر النهفت (يكاه) حتى يحدث نغمة ثم يعالج وتر النوا حتى يحدث جواب النغمة المسموعة من النهفت ثم يعفق في منتهى عشر النوا، فالنغمة التي تسمع من باقية تكون جوابا للنغمة المطلوب سماعها من الحسيني، فيعالج الحسيني إذن حتى يحدث قرارها وبعد إصلاح الحسيني يعفق في منتهى سدسه؛ فتكون النغمة المسموعة من باقية هي قرار ما يتولد من الكردان، وبمعلوميتها يعالج الكردان حتى يحدث جوابها وبعد إصلاح الكردان بعفق في منتهى عشرة، فتكون النغمة المسموعة من باقية هي جواب ما يطلب سماعه من الدوكاه وبمعلوميتها يعالج وتر الدوكاه حتى يحدث قرارها، وبذا يتم إصلاح العود.
شكل 5-2: محمد افندى العقاد.
وهذه الطريقة تسمى طريقة الإصلاح بالأجوبة والقرارات وأما معرفة مواقع عفق النغمات الصحيحة، فقد سبق الكلام عليها - وأما لإيجاد مواقع عفق أصوات العربات على العود بنصف جزء الوتر المحصور بين موقعي عفق الصوتين المتباعدين بمقدار بردة، فنقطة التنصيف هي مواقع على صوت العربة والرقبة (شكل
1-3 ) من اللوحة - 1 - ترشدك إلى هذا فإن موقع - 3 - هو منتصف البعد الكائن بين موقعي 3 و 4 وفيه يحصل العفق لإحداث نغمة فادييز أو صول بيمول، وبهذه الكيفية وجدت بقية المواقع. وعليه يكون - 4 - موقع علق صول دييز أولا بيمول و - 5 - موقع عفق لا دييز أو سي بيمول و - 7 - موقع عفق دو 2 دييز أو ري 2 بيمول - و - 8 - موقع عفق ري 2 دييز أو 2 مي بيمول - و - 10 - موقع عفق فا 2 دييز أو صول 2 بيمول - و - 11 - موقع عفق صول 2 دييز أو لا 2 بيمول - و 12 - موقع عفق لا 2 دييز أو سي 2 بيمول. وهي لا تختلف أبدا مهما اختلف مقام التصليح في الأصوات هي التي تختلف؛ إذ الموقع نمرة - 7 - رقبة (شكل
1-2 ) من اللوحة نمرة - 1 - هي موقع عفق الجهاركاه في طريقة إصلاح العود على مقام الجهاركاه، وهو بذاته موقع عفق نغمة الراست إذا أصلح على مقام الراست.
وقد وضع أهل هذه الصناعة قديما دائرتين الواحدة ضمن الأخرى مكتوبا على استدارة كل منهما أسماء النغمات والأنصاف والأرباع مع تقسيمهما أقساما متناسبة، وبهذه الواسطة يعلم بكل سهولة ما يفسد منها عند تصوير اللحن المراد تصويره من نغمة غير نغمته الأصلية، وكيفية العمل بالدائرتين أن تدير الدائرة الداخلة الحمراء المتحركة حتى تتحازى النغمتان المطلوب تصوير إحداهما من الأخرى، فحينئذ يظهر لك موقع كل نغمة وكل ربع وما يوافق وما يفسد، فما فسد ترفعه أو تنزله كما يظهر لك من مطابقة الدائرة الداخلة الحمراء المتحركة الصغرى مع الدائرة الخارجة السوداء الثابتة الكبرى وبذلك يتم العمل، وهذه الدائرة رسمها مكبرة بعد أن نقحها ورتبها ترتيبا سهل المأخذ حضرة أستاذنا الموسيقار الطيب الذكر الخواجة نحله إلياس مطرجي وسماه (جدول دائرة الأنغام العربية بمناصفاتها وأرباعها المتداولة في الموسيقى العربية) وقد رسمنا الدائرة المذكورة بناية الاستحكام والضبط في التفسير
4 . (تنبيه) إن الجدول المكتوب عليه (جدول الديوان العربي عند المحدثين) كان في بعض أسمائه خطأ فأصلحناه.
هوامش
الفصل السادس
القانون
وهو من الآلات التي هي في الطبقة العليا من الطرب - ومع ذلك فإن العمل عليه سهل جدا ويكون صوته كصوت آلتين تشتغلان معا؛ لأن العامل به في وقت العمل تكون جميع النغمات المحتاج إليها من قراراتها وجواباتها مبسوطة أمامه، ويداه متفرغتان للعمل يشتغل باليد اليمنى على ذلك الديوان، وباليسرى على قراره، فيكون المسموع من الآلة صوتين جوابا وقرارا معا. هذا مع أن كل نغمة منه تحتوي على ثلاثة أوتار فيكون عبارة عن صوت ست كمنجات تشغل معا، وأما صفة دوزانه فقد جرت العادة بأن يشدوا عليه أربع وعشرين نغمة، كل نغمة منها ثلاثة أوتار متساوية في الغلظ والدقة، ثم إن وتر كل نغمة يكون أغلظ مما فوقه وأرق مما تحته، وعلى الغالب يجعلون النغمة العليا جواب الحسيني وبعضهم يجعلونها جواب النوا، وهكذا يشدون كل نغمة تحت الأخرى على الترتيب، أي إذا جعلوا العليا جواب الحسيني يجعلونها جواب النوا وهكذا يشدون كل نغمة تحت الأخرى على الترتيب أي إذا جعلوا العليا جواب الحسيني يجعلون التي تحتها جواب النوا وتحتها جواب الجهاركاه وتحتها جواب السيكاه وهكذا، وينزلون نغمة نغمة إلى النغمة الرابعة والعشرين فيكون موقعها قرار الجهاركاه إلى قرار السيكات وثانيها من قرار الجهاركاه إلى السيكاه - وثالثها من الجهاركاه إلى البزرك (جواب السيكاه) ويبقى فرقة الماهوران (جواب الجهاركاه) والرمل توتي (جواب النوا) وجواب الحسيني.
وهذا الترتيب يسمونه دوزانا سلطانيا يريدون بذلك أنه مرتب على نغمات صحيحة لا أرباع فيها، فإذا أرادوا عمل بعض الألحان التي يفسد فيها بعض النغمات يعمدون إلى تلك النغمة التي تفسد بذلك اللحن فيشدونها أو يرخونها عن أصلها ويجعلونها ذاك الربع المحتاج إليه - مثل الأول لحن الحجاز فإنه إذا كان قراره الدوكاه تفسد فيه نغمة الجهاركاه فيشدونها حتى تكون حجازا - ومثل الثاني لحن البياتي؛ فإنه تفسد فيه نغمة الأوج فيرخي حتى يكون عجما.
وفي القوانين التركية وبعض العربية الآن حوامل إضافية تستعمل لهذه الغاية وهو تحسين جميل
1 .
وممن اشتهروا بإجادة التوقيع عليه في عصرنا هذا حضرة (محمد أفندي العقاد) فإنه نظرا لطول مدة وجوده مع المرحوم عبده أفندي الحمولي وسرعة المرحوم في نقل المقامات عود على تصليح القانون في مدة لا يباريه فيها خلافه، كما يشهد بذلك معاصروه ممن يشتغلون بتلك الآلة.
غنى على القانون حتى غدا
من طرب يهز عطف الجليس
فصاحت الجلاس عجبا به
يا صاحب القانون أنت الرئيس
هوامش
الفصل السابع
الكمنجة الإفرنجية
وعاداتهم أن يشدوا عليها أربعة أوتار، أولها من جهة اليمين وهو أغلظ الأوتار، ملفوف عليه سلك رقيق من نحاس يجعلونه قرار الراست - وثانيها وتر أرق منه، يجعلونه يكاه وثالثها وتر أدق منه يجعلونه دوكاه، ورابعها وتر أو خيط مزدوج مبروم من حرير أرق منه، يجعلونه نوى، والعمل في أخذ النغمات والأرباع الباقية كالعمل في العود تؤخذ بالحبس على الأوتار بأصابع اليد اليسرى، غير أن في مصر الآن يشدون الأول من جهة اليمين (يكاه) والثاني (عشيران) والثالث (نوا) والرابع (كردان وذلك لسهولة الأخذ والاشتغال بإصبعين بدل ثلاثة أصابع ، وعدم الصعود بها إلى وجه الكمنجة، ولكن ذلك بخلاف القواعد الأساسية الموضوعة لهذه الآلة وتدل على عدم مهارة المشتغل بهذه الكيفية، والبرهان على ذلك أن تنظر أربابها من الإفرنج أو الأتراك فيتضح لك الفرق بين الوجهين.
وممن اشتهروا بها في مصرنا - حضرة الأسطى (إبراهيم أفندي صهالون) فإنه - حقيقة - لا تختلف أنامله كغيره في معرفة محلات النغمات أو الأنصاف، يعلم تلك الفروقات المشتغل تماما بهذا الفن.
قم يا نديمي وبادر
على سماع كمنجا
فليس من راح منا
وغاب عنها كمن جا
شكل 7-1: ابراهيم افندى صهالون.
الفصل الثامن
الكمنجة العربية
وهي المسماة (بالرباب) يشدون عليها جزرتين من شعر الخيل إحداهما - وهي الأرق - من جهة الشمال أي شمال الآلة ويجعلونها (النوا) - والثانية وهي الأغلظ من جهة اليمين ويجعلونها (الدوكاه) وأحيانا راستا - وبقية النغمات والأرباع تؤخذ بالأصابع كما تقدم - غير أن هذه الآلة وإن كان صوتها شجيا مطربا فهي غير كاملة الترتيب - وأكثر الأحيان يضطر صاحبها أن يأخذ نغمات القرار من الجواب كالعراق والعشيران واليكاه فيعملهن من الأوج والحسيني والنوا؛ إذ ليس محل لهن في الآلة لعملهن منه، وأكثر أربابها يضطرون أن يحملوا معهم كمنجة ثانية قصيرة يجعلون الدوكاه منها بارتفاع النوا في الأولى. ولكن يستر منها هذه العيوب صوت بقية الآلات التي تصاحبها في العمل وبراعة الذي يشتغل بها إذا كان منفردا، فيتجنب العمل من النغمات التي يعسر عليه إجراؤها عليها - وهم يقصون على نغماتها الآن في القهاوي البلدية السير الخماسية كعنترة - وأبي زيد وخلافهما.
وممن اشتهر بها في مصر شاب يسير ليلا في الأزبكية يسمى (صالح أحمد الشاعر) فهو أيضا فريد في الاشتغال بهذه الآلة.
الفصل التاسع
الناي
وهو عبارة عن أنبوبة مجوفة مأخوذة من الغاب ومهذبة تهذيبا صناعيا - ويستعمل بوضع فتحته العليا على الفم وضعا مائلا؛ بحيث يمس جزء منه جزءا من الشفتين ويكون جزؤها الآخر بعيدا عن الشفتين لأجل أن يلتقي الهواء الخارج من الفم عند النفخ بذلك الجزء البعيد، وبذا يحصل الصوت - وتجد شكله في يد (علي أفندي صالح ).
فالناي كما علم مفتوح الطرفين، ثم بالنفخ في إحدى تلك الأنابيب المفتوحة الطرفين بعد وضعها على الفم وضعا مناسبا يحصل الصوت كما قدمنا، ولكن يتغير صوت الأنبوبة بتغير قوة النفخ، فالنفخ القوي يحدث صوتا حادا والنفخ الضعيف يحدث صوتا غليظا - فأغلظ صوت يحصل من الأنبوبة يكون ناشئا بالطبع عن أضعف قوة بالنفخ ويسمى بالصوت الأساسي للأنبوبة (ويعرف عند الناياتية بأساس أول ديوان واطي) - والصوت الذي يحصل من القوة الثانية للنفخ يسمى: أول أرمونيك (وهو المعروف عند الناياتية بأساس أول ديوان عال) وهو جواب الصوت الأساسي - والصوت الذي يحصل من القوة الثالثة للنفخ يسمى ثاني أرمونيك وهو جواب لأول أرمونيك - والذي يحصل من القوة الرابعة للنفخ يسعى ثالث أرمونيك وهو أعلى من الأرمونيك الثاني بمسافة خامسة - والذي يحل من القوة الخامسة يسمى رابع أرمونيك وهو أعلى من الأرمونيك الثالث بمسافة رابعة - والذي يحصل من القوة السادسة هو خامس أرمونيك وبعده عن الرابع يساوي مسافة ثالثة كبيرة - وسادس أرمونيك أعلى من الخامس بمسافة ثالثة صغيرة إلخ - ثم إنه لأجل الحصول على الأصوات المحصورة بين أي أرمونيك والذي يليه مباشرة نفتح ثقوب في سطح الأنبوبة لتوصل الهواء الداخل بالهواء الخارج - وتكون أوضاع تلك الثقوب على نسب حسابية معروفة لصناع هذه الآلات ليكون صوت كل ثقب عند إطلاقه أي فتحه) أعلى من صوت الثقب الذي قبله بمسافة محدودة - ففي الناي صوت أول ثقب (وهو أقرب ثقب لطرف الناي الأسفل وأبعد ثقب من الطرف الموضوع على الفم) يكون أعلى من الأنبوبة بمقدار بردة - ثم إن صوت أي ثقب خلافه هو أعلى من صوت الثقب الذي قبله مباشرة بمقدار عربة - أما الثقب الذي يفتح من خلف ويسد بالإبهام فتقول الناياتية أن استعماله لا يكون إلا لإحداث سابع درجة من أول طبقة واطية.
بناء على ما تقدم إذا كان الصوت الأساسي لأنبوبة هو صول - 1 - يكون أول أرمونيك هو صول - وثاني أرمونيك هو صول 2 - وثالث أرمونيك هوري 2 - ورابع أرمونيك هو صول 3 - وخامس أرمونيك هو سي 3 - وسادس أرمونيك هو ري 4 - ومتى علمت أصوات الأرمونيك يكون من السهل معرفة أصوات الثقوب؛ لأنه إذا كان المعلوم أرمونيك هو ري 4 يكون صوت الثقب الأول من الناي هو مي 4 لأن مي تبعد عن ري بمقدار بردة وقس على ذلك.
يستنتج من ذلك أن لكل ناي صوتا أساسيا خاصا به - فيقال: هذا الناي ناي صول، يعني: أساسه صول - 1 - ذاك ناي - دو 1 يعني - أساسه - دو - 1.
1 - وممن اشتهر به في مصر حضرتا أمين أفندي بزري - وعلي أفندي صالح.
ولما كان لا بد من التلميح بذكر بعض آلات أخرى لتداولها الآن كثيرا بيننا فنقول: من الآلات ذوات الكلافييه البيانو - والأرمونيكا - والموزيكه المتداول استعمالها بين الكثير من الشبان في المنازل - وفي هذه الآلات من التحسين والتخفيف حين الاشتغال ما ليس في ذوات الأوتار من حيث عدم الكلفة في إصلاحها - وبعض هذه الآلات مؤسس على نظام المقامات الأحادية النغم كالبيانو والأرمونيكا وهي الأنفس صناعة وتحسينا - والبعض الآخر مؤسس على م بعض المقامات الثنائية النغم والأغلب على مقام (دو) الكبير.
وللعلم بأية آلة من ذوات الكلافييه يجب معرفة المقام المصنوع فيه اللحن المراد عمله على الآلة - ثم يبحث في الكلافييه عن أشرطة النغمات المرادة فتعود الأصابع على النقل عليها ثم يشرع في التلحين وتوقيعه حتى يضبط - وإن كان الكلافييه مؤسسا على مقام خاص واللحن من مقام آخر ففي هذه الحالة يجب نقل اللحن من مقامه إلى مقام الآلة. وهاك صورة جزء من كلافييه بيانو.
شكل 9-1: على افندى صالح.
فالأشرطة البيض هي للنغمات الطبيعية والسود للنغمات المتحصل عليها بالتحويل - فالشريط الأسود نمرة - 1 - هو لنغمة دو دييز أو نغمة ري بيمول - والشريط نمرة - 2 - لري دييز - أو مي بيمول - أما فا بيمول فتحدث من لمس شريط مي وهكذا إلى أن تصل إلى الموقع نمرة - 9 - الذي هو سي دييز - ولا يخفاك أنه هو موضع دو الطبيعي كما وأن الموضع نمرة - 8 - هو موضع دو بيمول - ولا يخفاك أيضا أنه موضع سي الطبيعي.
واعلم أن أحسن الطرق في العمل الموسيقي هو العمل بالصوت الإنساني، فإنه أعظم بكثير من العمل بغيره من الوسائط الموسيقية الأخرى - وكفى بفضله أنه يغني عن الآلات إذا وجد - والآلات تحتاج إليه. كما وأنه يوصل المعاني إلى الذهن في الألحان الملفوظة، وأنه يشجي ويطرب أكثر من غيره وأنه أطوع من غيره في إحكام الواجبات وإتقانها.
هوامش
الفصل العاشر
الصونومتر
ويستعمل لتطبيق قانوني الأطوال آلة تسمى (بالصونومتر) وهي عبارة عن صندوق من خشب خفيف (دد) به فتحة من وجهه الأعلى ومثبت عليه حاملان 2 و 4 يبعدان عن بعضها بمقدار طول اختياري - فلو شد وتر بحيث يرتكز على الحاملين 2 و 4 يكون ما بين الحاملين هو الطول المولد للأساس فلو استحضر حامل متحرك مثل 3 ووضع بحيث يحمل الوتر من نقطة منه تبعد عن أحد الحاملين بمقدار تسع وعن الآخر بمقدار ثمانية اتساع يكون الجزء الذي قدره ثمانية اتساع مولدا للدرجة الثانية - ولو حمله من نقطة تبعد عن أحد الحاملين بمقدار خمس وعن الآخر بمقدار أربعة أخماس يكون الجزء المعادل أربعة أخماس هو المولد للدرجة الثانية وهكذا. (فائدة) من تأمل في العود (وما على منواله من الآلات ذوات الأوتار والعفق) يجده صونومترا جميل التركيب صندوقه الخشب مركب من القصعة والوجه، وحاملاه هما مشط العنق ومشط الوجه، والحامل المتحرك هو الأنامل التي تنتقل على مواقع العنق - والقوة المؤثرة لشدة الأوتار هي المفاتيح.
الفصل الحادي عشر
المترونوم
هو عبارة عن علبة ذات شكل هرمي بداخلها جهاز مثل الجهاز المحرك لبندول الساعات (رقاص الساعات) ومركب على أحد أوجهها قضيب مدرج
BA
مثبت في طرفه الأسفل كرة
O
إذا حركت يمينا أو يسارا تكون حركتها سريعة أو بطيئة تبعا لوجود الثقل
M
المتحرك على القضيب
BA
قريبا أو بعيدا من الكرة - (استعماله) - ويستعمل المترونوم لتعيين حركات الأهوية؛ وذلك بنقل الثقل
M
إلى الدرجة المراد تقدير حركة الهواء بها ثم تحرك الكرة
O
فتذهب يمنة ويسرة ذهابا وإيابا منتظمين بمقدار زمني ثابت - وكلما تقطع الكرة
O
طريقها وتبتدئ بالعودة تحدث دقة مثل دقة الساعة ومن تلك الدقات يعرف أن بين كل اثنتين منها متتابعتين زمنا ثابتا، وهو مقدار الحركة الذي به تقدر مسافة ميزان الهواء. (2) - البندول - هو عبارة عن شريط مثبت أحد طرفيه في مسمار مثلا والطرف الآخر معلق به كرة ثقيلة - فإذا جذبت تلك الكرة إلى أحد جانبيها ثم تركت ونفسها، فإنها تتحرك حركة تماثل حركة (رقاص الساعة) وتسمى حركة ذهاب وإياب البندول - والزمن الذي يتم فيه انتقال كرة البندول من جانب إلى آخر هو الذي يصلح لتقدير حركات الأهوية.
وحيث أن شريط البندول يقبل أطوالا متغايرة، وأنه كلما طال الشريط طال زمن الحركة، وكلما قصر الشريط قصر زمنها - وبطول زمنها أو قصره تكون حركة الأهوية بطيئة أو سريعة - فالأزمنة حينئذ كثيرة - ولا تكفي لفظتا سريعة وبطيئة للدلالة عليها وتمييز بعضها عن بعض؛ فلهذا وضع علماء هذا الفن لكل زمن حركة بندول شريطه معين الطول اسما مخصوصا وأناطوه بحركة الهواء - وهاك جدولا لبيان هذه الأسماء وأطوال شريط البندول اللازمة لها - وفي مقابلة كل اسم عدد درجات المترونوم المصطلح عليه:
درجات المترونوم
أطوال شريط البندول بالمتر
المعنى
رمز عن الاختصار
النطق
نفس التسمية بالتليانية
40
من 2م إلى 3م
باتساع (أبطأ حركة موسيقة) -
لارجو
Largo
48
من 2م إلى 3م
بطيء -
لنتو
Lento
52
من 2م إلى 3م
أبطأ
Adgo
أداد جيو
Adagio
44
1,50 متر
ببطء -
لارجيتو
lARGHETTO
56
1
براحة
And
e
أنداتي
Andante
63
من 0,70 إلى 0,80
متوسط
And
e
أندانتينو
Andantino
69
من 0,50 إلى 0,60
سريع قليلا
All
o
أليجرتو
Allegretto
من 0,30 إلى 0,40
أقل سرعة
All
ألليجرو
Allegro
176
من 0,20 إلى 0,30
بسرعة -
فيفاتشي
Vivace
184
من 0,10 إلى 0,12
سريع -
بريستو
204
من 0,06 إلى 0,08
أسرع -
برستيسمو
وكيفية الدلالة على الحركة - يكتب الملحن تحت المفتاح أو على يساره خارج المدرج ما يأتي: إشارة مسافة الميزان المنتظم عليه اللحن وأمامها عدد درجات المترونوم، وعلى يساره اسم الحركة هكذا 92 =
ألليجرو الحركة هي ألليجرو المسافة تعال (نوار) - وعدد درجاتها بالمترونوم هو 92 - مثلا. (تنبيه) إذا وجدت اسم الحركة وعدد درجات المترونوم المقدر لها وأردت إيجاد زمنها بواسطة مترونوم عندك فانقل الثقل
M
إلى نمرة التدريج المرادة على نفس القضيب
BA
ثم اجعل الكرة تتحرك حركتها النظامية فيكون ما بين كل دقتين متتابعتين من الزمن هو مقدار زمن الحركة المبحوث عنها.
ومن الحركة إعطاء بعض مقاييس الهواء عند تلحينه هيئة صوتية من جهر أو خفاء أو شدة أو ضعف تشعر بمعنى الكلام الملحن - ولهذه الحركة أسماء تأتي فوق بعض المقاييس لتعيين المكان الذي يراعى فيه مدلولها - وهاك جدولا لأسماء أشهر الحركات التي من هذا النوع وما يقابلها في اللغة العربية.
المعنى
علامات الاختصار
النطق
أسماء الحركات
كلما تتقدم أبطأ في توالى الأصوات
Raal
رلنتندو
Rallentando
شيئا فشيئا -
بوكو أبوكو
بتأن
Sosl
سوستنونو
Sostenuto
فجأة -
سوبيتو
Sobito
بفخامة -
مايستوذو
Maestoso
بعذوبة بلطافة برقة
بيانو
بطريقة ألطف أو أعذب أو أرق
بيانيسيمو
بقوة بشدة
F.
فورتي
Forte
أقوى أشد
F. F.
فورتيسيمو
Fortissimo
بخفة
LGA
لدجيرامنتي
Léggieramente
بنشاط -
أنيماتو
Animato
الفصل الثاني عشر
الأوزان الأصول
الأوزان - وتسمى أيضا (بالأصول) وهي الجزء الثاني من صناعة هذا الفن الذي لا يتم إلا به - وقد ربطوا البيشروات
1
والموشحات لعدم اختلالها واختلال المغنين عندما ينشدون معا حتى لا يسبق أحدهم الآخر ولا يتأخر عنه بل يكون مجموعهم كواحد ويعبرون عنه بقولهم (تم) (تك) وهو بمنزلة أجزاء العروض للشعر مركبا من سبب خفيف وهو عبارة عن متحرك فساكن تم - وسبب تقبل وهو عبارة عن متحركين تك - وفي مصر ينطقون الاثنين سببين خفيفين تم تك - وتنقسم باعتبار إيقاعها إلى قسمين: أحدهما (التك) وهو ما يضرب على الصنوج المتخذة من النحاس
الأصفر أو الأبيض المعلقة بالدائرة - و(التم) وهو ما يضرب على الرق - الجلدة الرقيقة المشدودة على الدائرة - وإذا لم يجدوا دقا ضربوا التك باليد مقبوضة على الركبة أو أي شيء كان. والتم بها مبسوطة
شكل 12-1: الدف.
وفي الأستانة والشام يدقون التم باليد اليمنى - والتك باليد اليسرى.
وفي بعض البلاد الشامية والعربية يوقعون هذه الأوزان بالأرجل كم شاهد الكثير حضرة أستاذنا المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل القباني وهو يلقي تلاحينه الشجية مع جوقته الموسيقية في أخريات التمثيل منذ زمن قليل
2
وهو أول أستاذ أتى بهذه الطريقة البديعة المستملحة في مصر - وقد أخذناه أيضا عنه
3 .
ولما كان مقدار الزمن فيما بين كل تم وتك يختلف في القصر والطول بحسب نظام كل وزن - ومن اللازم ضبط تنوع حركات التمات والتكات، سيما وقد تعسر على المبتدئين معرفة الإشارات الاصطلاحية التي وضعناها في كتابنا الأول (نيل الأماني - في - ضروب الأغاني) الذي نفق طبعه منذ خمس سنوات - وهو أول كتاب طبع في الشرق وذكرت فيه الأوزان المصرية صحيحة.
لذا وضعنا لفظ كل - تم - وتك - وبجانبه مقدار المسافات اللازمة.
الواحدة
تنقسم الواحدة المنظوم عليها أوزاننا إلى أربعة أقسام:
الكبيرة وكل خمس وعشرين منها تستغرق دقيقة وهي التي يغني عليها الأدوار بمصر الآن، وتساوي أربع خانات: (والمتوسطة) ومنظوم عليها أكثر الأوزان وكل خمسين منها تستغرق دقيقة وتساوي خانتين. (والصغيرة) ومنظوم عليها بعض الأوزان وكل مائة منها تستغرق دقيقة وتساوي خانة. (ونصف الصغيرة) ومنظوم عليها بعض الأوزان أيضا وكل مائتين منها تستغرق دقيقة وتساوي نصف خانة.
وعلامة الخانة الخالية (+) - وعلامة نصف الخانة أو ما يكمل بها الوزن (/) - وعلامة أول الوزن (") وعلامة آخره (**)
4 .
والأوزان المصرية الشهيرة التي تلقاها الخلف عن السلف هي:
الخفيف - والثقيل - والشنبر - والورشان - والفاخت والرهج - والمصمودي - والمحجر بقسميه - والمدور - والمخمس - والأربعة والعشرون - والستة عشر - والتوخت بقسميه - والسماعي بأقسامه الثلاثة - والظرفات والأوقر - والمربع - فتكون الأوزان المصرية سبعة عشر فقط
5 .
ومما يجب التنبيه إليه قبل الشروع في وضع الأوزان أن بعضا من ضاربي الدف قديما أدخلوا في أكثر تلك الأوزان ما ليس فيها بأن وضعوا حلية أطلقوا عليها اسم (الرباط) الذي لا يصح وجوده إذا كان الوزن منظوما على الواحدة الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة كما يتضح ذلك لحضرة المطلع الألمعي من وضعهم الستة عشر هكذا: ((
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك
تك
تم /
تك +
تك
تك +
تك
تك **
وحيث أن مجموع هذا الوزن يساوي (4) أربع وحدات كبيرة أي واحدا من (الروند) فلا لزوم - إذا - لوجود أنصاف الأرباع ووضع بدل التك والمسافة تسكين إلى غير ذلك من التعقيد الذي لا ينطبق على قواعد الفن على الإطلاق - ومن جهة أخرى لا يمكن أخذ هذا الرباط الأعلى أستاذ خبير - ولكن كيف وقد استحكمت تلك العادة في صدورهم وأيديهم ولا يمكن نزعها إلا في مدة طويلة وبعد أن يروا: البرهان القاطع على فساد طريقتهم فأقول:
أولا قد تلقينا الأوزان التركية والشامية على فطاحل علماء هذا الفن كالأستاذ الفاضل الشيخ أبي خليل القباني والشيخ عثمان الموصلي وغيرهما - ودرسنا كتب الأتراك أيضا لها التي فيها أوزانهم فلم نجد لذكر هذا الرباط أثرا.
ثانيا: قال حضرة المرحوم الأستاذ الشيخ شهاب في سفينته هو قدوة المصريين - أن موشح (قام يسعى سحر) (الراست) ضربه (16) ست عشرة نقرة فيكون هكذا: ((
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك
تم +
تك +
تك +
تك +
تك + **
نعم وهذا أقرب برهان على صحة ما نقول ومنطبق تمام الانطباق على القواعد المتبعة في هذا الفن، فلم يضعونه الآن (19) تسع عشرة والأوزان التي فيها هذا الرباط هي: الورشان - والأربعة والعشرون والفاخت - والرهج - والمخمس - والمحجر - والستة عشر - وكل هذه الأوزان على الواحدة الكبيرة أو المتوسطة كما يتضح لك بعد.
وبالاختصار إذا أردت أن لا تضع هذا الرباط في الأوزان المتقدم بيانها؛ لكي يسهل عليك دقها بدون أستاذ - فيكون ذلك بحركة منتظمة في الخفض والرفع مثل حركة (بندول الساعة) أو (المترونوم) - يعني إذا كان العمل بحركة اليد مثلا وجب أن تكون مرفوعة من قبل، ويصير خفضها بلفظ (التم) أو (التك) بحسب ما يصادفها مع مد الصوت بقدر عدد الخانات الخالية من التم أو التك - أو تضرب (التك) أو (التم) باليد اليمنى وتضرب المسافة باليد اليسرى - وحينئذ تعلم حالا وبدون كبير مشقة الزمن المتخلل فيما بين الحركات وبعضها بالضبط الشافي - وبانضمامها إلى عدم المسافات
6 .
الخفيف
هذا الوزن فقد من مصر - وفي سفينة المرحوم الأستاذ الشيخ شهاب موشح واحد عليه (بياتي) وهو (إن الهوى قضى) ولم أسمع من أستاذ مصري أنه ألقاه على هذا الوزن، بل على وزن (المدور).
أما نحن فقد تلقينا هذا الوزن على حضرة أستاذنا المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل القباني على موشحه (العجم عشيران) البديع الصناعة. ((
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تك +
تم +
تم
تم
تم
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك + **
وتارة يكون الشروع في التلحين عليه من بعد التم الأول ومسافاته أو منه. وهو يساوي (32) اثنتين وثلاثين من الواحدة المتوسطة أي (البلانش).
وقد تلقينا الخفيف أيضا على كثير من البستات التركية من أساتذتنا الأتراك هكذا
7 . ((
دم +
تك +
تك + + +
دم +
تك +
تك + + +
دم + + +
تكه + + +
دم +
تك +
تك + + +
دم + + +
تكه + + +
دم +
دم +
تك +
تكه +
دم +
تك +
تكه +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه + **
الثقيل ((
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك
تك
تم +
تم
تك
تم +
تك +
تم
تك
تم +
تك +
تك
تك
تم + **
فيكون على هذا الحساب يساوي (22) اثنتين وعشرين بالواحدة المتوسطة، بخلاف وضع الأتراك له فإن الثقيل عندهم يساوي (48) ثماني وأربعين - ونصفه أي (التيم ثقيل) يساوي (24) أربعا وعشرين - فلم يعلم من أين جاء هذا النقص - وقد تلقيناه هكذا من حضرة الأستاذ الشيخ محمد عبد الرحيم. ولا بد أن يكون ناقصا تما من أوله بثلاث مسافات وقد وضعه الشيخ المذكور ناقصا من باب السهو في كتاب ذاكر بك.
الشنبر ((
تك +
تك +
تم + + +
تم +
تم
تم
تك + + +
تك +
تك +
تك + + +
تم + + +
تك + + +
تك +
تك =
تك = = =
دم
تم + + + +
تك + + **
ويساوي (24) أربعا وعشرين بالواحدة المتوسطة - ويكون الشروع في التلحين عليه من أوله تارة ك(زالت الأتراح) البياتي أو بعد التك الأول ومسافته ك(يا حسن المعاني). أما في اصطلاحية الشاميين فيكون الروع فيه من التم وهو أوله ك (يالنهاوند الكبير) تلحين المرحوم الأستاذ الشيخ أبي خليل - ويضعونه هكذا: ((
تم + + +
تم +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك + + +
تك + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك + + +
تك +
تك + **
الأربعة والعشرون ((
تم + + +
تم +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تم + + +
تم +
تم
تم
تك /
تك +
تك
تك +
تك
تك
تم + + **
هكذا تلقيناه على حضرة الأستاذ الشيخ محمد عبد الرحيم الشهير (بالمسلوب) على موشح ك(للي) (الحجاز) - وقد تلقيناه على حضرة الأستاذ الشيخ إبراهيم المغربي على نفس الموشح السابق - وموشح آخر عراق وهو (ورقا على الغصون) هكذا: ((
تم + + +
تم +
تم +
تك +
تم +
تم +
تك +
تم +
تم +
تك +
تم +
تم +
تك + + +
تك
تك
تم +
تم
تم
تك /
تك
تك +
تك
تك
تم + + + + **
ومسافة الاثنين واحدة؛ أي أن كلا منهما يساوي (24) أربعا وعشرين بالواحدة المتوسطة، والشروع في التلحين عليه من آخره أي من التم الذي بعده ثلاث مسافات صغيرة.
الورشان
8 ((
تك +
تم + + +
تك +
تام /
تك +
تك
تك +
تك
تك
تم +
تم
تم
تك /
تك +
تك
تك +
تك
تك
تم + + + **
شكل 12-2: الشيخ ابراهيم المغربى.
وفيه رباطان ويساوي (16) ست عشرة من الواحدة المتوسطة - والروع في التلحين عليه من آخره (قاتلي يغنج الكلح) (بياتي).
المحجر المعروف بالمصدر
إن الموشح الوحيد المنظوم على هذا الوزن من أبدع الموشحات التي يتفاخر بها المصريون وهو (زارني باهي المحيا) - (السيكاه) - ولما فقد تلحينه الأصلي من مصر وصار لا يعرفه إلا القليل - فقد تلقيته على أصله عن حضرة الأستاذ الشيخ (إبراهيم المغربي) ملحن طرق المولد النبوي الشريف التي يلقيها حضرة الأستاذ الشهير الشيخ (إسماعيل سكر) فريد في هذا الباب - والشيخ (سيد الصفتي) وغيرهما من الفقهاء، وحفظت مسافاته ورباطه بغاية الدقة والإحكام. وقد علمته - بتلحينه - لبعض الممثلين والمغنيين كيما ينتشر؛ حتى لا تفقد مصر تلك الموشحات البديعة. ((
تم +
تم +
تم + + +
تك + + +
تم + +
تك + +
تك +
تك + + +
تك +
تك + **
والشروع في التلحين عليه بعد التم الأول ومسافته أي من التم الثاني - وهو يساوي (14) أربعة عشرة من الواحدة المتوسطة.
الرهج ((
تم +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك +
تم /
تك +
تك
تك +
تك
تك
تم + + + **
الشروع في التلحين عليه من التم الأول - (كم وكم ذا الصدود يا أملي) (عراق) - ويساوي (12) اثني عشرة من الواحدة المتوسطة.
الفاخت ((
تم +
تم +
تك +
تك +
تم /
تك +
تك
تك +
تك
تك
تم + + + **
الشروع في التلحين عليه من التم الأخير مع مسافاته الثلاث (على إيش يا منى قلبي) (سيكاه) ويساوي (10) عشرا من الواحدة المتوسطة.
المخمس ((
تم +
تم +
تم /
تك +
تك
تك +
تك
تم + + + **
والشروع في التلحين عليه من أوله (املا واسقيني يا أهيف) (السيكاه) - وهو يساوي (8) ثمان من الواحدة المتوسطة.
المحجر ((
تم
تم
تم +
تك +
تم /
تك +
تك
تك +
تك
تك **
وتارة يكون الشروع في التلحين على هذا الوزن من أوله (كهل على الأستار) (حسيني وقراره يكاه) وآونة من بعد التم الأول (كبدا وفي كفه) (الراست) - و(يا غصن البان) الأوج ويساوي (7) سبعا من الواحدة المتوسط.
المدور ((
تك +
تم +
تك +
تم
تم
تم + + + + **
الشروع في التلحين عليه من مسافته الأخيرة أي قبل التم (كراعي اليواقيت العذاب) (الراست) أو من أوله؛ ك(فيك كل ما أرى حسن) - (البياتي) وهو يساوي (6) ستا من الواحدة المتوسطة.
المصمودي ((
تك
تم +
تك +
تم
تم + **
الشروع في التلحين على هذا الوزن من التم الأخير مع مسافته (كهجرني فدعني من البعاد) (الحجاز) أو من أوله (كوجنات الغيد) (الحجاز أيضا) وللملحن الحق أن يدخل في هذا الوزن كيفما أراد غير أنه إذا دخل مثلا من الأول وجب عليه أن يقفل على الآخر - وإذا دخل من التم الأخير وجب عليه حتما أن يقل على التم الذي بعد التك الأول من الوزن وهو يساوي (4) أربعا من الواحدة المتوسطة.
هذه هي الأوزان المصرية التي تأتي على الواحدة الكبيرة أو المتوسطة - ولنذكر لك أسماءها مرة أخرى؛ لتثبت في ذهنك وهي (الخفيف) و(الثقيل) - و(الشنبر) - و(الأربعة وعشرين) - و(الورشان) و(الستة عشر) - و(المحجر المصدر) - و(الرهج) - و(الفاخت) - و(المخمس) - و(المحجر) - و(المدور) - و(المصمودي).
ويسمون كل هذه الأوزان في النوتة الإفرنجية وزن 4 من 4 - وبعضها وزن 2 من 4.
أما الأوزان المصرية التي تأتي على الواحدة الصغيرة فهي:
الأوفر ((
تم +
تم + + +
تك +
تك +
تم +
تم
تك +
تك + + + **
والمشروع في التلحين عليه من أوله ك(من كنت أنت حبيبه) (الراست) أو (غضي جفونك يا عيون النرجس) (الصبا) - ولكن هنا اختلاف وهو أن هذا الوزن عند الأتراك يساوي (9) تسعا فقط من الواحدة المتوسطة - وحضرة ذاكر بك حينما أخذ بعض هذه الأوزان على الأستاذ الشيخ محمد عبده الرحيم كتبه (9) تسعا أيضا - ولكن حينما أخذناه نحن على (المترونوم) وجدنا أنه (9.5) تسع ونصف أي أنه لا يأتي على الواحدة المتوسطة، بل على الصغيرة فيكون حينئذ يساوي (19) تسع عشرة بالواحدة الصغيرة، فتنبه.
المربع ((
تم
تك +
تم + + +
تك +
تك
تك
تم + **
ويكون الشروع في التلحين عليه إما من أوله (كغصن بان) (الحجاز) أو بعد ترك التم والتك الأولين (كماس عجبا بدري) (السيكاه) - وهو يساوي (13) ثلاث عشرة من الواحدة الصغيرة وبعضهم يحذف التك الذي قبل التم الأخير ويضع بدلا عنه مسافة.
النوخت الهندي ((
تم
تم +
تم +
تم +
تك
تك
تم +
تك
تم +
تك
تك **
ويكون الشروع في التلحين عليه من أوله (كيا غزال ملك) (الحجاز) - وهنا أيضا شيء وهو أن هذا الوزن إذا عددته وجدته يساوي (4) أربعا من الواحدة الكبيرة - ولكن حين التلحين عليه يصعب جدا إلقاؤه على الواحدة الكبيرة أو المتوسطة؛ ولذلك حينما يراد ربطه بالنوتة يأتي في داخله وزن 3 من 4 - مما يثبت أن بداخله أوزانا لا تأتي على الواحدة الكبيرة أو المتوسطة. ويساوي (16) ست عشرة من الواحدة الصغيرة.
النوخت ((
تك
تم +
تك
تك
تم + **
ويكون الشروع عليه إما من أوله ك(يا غزالا قد أعار الظبي تكحيل العيون) (الحجاز) - أو من التم الأخير (كيا نسمات الصبا) الأوج - وهو يساوي (7) سبعا من الواحدة الصغيرة.
هذه هي الأوزان المصرية التي تأتي على الواحدة الصغيرة - ولنذكر لك أسماءها؛ لتثبت في ذهنك وهي: (الأوفر) - و(المربع) - و(النوخت الهندي) - و(النوخت).
ويكتبون هذه الأوزان في النوتة الإفرنجية بحسب العدد الأولي الموجود في البسط على المقام الثابت وهو (4) أربعة فيقال 7 من 4 و 13 من 4 - إلخ.
أما الأوزان التي تأتي على نصف الصغيرة فهي:
الظرفات ((
تم /
تك / /
تم /
تم
تم
تك / / **
ويكون الشروع في التلحين عليه من أوله (كالشوق أعياني) (ألبسته نكار) - ويساوي (13) ثلاث عشرة بنصف الواحدة الصغيرة - وبعضهم يكتبه (13) ثلاث عشرة من الواحدة الصغيرة؛ لأجل زيادة الطرب وعدم السرعة في الإلقاء فيكون هكذا: ((
تم + +
تك + +
تم +
تم
تك
تم
تك + + **
ولم أدر من أين جاء لحضرة ذاكر بك أنه (16) ست عشرة بنصف الواحدة الصغيرة - وهو لا يأتي مطلقا ست عشرة بالصغيرة ولا بنصفها.
السماعي الثقيل ((
تم / /
تك /
تم
تم
تك / / **
ويكون الشروع في التلحين عليه من أوله (كمائس الأعطاف تيمني) (الحجاز) أو من المسافة التي قبل التك مباشرة (كلي في ربا حاجر غزيل أغيد) (الراست) - أو من التيمن بالابتداء من أولهما (كزارني منيتي فطاب وقتي) (الجهاركاه) - وهو يساوي (10) عشرا بأنصاف الواحدة الصغيرة.
السماعي الدارج ((
تم
تك
تك
تم
تك / **
والشروع في التلحين على هذا الوزن من التم الأول - (كأدر راحتي) (الأوج) - ولكن من الغريب أن هذا الوزن مع صغره أي انه لا يساوي إلا (6) ستا من أنصاف الواحدة الصغيرة - قلما أسمع عليه من المغنيين أو المشتغلين بهذا الفن ألحانا مضبوطة - فمرة يدخلون من أوله - وأخرى من التك الأخير - وآونة من مسافته - فالأجدر بهم أن يلتفتوا إلى ضبط الأوزان أخص بالذكر منها الصغيرة التي يتهاونون فيها ازدراء فتسقطهم - فإن الآذان متعودة على سماعها أكثر من الأوزان الكبيرة - فإذا توفر فيها شروط الصحة كان موقعها في الآذان أطرب وأحلا - وهذا الوزن إذا أريد دقه على مهل لزيادة الطرب فيكون يساوي (6) ستا من الواحدة الصغيرة ويوضع هكذا. ((
تم
تك
تك
تم
تك + **
السماعي السربند - الطائر ((
تك
تم / **
ويكون الشروع في التلحين عليه من التم الذي بعده المسافة (ساعد الغزال المخضوب) (الحجاز) - وهو يساوي (3) ثلاثة من أنصاف الواحدة الصغيرة.
فتكون الأوزان المصرية التي تأتي على أنصاف الواحدة الصغيرة هي: (الظرفات) - و(السماعي الثقيل) و(السماعي الدارج) - و(السماعي السربند) - و(الأقصاق).
ويكتبون هذه الأوزان في النوتة الإفرنجية بحسب العدد الموجود في البسط على المقام الثابت وهو (8) ثمانية - أي أن (الروند) كما قسم إلى (2) اثنين من الواحدة المتوسطة - (4) أربعة من الواحدة الصغيرة - يقسم أيضا بالضرورة إلى (8) ثمانية من أنصاف الواحدة الصغيرة وهو المراد فقال: - 6 - من - 8 - و - 3 - من - 8 - و 9 - من - 8 - إلخ.. فتنبه.
وإلى هنا انتهت الأوزان المصرية التي تلقاها الخلف عن السلف. ولكنهم أضافوا إليها أصول (الأقصاق) - المعروف في مصر (بالإفرنجي) ويضعونه هكذا. ((
تم /
تك /
تم /
تك /
تك **
ويكون الشروع في التلحين عليه في أكثر الأحيان من بعد ترك التم الأول ومسافته - (بأبي باهي الجمال) (الأوج) - وهو يساوي (9) تسعا من أنصاف الواحدة الصغيرة.
وحيث إن في كتابنا هذا موشحات من مقامات تحتاج إليها مصر على أوزان تركية وشامية، فسنذكرها أيضا لزيادة الإفادة ضرورة كيما تحافظ على أصولها الملحنة عليها - كما تلقيناها على حضرة أستاذنا الشيخ أحمد أبي خليل القباني - والشيخ عثمان الموصلي وأساتذنا الأتراك. ((
دم +
تك + + +
تك +
دم +
دم +
تك +
تكه +
دم +
دم
دم
تك +
تك +
تك +
تم +
تاهك + + +
تكه +
تكه +
دم +
تكه +
دم +
دم
دم
تك +
تك +
تك +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه +
دم +
دم +
تك +
دم
تك
تكه
دم
تك +
تك +
تك +
دم +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه +
دم + + +
تك +
دم + + +
تك +
دم + + +
دم +
تك +
دم +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه + **
ويكون الشروع في التلحين عليه من التم الأول - (كوكل دوشوب خم كيسوي ياره قالمشدر) - بستة مقام (محير) - وهو يساوي (60) ستين من الواحدة المتوسطة - وهذا الوزن يحتوي على خمسة أصول متنوعة، وهي بالترتيب من الأول هكذا: - جفته دويك - وفاخته
9 - وجنبر
10 - ودور كبير - وبرفشان
11 .
الثقيل ((
دم + + +
تكه + + +
دم + + +
تكه + + +
تكه + + +
دم + + +
تكه + + +
دم
تك
تكه
دم
تك + + +
تك + + +
دم + + +
دم + + +
تك + + +
دم + + +
تك + + +
تك + + +
دم + + +
تكه + + +
دم +
دم +
تك + + +
دم +
تك +
تكه +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه + **
ويكون الشروع في التلحين عليه من التم الأول (يا متى العين ترفق) - (عجم عشيران) - وهو يساوي (48) - ثمانيا وأربعين من الواحدة المتوسطة.
الدور الكبير ((
دم + + +
دم + + +
تك + + +
دم +
تك +
تكه +
دم +
تك + + +
تك + + +
تك + + +
دم + + +
دم + + +
تك + + +
هك + + +
تكه + + +
تكه + + + **
ويكون الشروع في التلحين عليه من التيم الأول - (بركشاي معدات خاقان دوران دائما) - (عجم عشيران) - وهو يساوي - (28) - ثمانيا وعشرين من الواحدة المتوسطة. وله كيفية أخرى في الوضع - ولكن هذه هي المصطلح عليها عند إجراء العمل.
الرمل ((
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك +
تك +
تم +
تم
تم
تك + + +
تك +
تك +
تم +
تك +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك + **
والروع في التلحين عليه من التم الأول منه - (أي ظبي لوا) - (نهاوند ) - وهو يساوي (28) ثمانيا وعشرين من الواحدة المتوسطة - هكذا تلقيناه على حضرة أستاذنا الشيخ أحمد أبي خليل القباني - أما أساتذتنا الأتراك فيدقونه هكذا: ((
تم + + +
تك +
تك +
تم + + +
تك + + +
تكه + + +
دم + + +
تكه + + +
دم
تك
تكه
دم
تك + + +
تك + + +
دم +
تك +
دم +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه + **
والخلاف بين الاثنين في مواقع التمات والتكات فقط.
المخمس التركي ((
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تم
تم
تك +
تك +
تم +
تك +
تك +
تم +
تك +
تم +
تك +
تك + **
والشروع في التلحين عليه من أوله - (يا من رمى القلب وسار) - (عجم) - وهو يساوي (16) ست عشرة من الواحدة المتوسطة. هكذا تلقيناه على حضرة الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل - أما الأتراك فيضعونه هكذا: ((
دم +
تكه +
دم +
تك +
دم +
دم +
تك +
تكه +
دم +
تك +
تكه +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه + **
الورشان التركي ((
دم + + +
تك +
دم + + +
تك +
دم + + +
دم +
تك +
دم +
دم +
تاهك + + +
تكه +
تكه + **
ويكون الشروع في التلحين عليه من التم الأول - (آه من جور الغوالي) - (عجم عشيران) - وهو يساوي - (16) ست عشرة من الواحدة المتوسطة.
الدور الروان ((
تم
تك
تم +
تك +
تم
تك
تم +
تك +
تم +
تك +
تم +
تم
تم
تك +
تم +
تك +
تك + **
والشرع في التلحين عليه من أوله - أي: من التم - (اشطح وهم يابن ودي) - (نهاوند) - وهو يساوي (14) أربع عشرة من الواحدة المتوسطة - ولكن من الإشكال أن حضرة ذاكر بك كتب في كتابه أنه تلقاه على حضرة المرحوم (محمد أفندي عثمان) (12) اثنتي عشرة من الواحدة المتوسطة - مع أننا تلقيناه على حضرة أستاذنا الإمام الشيخ أحمد أبي خليل القباني (14) أربع عشرة - وأساتذة الأتراك الموثوق بدقة بحثهم في هذا العلم سيما وإن الوزن لهم يضربونه (14) أربع عشرة أيضا - وكتب الأتراك المذكور فيها هذا الوزن بنصه (14) أربع عشرة - فإن كان حضرة البيك المذكور يمكنه أن يسمعنا التلحين الذي على وزنه الذي كتبه (12) اثنتي عشرة - اعترفنا بأنه يوجد (دور روان) آخر بغير الكيفية التي يعرفها أرباب هذه الصناعة - أما إذا كان مجرد نقل وكتابة ، فلا عبرة بما كتب وأرجوه السماح؛ لأني ولو كنت صغيرا غير أني لا أقتنع إلا بالبرهان - ولا أكتب إلا بعد التحري والتثبت الشافي كما وإني لا أتلقى الوزن إلا بناحيته. كما وأنه لا يغرب عني بأنه يوجد شكل آخر اسمه (دور رواني) - وهو يساوي (26) ستا وعشرين من الواحدة المتوسطة.
الزرفكند ((
تم +
تك +
تم
تم +
تك +
تك + **
والشروع في التحلين عليه من التم الأول - (عيد المواسم) - (كردان) - وهو يساوي (11) - إحدى عشرة من الواحدة الصغيرة.
السماعي الأقصاق ((
تك
تك +
تم
تم
تك +
تك
تم + **
والشروع في التلحين عليه من التم الأول - (شجني يفوق على الغصون) - (الأوج) وهو يساوي (10) عشرا من أنصاف الواحدة الصغيرة.
الدور الهندي ((
تم
تك
تم /
تك / **
ويكون الروع في التلحين من التم الأول - (ارتشف بنت الدنان) - (الحجاز) وهو يساوي (7) سبعا من الواحدة الصغيرة.
وفي الطبعة الثانية لكتابنا هذا إن شاء الله سنضع باقي الأوزان التركية - مع وضع على قدر بستانها أوزانا شعرية عربية؛ حتى نكون خدمنا هذا الفن بمصر خدمة يكافئنا عليها المولى الكريم جل ثناؤه، الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا - وهو الذي ألهم مثل عطو فتلو أفندم العالم الجليل، والرياضي الموسيقي النبيل، حميد السجايا والمناقب. (إدريس بك راغب) لمساعدتنا في تتميم هذا المشروع العظيم لحيله إلى نشر العلوم واهتمامه ببث الآداب - وهو الوحيد في مصر الذي يعضد جميع المشروعات المفيدة؛ فكم - والحق يقال - قلد جيد وطنه بجليل الأعمال ما تعجز عن مباراته فيه فحول الرجال، بيد أنه لا يريد بذلك جزاء ولا شكورا غير الخدمة العامة والأخذ بأيدي العالمين من أصحاب الأفكار السامية والفنون النادية تنشيطا لهم وحبا لغيرهم على الاقتداء بهم في الجد والعمل - أبقاه الله لهذه الأمة ما بدأ ضوء الهلال وتوالى الفتيان.
هوامش
الفصل الثالث عشر
فصل في آداب المغني والسامع
اعلم أنه ينبغي للمغني عند دخوله مجلس الغناء أن يكون متأدبا؛ لأنه لا يخفى أن هذه الصناعة صناعة أهل الذوق والفطنة والأدب - وأن يكون مجملا بالثياب النظيفة المفرحة المعطرة - وأن يكون بشوش الوجه عذب الألفاظ - وينبغي له أن لا يتعاطى مسكرا قبل غنائه أو في أثنائه؛ لأن ذلك ربما يدهش عقله ويمنعه من معرفة إيقاع الأنغام والأوزان في محلها - وربما يتكلم في المجلس بما لا يليق بسبب سكره مع أنه نديم المجلس وزينته، وأن يكون له دراية بضرب (الدف) لأن سير الغناء وآلات الطرب عليه بحيث لو اختل الدف في ضربه لاختلت الآلات وفسد الغناء - ولكن لما كان جل رؤساء (التخوت) أصحاب الأجور الكبيرة لا يعرفون إلا بعض الأوزان الصغيرة - ومعرفتهم في الضرب على الدف مقصورة جدا - أراحوا أنفسهم من هذا العناء بأن جعلوا لهم في التخت دقاقا مخصوصا - واكتفى بعضهم بضربه على العود - حتى إذا ما ترك العود قليلا وأراد أثناء الاشتغال أن يمسك الدف يظهر خطؤه حالا لكل ذي بصيرة وعلم - أقول ذلك وأنا على يقين منه - فعسى أن يتركوا الكسل والغطرسة جانبا ويتعلموا من الصغار الذين يشتغلون معهم بأقل الدريهمات (الأوزان) لأنها الجزء الثاني من صناعة هذا الفن الذي لا يتم إلا به (وذكر أن نفعت الذكرى).
ويجب على المغني أن لا يخرج بصوته دفعة واحدة بل ينتقل شيئا فشيئا - وإذا وجدت الآلات مع المغنين فيلزم أن تكون جاهزة للعمل قبل دخول المجلس؛ لأن التصليح فيه مما تمله وتسأمه النفوس خصوصا في أول الليل - ثم ينظر إلى حال السامعين ويغني لهم بما تألفه نفوسهم ويطربون منه - ومن كمال المغني أيضا أن يكون حسن الشمائل في الغناء، فمن ذلك حسن نصبته في الجلوس، فإنه إن لم تكن نصبته معتدلة أثر ذلك في صوته نقصا وفسادا - ولا يصلح أن يغني مستندا ولا متكئا؛ لأن ذلك يضعف صوته ومتى مالت الحنجرة ولا ينحني - ولا يتقاعس - ولا يتثاءب - ولا يحرك يديه ولا رجليه - ولا يتمايل ولا يشنج وجهه - ولا يجهد نفسه حتى تنتفخ أوداجه وتزور عيناه (ككثير من الفقهاء القباح الذين يتركون الاشتغال بالقرآن الكريم ويتمسكون بعلم الغناء والحال أنهم لا يدرون منه شيئا وهم من يسمون بأولاد الليالي) - ولا يتحرك ألبتة من جهة إلى أخرى - ولا يظهر عليه أنه مستحسن لما يقول (كبعض مغني عصرنا الحديثي العهد في الفن) يجمع على أدب النفس أدب الدرس وصلف النفس - وتجنب الإكثار من الشراب - ولا يمعن في تناول التنقل واستعماله كثيرا على الشرب؛ فإنه ينفخ ويفجج الشراب ويدعو إلى القيء ويحط من قدر صاحبه - قال بعض الظرفاء لشخص رآه يكثر من التنقل في مجلس الشراب: إنك تشرب النقل وتتنقل بالخمر. وينبغي للمغني أن يكون عفيف الطرق والفرج قليل الحديث مجتهدا في ترك المزاح وكتمان السر، وأن لا يقول وصلني فلان وأعطاني فلان وحضرت البارحة الموضع الفلاني وجرى لنا كذا وكذا، فإنه إذا مدح رئيسا يحضره رئيس وفخم الأول فقد هجا الثاني وصغر إليه نفسه - وأن لا يطلب شيئا، فإن لم يكن عن ذلك مندوحة فلا يسأل في شيء يصعب؛ فإنه إن منعه صارت وحشة، وإن أعطاه مقت وثقل - وأن لا يلاحي مغنيا حضر معه، ولا يفاخره ولا يرد عليه غلطا فيفيده علما ويكسب عداوته، وربما أنكر الرد وكابر على الخطأ ووقعت العصبية وجرى ما لا يتلافى - ويحتاج أن يكون أيضا بصيرا بالغناء والثياب والجوهر والسيوف والخيل والطيور الصائدة والفرش والكتب والعلوم - فإن حضر الأمير شيء وسأله عنه عرف جواب ما يريده منه ولا يتكلم إلا جوابا - إلا أن يستدعي منه المذاكرة والمطاولة في الحديث ولا يحكي ولا يستخف ولا يتبذل ولا يقلع ثيابه ولا يتروح - ولا ينتقل من الموضع الذي رسم له - ولا يكثر القيام لحاجاته - ولا يراسل ستارة أو شباكا - ولا يشرب والأمير يشرب إلا إذا أمره - وإن قام فيحمل آلاته معه - ولا ينام عند رئيس - فإن نام فلينم مع جماعة - وإن غنى فليكن غناؤه بما يشتهي الرئيس دون من في المجلس - وإذا سأله أحد أن يغني لا يقول والله إني مريض - ولقد غنيت كثيرا أمس مثلا - من هذه الاعتذارات الباردة التي تثقل على السامع - خصوصا إذا كان من يطلب منه الغناء يعرفه - فإن كان لم يسمعه قط وكان مرضه صحيحا اعتذر له بعذر غير هذا - كما أنه لا يكثر من وضع رباط على رقبته بدون مرض ليوهم الناس أنه مغن مجيد وحريص على صوته الرخيم جدا الذي ربما يستحسن صوت الحمار بجانبه
1 .
وأحسن ما كان الافتتاح في حضرة الأمراء والكبراء بالدعاء والثناء - أي أنه يلحن على كلام المديح ألحانا تشابه افتتاحيات التياترات - وأن يصاغ شعر كهذا مثلا.
أسلم سلمت أمير المؤمنين ولا
يسلم عدوك إن الله خاذله
ومثل:
وعلى عدوك يا ابن عم محمد
رصدان ضوء الصبح والإظلام
ومثل:
والله أظهر منك نورا ساطعا
فبدا وأطلع منك نوا ممطرا
ومثل:
فما أطيب الأيام ما عشت سالما
وأيسر ما يأتي به الدهر من خطب
ومثل:
أنتم سماء الفخر فافتخروا
وفي ذرى المجد أنجم زهر
ومثل:
قد تناهيت في المكارم والجود
وحزت المدى فأين تريد
ومثل:
ألم تر أن الله أعطاك سورة
ترى كل ملك دونها يتذبذب
ومثل:
أنتم ذوو النسب القصير فطولكم
باد على الكبراء والأشراف
والراح إن قيل: ابنة العنب اكتفت
بأب عن الأسماء والأوصاف
ثم يقابل المغني الأوقات التي يقع فيها الاجتماع بما يشاكلها فيغني في آخر الليل مثلا من (الراست):
رب ليل سحر كله
مفتضح البدر عليل النسيم
ويغني في الصبح:
أصبح اليوم كما
يهواه أهل الصبوح
ويغني في البساتين والرياض:
ولما نزلنا منزلا طله الندى
أنيقا وبستانا من النور خاليا
ويغني في اليوم الطرير:
ويوم من الزمهرير مقرور
عليه جيب السحاب مزرور
ولكن من الغريب أن أكثر الناس أيضا إذا سمعوا أشعار العرب التي قيلت في الديار والرسوم. والآثار والمرابع والأوطان والأطلال والدمن وصنعة الخيل والإبل والوحش والوقائع والثارات والأيام والأعلام والمهامه والسباسب والبيد والقفار يضحكون منها ويستبشعونها؛ لأنها تبعد عن أفهامهم ولا يؤثرون من الأشعار إلا ما كان ركيكا وفي الغزل والروض والخمر والقيان والمجالس لقرب ذلك من أفهامهم، وسرعة ملاءمته لألفاظهم - فيحتاج المغني بهذه الصناعة على الارتياض بالنظر في النحو واللغة، واستفهام الغامض من كلام العرب ومعاني أشعارها وألفاظها ليسهل عليه حفظها وفهمهما؛ فإنها أشعار جزلة فحلة كأنها نحت من صخر تتضمن أخبار العرب ووقائعهم وأثمالهم وأقوالهم وأخلاقهم ومفاخرهم وكرمهم وأنسابهم وأحسابهم، ولكن على شرط أن لا يغنيها إلا لمن يفهمها ويقدرها قدرها - كما وأنه من العيب البين على الأديب أن يطلب الكلام الركيك ويترك الشعر الجيد.
أما ما يجب على الملحن، فهو أن يعتمد العناية بوضع الأشعار فيما يشاكلها من الألحان - فما أغفل ذلك لم يعتد له بكبير فضل - قال قيدرس: الموسيقار الفاضل يجلب اللحن نحو المعنى ومتى لم يقدر الموسيقار على أن يجلب إلى معنى النفس بالشعر جسد اللحن، فليس هو بموسيقار كامل إذا كان شاعرا - فإن لم يكن شاعرا وكان صاحب لحن فقط فعلى الشاعر أن يخرج معنى النفس بالشعر وعلى الموسيقار أن يلبسه لحنا مشاكلا له - وقد تكون الأشعار أصنافا عدة في الفخر - والشجاعة والزهد - والغزل - والصيد - والشرف - والحزن - والمراثي - والثارات - والقدر - والوفاء - والفرقة - والاجتماع - والغرام - والسلو - وصفة الخيل - والزهر - والمياه - والبرك - والبحار - والبساتين - والنزه - والبعد - والقرب - والظفر - والفتح - والرياض - والحسد - والكتمان - والمصافاة - والكرم - والمواساة - والتهنئة - والدعاء - والحال - والثياب - والدواة - والقلم - والكتابة - والبلاغة - والخطابة - والسياسة - والحلم - والرياسة - والشرف - والأعراض - والشراء - والحدق - والقصور - والقدود - والنهود - والأرداف - والتثني - واستنجاز الوعد - والادكار بالحوائج - والحث - والحمية - والتحريض - والتعزية - والتسلية - والحضور - وماشا كل هذه الأحوال، وما يخلو أحد من أن تكون حالة متعلقة بشيء من هذه الخلال - ولكل معنى فيها ما يشاكله - فسبيل المغني أن يضع على كل معنى ما يليق به - فإن مدح فخم - وإن ذكر الوقائع أرهب وأرعد وأبرق - وإن ذكر الغزل رفق - وإن رثا ناح - وإن ذكر الموتى بكى - وإن ذكر الشباب تأسف - وعلى هذا المعنى يكون اعتماده.
وفي الألحان ما يحدث الانبساط - وما يحدث الانقباض وما يحدث الحركة - وما يحدث السكون - فأما الشكل الانبساطي، فهو الشكل الفخري الذي ينبئ عن المجد والنجدة وعلو الهمة وشرف النفس
2
وقد امتحنا بأنفسنا مقامي (الراست والعجم) فوجدناهما لائقين بما تقدم - وأما الشكل الانقباضي فهو الشكل الشجوي الذي يحزن ويبكي ويكمد ويشعر الإنسان عند سماعه بالجبن والخوف (العشاق - الجهاركاه) - وأما اللحن الكوني فهو المنبئ عن السكون وهدوء النفس وسلامتها ودعتها (النهاوندي - الصبا) - وأما الشكل السروري فهو الذي ينبئ عن تحريك النفس وجذلها (الأوج) - مع مراعاة أن الأوزان السريعة هي التي تحرك النفس إلى النشاط والتهيج - بخلاف الأوزان البطيئة فإنها تسكن الأعصاب - فعلى الملحن المجيد أن يضع النغمات على الأوزان التي تشاكلها - كذا لكل هذه النغمات والأوزان من الأشعار ما يوافقها.
والطريقة الموصلة في وقت قريب لمن يريد معرفة أسرار التلحين هي:
أولا:
يجب على من يريد معرفة سر التلحين ليلحن - أن يكون حافظا لمئات من الموشحات العربية والبستات التركية والبيشروات والأدوار والطرق وإلى غير ذلك من جميع المقامات؛ ليعلم كيف فعل الأولى سلفوا.
ثانيا:
أن يكون عالما يعلم التصوير أي نقل الطبقة من مقام إلى مقام آخر.
رابعا:
أن لا يستقبح تلاحين الأجانب، فإنه بالتعود على سماعها تصير عنده ملكه التمييز، فيعرف ثمة الحسن منها والردى.
خامسا:
يلزم أن يكون له معرفة بالأوزان، وما يصلح منها للحركات البطيئة والسريعة لتساعده على الكيفيات الموسيقية من حماسية ومسكنة ومفرحة ومحزنة إلخ.
سادسا:
أن تكون له ملكة التلحين؛ كي يكون تلحينه مقبولا عند الناس.
والطريقة المثلى للملحن الماهر - هو أن يفرض بأنه واضع جميع ما يحفظه من التلاحين من المقام الذي يريد التلحين منه أمامه - كأنها أثواب محاكة من حرير وصوف وكتان وقطن إلى غير ذلك - وكل ثوب منها مركب من كل هذه الأصناف مثلا - والغرض انتخاب الحرير من كل ثوب أي انتخاب القطع المطربة من كل تلحين منها - الملحن المتمكن الذكي يمكنه أن يلتقطها وبعلمه يربطها ببعضها بمناسبات نغمية - فتكون الخلاصة قطعة غاية في الطرب والإتقان لتزاحم القطع المطربة فيها. وفي هذه القدر كفاية لقوم يفقهون.
يروى أن الواثق سأل إبراهيم بن ميمون الموصلي عن التلحين؟ فقال يا أمير المؤمنين: أمثل الطرب بين عيني وأخلي من الفكر خاطري، وأسلك إلى الألحان بدليل من المعرفة فلا أرجع خائبا، فقال: له بحق تقدمت.
وقد سأل الحسن بن الطحان نفس هذا السؤال فأجابه: - إذا أردت التلحين أجريت سوابق الأشعار في ميدان الأفكار بعد أن أخلي خاطري من خواطر الأفكار الرديئة، فأنتخب أغزلها وأجزلها شعرا فألبسه حلل الألحان حلة بعد حلة فأي حلة رأيته متهللا مشرقا فيها أفضتها عليه، وحليت جيده بجواهر النغم وجلوته على سمعي وتأملته بعين معرفتي فإذا رزق حظوة الرضا، وسلم رأيي فيه من الهوى أظهرته للوجود وغنيته مرتادا للجود - فأعجب بهذا الكلام ووصله وخلع عليه - وبلغ باقي المغنين ذلك فكادوا يموتون حسدا.
ولي كلمة هنا لأبناء فن الموسيقى في مصر وهي:
أرجوكم بلسان كل محب لرقي هذا الفن أن تتركوا التحاسد الذي بلغ بينكم أقصى غاياته، وأن تتمسكوا بالوئام والاتفاق وتجتمعوا على المحب والألفة وتتفقوا في المحافظة على شرف الفن ورفع شأنه - وأن تنسوا المخاصمات والمشاحنات الواقعة بينكم - وبدلا من أن تقولوا إذا سئلتم عن أحد أنه غبي جاهل لا يعرف من قواعد الفن شيئا - أن تقولوا له: مجيد في صناعته جاد في إتقانها مثلا - حتى لا تثبط همته ويثابر على عمله بجد ونشاط، ولكي لا يعرف منا الغير موضع الضعف والخطأ، فيذكروه لنا وقت المجادلة. ومن جهة أخرى أقول: ولا تثريب علي اليوم بأن سمعتكم لدى الناس صارت رديئة، وكرهكم لبعض سارت بذكره الركبان فضربت به الأمثال في جميع الأصقاع والبلدان - وفوق ذلك فإنهم يتهمونكم بأنكم ذوو نفوس صغيرة لا تميلون إلى منفعة بعضكم البعض ولا ترغبون في أن يظهر من بينكم نابغة تنتفعون بعلمه وينتفع الناس بعمله - وإن معاشرتكم لبني طائفتكم أساسها النفاق - وأعمدتها المداهنة والخداع، وهذا القول - والحق يقال - جارح لإحساس كل حر شريف ولهجة الناس به مرارا ضربة شديدة على الفن وازدراء بأهله وتحقير لمن يود أن يتصف به وينسب إليه.
فيا أرباب الطرب والكياسة والأدب أني لا أحب من صميم فؤادي أن تتصفوا بهذه الصفات الممقوتة من الله والناس - فأسألكم بحق رابطة الفن وجامعة الصناعة أن تكملوا أنفسكم بمحاسن الأخلاق وأحاسن العادات، وأن تتركوا ظهريا وساوس الشيطان وما يبثه في صدوركم من الغل والحقد وأن تنزعوا من أفئدتكم أدران النميمة والوقيعة بإخوانكم حتى تصل بكم إن شاء الله في القريب العاجل إلى ذروة كمال هذا الفن وإتقانه.
هذا ما يجب على المغني والملحن باختصار وإيجاز. أما ما يجب على السامع فهو: - يجب على السامع إذا دخل مجلس الغناء أن يكون بشوش الوجه مرحبا بالمغنين؛ لأنهم زينة المجلس وعليهم يتوقف سرور الجميع - ولا ينبغي له أن يقطع على المغني غناءه ليطلب دورا يحبه - ولعدم معرفته أصول الفن لا يدري أن الآلات تحتاج إلى تصليح - وأن المقام المصلحة عليه الآلات قد حلا وتمكن من آذان المغنين - وأنه غير المقام الذي يريد منه دوره - الذي إن لم يقله المغني ربما تزمر وتآمر مع أصحابه على معاكسته طول الليل، فليست كل هذه الأفعال من شيم الكرام - وإن كان لا مندوحة من طلبه، فليكن قبل تصليح الآلات - كما أنه لا يجوز له أن يصيح بكلمات التأوه قبل انتهاء الحركة - وأن لا يحتقر مغنيا، أو يرى أنه أرفع مقاما من أن يسلم عليه لا، فإن المغني إذا كانت خلاله شريفة، ولا يفعل فعلا يخل بالمروءة، فقد وجب احترامه ويكون لا فرق بينه وبين الطبيب - والرسام - والمحامي - وغيرهم من ذوي الفنون الجميلة - فالموسيقيون والممثلون في أوربا غاية في التجلة والتعظيم - ولكن أبى الله إلا أن نقلد الغربيين في رذائلهم ونترك محاسنهم - كما أنه لا ينبغي له أن يتنافس مع آخرين في أن المغني سيغني دوره الذي طلبه دون؛ سواه لأنه صاحبه أو عزيز لديه - بل يعلم أن المغني غير ملوم في أي شيء مطلقا؛ لأنه لو أراد أن يغني لكل واحد ما يريد لما تأتى له أن يرضي الجميع إلا في عشرة أيام على الأقل لتعدد الطلبات واختلاف النغمات - هذا من جهة - ومن جهة أخرى إذا لم يكن المغني مطروبا وراضيا عما يقول، فقلما يمكنه أن يطرب أحدا - وأكرر النصح والمقال وإن ألقيته أيها السامع في زوايا الإهمال أن لا شيء أصعب وأثقل على المغني من تكرير الطلبات أو ادعائك علم النغمات فتقول مثلا (الله كمان
3 ) هذه الحركة الجهاركاه - وتكون هي في الحقيقة عراقا) - كما أنه يجب عليك أن لا تسكر كثيرا وتقف على التخت ماسكا بعود المغني أو يده ليقول لك ما تريد أو يعيد ما قال من هذه الأمور التي تستدعي عكس ما تطلب في أكثر الأحيان - بل الواجب عليك أن تراعي إحساساته وتنشطه بكلامك العذب الرقيق؛ ومن ثم ينشرح صدره فيطربك بما يفتح الله به عليه
4 - وليعلم الذين يعرفون قيمة السماع الحقيقي وليس بالتقليد، وجل غرضهم أن يرفعوا بأبصارهم إلى الشبابيك أو أن يظهروا أربطة الرقبة الحريرية الحمراء و(الياقات) العالية البيضاء والأحذية الضيقة الزرقاء وتجعيد الشعور والخواتم الألماس - ثم يمنوا على المغني بعد كل نصف ساعة بلفظة (آه) في غير محلها - أن يمعنوا النظر ويدققوا الفكر ويعلموا أن الطرب الحقيقي في البيشراوات والموشحات إذا قيلت على مهل وباعتناء حتى تفهم ألفاظها ومعانيها - وليس في الأدوار كما يظنون إلا ما كان منها متينا (كمليك الحسن - الحجاز كار) للمرحوم (عبده أفندي الحمولي) - و(في هواك أوهبت روحي) (الراست) للشيخ محمد عبد الرحيم - أقول ذلك لأني شاهدت بنفسي مرارا أن بعضهم يقطع على المغني الموشحات البديعة التلحين المتينة الألفاظ والمعاني ليطلب دورا غاية في سخافة الألفاظ وضعف التلحين.
ومن أقبح ما ترى العين وتسمع الأذن أن يقاطع المغني متشاعر يدعي الخطابة فيضايق المغني والسامعين بوريقة لفق فيها بضع أبيات من الشعر الركيك أو النثر المستهجن فوقف موقف الخطيب ونعق نعيق الغراب، ونادى بما لا يسمع ولا يجاب - ولا بد أن يصادف مثل هذا الأحمق صفير أو تصفيق وكلاهما من علامات الاستهجان وإشارات عدم الاستحسان - إلا إذا كان التصفيق في النهاية؛ فإنه يكون استحسانا ممقوتا أيضا؛ لأنه غير منطبق على عوائد الشرقيين وعلى من يضيع هذا الغر على السمر والمتسامرين هزيعا من الليل لسماع كلمة الهراء الذي لا يجدي نفعا.
والأغرب أنه لا يكاد يجلس هذا الخطيب الصقيع الذقن حتى ينهض بعده مهزار يقابله آخر مثله خفة وظرفا فيتبادلان أنواع الشتائم والقذف المسمى عندنا (تنكيتا) ويأخذان على ذلك مكافأة من صاحب العرس يحرم منها الخطيب الأول حيث يتساوى الجميع على مائدة الطعام - فالأجدر بنا أن نقتلع جذور مثل هذه العوائد؛ فإنها من رأينا من مقدمات المفاسد.
هوامش
الفصل الرابع عشر
فصول مهمة ومباحث ضرورية عمومية جدية بالالتفات التام
فصل في التحذير عن الأخذ من أصحاب قهاوي الحشيس المعروفين (بالصهبجية)
كان بودي أن لا أحوم حول هذا الموضوع وأتحاشى الخوض في عبابه؛ لبعده أصالة عن خطة كتابي هذا - غير أن للضرورة أحكاما، فاعلم سيدي - حفظك الله وألهمنا جميعا لما فيه الخير - أن بعضا من المشتغلين بهذا الفن حينما لا يعرفون حقيقة وزن تلقوه على شخص غير خبير بدقائق هذه الصناعة يضعونه بأنفسهم على أي وزن كان (كالمخمس) أو (المدور) أو غيرهما - وبهذه الكيفية الملفقة فسد كثير من الموشحات البديعة - أقول ذلك عسى أن يتنبه أولئك فيتركوا التمسك بالمكابرة التي تضلهم عن طريق الصواب - ويستبدلوها بالأخذ عمن يوثق به من الأساتذة. فإن العلم الصحيح - والشهرة الحقة - لا يأتيان مطلقا بالسهل لك من أخذ عن أصحاب (تلك القهاوي) - وليست كلمة: (متفنن) أو ما يماثلها - يتصف بها كل من حفظ بعض الموشحات مشحونة بالخطأ - كما يفعل ذلك بعض المشايخ والطلاب الأغبياء الحديثي العهد بالدخول في هذا الفن الجليل - الذين يموهون على بسطاء بأنهم من فحول العلماء - حتى إذا ما امتحنتهم أمام خبير كشف لك ستار جهلهم وظهر حالا بطلان ما يدعون.
ولأجل زيادة الإيضاح ومعرفة المطلع البصير بكنه هذه المسألة الجديرة بالالتفات سأشرح لحضرته من باب الفكاهة باختصار حقيقة أصحاب تلك القهاوي البلدية المعروفين (بالصهبجية) أو العصبجية) - وكيف كانوا قديما وما توصلوا إليه الآن.
من المعلوم أن رجال هذه الطبقة زعانف جهلاء - ومن أين لهم معرفة القراءة والكتابة اللتين عليهما مدار وقوام تعليم أي علم من العلوم وفن من الفنون - وقد شبوا فوجدوا أنفسهم بين أيدي أناس كبار السن من طبقتهم يرمون بهم في مهاوي الفساد والشرور - والنابغون منهم تلقوا بعض الموشحات على رؤسائهم في القهاوي (كسعد دبل ) و(محمد الحضري) وغيرهما بدون أوزان - ولم يزل هذان الرئيسان موجودين للآن ويربو عمر كل منهما عن الثمانين - وقد اختبرتهما فوجدتهما لا يعرفان اسما لأي وزن كان.
فلما تعلم بعض الشبان الموشحات على أوزانها منا وصاروا يغنون بها في أخريات الليل في حالة أنسهم ونشوتهم في تلك القهاوي - تنبه أصحابها إلى أن هناك أوزانا منظومة عليها تلك الموشحات وهي التي تحدث الطرب المطلوب البعيد عنهم - فأخذ بعضهم بطريق السرقة أو التودد بضعا من هذه الأوزان
1
وفي مدة عشر سنوات انتشر أكثرها - هذا من جهة الأوزان - أما من جهة تنغيم تلك الموشحات فحدث عن الخطأ البين والتبديل والتغيير فيه ولا حرج، وهم معذورون في ذلك لأسباب:
أولها لعدم استعداد أصواتهم لهذا الفن - ثانيا لعدم أخذهم ممن يوثق بالأخذ عنه.
ولرب سائل يقول: وما هو السبب في اجتهاد هذه الطبقة في حفظ تلك الموشحات بعد أن علمنا من قصورهم في المعرفة ما علمنا؟ - أقول: - أن من الناس من يصنع (عرسا) ولا مال عنده يساعده على استحضار (مغن مجيد) أو (فقيه شهير) فتجبره حالة العسر إلى وجود مثل هذه الفئة بعد أن يرتب حتما ما يلزم لهم: دكتين بلديتين أمام بعضهما في وسطهما (تربيزة) ملصوق عليها كثير من الشموع - يتخللها كاسات وزجاجات الخمر البخس الثمن - أو بعد أن يجلس المغنون ويقف السامعون - يمسك رئيسهم الدف ويبتدئ بالغناء مع أصحابه - حتى إذا ما انتهى الفصل الأول يرفع عقيرته أحد الصبية (بموال) غاية في سخافة الألفاظ وقبح المعاني وبعده الشائع عما يلزم أن يقال في مثل الأعراس، وأشهر موال عندهم هو موال يقال له موال (مهران المشنوق) - وهذا الموال هو عبارة عن واقعة محزنة يسردها هذا المغني الغبي لتعيس شنق، وما حصل له من الإهانة من فظاظة أخلاق الحرس وضيق السجن ومعاناة الموت الزؤام وتسيير الجنازة إلخ - ولولا خوفي على شعور حضرة المطلع لأتحفته به أو بغيره - كذا يشترط في مغنيهم أن يكون قبيح الصورة نكر الصوت - وبعد انتهاء الفصل الثاني الذي يغني به من مقام غير المقام الذي انتهت إليه حركة المغني السابق الذي ينطبق عليه القصيدة التي أنشأتها ودرجت في يوم الأحد 5 جمادى الثانية سنة 1323 في جريدة (الخلاعة) العدد 31 وهي:
ومغن إن تغنى
أوسع الندمان غما
دقه يدوي كصوت ال
رعد للآذان أصما
خارج عن كل وزن
يبدل التكات تما
أحسن الجلاس حظا (كل من كان أصما)
في غناء أخذه بالثأر
من موليه شتما
جاء في التنزل عنه
أنكر الأصوات حتما
صوته سوط عذاب
نستعيذ الله مما
يملأ الأسماع رعبا
ويزيد القلب هما
وهو بوق الموت للأحي
اء من يسمعه حما
ذبحة فيا كنبح ال
كلب لو أعطوه سما
إن زفا في البيت ماتت
بومة مما ألما
أو طلا بالعطر ثوبا
أنفه بالنتن نما
أثقل الناس كلاما
وأخف الناس حلما
وجهه فقر يزيل الم
ال مهما كان جما
نابه يسطو على الفو
لاذ والصوان قصما
فكه أقوى من الط
احون عند الأكل قضما
يدخل النار سريعا
إن يجد في النار طعما
سادة النادي رويدا
قد كفى صبرا وحلما
وأطيعوا الله صحبي
لا تخافوا فيه إثما
واشتروا غلا ثقيلا
وانتقوا للفم لجما
واركبوه واضربوه
فوق ذاك الرأس جزما
يأخذ السامعون في الصياح والتهليل - وتارة يكون أمام تلك (الجوقة) جوقة أخرى تماثلها في الشهرة فبعد انتهاء الأولى من الغناء يهز الرئيس الدف علامة متبعة عندهم لتبتدئ الجوقة الثانية فيه - ولكن من المحتم الذي لا انفكاك عنه واللازم الذي لا بد منه أن تضرب هاتان الجوقتان بعضهما في أثناء الليل أو في آخره؛ لأن إحداهما غلبت الثانية بضروب الأغاني - فتحب الثانية أن تغلبها بضروب العصي - وفي أثناء رنات تلك المثاني والمثالث يأتي الخفراء ويسوقون الجميع إلى الحبس - وبذا ينتهي العرس
2 .
فصل في كيفية التعليم
اعلم أن أساس التعليم وأصله وقوامه في كل صناعة الذكاء وجودة الخاطر ويقال الطبع والشهوة والميل ومعرفة المتعلم قدر الصناعة والتمييز وصفاء الذهن، فإن هذه الأمور إذا كملت في المتعلم خففت عنه وأعانته وكفته مئونة التعليم وصعوبته.
والمعلم يحتاج إلى لطف ورفق وسياسة وحلم وإقامة الهيبة بلا ترهيب، بل بترغيب وحيلة بين من يتعلم من الصبيان، ومناضلة يوقعها بينهم ومخابرة ومسابقة ومحاماة عن بعضهم ومواعيد كاذبة - أما الضرب والاستخفاف فما يجدي نفعا ولا يكاد أن ينتفع معه أحد إلا اليسير؛ لأنه يشغل الخواطر ويكمد القلوب ويحيل عن الطباع ويخرج إلى كراهة ما يضربون عليه - والغناء وهو مبني على الطرب فيجب أن يستخرج بما يشاكله لا بما ينافره - وسبيل المعلمين أن لا يكثروا على الصبيان المبتدئين بالصنائع فإن خواطرهم تتلبد وأفكارهم تتقسم، وقدرتهم تمل، وآلاتهم تكل بل يروضوهم في شيء فشيء، إلا أن يأخذوا أولا بالأصعب حتى يسهل عليهم ما بعده - ويأمره المعلم أن يغنيه، وإلا فهو ينفسد عليه بعجلته ودغدغته للجهة الصعبة التي في التلحين - وربما ينسى منه موضعا فيضعه من عنده ويثبت معه مفسودا ويتعب معلمه في قلعه تعبا عظيما - وأن يخير في الآلات فهو أسرع لتعليمه وأنجب وأنجع - ويجب على المعلم أن لا يكلف الطالب ما لا يطيق ولا يقتصر به عما يطيق فذاك هو الصواب. غير أن ترتيب طبقات أصوات المغنين والمغنيات يحتاج إلى كبير معرفة بأحسن مواقعها وتصير بحيث تظهر جواهرها - والحذر من ترك المبتدئ والتعب والتنقل وزيادة التنقل من طبقة إلى أعلى منها، فربما لحقه بحح من التعب المفرط، وبقي معه إلى آخر عمره - وإني رأيت المعلمين يجبرون الصبيان قبل البلوغ ويلزمونهم أشد الطبقات يزعمون أن ذلك أصلح لأصواتهم وهو أضر ما عليهم؛ لأن ذلك يقطعهم ويستنفذ أصواتهم - والواجب أن يكون الغناء صباحا قبل تناول الطعام - وبالعشي بعد انحداره وهضم المعدة له - ولكل صوت صنعة وموضع لا يجب تعديته إلى غيره - فإن الأصوات إذا خيف عليها كلت وانقطعت وضعفت الآلات المصونة أي (الأحبال الصوتية) وإهمال الأصوات يضربها وإغفالها والخلود إلى الراحة - والتوسط في ذلك أحسن لها. فإذا أعيدت إلى الشغل فليكن ذلك على تدريج، فإنها تعود إلى أصلها والعادة طبيعة ثانية فافهم.
فصل في كيفية اختيار من يتعلم
أما اختيار من يتعلم من الصبيان أو البنات فيلزم له الفراسة التامة - وذلك أنه لا يصلح لتعلم الغناء إلا من كان صوته شجيا، وصورته مقبولة وأعضاءه متناسبة ومحاسنه دقيقة والذكاء ينطق من عينيه ولسانه وأعضاؤه لينة وأطرافه سبطة ولسانه رقيق ولفظه عذب ومنطقه حلو ونغمته مليحة وفمه صغير وعنقه بارز وألحاظه سريعة وكلامه سالم من اللثغ والرنة والخونة والتشدق والكذب والنميمة - وليحذر من يكون منهم نظره مفسودا وخاطره متبلدا وتصوره فاسدا وخلقه سيئا ونشاطه قليلا وجوابه بطيئا وعقله مخبولا.
فإذا وقع من هم بالصفات الجليلة السابقة الأولى فاجمع منهم من شئت واكسهم ما يستملح وأطعمهم ما يستطاب وطيبهم بما يستدعي حضور نشاطهم وأحضر لهم من يعمل بسائر الآلات ومرهم بالعمل والمطاولة - فمن رأيته يألف صاحب آلة - أو - كمنجة - أو رباب، فألزمه تلك الآلة والعمل بها والرياضة فيها ونقله إلى ما سواها وروضه في واحدة، فإنه لا بد أن ينجب فيها أو في الجميع - فإن لم ينجب مع كل هذا التلطف، فاعدل به إلى ما سوى هذه الصناعة.
فصل في صفة المغني الحاذق
فهو كل من كان لطيفا في اختلاسه وافر الحظ من حسن الصوت والتصرف - والمغني يحتاج إلى ثلاث - الحكاية والرواية - والدراية - والمغني الكامل؛ من غنى فأصاب وأطرب وألهى - والمغني الحاذق من عدل الأوزان وأشبع اللحون وملأ الأنفاس وفخم الألفاظ وأقام الإعراب - أي ليس يجب عليه أن يخطئ في الألفاظ حتى تتغير المعاني ويتمسك بقول الجاهل الذي قال: (ليس على المطرب أن يعرب) غير أنه يغتفر له وضع الهمزة بدل القاف في بعض الأحيان وترقيق بعض الألفاظ الضخمة مثلا - لتكون أخف على السامع - ولكن أكثر المشتغلين بهذا الفن معذورون؛ لأنهم لا يحسنون القراءة والكتابة بل قل إنهم لا يعرفونهما - فيجب عليهم حينئذ أن يسألوا أهل الذكر ليدرءوا عنهم شبهة الجهل - والمغني الكامل أيضا من تفرع في أجناس الإيقاع وملأ بإحسانه المسامع وأحسن مقاطع النغم القصار واستوفى الطوال - والمغني هو الذي يجتمع له العلم والعمل - فإن كان عالما ولا يخدم صناعة الموسيقى بصوته ويده وقلمه، فلا يسمى مغنيا وإن كان عالما فاضلا - وإن كان عملا بلا علم فالأمر فيه كالأمر في ذلك؛ لأن وقوع الصواب إنما يقع بالاتفاق لا بالعلم ومن أصاب ولم يعلم الصواب فيجوز أن يخطئ ولا يعلم الخطأ - ولا يسمى مغنيا حاذقا إلا من اجتمع له العلم والعمل حتى ولو حسا الأقداح وحث على شرب الراح - ولكن المغني الكامل الحاذق من جمع إلى علمه وعمله المعرفة التامة بمواضع الصواب من الخطأ، فإن وقع فيه في وقت الضرورة وقادته إليه، رجع إلى الصواب من تلقاء نفسه لا بمراجعة الغير له - والحاذق هو الذي يدرك محاسن الغناء كلها - ولا كل مدع يحفل بقوله، فإن من الناس من يعتمد حفظ ما يوهم به من يناضله ولا علم معه ولا عمل فلا بد من الامتحان - وكيفية ذلك أن تطاوله وتديم الاستماع منه تجتهد أن لا ينسحب من موضوع لآخر يفقه جيدا قبل أن يتم الأول فلا يخفى عنك ما هو عليه في أول ما يبتدئ - فقد قيل الحس عنوان الغناء - والعالم لا يقدر أن يكتم فضله وعلمه؛ لأنه يظهر في حركته ونظره وإشارته.
فصل في أسماء ملح الغناء وصفاتها (الاجتهاد) هو أن يجتهد المغني عند الفواصل والمقاطع. (الاستهلال) مشتق من استهلال الطفل بالبكاء ساعة يولد. (الاسترسال) هو أن يسترسل المغني في غنائه من غير خروج. (التفخيم) تفخيم النغم وتعظيمها وتزيينها. (الترخيم) من رخامة الغناء وتلطيف الصوت، (الصياح) هو أن يكون في الأصوات ما يكون تحسينا لها (الترجيع) تكرير النغم والمعاودة فيما يمضي. (التقريع) هو أن يخرج المغني من نوع إلى نوع ويعود إليه (التقدير) تقدير أزمان الأصوات وفصلوها. (المراسلة) تراسل المغنيين بعضهم لبعض (المطاولة) هي مطاولة المغنيين بعضهم بعضا لينقطع كل ضيق النفس. (المخاتلة) أن يراسل المغني رفيقه فيسكت عنه ويقطع به. (المناضلة) هي أن يتناضلا ويتجاودا ليظهر فضل كل على صاحبه. (التغريد) مشتق من تغريد الطيور بحسن أصواتها. (التوطئة) ما يوطأ به للحركة قبل مجيئها من غناء أو صوت. (الاختلاس) أن تؤخذ النغمة قبل وصولها والفراغ من الأولى. (تقدير الأنفاس ) أن يتنفس المغني في فصول الألحان بدون أن يشعر بذلك أحد . (الاشتراك) أن يمزج نوعا بنوع ويرجع إلى الأول. (الإغراق) أن يتغارق في الموضع ليحسنه. (الإنفاق) هو أن ينفق المغني مع غيره بالأزمان. (الإضعاف) هو أن يضعف على المغني بضعف طبقته. (الابتداع) أن يؤلف اللحن من طبعه لا من غيره. (الاختراع) أن يلحن الدور من عدة نغمات. (التوجع) جنس من الأسف والحزن والجزع. (التفجع) أشد من التوجع ويليق بالمراثي. (التذلل) يكون في الألحان فيما يليق من الأشعار (التدلل) هو صوت من التشاجي مليح (التحرز) هو التحفظ من الزلل في الغناء. (الاتصال) اتصال المغني بمغن آخر ومعارضته بأحسن من قوله. (القهقهة) تجيء في الغناء بمعنى الضحك. (الهمزة) أن يهمز النغم في مواضع من الغناء وهو مستحسن. (الاستكانة) هو التوفيق والخضوع والتذلل. (الاستنابة) أن يستنيب الأوتار عن حلقه في الشدة. (الشجي) من التشاجي وحسن الصوت وهو من الطرب. (البكاء يحكي باللحن فيما يليق به من مرتبة أو شكوى. (التأوه) وهو شيء مطرب يشبه اسمه. (التكرير) تكرير النغمة المطربة المستحسنة. (التدريج) تدريج اللحن من شدة إلى لين وبالضد. (الزفرات) وهو من الزفير وهو مستحسن.
طريقة الغناء في مصر الآن
يبتدئ أولا بالبيشروات لأنها الأصل - وهي من صناعة أهل الأستانة - ثم بالموشحات؛ لأنها فروعها ولو أنها قديمة فإن أهل الأندلس لما كثر الشعر في قطرهم وتهدبت مناحيه وفنونه، وبلغ التنميق فيه الغاية استحدث المتأخرون منهم فنا منه سموه بالموشح ينظمونه أسماطا أسماطا أو أغصانا أغصانا، يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة، ويسمون المتعدد منها بيتا واحدا ويلتزمون عند قوافي تلك الأغصان وأوزانها متتاليا فيما بعد إلى آخر القطعة، وأكثر ما تنتهي عندهم إلى سبعة أبيات ويشتمل كل بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب وينسبون فيها ويمدحون كما يفعل في القصائد وتجاروا في ذلك إلى الغاية واستظرفه الناس جملة؛ الخاصة والكافة لسهولة تناوله وقرب طريقه - وكان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدم بن معافر الفريري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني، وأخذ ذلك عنه أبو عبد الله أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد، ولم يظهر لهما مع المتأخرين ذكر - وكسدت موشحاتهما - فكان أول من برع في هذا الشأن عبادة القزاز شاعر المعتصم بن صمادح صاحب المرية - وقد ذكر الأعلم البطليموسي أنه سمع أبا بكر بن زهير يقول: كل الوشاحين عيال على عبادة القزاز فيما اتفق له من قوله:
بدر تم
شمس ضحا
غصن نقا
مسك شم
ما أتم
ما أوضحا
ما أورقا
ما أتم
لا جرم
من لمحا
قد عشقا
قد حرم
وزعموا أنه لم يسبق عبادة وشاح من معاصريه الذين كانوا في زمن الطوائف - وجاء مصليا خلفه منهم بن أرفع رأسه شاعر المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة - قالوا وقد أحسن في ابتدائه في موشحته التي طارت له حيث يقول:
العود قد ترنم
بأبدع تلحين
وسقت المذايب
رياض البساتين
وفي انتهائه حيث يقول:
تخطر ولا تسلم
عساك المأمون
مروع الكتائب
يحيى بن ذي النون
واستمر ذلك مستحسنا عندهم فتفننوا فيه وجعلوه على أوزان كثيرة مختلفة - وانتقل هذا النوع على المشرق فنظموا منه مال لا يدخل تحت حصر - ومن أرق ما نظم من ذلك قول ابن سنا الملك: (كللي - يا سحب تيجان الربا بالحلى
واجعلي - سوارك منعطف الجدول)
وسنذكر بقيته عند وضع كلام الموشحات - ثم بعد الموشحات ينشد المغني قصيدة أو موالا - وفي أثناء ذلك يطرب بآلة مثل العود أو القانون - ويسمى بالتقسيم - وأهل مصر في هذا العصر لهم شغف بسماع الأدوار البسيطة فإنهم يطربون لها بمجرد سماعها لسهولة ألفاظها وفهم معانيها ولخلاعة المغني بها - فينشدون معا القطعة الأولى من الدور المسماة بالمذهب - ثم ينشد المغني بمفرده أو بمساعدة رقيق له مساعدة بسيطة الدور - هذا إذا كان المغني حسن الصوت - أما إذا كان غير ذلك فينشد الدور مع واحد أو اثنين أو ثلاثة حسبما يتراءى له - ثم يختمون بإعادة المذهب - وبعد بالدوارج ويستريحون قليلا، ويسمى هذا - (بالفصل الأول) أو (بالوصلة الأولى) ثم يعيدون الغناء كما كان إلى الفصل الثالث - وفي أخريات الليل ينشد المغني بمفرده قصيدة - أو يردون لازمة عليه وهو ينشد لهم أبياتا مساوية لها في الوزن الشعري - ولي كلام هنا أيضا - وهو أن بعض الأمراء؛ نظرا لأن المغنين لا يبتدئون في الغناء إلا قرب نصف الليل تقريبا، فيكتفون بسماع الفصل الأول - الذي يكون المغني فيه غير متحصل تماما على الاستعداد الكافي للطرب - فالأصوب لأصحاب الأفراح أن يعودوا المغنيين على أن يغنوا مبكرا؛ ليكون للسامعين من انفساح الوقت ما يذهبون على منازلهم مستريحي الجسم منشرحي الصدر.
فصل في تفضيل الغناء القديم على الحديث وفيه بحث
لا جدال ولا خلاف في حسن الغناء القديم وصحته ووثاقته وبه اقتاد المحدثون وعليه مثل الملحنون جيلا بعد جيل وأهل عصر بعد عصر - قبل لأحد المغنين لم تؤخرون الغناء المحدث وأنا أحس من الطرب عليه ما لا أجد من الطرب على القديم بالجملة؟ فقال: ما نؤخره إلا لعلة - وذلك أن الغناء المحدث موضوع على زجل ركيك المعنى سقيم اللفظ - والقديم بخلاف ذلك لأنه محصور القوانين صحيح القسمة جزل الألفاظ حلو المعاني - قال إبراهيم الموصلي: فضل الغناء القديم على المحدث كفضل الطعام الطيب على غيره؛ لأن الطعام يأكله الشبعان لطيبته وهو يعلم فضله - والطعام الغير طيب يأكله الجائع ضرورة ويعلم أن غيره أفضل منه وأشرف - وتنصرف عنه نفس الشبعان وتأباه - وسبيل الغناء القديم والحديث سبيل الحديث وأنه كرواية عن العلماء كلما قرب الأستاذ كان أصح وأشرف - ويحتاج الناقل أن يكون جيد التأدية صحيح التصور والتمثيل لا يزيد فيه ولا ينقص وإلا أفسده - وأن يحفظ أجزاءه ومقاطعة ويوفي نغمه.
وقد قال لي إنسان عارف بهذا الشأن وقد انتصرت للغناء القديم - نعم وإن كان محكا وثيقا صحيحا، ولكنه ليس فيه من هذه المحاسن التي تذكرونها ونسمعها من شيء وإنما تولد فيه على طول الزمن واكتسب الحلاوة من الأصوات والطبائع والقرائح - فقلت له ليس كذلك؛ لأن ضد هذا بين لنا عند التأمل - ألا ترى أن الغناء القديم كلما أخذته عن صحيح الرواية قريب العهد من العلماء الذين تلقوه على سابقيهم كان أصح وأمتن وأقرب إلى الصواب - وأنه كلما بعد العهد وكثرت الرواة وانقرض الصدر الأول، زاد نقصا وفسادا - وذلك أن الذي يأخذ تلحينا عن آخر لا يمكنه أن يتلقاه على أصله إما لسرعة الأخذ لفرحه به - أو لبخل المأخوذ عنه فيحذف محاسن القطعة شحا - ويفعل الآخر كذلك مع الثالث وهلم جرا - وتوجد آفة أخرى وهي أنه يتعسر على المغني موضع من التلحين في بعض الأحيان فيضعه من عنده وربما كان في القطعة المرفوعة الطرب لأن صوت الملحن الأول لها كان أشجى - وبمثل هذه الطرق ينفسد التلحين ويتغير ويستحيل - فإن كان هذا فيما قرب فكيف فيما بعد؛ لأن سائر من نقل الغناء لا يشهد لهم كلهم بالحذق ولا يحكم لهم بالإحسان - وإنما وصل إلينا من مسيء ومحسن وعالم وجاهل وموقع وخارج - وعن نساء لا يعرفن شيئا من الصناعة كعادتهن في كل زمان ومكان (كما هو حاصل بمصر الآن فإن أكثر المغنيات الشهيرات فيها قبيحات الصوت غير عالمات بأقل شيء من قواعد هذا الفن - وشفيعهن مع كل هذه المساوي التي لا ينكرها عاقل ويعترف بها كل بصير - (أنهن نساء). وإنما يأخذن تقليدا بالطبع فإن شذ عنهن شيء أغفلته أو احتل موضع بدلته بما ليس في قسمة النغم - وأنا أسمع ما لحنته وأبدعته من بعض المغنين والممثلين والطلاب مع اجتهادي في الغاية معهم وقلة شحي عليهم به وهو ناقص مختل - وإن كانوا من رخامة الصوت وحسن الأيدي في الأصول - والحذق في الغناء على نهاية الحسن - ولكن لا بد من أن يزيدوا أو ينقصوا ويثبت معهم ولا يتغير.
ومن المعلوم أن الناس يتنازعون الفضل في كل زمان وأوان وإن كان الفضل والسبق للقدماء - ولكني أقول إن الغناء الحديث إذا كان متساوي الأجزاء صحيح القسمة معتدل النغم موقعا جيدا موضوعا على أصول غير (المصمودي) فإنه يساوي الغناء القديم ويجري مجراه - وإنما الناس متعودون بتفضيل ما غاب عنهم وتنقيص ما حضر في زمانهم فما كل غناء قديم أجود من حديث - وكل غناء جديد متين فهو قديم إذا أضيق إلى ما بعده.
ولقد جربت الناس في كل شيء قديم وتهاونهم بما يحضرهم إنني أغني من الأصوات لحنا ركيك الشعر قليل العمل خاليا من المحاسن الصناعية أصالة وأنسبه إلى بعض المتقدمين فيقترح علي مرة أخرى ويقول السامعون هذا والله الحسن المعجز - ثم أغنيا للحن الحسن الطويل الأدوار الكثير العمال واجتهد فيه وأنسبه إلى بعض المحدثين فيعرضون ويتشاغلون عنه ويريدون اللحن الأول - وكل عالم محتقر عند أهل زمانه فإذا فقدوه عظمته صناعته وطلبوها وذكروها - ومن ذلك أن دواوين الشعراء لا تطلب إلا بعد وفاتهم ولله في خلقه شئون.
هوامش
الفصل الخامس عشر
بدائع الموشحات العربية
مضافا إليها المختار من تلاحيننا؛ لأنها من نغمات غير ملحن عليها قديما في مصر - كما يظهر صدق قولنا هذا لكل من تصفح سفينة المرحوم (الشيخ شهاب) - أو غيرها من المجاميع الأخرى فضلا عن أنها موضوعة على أوزان مصرية يحتاج إليها لمعرفة تركيب هذه النغمات العظيمة وعلى الأصول المتعود على دقها - ومن جهة أخرى جديرة بأن تقارن بالمتين من الموشحات القديمة لجزالة تلحينها وحسن صياغتها على الأوزان - مما يصعب كثيرا على أبناء الفن الآن أن يأتوا بمثلها - ومن أراد البرهان فليعرض علي أي موسيقي أراد إحدى القطعتين اللتين في آخر هذا الكتاب (اليكاه) - فإن أمكنه أن يلحن من هذا المقام - وعلى أصول - (الإقصاق) - 9 من 8 - الموضوع التلحين عليه وبهذا الطول الجيد - أي (64) - أربعة وستين وزنا منه - مع العلم بأن كل وزن من الأربعة والستين يختلف عما بعده في الشكل وتركيب النغمات كما يظهر ذلك جليا لكل أستاذ متضلع من معرفة النوتة الإفرنجية - أو لمن يسمعه مني مباشرة - أو من حضرة الأوسطى الكمنجاتي الشهير (إلياس أفندي تلماك) - فإن أمكن ذلك الموسيقي عمل ما أقول - فإني مستعد لدفع جائزة قدرها (20) عشرون جنيها مصريا بعد شهادة شهود عدول من كبار علماء الفن - وقد اخترت تلك القطعة لسهولتها في الوزن ليس إلا.
هذا ومن المعلوم أيضا أن الموشحات التي في سفينة المرحوم (الشيخ شهاب) فقد أكثر عمليات تلحينها من قديم - والباقي فيها هو الذي تلقيناه على شيوخ هذا الفن بمصر - كالمرحوم (الشيخ عثمان الناظر) و(الشيخ عثمان بدوخ) - و(الشيخ محمد عبد الرحيم الشهير بالمسلوب) - و(الشيخ إبراهيم المغربي) - و(مصطفى أفندي البوشي) - مساعد المرحوم (الشيخ محمد الشبشيري) - وغيرهم.
شكل 15-1: الشيخ عثمان الموصلى.
أما الموشحات التركية والشامية - فعلى (المرحوم أستاذنا الأول الشيخ أحمد أبي خليل القباني الدمشقي) و(الشيخ عثمان الموصلي) - وغيرهما من أساتذة الأتراك.
وقد وضعنا المختار من الجميع على هيئة فصول منتظمة مرتبة ترتيبا جميلا - فتكون بهذه المثابة جديرة بأن يطلق عليها (السفينة الكاملية) لأمرين: الأول لأن فيها فصولا كاملة من أكثر النغمات العظيمة النادية الوجود في هذه الأمصار والمحبوبة منها - الثاني لأن أكثر ما فيها تلحينه محفوظ عند أرباب هذه الصناعة وشيوخها والمشتغلين حقيقة بهذا الفن - والغير معلوم لديهم، فإنه بالضرورة عندي ومستعد لتعليمه لأي طالب أراد بكل أريحية وسرور.
ولا أنكر أن سفينة المرحوم (الشيخ شهاب) بها ما ينيف عن ال(250) المائتين والخمسين موشحا، غير أنه - بكل أسف - ليس معلوما عند مشايخ هذا الفن ورؤسائه غير (80) ثمانين منها على الأكثر - ولكن كتابنا هذا بحمد الله يحتوي على (220) مائتين وعشرين موشحا من فحول الموشحات باعتبار أن كل ما تركناه من الموشحات الباقية الأخرى لا قيمة له تذكر بجانب هذه الموشحات - فإن حفظها طالب على أصلها - فلا شك أنه فائز على الأقران كما وإني أبشر حضرة القارئ الكريم بأني سآخذها كلها (بالنوتة) إذا أطال الله في عمري - ويسر رزقي - وأضعها في كتاب ضخم على حدته لكي لا تذهب هباء كغيرها - ولكي أكون وحدي حفظت الذماء الباقي من الغناء العربي النفيس - ألهمنا الله جميعا لما فيه نفع العباد وخير البلاد. وهو أوفى وكيل وأكفى كفيل.
فصل الراست (شنبر - تلحين المؤلف)
بدر حسن قد تبدى
فوق خطى القوام
وانثنى كالغصن قدا
بين ورد وخزام
خانه
صحت لما بان عني
من غرامي والسهاد
ضع لهذا الهجر حدا
أيها البدر التمام *** مربع (تلحين المؤلف)
1
زارني المحبوب ليلا
وملا لي الكاس راح
وسبى الأغصان ميلا
وهو سلطان الملاح
خانه
قام يسعى بالحميا
وهو في تيه الدلال
ذبت وجدا حين حيا
فاتن الغيد الصباح (ستة عشر)
تلقيته بدون خانة وعلى غير أصول - ونظرا لاختلال الشروع في التلحين وعدم مطابقته على الوزن - أصلحته ولحنت له خانة من بديع الصناعة شهد لها أئمة الفن بمتانة الصياغة وحسن التركيب واتحاد قوة تلحين البدنيتين بالخانة أي أن الملحن للتوشيح كله صار كواحد.
قام يسعى سحر
منيتي بالكؤوس
يا له من قمر
يزدري بالشموس
خانه
وبورد الحفر
يسترق النفوس
غصن بان خطر
ينجلي كالعروس (مدور)
راعي اليواقيت العذاب
والمبسم الدر النقي
خانه
ورد على خده مذاب
بدر حليو المنطق
دور
جنب وقد أرخى النقاب
على الجبين المشرق
خانه
وأسبل السبع الذؤاب
من فوق غصن مورق
سلسله (تلحين المؤلف)
سبى فؤاد الصب حين جنب
وزاد ما بي في التغير الأشنب
وكم وكم لي في هواه مأرب
قفله
من دونه عوج الرقاب
ترعى بسود الحدق
خانه
بدر تبرقع بالسحاب
يسبي جميع العشق (مدور)
قال لي صنو الغزال
هات قل لي أي من أفتن
راح جفني أم بنات الدن
قلت يا حلو الدلال
يا قوام البانة الألين
أنت في عين الشجي أحسن
خانه
قال صف لي مسك خالي
وغوالي عارضي السوسن
ونقي ثغري بما أمكن
قفله
قلت حق من لآلي
في صوان السندس المثمن
ختموه خيفة من أن (أوفر)
من كنت أنت حبيبه
نعم النصيب نصيبه
مولاي ما خاب الذي
يدعو وأنت تجيبه
خانه
أو كيف يمرض في الحشا
جسد وأنت طبيبه
يا يوسف الحسن الذي
أنا في الهوى يعقوبه (مصمودي)
أحن شوقا إلى ديار
رأيت فيها جمال سلمى
شربت منها لمى عقار
من كف ساقي الشراب ألمى
دور
هل من سبيل إلى مزار
يشفي فؤادا يذوب سقما
يا ظبي مهلا فكم مرار
وأنت ريان بت أظما (سماعي ثقيل)
لي في ربا حاجر غزيل أغيد
ساجي رنا
وجدي عليك وجدي
يا ساكن النجد
دور
نهده على صدري يقد بالقد
إذا انثنى
يا لابس الجنة
قل السلام سنه (سماعي ثقيل)
من حبك
يصعب عليه التجافي
صل صلبك
ما عاد يصلح خلافي
خانه
ما عتبك
على سبيل التصافي
يسهل بك
واعتبري السوالف
دور
سكنتك
يا خل داخل فؤادي
قربتك
جازيتني بابتعادي
خانه
صافيتك
فلا تكدر ودادي
طاوعتك
والقلب راجي وخايف (دارج)
أفديك ظبيا مبتسم
في خدك الخال رسم
هواك يا بدر قسم
ولم أزل أهوى الغزل
وصادني ساجي المقل
دور
أن يكمل الحسن فلك
يا بدر تم في فلك
والعشق للقلب ملك
من الأزل - وكم نزل
به من الوجد وجل
دور
بدر إذا ما الليل جن
وازداد بي فيه الشجن
أظهر لي ظهر المجن
ثم اعزل - وقد أزل
أقدام صبري بالملل
فصل ثان من الراست
مربع
في سبيل الحب قلبا
ذا فؤاد مدنف
في هوى من ماس عجبا
بقوام أهيف
خانه
يخجل الغصن اعتدالا
إذ تثنى قده
رشأ إن رام حربا
سل لحظه المرهف (محجر)
بدا وفي كفه
شمس الطلا تنجلي
ونجل ألحاظه
حكمن في مقتلي
خانه
أمان يا ذا الرشا
من لحظك المرسل
قلبي كليم بمن
ناجى على الجبل (نوخت)
يا هلالا غاب عني واحتجب
وهجرني لا بذنب والسبب
خانه
في الهوى ما نابني غير التعب
وانقضى العمر وما نلت الأرب
دور
جد بقربي منك يا صنو الرشا
وبوصلك كن لقلبي منعشا
خانه
كم كذا يا فاتني ترمي الحشا
بسهام أوقعتني في الوصب (نوخت)
أيها المعرض عني
كم كذا ذا الهجر يا أقصى مرام
سلسله
في يقيني أن تقيني
الأمان الأمان منك يا فنان
دور
سيدي ما كان ظني
أن تعذبني بنيران الغرام
سلسله
من مجيري أو عذيري
الأمان الأمان حسبي الرحمن (سماعي ثقيل)
أفدي ثملا
زان حلي
حسن علا
ببهجة إشراق
للصب حلا
حين جلا
كاس طلا
لي رق وقد راق
خانه
راح مزجت
بثغر أشاب
لاحت فحكت
سناء كوكب
ما أعذبها من كف ربرب
سلسله
تبري ضري - لذة
عمري - منها سكرى
دولاب
أتيه بروض الأمل
وأجني ثمار القبل
وأقطف ورد الخجل
قفله
والطير قرا - ما سطرا - مستترا - بالنرجس والبان (سماعي ثقيل) (للمرحوم محمد أفندي عثمان)
ملا الكاسات وسقاني
نحيل الخصر والقد
حياة الروح في لفظه
سباني لحظة الهندي
خانه
مليمي لا تسل عني
وخليني على عهدي
وأنا من حسن رؤيته
فأشجاني بطلعته
وأشرقت وأزهرت
وأطربت من الرصد (مصمودي)
ساقي الراح اسقنيها
أيها البدر التمام
في اغتباق عاطنيها
واصطباح لا سلام
خانه
ماس من أهواء تيها
صحت من نار الغرام
شمس راحي وأجنابها
وعلى الدنيا السلام (مصمودي) - (من تصليح المؤلف)
يقولون بحر العشق عذب لشاربه
نعم أوله حلو ومر عواقبه
وكم هائم في العشق تاهت مراكبه
إذا لم تصدقني وإلا فجربه
سلسله
يا دهر يا ميال
لا تصحب الأنذال
نعم صدق من قال
قفله
إذا شئت أن تصحب صديقا فجربه
فإن لم يكن يصلح وإلا تجنبه (دارج)
أنت الممنع وفي وصالك
أنا متيم عشق جمالك
خانه
وعدتني يا قمر تزرني
لا أنت زرت ولا خيالك
دور
تبعث تقول لي مع رسولك
فكيف أنت وكيف حالك
خانه
حالي كما تشتهي العوادل
من يوم فارقت أنا جمالك (سربند)
يا من لعبت به شمول
ما ألطف هذه الشمايل
نشوان يهزه دلال
كالغصن مع النسيم مايل
لا يمكنه الكلام لكن
قد حمل طرفه رسايل
ما أطيب وقتنا وأهنأ
والعاذل غائب وغافل
فصل الكردان (مربع)
حير الأفكار يدري
في صفا خده الأسيل
من لغصن البان يزري
بالتثني حين يميل
خلعه
سيدي لو كنت تدري
صرت من أجلك عليل
فاغتنم بالله أجري
واصطنع فعل الجميل (مخمس)
يا ساقي الندمان
املأ واسقيني
من صافي الأديان
واسمع ذا الألحان
صوته يشجيني
رنات العيدان (خانه) (تلحين المؤلف)
خمر في الكؤوس تجلى ك
العروس وتحيي النفوس
وتروي الظمآن
وله بقية طويلة - حيث ذكر مقامات عديدة في خاناته المرحوم الشيخ شهاب في سفينته غير معلومة الآن؛ لأنها انتسخت من قديم عمليات تلحينها. (مخمس) (تلقيته عن المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
ظبي أنس ذو محيا
أخجل البدر سناه
قد تبدى فوق بان
فرأى البدر فتاه
دور
صحت لما بان عني
قلبي لا يبغي سواه
أن في القلب ولكن
هل منام لا أراه
خانه
من عذيري في هوى من
ماس تيها ودلالا
حرم النوم بلحظ
ينفث السحر الحلالا
قفله
ذو حبيبين لو تبدى
منه شاهدنا الهلالا
وسبى الحور جمالا
والعذارى في حلاه (زرفكند) (تلقيته عن المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
عيد المواسم
أنس وشرب
مع كل باسم
إليه تصبو
فاشرب ونادم
مع من تحب
إن كنت حازم
فالعيش نهب
دور
باكر صباحا
للاصطباح
واستجل راحا
مع الملاح
واملأ طفاحا
من المباح
وانشق نسائم
منها تهب
خانه (تلحين المؤلف)
قد هام قلبي
شوقا إليه
وكتم حبي
حرصا عليه
فكل رعبي
من حاجبيه
فك الطلاسم
سهل وصعب (نوخت) (تلحين المؤلف)
هات يا محبوب كاسي
وأجل لي بنت الدنان
بين نسرين وآس
في رياض الأقحوان
خانه
يا فريد الحسن رفقا
مهجتي كادت تذوب
لم تزل للعهد ناسي
أرتجي منك الأمان (سماعي ثقيل)
نجوم الليل تشهد لي
بأني لا أنام الليل
ونيران الحشا تصلي
وعشقك هد مني الحيل
سلسله
غرامي طال
والهوى قتال
ودمعي سال
يحكي السيل
دور
سألتك يا رشيق القد
بوصلك للشجي تسمح
وقبله فوق ورد الخد
وإلا من فمك أصلح
سلسله
فانثنى يختال
كالقنا العسال
وعني مال
كل الميل (سماعي ثقيل)
زاهي جمالك فتني
لما زهى نور جبينك
وسحر لحظك جرحني
بسهم قوس حاجبينك
خانه
إلى متى ذا التجني
اسمح ووفي لدينك
فقال لي عد عني
فالغدر باين بعينك (مصمودي) - (من تصليح المؤلف)
يا غزالا شردا
ولنومي طردا
سلسله
لا تطع في عدا
سرهم هذا النفار
دور
كم أقاسي في النوا
من نحول وجودي
سلسله
لا تلمني في هوى
شادن خالي العذار (أقصاق)
صاح خبر فاتر الأجفان
عن وجدي
حيث أجرى مدى الهجران
بالصد
سلسله
يا ليت لا - جمل الفلا - فلقد سلا - قلبي بوقدي
دور
يا هلالا يفتن العشاق
بالإشراق
وغزالا حسنه قد راق
على الإطلاق
سلسله
ارحم فتى - بك افتتن - وجهك حسن - والخد وردي
دور
يا خلي البال بالبلبال
لو تدري
كنت تعذر من بلي في الحال
بالهجر
سلسله
ظبي الحمى - كن راحما - إن الظما - للصب بردي (دارج)
حبي مليك الملاح
من لي بأن ألثمه
بدر سقى شمس راح
ولم أطق أكتمه
دور
صادفته في الخلا
فاحمر مني خجل
ناشدته بالملا
ارحم قتيل الوجل
دور
وهات كاس الطلا
فقال مهلا أجلا
باكر قبيل الصباح
فالوعد لا تحرمه
فصل الحجازكار (شنبر) (تلحين المؤلف)
كشف الصبح اللثاما
وجلا عنا الظلاما
فأجل لي صرف المداما
مشرقا بين الندامى
خانه
يا فريد الحسن واصل
مخلص الود الأمين
في هواك يا ابن الأصيل
ذبت وجدا وغراما (فاخت) - (تلحين المؤلف)
حامل الهوى تعب
يستخفه الطرب
إن بكى يحق له
ليس ما به لعب
خانه
تضحكين لاهية
والمحب ينتحب
تعجبين من سقمي
صحتي هي العجب *** (مربع) - (تلحين المؤلف)
مزقف يصبح الحميا
أستار الظلام
واشرب بكأس الثريا
من شمس المدام
دور
واخطب جمالا بهيا
من بنت الكرام
صهباء طابت هنيا
في روض الخزام
خانه
يديرها ذو محيا
مسكي الختام
كالبدر يبدو سنيا
من تحت الغمام
قفله
ظبي يقوم الكميا
في أسر الغرام
ويستبي الوذعيا
من سحر الكلام (دور روان) - (تلحين المؤلف)
اصرف همومك بالألحان
نغنيك عن بنت الدن
ومل على نير العيدان
مع الندامى كالغصن
خانه
من لي أهيل الغرام
في حب زاهي القوام
خالفت فيه لوامي
ليس لي يوما يدني (مصمودي) (تلقيته عن المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
آه وا شوقي لأوقات الوصال
والهوى نحوي براح الأنس مال
ويميني في حمى مهد اللقا
بالتهاني قابلت منه الشمال
خانه
هيهات أن تخفي العيون
سر الذي وجده مصون
والحب يدعو ذا الجوى
كن مغرما بي فيكون (مربع)
2 (تلحين المرحوم محمد أفندي عثمان)
اسقني الراح
وافرح الأرواح
نور جبينك لاح
حسنه فضاح
خانه
زادني أشجان
تيهه غصن البان
حين بدا بالراح
قفله
ينثني يا صاح
في حلي الأفراح (نوخت)
3 (تلحين المرحوم محمد أفندي عثمان)
يا غزالا زان عينيه الكحل
لي غرام في فؤادي منك حل
إن تزرني أو تغب عن أعيني
كم بدا نجم ونجم قد أفل
خانه
لا تزد قلبي غراما بالجفا
ما الجفا إلا لأرباب الغزل
يا غصينا صيغ من ماء الصفا
واكتسى بالحسن أنواع الحلل
دور
ماس من أهواه تيها واعتدل
بقوام علم الصب الغزل
حسير الأفكار لما أن بدا
جدد الأنس وهمي قد رحل
خانه
مذ جفاني قد جفا جفني الكرى
ما احتيالي يا لقومي.. ما العمل؟
دع ملامي في غزال وجهه
فاق نور الشمس في برج الحمل (سماعي ثقيل)
4 (تلحين المرحوم محمد أفندي عثمان)
فتنا مطرب الحان
وهنانا بألحان
وبتنا في صفا راح
وصفو بين ندمان
خانه
وبنت البدر في تم
وليل الشعر سكران (مصمودي)
هل الهلال السعيد
فوق الجبين الفريد
والليل من صدغه
بدا بصبح الجيد
دور
أخت الثريا لاحت
تسقي بشمس باحت
شامات مسك فاحت
في الخد ذي التوريد
خانه
القد غصن أهيف
واللحظ سيف مرهف
والريق يحكي القرقف
من در ثغر نضيد
سلسله
أدر كئوس الراح
في روضة الأفراح
يا كوكب الإصباح
واصل ولا تفنيد
قفله
بالله كفوا اللوم
في حبه يا قوم
جاء بشهر الصوم
فقلت جاء العيد (دارج) - (تلحين المؤلف)
يا ترى
أظفر بالوصل ولو في الكرى
أو أرى غرس
تمنى قد أثمرا
دور
بي رشا
مرتعه في فلوات الحشا
إن نشا
يشرب خمر الدن حتى انتشى
خانه
ما مشى
إلا رأينا ملكا مدهشا
صورا
كما اقتضته شهوات الورى
قفله
لو سرى
في مقلة الوسنان ما استشعرا
أو جرى
في أذن المضنى به ما درى
فصل النهاوند بأنواعه (شنبر) (تلحين المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
بالنهاوند الكبير
منشد الشدشدا
وطلا الريم الغرير
مطلعا صبح الهدى
خانه
بالصبا يا بدر أنسي
غن والحيجازكار
عندم الخد النضير
نار وجدي أوقدا (رمل) (تلحين الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
أي ظبي لوا
عني بعدا بالوصل تكرم
فالحب كوى
قلبي فغدا ولهان متيم
خانه
يا بدر سما
بالحسن سما أسرفت بهجري
قد ذبت جوى
أرجو كرما من يرحم يرح (دور روان) (تلحين المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
اشطح وهم يا ابن ودي
واغنم صفاه الزمان
واشرح أحاديث وجدي
ما بين أهل المعاني
خانه
يا منيتي ومرامي
أدر كئوس المدام
رضاك بدري وقصدي
وبغيتي والأماني (مخمس) - (للشيخ محمد المسلوب)
5
رشيق القد حلو الجيد
بطيب الوصل لي أنعم
وزاهي ورد خده الجيد
من الورد الندي أنعم
دور
فيا مبدي سروري عيد
وطب نفسا به واغتم
ليالي وصل حبي عيد
وأوقات اللقا مغنم
خانه
صفا وقتي وأيامي
بوصل الجؤذر الربرب
وصحت فيه أحلامي
وبلبل أنسنا أطرب
قفله
أدر قرقف لمى جامي
بروض الأنس لي واشرب
وحبي مغرمك يا سيد
بلثم الخد والمبسم (سماعي ثقيل)
لما بدا يتثنى
حبي جماله فتنا
أوما بلحظة أسنا
غصن انثنى حين مال
خانه
وعدي ويا حيرتي
من لي رحيم شكوتي
في الحب من لوعتي
إلا مليك الجمال (مربع) - (تلحين المؤلف)
صاح قم للحان هيا
تحتسي بنت الدنان
كأسها نجم الثريا
شربها يبري الجنان
خانه
بين ورد وشقيق
وحبيب وصديق
هات لي كأسا هنيا
حيث قد طاب الزمان (أوفر) - (تلحين المؤلف)
ما خلت أن السوسنا
يحمي لهيب الجلنار
حتى نظرت إلى جنى
وجناته تحت العذار
خانه
قمر تكنفه السنا
فتخاله شمس النهار
فإذا رنا وإذا انثنى
سلب الوقار بلا عقار *** (نوخت) - (تلحين المؤلف)
يا ولاة العشق قلوا
من ملامي في غزال
لا مقام العشق سهل
لا ولا حب الجمال
خانه
مهجتي كم حل فيها
من تباريح السقام
مسمعي ليس يمل
فاتركوا قيلا وقال (سماعي ثقيل) - (تلحين المؤلف)
يا زاهي الميل
هديت الحيل
زرني في الليل
في جر الذيل
في الحب أهيم
والقلب كليم
والدمع سجيم
والوجد مقيم
خانه أولى
للحسن أميل
من كل جميل
كالغصن يميل
والقد قويم
بدر قد لاح
يزري الإصباح
ثغره وضاح
كالدر نظيم
خانه ثانية
وجدي فيه
لا أخفيه
لي من فيه
راح ونديم
لم أرض سواه
لو طال نواه
قلبي بهواه
لا زال سليم
خانه ثالثة
فارحم بدري
مضنى الهجر
واغنم أجري
فالجسم سقيم
حيني قد حان
سر بي للحان
صوت الألحان
في السمع رخيم (أقصاق) - (تلحين المؤلف)
قم بنا نجلو الحميا
في رياض الجلنار
وامزج الكاسات هيا
ولمي فيك العقار
خانه
فعسى أن أتملى
بعد ذياك البعاد
وأدنو يا باهي المحيا
وتفضل بالمزار
فصل البياتي (شنبر)
زالت الأتراح عنا
بلقانا للحبيب
وحماه الدوح حنا
فأجاب العندليب
خانه
وأنيس الروض غنى
والبلابل للصباح
ملك الألباب منا
متقن الفن العجيب (مربع)
طاف بالأقداح معشوق الدلال
قده للغصن يزري باعتدال
قد سباني طرفه الوسنان
وبراني عارضه السوسان (مخمس)
لما بان حبي الغضبان
ألقى في الحشا نيران
لما بان حيني حان
فاق غصن البان
صال جال غال
دمعي يجري كالغدران
في هوى خل منصان
من لماه أمسى سكران
وانثنى نحوي يا جان
أزري بالمران (سلسله حجاز)
يا عذولي دعني
فالهوى جنني
والمدامة فني
تجلى كالعروس (سلسلة عشاق)
المدامة قرقف
والحبيب ما أنصف
خذ بيد المدنف
آه أترع كؤوس
قفله
صال جال غال
أسكر الصب الولهان
مرتجي عفو الرحمن
في يوم عبوس
منقذي عند الميزان
أشرف العربان (مدور)
في سفينة المرحوم الشيخ شهاب مكتوب أن هذا الموشح أصوله (خفيف) مع أن أكابر الموسيقيين في مصر لا يلقونه إلا على المدور - فضلا عن أنهم لا يعرفون أصول الخفيف أصالة على غيره، كما تكلمنا فيما سبق في قسم الأوزان.
إن الهوى قضى
شرعة ذلة الأسود
يستحسن الرضى
عندما ماست القدود
خانه
آه عندما نضا
سيف لحظ من الغمود
كم قلت إذ هجر
الجفا قاصم الظهور (نوخت)
جل من أنشاه بدرا
في حلى إنسان
من لماه زاد سكرا
وانثنى نشوان
قده بالفتك مغري
يا له مران
حاميا من ورد كوثر
ثغره العاطر
دور
بدر تم حاز حسنا
يخجل الأقمار
وحوى في الحسن معنى
حير الأفكار
إن تثنى فاق غصنا
ماس بالأسحار
مفرد كالصبح يظهر
فرقه الظاهر (نوخت)
اجمعوا بالقرب شملي
واسمحوا لي بالتلاق
وصلوا بالود حبلي
فالنوى مر المذاق
نال أهل العشق قبلي
في الهوى ما لا يطاق
من رأى في الناس مثلي
من تباريح الفراق
دور
يا ملوك الحسن رفقا
بمساكين الغرام
ارحموا من هام عشقا
وتغشاه السقام
أنا لا أنفك رقا
عنك يا أقصى مرام
فتداركني بفضلك
واطف نار الاشتياق (سماعي ثقيل)
ألا يا من سلب عقلي بلا ذنب
ومن حبه سكن من داخل القلب
أنا ما أقدر على ذا الحال يا صحبي
ولا أحيى سوى بالوصل والقرب
سلسله
أنا راضي بمحبوبي
وهو سؤلي ومطلوبي
هواه نقلي ومشروبي
إذا جاني يزول همي مع الكرب
وإن قالوا هجر ربعك ذهب لبي (سماعي ثقيل)
أيا مرادي إلى كم
هذا الجفا والدلال
أما لوصلك دليل
عامل محبك بلطفك
يا من حويت الجمال
فالهجر ما هو جميل
كيف العمل ما صنيعي
دمعي على الخد سال
راعي الحديد الأسيل
واكفف سهام اللواحظ
ولا تروم النزال
إني بحيك نزيل (مصمودي)
كحل السحر عيونا
فوق توريد الخدود
وازدري الأغصان لينا
حسن ميسات القدود
والظبا تسطو علينا
بعيون نجل سود
حكمت بالفتك فينا
مقلة الظبي الشرود
خانه
خده للصب ورد
ولسيف اللحظ جرد
كامل الأوصاف الأغيد
مذ غدا في الحسن مفرد
قفله
باسم الثغر يرينا
في اللمى عذب الورود
يخجل الدر الثمينا
نظم هاتيك العقود (دارج)
بالذي أسكر من عرف اللمى
كل كاس تحتسيه وجب
والذي كحل جفنيك بما
سجد السحر لديه واقترب
خانه
والذي أجرى دموعي عندما
عندما أعرضت من غير سبب
ضع على صدري يمناك فما
أجدر الماء بإطفاء اللهب
فصل ثان من البياتي (ثقيل مصري)
وهو في الحقيقة باعتبار الأصول المتبعة في الأستانة نصف ثقيل.
نزهة الأرواح بدري
قد حوى كل الكمال
وسبي الغزال جار
ما رعى الجوار
لغصون البان يزري
قده بالاعتدال
أذرنا ومال صار
يسلب القرار
خانه
من فتور عينيه لسحري
والعجب هذا الغزال
بالظبي الصقال جار
ما لنا فرار
في رضاه حار فكري
لو يكون بعد المطال
راخي الدلال زار
شرف الديار (ورشان)
قاتلي بغنج الكحل
شاغلي به عن شغلي
قام مائسا كالأسل
ينثني بعطف ثمل
خانه
خصره نحيل أبدا
يشتكي ارتجاج الكفل
لو طالع البدر بدا
غاب قائلا واخجلي (مخمس)
ليت شعري هل دروا
أي قلب ملكوا
وفؤادي لو درى
أي شعب سلكوا
حار أرباب الهوى
في الهوى وارتبكوا
أترى هم سلموا
أم ترى هم هلكوا (مخمس)
أواه من ذل السؤال
ومن أراه ليس ما يرى لي
لا بد ما تصفو الليالي
صفو الجلا
دور
نار الأسى ما بين ضلوعي
يا فاتني ارحم ولوعي
سالت على خدي دموعي
مسلسلا (نوخت هندي)
يا مخجل الأقمار
بالحسن والأنوار
إلى متى أعذار
قلبي اشتعل بالنار
دور
ثغرك شهي حالي
في اللثم يحلى لي
عطفا على حالي
وارعى جوار الجار (محجر)
جعلني غرامي
لعشقه مثل
وزاد بي هيامي
وكيف العمل
وكان لي مؤانس
وعني رحل
سلسله
يحب السمر
ونفر الوتر
وشرب المدامة
في ضوء القمر
دور
ناديت يا مفدى
يا زين الملاح
دمعي قد تبدى
من عيني وباح
وما كنت ألقى له
له من براح
سلسله
نهاري فكر
وليلي سهر
رثى لي حبيبي
لما لي نظر (مصمودي)
أملي بحياتك قل لي
لم لا ترحمني
فأغث وارعى لودادي
سلبوا عقلي مني
دور
بعلي من حلل قتلي
فيك يا ذا الحسن
سيدي رفقا بفؤادي
قد جرحني سهم الجفن (مصمودي)
يا هلالا لاح يجلي
فوق غصن من أراك
دمت للإحسان أهلا
يا هنا عين تراك
خانه
جد لصب لو تسلى
ما تسلى عن هواك
وعن الأهل تخلى
وهو لم يعشق سواك (سماعي ثقيل)
يا حلو اللمى والمبسم
يا مزري اعتدال الأغصان
واصل للمعنى وارحم
وأنعم بالوفا والإحسان
خانه
من يظلم محبه يظلم
يا حاوي البها يا فتان
واصلني وأجري اغنم
إني آن وصلي قد آن (أقصاق) - (تلقيته على المرحوم أحمد أبي خليل)
حب سلمى قد دعاني
أركب الأخطار
وغدا قلبي يعاني
أعظم الأكدار
خانه
ليت لا كان غرامي
ليته ما كان
فهو قد جر هيامي
واصطباري بان
فصل الصبا (مربع)
صفا وفتى بندماني وحاني
ومحبوبي بألحانه شجاني
خانه
وسعدي بالهنا أمسى مداني
والأفراح - ولذات الفناني والمثاني
دور
أدام الله لي أوقات سعدي
وأوفي منيتي بالوصل وعدي
خانه
به نلت المنى مذ حل عندي
والأقداح - أديرت بالهنا أول وثاني (محجر) - (تلحين المؤلف)
دع عنك هجري
وخل التجافي
قد عيل صبري
وما الوجد خافي
قم واجل بدري
شموس السلاف
ما زال ظني
بوصلي قويا
خانه
أضنيت جسمي
يا ذا البعاد
وازداد همي
وطال التمادي
يا ليت سقمي
شفي بالوداد
جد بالتمني
وأحسن إليا (أوفر)
غضي جفونك يا عيون النرجس
منك أستحي أن أقبل مونسي
خانه
نام الحبيب فذبت وجناته
وعينك شواخص لم تنعس (نوخت)
رشيق القد خان عهودي
وقد نكر ودي
أسرني فتني ملكني تركني
هائم بالصد والبعد
دور
وبعيد عنه أفنى وجودي
والقلب في وجدي
سباني رماني ضناني
بقاني خده وشعره الجعدي (سماعي ثقيل)
أهوى رشا سهامه عيناه
باللحظ يصيب
قلب العشاق
يهوى تلفي ومهجتي تهواه
والأمر عجيب
عاشق مشتاق
خانه
أقسمت إليه بالذي سواه
حاضر ومجيب - قيوم خلاق
لا أعشق غيره ولا أنساه
لو مت غريب - في أرض عراق (سماعي ثقيل)
يوم تزورني عيد أكبر
يا رشا حلو الشيم
غنج لحظة قد سباني
حاجبه خط القلم
خانه
يا رفاقي ساعدوني
قد صبح جسمي عدم
قل صبري ما احتيالي
هكذا ربي حكم (مصمودي)
أنا لا أسمع بالمليم
في رشا سمهري القوام
حبه في الحشى أقام
إن جسمي غدا كليم
من لحاظه لا كلام
هو منى القلب والسلام
خانه
رمح قد غدا قويم
قد خوى اللطف باحتشام
ليس في مصرها وشام
مثله أفتن الملاح
بالمحاسن وبالخفر
لم ينل غير من صبر (مصمودي) (تلقيته عن المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
طاب وقتي طاب
وانمحي غيني
وجلا الأكواب
أكحل العين
دور - بدر حسن لاح
وجهه الفضاح
فيه لا بالراح
غبت عن أيني
دور - قده المران
فاق غصن البان
طرفه الفتان
سل سيفين
دور - ماس كالغصن
في ربى الحسن
آه لو يدني
قرة العين
دور - في الحشا قد صال
لحظه الفصال
وبدا يختال
تحت بردين
دور - يا أخا العجب
لا تطل عتبي
قد غدا قلبي
بين سكرين
دور - خمر أشواقي
عين ترياقي
فاملأ يا ساقي
منه كأسين (مصمودي)
بالله يا سيد الغزلان
أملا ودير
على رياحين البستان
جنب الغدير
واترك تحاميل الهجران
يا فنان يا منصان
ليش هجرتني - ما رحمتني
يا بدر لا تهجرني
من وصلك لا تحرمني
واترك ما مضى - واملأ الكأس - للجلاس
غاب الرقيب
دور
من الحواجب والألحاظ
خذ لي أمان
قد افتنت منا الوعاظ
أهل البيان
حبيبي حلو الألفاظ
لما مال - في الأطلال
أحرق مهجتي - أجرى عبرتي
لا تبعد عن أعياني
يا سيد أهل وأعياني
واسمح بالرضا - يا مياس
قل الباس
أنت الحبيب (دارج)
سبحان رب كملك
بالحسن سلطان
هل أنت يا حبي ملك
في شكل إنسان
أو أنت بدر في فلك
أو ظبي نعمان
سلطان آمر - مالك مناظر - تحكم على أهل الفريق وربع عامر
دور
قصر - بحقك - ذا الصدود
ماذا التجافي
ما آن يا خلي تعود
ولي توافي
فليس صادق في العهود
صب خلافي
خانه
تحت الأوامر بالروح أخاطر عسى أفوز برشف ريق فاق السكاكر
فصل ثان من الصبا (شنبر)
يا حسن المعاني
يا نزهة الأرواح
حسنك قد سباني مفرد
أوحد في الزمان والحسان
فيه سري باح
والهوى فضاح
دور
ليس لذاك ثاني
بين الورى يا صاح
زاد به افتتاني بدري
عمري مذ أراني خد قاني
بالبها وضاح
صبغة الفتاح - وبعضهم يضع فيه نوا - فيصير (بياتا). (نوخت)
هات بدري شمس راحي
واسقني جاما فجام
بين ندمان صباح
يا مدلل باحتشام
خانه
سيما وقت الصباح
تحت أستار الغمام
لا تدع مضناك صاحي
وتفضل بالمرام (سماعي ثقيل)
املأ لي القأقداح صرفا
واسقنيها في الصباح
شربها تيها وعجبا
نورها كالفجر لاح
خانه
آه من خمرة قديمه
شربها يبري السقيمه
طالع فيها سعيد
كل من قد هام عشقا
فهو سعيد في الصباح (سماعي ثقيل)
فلم أدر أيهما قاتلي
هلال السما أم هلال البشر
خانه
ولولا التورد في الوجنتين
وما راعني من سواد الشعر
لكنت أظن الهلال الحبيب
وكنت أظن الحبيب القمر (مصمودي) - (تلقيته عن المرحوم أحمد أبي خليل)
لازمه
حلو الشمايل يا قوام البان
قم واجل كاس الراح بالألحان
دور
ريم غدا يسبي المها بالجيد
والخد يزهو منه بالتوريد
قد سل سيف اللحظ بالتهديد
من منجدي من طرفه الوسنان
دور
ساقي الطلا بالكاس لما حيى
ميت الهوى بالوصل أمسى حيا
قد لاح بدرا وانثنى خطيا
لما بدى يجلي على الندمان (دارج) - (تلحين المرحوم الأستاذ أحمد أبي خليل)
اليوم يا بدري نزيل الهموم
ونجتمع مثل القمر والنجوم
ونحتسي صرفا كئوس الهنا
بين الندامى في ظلال الكروم
صهباء كانت قبل خلق الوجود
تجلى لدي خطابها بالعقود
لها صبا آدم وموسى وهود
ونال إبراهيم منها العود (وعلى وزنه وفي معناه قول)
هل لك في شمطاء بنت الدهور
تسعى بها رقاق الخصور
زنجية اللون ولكنها
تخجل في الكاسات نور البدور
لولا سنا بهجتها ما اهتدى
في ظلمة الليل إلينا السرور
تنبيك عن كسرى وأشياعه
وعن مليك الروم بهرام جور
لو مر بالموت لها نفحة
قاموا نشاوى من خلال القبور
يا صاح ما الغفلة في شربها
باكر فما اللذات إلا البكور
واستجلها عذراء مشمولة
أم الرهابين وبنت الديور
ما بين ندمان إذا استنطقوا
أغنوا عن الشادي وصوت الزمور
هذا هو العيش فكن عالما
إن حياة المرء حقا غرور (دارج)
يا ليل إن الحبيب وافى
فشد يا ليل دهم خيلك
وانهض ورد الصباح عني
دخلت يا ليل تحت ذيلك
وأنت يا خل فاعتنقني
ومل علي بكل ميلك
فصل البوسلك - والعشاق *** (شنبر) - (تلحين المؤلف)
وظبي سقاني من مراشف ريقه
مداما من الراح الحلال حلالي
خانه
أدار لي الكأسين خمرا وريقه
ونزهني عن جفوة وملالي (رهج) - (تلحين المؤلف)
يا أيها الظبي الذي
حركاته شرك الأنام
ماذا فعلت بعاشق
قلق الحشى بادي السقام
خانه
جم الهموم متيم
دنف بحبك مستهام
يهتز من طرب إذا
أنعمت يوما بالسلام *** (مربع) - (تلحين المؤلف)
لا تحرق الصب بنار المطال
فإنه من سكره ما صحا
خانه
وارحم فؤادا قد كواه الغرام
واجعل له في القرب يوما نصيب
قفله
واسمح لمضنى يا شقيق الهلال
بالوصل واترك في الهوى من لحا (نوخت) - (تلحين المؤلف)
صاح حان الروض باكر
للهنا فالطير صاح
وعبير البان عاطر
وشميم الورد فاح
ينعش الأرواح
دور
وهلال الحسن باهر
فوق غصن القد لاح
طرفه الوسنان ساحر
هتاك البياض الصفاح
وأدار الراح
خانه
اغتنم أشهى الموارد
من رحيق أو شقيق
حيث هام الحام ساجد
في يد الساجي الشريق
لفم الإبريق
قفله
خمرة لو شم عابد
طيب رياها العبيق
لغدا للحان عابر
نافيا قول اللواح
رشف الأقداح (أقصاق) - (تلحين المؤلف)
لازمه
أيها الساقي إليك المشتكى
قد دعوناك وإن لم تسمع
دور
ونديم همت في غرته
وأشرب الراح من راحته
كلما استيقظ من سكرته
جذب الذق إليه واتكى
وسقاني أربعا في أربع
دور
غصن بان مال من حيث التوى
مات من يهواه من فرط الجوى
خفق الأحشاء موهون القوى
كلما فكر في البين بكى
ويحه يبكي لما لم يقع (فيه ثلاثة ضروب: محجر - وستة عشر - وسماعي دارج)
بدت من الخدر
في هيكل الأنوار
تزهو على البدر
وتخجل الأقمار
من ريقها خمري
وثغرها الخمار
سلسله
قم يا ساقي الراح
نستجلي الأقداح
واملا لي - جريالي - تجلي لي - يا صاح
أهي أهيا
سكرى مع الملاح (سماعي ثقيل)
قم بنا حان الحميا
وأجلها صرفا عليا
قد أذبت القلب
يكفي فلي بالملا وانظر
إليا.. لا تكن تغضب
دور
هات شمس الراح هيا
من سناياك الثريا
ثغرك الأشنب
منه الطلا لي حلا ما دمت حيا أيها الكوكب (دارج)
ناح الحمام والقمري على الغصون
أورث لقلبي المضنى كل الشجون
العشق ما هو هين كله فنون
من له حبيب يسعى له في ليل ماسي
مسكين قليب العاشق يا ما يقاسي
دور
جاني حبيبي بدري وقت الصباح
راخي جدايل شعره بعيون ملاح
حبيت أقبل ثغره قال لي متاح
لكن على شرط آحي واعمل خلاصي
مسكين قليب العاشق يا ما يقاسي (دارج) (تلحين المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل القباني)
راق أنسي بالندامى
وانجلى كأس الطلا
مذ بدا نور وجودي
في مقامات العلا
فارتشف طيب مدامي
من لمى ثغر حلا
سلسله
حيث طاب العيش قطفا
والأماني تبتسم
فاشرب الكاسات صرفا
ومن الأنس اغتنم
دور
يا حبيبي رق نحوي
وتعطف بالكرم
أنت سكري أنت صحوي
أنت محبوب الشيم
كم وكم يا بدر تلوي
نحو بنات العلم
سلسله
حيث طاب العيش قطفا
والأماني تبتسم
فاشرب الكاسات صرفا
ومن الأنس اغتنم
دور
دمت يا سامي المقام
في سرور وارتياح
وعلا قدرك سامي
في اغتباق واصطباح
لم يزل جودك نامي
وهو للراجي مباح
سلسله
وبه جمعت لطفا
شمل أنس منتظم
فاشرب الكاسات صرفا
ومن الأنس اغتنم
وله تلحين آخر حسيني عشيران (دارج).
قد تلقينا هذا الموشح البديع وهو بخلاف (الدارج - الجهاركاه) المعروف عند المشتغلين بمصر الآن - أما هذا فهو القديم المعول عليه - ولكن لما كانت خاناته قد نسخت عمليات تلحينها بموت حفاظها - فقد لحنا جميع خاناته من قوة الدور الأول منه تماما كما شهد بذلك كبار الملحنين الذين يميزون الفروق بين التلاحين وبعضها - وكان له كما هو مكتوب في سفينة المرحوم الأستاذ الشيخ شهاب تلحين آخر (جهاركاه) أصول (أربعة وعشرون) أيضا ولكنه فقد من زمن مديد ولم يعلم بالضبط تاريخ اندثاره. (أربعة وعشرون)
كللي - يا سحب تيجان الربا بالحلى
واجعلي - سوارك منعطف الجدول
خانه أولى (حسيني)
يا سما - فيك وفي الأرض نجوم وما
كلما - أغربت نجما أشرقت أنجما
وهي ما - تهطل إلا بالطلا والدمى
قفله
فاهطلي - على قطوف الكرم كي تمتلي
وانقلي - للدن طعم الشهد والفوفل
خانه ثانية (أوج)
تتقد - كالكوكب الدري للمرتصد
يعتقد - فيها المجوسي بما يعتقد
فاتئد - يا ساقي الراح بها واعتمد
قفله
وأمل لي - حتى تراني عنك في معزل
قفل - فالراح كالعشق إن يزد يقتل
خانه ثالثة (شاهناز)
من ظلم - في دولة الحسن إذا ما حكم
فالدم - يجول في باطنه والندم
والقلم - يكتب ما سطر فوق القمم
قفله
من ولي - في دولة الحسن ولم يعدل
يعزل - الألحاظ الرشأ الأكحل
خانه (راست نوا)
لا أريم - عن شربها صهبا وعن عشق ريم
فالنعيم - عيش جديد ومدام قديم
لا أهيم - إلا بهذين فقم وا نديم
قفله
وانهل - من أكؤس صورن من صندل
أفضل - من نكهة العنبر والمندل
خانه (محير)
هل يعود - عيش قطعناه بوادي ذرود
والجنود - في حضرتي تضرب جنكا وعود
والحسود - في معزل عنا غدا لا يسود
قفله
عذلي.. لا تعذلوني فالهوى لذ لي
ما الخلي - في الحب مثل العاشق المبتلي
خانه
أسفرت - ليلتنا بالأنس مذ أقمرت
بشرت - بملتقى المحبوب واستبشرت
شمرت - فقلت للظلماء مذ قصرت
قفله
طولي - يا ليلة الوصل ولا تنجلي
وأسبلي - سترك فالمحبوب في منزل (مربع)
ليالي الوصل عندي عيد
وأوقات اللقا مغنم
وقربي من مليك الغيد
لأمراض الحشى مرهم
خانه
وجوبي للفيافي البيد
وخوضي في الدجى واليم
وأشجاني مع التسهيد
دواعي شوقي المحكم
وله تلاحين أخرى من مقامات مختلفة. (مربع)
يا نديمي دور الأقداح
واسقني يا بدري
من مدامة تنعش الأرواح
في رياض الزهر
سلسله
اسقنيها وا نديم
خمرة تبري السقيم
واستمع قول الحكيم
قفله
إن أداوم شربها يا صاح
زال عني ضري
محجر
هجرني حبيبي
ولا ذنب لي
وزاد بي لهيبي
ولا رق لي
ناديت يا طبيبي
بالله رق لي
سلسله
غزالي هجر
ومني نفر
وخلف لعيني
البكا والسحر
دور
بكيت لأجل خلي
بكاء شديد
تلفت وقال لي
بكاك لا يفيد
سلسله
سرك لا تبوح به
لمن لا تريد
يشيع الخبر
وتدري البشر
تصبر لحكم ال
قضا والقدر (محجر)
يا قوام البان
يا زين الملاح
يا أخا الغزلان
يا فجر الصباح
خانه
جد لمضناك الذي
أمسى رهين
واغنم الإحسان
ما لي من نجاح
دور
يا أمير الغيد
يا بدر التمام
يا طويل الجيد
يا حلو الكلام
خانه
طف بكلمات الط
لا واشف الأنين
واترك الهجران
ما قتلي مباح (ستة عشر)
كثير النفار «واصلني وارحمني»
ما عاد اصطبار
وارعى لي الجوار
واملا لي جريالي
بكاس العقار
خانه
ما لي من قرار - حالي حالي - يا عذالي - ما أنا سالي
وأين الفرار
سوحي في القفار
أليق بي يا حبي
في عشقك جهار (ستة عشر)
هبت رياح المحبة
فحركت غصن قلبي
وبت أهتز طربه
إليك يا لب لبي
خانه - (تلحن المؤلف)
يا ساقي الراح تنبه
هيا فقد طاب شربي
واحنن علي بشربه
وأحي قلبي بقربي (مخمس)
بدري أدر كاس الطلا
فالراح للمضنى حلا
شمس نجلت وانجلي
عني العنا فاسمح ولا
سلسله
يا فاتني يكفي شجون
مضناك قد ذاق المنون
خانه
ما الصبر إلا جدلا
والحب لا يبرح ولا
خلي - من لي - خلي - ذلي - بين الملا
دور
شردت عن عيني الرقاد
والجسم أضناه البعاد
فارحم فتى يرعى الوداد
يا من تملكت الفؤاد
سلسله
بالله دع عنك الصدود
ورق لي واسمح وجود
خانه
هجران مثلي والقلى
يفضي على ذوب الكلى
فاشفي - ضعفي - يكفي - لهفي - يا من حلا (مدور - شاهناز)
زارني المحبوب
في رياض الآس
روق المشروب
وملا لي الكاس
ثغره المرغوب
عاطر الأنفاس
فاز بالمطلوب
من له قد باس
دور
قلت له يا زين
يا رشيق القد
يا كحيل العين
يا ندي الخد
كم تطيل البين
ما تفي بالوعد
صرت فيك مسلوب
دون كل الناس (دارج)
أهوى الغزال الربربي باهي الجمال
حلو المراشف سكري ريقه حلا لي
أحوى حوى كل المحاسن والكمال
إذا تبدى ينجلي مثل الهلال
خانه
يا عاذلي قصر ملامك عن غزالي
جانم على أمان - روحم على أمان
ما للعواذل في هوى روحي وما لي
دور
كاسي جلى.. ولقد ملا من صرف راحي
والليل طال والحب قال دور فداحي
قم يا نديم فيها وقيم وقت الصباح
ما أحلى الوصال والاتصال ويا الملاح!
خانه
محبكم مغرم بكم سكران وصاحي
جانم على أمان - روحم على أمان
حاشا أضام.. عند الكرام، أهل السماح
فصل ثان من الحجاز (مربع)
غصن بان قفد تبدى
بالمحاسن والجمال
يا له ظبي مفدى
قد سبى بدر الكمال
دور
وحوى في الثغر شهدا
ذا الرشا عذب المقال
وأسر بالجفن أسدا
منه بالسحر الحلال (مصمودي)
هجرني فدعني بالبعاد أنتحب وجدي
وخلي دموع العين تجري على خدي
سلسله
دموعي جرت في الخدود
وحبي بدا بالصدود
ترى يا زماني تعود
وأنظر حبيبي عندي
دور
ألا يا صبا مجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وجدا على وجدي
سلسله
حبيبي رشيق القوام
وريقه شقيق المدام
أتى في دياجي الظلام
وجاد لي بحل البند (نوخت)
يا غزالا قد
أعار الظبي تكحيل العيون
وغصينا قد
أعار الروض ميلات الغصون
سلسله
بالذي ولاك حسنا - رق وارحم - صب مغرم
بالجوى حيران
قفله
أوف وعدي وتفضل
وأزل عني شجون (نوخت)
هل يرى في الناس مثلي
عاشق مضنى متيم - ومغرم
رق حتى صار وهما
حار فيه من توهم - فسلم
شاكل الخصر الذي قد
دق معنى ليس يفهم - فيعلم
حارت الأفكار فيه
إذ حوى الكنز المطلسم - وحكم (نوخت)
املا لي يا دري
من صافي الأدنان
وأجلها يا بدري
يا حور الحسان
خانه
املا لي يا صاح راحي
واجل لي الأقداح
من مدامه تبري
فؤادي الظمآن (سماعي ثقيل)
مائس الأعطاف - يتمنى - بالعيون الوسن
كامل الأوصاف - ذا الحسنى - معجبا بالحسن
خانه
يا أملي - صل بعلي - ما حبلي - في وجلي
ما من الإنصاف - تهجرني - يا شفيق الغصن (سماعي ثقيل)
يا غزالا ماس عجبا
بالقوام السمهري
امنح الظمآن شربا
من لماك السكري
خانه
واعتبر حالي - يا غالي - لوم عذالي - يحلا لي (أقصاق) - (تصليح المؤلف)
هات اسقني يا ساقي هات
شرب المدام نور الجهات
وامزج بها ماء الحياة
ماء الحياة من مرشفك
وأتحف بها من أتحفك
دور
بين البدور بالشمس دور
يا بدر في أفق السرور
واصح على عقلي تدور
حتى أكاد لا أعرفك
كن بي رءوف ما أرأفك! (دارج)
عنق المليح الغالي
فداء مالي
للعشق ما أنا سالي
لو طال مطالي
سلسله
دمعي انسجاما
يحكي الغماما
يا مسلمين الشامه
تلاف حالي
دور
دير المدام يا ساقي
وشنف الكاس
لأنها ترياقي
من يد مياس
سلسله
شرب المدامة
يبري السقاما
يا مسلمين الشامة
صلاح حالي (سربند)
ساعد الغزال المخضوب
بات لي وقا
عندما الغزال الرعبوب
جاد باللقا
ما أحسن المحب والمحبوب
شا تعانقا
أو تنادما بالمشروب
أو توافقا
سلسله
ما ألذ عندي يا ناس
خمرة المدامة في الكاس
واعتناق خلي المياس
الهنا حصل والمطلوب
إيش عاد لي بقا
ليلة السعادة مكتوب
ما فيها شقا
فصل ثالث من الحجاز (شنبر) - (تلحين المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
برزت شمس الكمال
من سنا ذات الخمار
أقبلت والبشر قال
احتسوا رشف العقار
خانه
يا خلي البال دعني
من ملام لا يفيد
واترك العذل فإني
قد عدمت الاصطبار *** (ورشان تكريز)
6 (تلحين المؤلف)
عاذلي في الأغيد الأنس
لو رآه اليوم قد عذرا
خانه
وردة بالخد أو خجل
ريقه بالثغر أم عسل
ثقل بالردف أم كسل
كحل بالعين أم كحل
دور
يا لها من أعين نعس
جلبت للناظر السهرا
خانه
نصب العينين لي شركا
وانثنى والقلب قد ملكا
قمر أضحى له فلكا
قال لي يوما وقد ضحكا
قفله
أنجى من أرض أندلس
نحو مصر تعشق القمرا
نوخت (تكريز) - (من تصليح المؤلف والخانة له)
أحبابنا واحربا
واحزنا ضاق الفضا
قفله
البين خلاني هيا
والحكم لله والقضا (مصمودي) (تلحين المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
وجنات الغيد
من تحت القناع
نور صبح العيد
يكسوها الشعاع
وليالي العيد
وقت الاجتماع
روق التوحيد
كلمات السماع
سلسله
إن تهم فهم
بالرشا البسم
يا سليمي عيدي
وقت التداني
دور
يسوي محبوبي
قلبي لا يهيم
واللقا مطلوبي
إذ فيه النعيم
فاملا لي كؤوبي
صرفا يا نديم
واشف بالمشروب
صبا ذا التياع
سلسله
إن تهم فهم
بالرشا البسم
يا سليمي عيدي
وقت التداني (نوخت) - (للمرحوم الشيخ أحمد أبي خليل) - ويأتي أيضا على أصول (الدور الهندي) إذا كان الغرض إلقاءه بسرعة.
هات يا باهي السنا - كاس الطلا - بين ندمان
وأدر راح الهنا - بدري علا - طب بألحان
دور
خمرة تنفي العنا - بها انجلى - غين أحزان
قفله
كم بها نال المنى - بعد الفلا - مغرم عان (نوخت هندي) - (تلحين المؤلف)
يا غزال مالك
شمت الحسود
ليه كدا حالك
يكفي ذا الصدود
دور
يا باهي الجمال
أخلفت الوعود
جد لي بالوصال
واحفظ للعهود (تنبيه ) اعلم أن سفينة المرحوم الأستاذ الشيخ شهاب لم يكن بها موشحات على أصول (النوخت الهندي) ألا واحد وهو (يا مخجل الأقمار) الذي يشتغلون به أرباب هذه الصناعة في مصر ضمن وصلة البياتي.
أما نحن فلما وجدنا أن هذا الأصول أن هذا الأصول سيفقد قريبا إذا اندثر تلحين موشحه سيما وأنه ضعيف في التلحين؛ لأن أكثر شطراته مكررة في العمل كبعضها - تداركته بأن نظمت عليه كثيرا من التلاحين؛ لأن أكثر شطراته مكررة في العمل كبعضها - تداركته بأن نظمت عليه كثيرا من التلاحين البديعة في الصناعة التي تجتذب الألباب وتستلب النفوس - ووضعت هنا منها ثلاثة - هذا النوخت الهندي الحجاز السابق - والنوخت الهندي الجهاركاه المربوط بالنوتة - والنوخت الهندي السيكاه المربوط بالنوتة أيضا. *** (نوخت) - (تلحين المؤلف)
زارني مرادي
وكان الطبيب
واشتفى فؤادي
وجاد الحبيب
والهنا ينادي
بموت الرقيب
ما هنا عواذل
كفينا الملام
خانه
مرحبا وأهلا
بسيد الملاح
ناظري تملى
بنور الصباح
ذا الرشا تجلى
ووصله أباح
ليله تعادل
صفاها بعام (دور هندي) - (تلحين المؤلف)
ارتشف بنت الدنان
بين ورد وأقاح
واغتنم صفو الزمان
في رياض الانشراح
خانه
يا مدير الراح صرفا
قم وشنف لي الكؤوس
من مدام جل وصفا
فائق ضوء الشموس
خمرنا قد رق لطفا
إذ به تحيا النفوس
فاقطف اللذات قصفا
لا تطع قول اللواح (دارج) - (سمعناه من المرحوم أبي خليل) - وله تلحين آخر (سيكاه) أصول (مصمودي) مصري.
يا روحي ويا جسماني
يا راعي الشفيفة الحلوه
على إيش يا جميل تنساني
وأنا ما لي عنك سلوه
دور
سلطان الملاح يا قاني
قد زدت الجفا بالقسوه
مالك في جمالك تاني
المولى يزيدك حظوه
دور
سلطان الملاح يا قاني
قد زدت الجفا بالقسوه
ما لك في جمالك ثاني
المولى يزيدك حظوه
دور
سلطان الملاح ذا الأسمر
على ورد خده حرج
كاتب على الجبين الجوهر
من لا يشتري يتفرج
دور
ارفق بالشجي يا أهيف
ما خاب من يلين عطفه
كم قاصي بعيد صار داني
وأمسى من أهل الخطوه *** (أكرك سماعي) - (تلحين المؤلف)
يا راعي الظبا
في حيك غزال
خلته في قبا
مذرنا وصال
قال لي خذ جبا
واشربها حلال
ناديت مرحبا
يا بدر الكمال
خانه
قل لي يا مصون
ما هذا الدلال
يا حلو المجون
ما آن الوصال
زادت بي شجون
سلواني محال
وحالي أبى
عن غيرك ومال
دور
كم هذا القديد
يقتنص أسود
والخال في الحديد
حارسه يسود
ينثني رويد
راخي البنود
يمشي معجبا
في ثوب الجمال
خانه
مقصدي أراك
يا بدر البدور
يا عود الأراك
محلى تزور
لا أعشق سواك
بسك لا تجوز
يا غصن الربى
يا مزري العوال
فصل السيكاه والخزام (شنبر)
اشفعوا لي يا أهل ودي
عند حبي باللقا
عل يسمح بعد بعدي
ويزول عنا الشقا
خانه (للمرحوم أبي خليل)
ما احتيال قل صبري
والنوا قلبي كوى
سال دمعي فوق خدي
حين بان وأشرقا
مربع
أشرق البدر المفدى
فاتن الغيد الصباح
مشهر البيض الصفاح
أعين للسحر مبدي
طرفها الشاكي السلاح
قتلي أباح
خانه
ما رعى للصب عهدا
ما له عنه براح
بات صادي غير هادي
من تباريح الجراح
وهو لا يبغي مردا
عن غرام وافتضاح
سيد الملاح (مربع)
ماس عجبا بدري
في رياض السندس
صحت روحي عمري
يا أمير المجلس
خانه
هيا قم يا صاحبي
أجل لي أقداحي
من مدامة تبري
وأجلها في الأكؤس
مع طلوع الفجر
يا حياة الأنفس (فاخت)
على إيش يا منى قلبي
ترضى بالصدود
وتشمت بتعذيبي
عذولي الحسود
سلسله
على إيش يا غزال نافر
تهجرني وأنا صابر
هجرك ما له آخر
فتنت الكبود
وأنا صرت من أجلك
عدم في الوجود (مدور)
يا هليلا أطلعه
على غصن الذهب
نجم هاتيك القلائد
قل لمن جفا مربعه
معيسيل الشنب
وغدا عنه مباعد
خانه
إذ سرى وقلبي معه
ولم يقض الأرب
وثناه قول حاسد
اللطيف ما أسرعه
لتفريج الكرب
عند أوقات الشدائد (خمس)
املا واسقيني يا أهيف
يا سيد الغزلان
من صافي رائق فرقف
يروي للظمآن
سلسله
املا كاسي - واجل طاسي - ما بين الندمان
يا حبيبي - كن طبيبي - وارحم تراحم - عاشق مغرم
طول ليله سهران
دور
وجهك مشرق بالأنوار
حسنك يسبيني
فاسمح يا زين الأقمار
وصلك يحييني
سلسله
خدك وردي - ريقك شهدي - رشفه ينشيني
من غرامي - زاد هيامي - جسمي فاني - بالهجران
فانعم بالإحسان (نوخت)
يا أسمر يا سكر
يا لون الذهب
في خدك كيف يجمع
المسا واللهب
يا لاعب بالخنجر
يا راحي العذب
سلسله
غمازك يجرحني
حسبي خنجرك
عزتلو سلطانم
الله ينصرك
دور
من يقطف يا حبي
تفاح الخدود
من يجني يا ربي
رمان النهود
يا قاسي ما ذنبي
نجل ما تجود
سلسله
تهجرني ما يمكن
إني أهجرك
عزتلوا سلطانم
الله ينصرك (نوخت)
قف على أكناف رامه
عند وادي الرقمتين
كي ترى بدرا تماما
ينجلي في الحلتين
خانه
مذ بدا يخطر بقامه
مثله ما في حنين
قلت يا رب السلامه
من كحيل المقلتين (سماعي ثقيل)
كل روح وراح - في جمالك مباح - أنت سيد الملاح
اسقيني بإيدك
من إيدك لإيدك
دور
يا نحيل القوام - التجافي حرام - املا كاس المدام
واسقيني بإيدك
من إيدك لإيدك
دور
الملوك والجنود - بجمالك شهود - والله ما في الوجود
إلا من يريدك
ويهوى خدودك (دارج)
هات يا أيها الساقي بالأقداح
واملا لي كئوسي
واغتنم أنسها حين صبحي لاح
وانجلت عروسي
في ربا زهرها المبتسم يا صاح
نزهة النفوس
والهزار فوقها يا نديمي صاح
إذ بدت شموسي
خانه
كلما يصيح الألحان
مطربا حلالي
صحبتي بصبها في ألحان
شربها حلالي
خمرة المدامة والنديم
وبنت الدوالي
فاسقني السلافة كي أهيم
ففيها الدوالي
سلسله
ساقيها غزال - يفوق الهلال - راخي الدلال
ألحاظه كحال - ترمي بالنبال - خد روحي ومالي
فصل ثان من السيكاه (محجر مصدر)
زراني باهي المحيا - يتهادى بالجمال - بهجة النظار
وجلا كأس الحميا - ورنا يحكي الغزال - وعلينا جار
خانه
جل مولى قد براه - فإننا صبا يراه - باهر الأنوار
قلت طف بالكأس هيا - وتكرم بالوصال - يا أخا الأقمار (مربع)
صال وسنان الجفون
للحشى يرمي النبال
جاء بالسحر المبين
كيف ما الوسنان صال
خانه
مشبها ليث العرين
فاتكا يبغي النزال
لا تسلني عن شجوني
في هوى هذا الغزال (مخمس)
فتحت أزهار
من بكا الأمطار
فوق خديد حبي
مخجل الأقمار
زاد بي تذكار
يا ذوي الأبصار
وسبى لبي
من علي جار
خانه
يا رفاقي كم ألاقي
في الهوى أخطار
يا هو يا هو يا هو يا هو
يا الله يا ستار (نوخت)
بريق الغور من أكناف رامه
شجا قلبي وذكره غرامه
وأجري كالعقيق دموع عيني
فأخجل فيضها فيض الغمامه
وبلبل مهجتي وأطار نومي
فقولي طول ليلي للكرى: مه
وإن رام العذول سلو قلبي
فلا حبا لذاك ولا كرامه
وله بقية طويلة في سفينة المرحوم الأستاذ الشيخ شهاب لا لزوم لذكرها؛ حيث إنها أدوار متكررة ومثل بعضها في التلحين. (سماعي ثقيل)
يا ريم الإظعان
يا دري الثنايا العذاب
وصلك دوا علتي
ذا الهجر لا كان
يصليني أليم العذاب
حاشاك يا بغيتي (سماعي ثقيل)
غزال تركي تركني
ملقى من الهجر
ناديت بالله صلني
يا يوسف العصر
دور
أعرض حليو التثني
فصحت يا عمري
كم ذا تطيل التجني
يا فاضح البدر (سماعي ثقيل)
الراح المدام القرقف
البكر العجوز الشمطا
غطوها الندامى قالت
عين الشمس لا تتغطى
دور
قوموا يا ندامى للحان
نشرب من عتيق الخمر
نستمع الهزار بالألحان
ننتعش بجنب النهر
والبلبل على غصن البان
يصيح فوق بساط الزهر
شاغني واشرب واطرب
في الروضة يجنب البسطه
غطوها الندامى قالت
عين الشمس لا تتغطى (مصمودي)
يا روحي ويا جسماني
يا راعي الشفيفة الحلوه
على إيش يا جميل تنساني
وأنا ما لي عنك سلوه
دور
سلطان الملاح يا قاني
قد زدت الجفا بالقسوة
ما لك في جمال ثاني
المولى يزيدك حظوه (دارج)
لي ليالي طوال
كمال مثال
غزال ونلقاه
مهاود وتياه
تاه دلال ومال
وصال وجال
يخال ما أحلاه
في الملاح وما إلاه
خانه
سلطان الملاح
راحتي وراحي
سلسله
بدري حلي
في حال والغزلي
وفي الجمال قد أفرغ في الحسن
تيمني رونقه ومعناه
في دولة الحسن ما مثله انتشى (دارج)
جل من طرز الياسمين
فوق خديك بالجلنار
واصطفى ذا الجمان الثمين
معدنا في لماك العقار
خانه
يا ابن جيراننا الأكرمين
الذين ارتدوا بالوقار
أنت في أعين العالمين
مثل بدر بدا فاستنار
فصل ثالث من السيكاه (ورشان) - (تلحين المؤلف)
فاتني بطرف الكحل
بغيتي وأقصى أملي
ريقه كطعم العسل
زاد في هواه وجلي
خانه
لحظه يصيد الأسدا
مت من غرامي كمدا
وصله مزيل العلل
ما عليه لو يسمح لي (أوفر) - (تلحين المؤلف)
أيا من حاز كل الحسن طرا
ويا حلو الشمائل والدلال
جميع الناس من عرب وعجم
وما في الكل مثلك يا غزالي
خانه
فاعطف يا مليح على محب
بوعدك أو بطيف من خيال
حلا لي فيك ذلي وافتضاحي
وطاب لمقلتي سهر الليالي *** (نوخت هندي) - (تلحين المؤلف)
في القلب مني غرام
للنار فيه استعار
والجسم مرمي بسهم
فيه الطبيب يحار
دور
والنوم حارب جفني
وما لجفني انتصار
والخل أعرض عني
ما لي بذاك اصطبار
خانه
وفي فؤادي جمر
والجمر فيه شرار
والعين تهطل دمعا
فدمعها مدرار
قفله
وليس إلا بربي
وبالحبيب افتكار (نوخت)
قد حركت أيدي النسيم
تلك الغصون الميس
فانهض وبادر يا نديم
إلى رياض السندس
سلسله
واسقنيها صرفا قديم
بكرا حياة الأنفس
والشوق في قلبي مقيم
يحكي شهاب القبس (مصمودي) - (تلحين المؤلف)
ولما رآني العاذلون متيما
أهيم بمن أهوى وعقلي ذاهب
خانه
وتوالى وقالوا كنت بالأمس عاقلا
أصابتك عين.. قلت: عين وحاجب
دور
بروحي وقلبي شادن غنج طرفه
يعلم هاروت الكهانة والسحرا
خانه
سقاني بعينيه المدام وكأسه
فلم أدر أي الراح أعقبني سكرا (مصمودي) - (تلحين المرحوم أبي خليل)
تثنى كغصن رشيق القوام
وأحرم عيني لذيذ المنام
غزال ربيب به القلب هام
وأمسى كليما أسير الغلام
دور
خلعت بصدري بحر العذار
وليس بعار انهتاك الستار
به جل ناري من الجلنار
ألا فاعذروني براني السقام (أقصاق) - (للمرحوم الشيخ أبي خليل)
صاح هات الراح بنت الدنان
واشرح الصدر الحزين
نلت من دهرك صفو الزمان
ومن الصحب الأمين
دور
طاب لي كاسي وبدري سمح
فاسقنيها يا نديم
وانف بالألحان عنا الترح
وانعش القلب الكليم (دارج) - (للمرحوم الشيخ أبي خليل) لازمه
بروق مربع النجد
أهاجت مذ بدا وجدي
دور
سبوا الألباب بالميل
وهدوا بالنوا حيلي
ونيران الحشى تصلي
ودمع العين كالسيل
دور
ألا يا أيها اللاحي
فإني لست بالصاحي
وأشجاني وأتراحي
أطالت بالجوى ليلي
دور
سقوني خمرة الوصل
وأبدوا بعدها فصلي
وشوقي في الحشى يصلي
ودمع العين كالسيل (دارج) - (للمرحوم أبي خليل)
سباني مذ بدا باهي المحيا
بالحسن والأنوار
ولي بين الظبا راح الحميا
في روضة الأزهار
وأحيا الروح لما زار فأحيا
وأذهب الأكدار
دور
بغنج اللحظ لا بالخمر
سكري وريقه السلسال
ووجدي والهوى العذري
عذري والشوق لي قتال
وبدري هيج بالبلبال
ببشر جماله الزهار
دور
ألا يا منشد الألحان غني
من نغمة السيكاه
وخذ عهد الهوى مني وعني
وارو بلا اشتباه
لأني منبتي حماه وفني
به حلا جهار (سربند)
ما أجهل من يلوم والعشق مقدر
العاشق لا يلام واللائم يعذر
سلسله
أيا محبوب دعنا
فما للهجر معنى
ما قدر كان
وبما دنت تدان
يا بدر جدى يبسم
عن عقد جمان
دور
هل يسمح باللقا حبيبي ويجود
أو صحبتنا بمنة الله تعود
سلسله
إذا ما الليل جنا
إليه القلب حنا
ما قدر كان
وبما دنت تدان
يا بدر دجى يبسم عن عقد جمان
فصل الجهاركاه (شنبر) - (تلحين المؤلف)
حبذا الجاركاه تحلو
في أصول الشنبر
من رخيم الصوت يبدو
ذو الغناء المسكر
خانه
وصدى الطنبور يجلو
كربة القلب الحزين
سما الأوقات تخلو
من رقيب المنظر (مربع) - (تلحين المؤلف)
لي حبيب قد تفرد
بالمحاسن والحلى
لحظه يا ناس جرد
للكئيب المبتلى
خانه
وأسر قلبي ولبي
في الهوى يا أهل الغرام
ريقه سكر مبرد
من رحيق السلسل *** (نوخت هندي) - (تلحين المؤلف)
لزمت السفار
وجبت القفار
وعفت النفار
لأجني الفرح
وخضت السيول
ورضت الخيول
لجر ذيول
الصبى والمرح
خانه
ولولا الطماح
إلى شرب راح
لما كان باح
فمي بالملح (نوخت) - (تلحين المؤلف)
حجبوا الحبيب عني
سلبوا القرار مني
قطعوا حبال ظني
منعوا المنام جفني
خانه
فمر سناه غابا
غصن جناه طابا
رشأ عليه ذابا
كبدي ولم يصلني (دارج) - (تلحين المؤلف)
نبه الندمان صاح
أن داعي الأنس صاح
حيث من أيدي الملاح
لاح نجم السعد لاح
خانه
سيما والوقت يسجم
دمعه فوق البطاح
ورياض الزهر يبسم
عن ثغور وأقاح (فيه ضربان: فاخت - وستة عشر)
يا ليلة الوصل وكاس العقار
دون استتار
7
علمتماني كيف خلع العذار
دور
اغتنم اللذات قبل الذهاب
وجر أذيال الصبى والشباب
واشرب فقد طابت كئوس الشراب
على خدود تنبت الجلنار
ذات احمرار
طرزها الحسن بآس العذار (مربع) - (للشيخ محمد المسلوب)
جل منشي حسنك الفضاح
يا نحيل الخصر
روض خدودك نزهة الأرواح
مخجل للزهر
خانه
أنت رب الجمال
جدت لي بالوصال
لا تعد تيه الدلال
قفله
فليالي وصلك الأفراح
طاب فيها سكري (سماع ثقيل)
زارني منيتي فطاب
وقتي وانشرح خاطري
داوى علتي بريقه
الممزوج بالسكر
سلسله
أمسيت في عيش رغيد
وعاذلي عني بعيد
وقلت يا قمري
ما أحلاك في ناظري
دور
وافاني السرور
لما أتاني بدر الدجى منزلي
بات كأسي يدور
بنكهة العنبر والفوفل
سلسله
وقلت يا كل المنى
واصل ودع عنك العنا
فأطيب السهر
في حضرة القمر (مصمودي)
دع يا عزولي عنك اللوم
في الحب واترك فضولك
مذ جفت جفناي النوم
عصيت في الناس قيلك
دور
أهوى رشا حلو المبسم
وافى وحيى وأنعم
ناديته لما سلم
يا مرحبا... صل خليلك
خانه
أقسمت بالثغر الدري
واللحظ مكنون السحر
أن جل إشراق الدر
أجل عنه تمثيلك
قفله
بالله يا زاهي القد
أنعم بإنجاز الوعد
أبحت لي لثم الخد
بالوصل تمم جميلك
دور
اكشف نقاب الإيضاح
عن الجبين الوضاح
يا مشرق الوجه الضاحي
دع عنك هجري روحي لك
دور
ذا وقت خلع العذار
وفيك هتك الأستار
فحل عقد الخمار
وارفعه غطي تشكيلك
خانه
وساعة اللهو صلها
ولا تكن لاهي عنها
وإن حللنا في التنها
هناك تلقى مسؤولك
قفله
مهلا أيا غصن الرند
يكفي سبيتني بالبعد
فارفق بحالي يا قصدي
بالوصل وارحم مسكينك (دارج) - (سمعناه من المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
يا ورق بنات اللوا
كم ذا تجددن النحيب
زدتن أوجاع الجوى
فوق الذي بي من لهيب
خانه
سالت بنا أيدي سبا
والبين صارمه انتضى
مهلا فكل في الهوى
مثاله أمر عجيب
فصل في النوا - واليكاه
اعلم وفقك الله إلى ما تريد - أن هذين المقامين نادران في مصر - وغاية ما تلقيته من فحول الأساتذة فيها موشحان على أصول (السماعي ثقيل) وهما (تالله أيا من أخذ العقل وسارا) - و(ناح الحمام المطوق) - والاثنان يقران على النوا.
أما مقام (اليكاه) الحقيقي فإنه معدوم أصالة من هنا؛ ولذا فإني لحنت (موشحا) منه طويلا أعجب به أئمة الفن بمصر والأستانة (منبع هذا المقام) أودعت فيه كل ما يمكن أن يشمله هذا المقام - وهذا التلحين بعينه هو الذي جعلناه على كلام الافتتاح الذي أنشدته (جمعية المعارف الشهيرة)
8
في رواية (سميراميس ملكة بابل) في ليلة الأحد 17 يونيو سنة 1905 - وحاز رضاء وإعجاب المتفرجين جميعا - وقد وضعت هذه الثلاث موشحات - مع السبع موشحات الحسيني المصري وجعلتهما في الحقيقة كفصل واحد؛ نظرا لأن مقام النوا في ترتيب السلم الطبيعي للمقامات قبل الحسيني - ثم جعلت للحسيني العشيران فصلا خاصا به؛ لأنه أيضا غير مطروق العمل به في هذه الديار مع أن تركيبه يأخذ بمجامع القلوب.. وفقنا الله وإياكم لما فيه نفع العباد وخير البلاد. (سماعي ثقيل)
تالله أيا من أخذ العقل وسارا
عشاقك مذ سرت مع الركب أسارى
إن طال مدى البين ولم تدن مزارا
فاستبق على الصب من النوم قراره
فالنوم لدى صبك من هجرك طارا
دور
يا عابثا بالغصن وقد ماس دلالا
ما الغصن لدى مثلي يحكيك مثالا
أسبلت على الردف من الشعر حبالا
فارحم دنفا طال به البين مطالا
والقلب من الوجد لقد زاد ضرارا
وله تلحين آخر بياتي أصول (سماعي ثقيل) فتنبه. (سماعي ثقيل)
ناح الحمام المطوق
هيا بنا وا نديم
نشرب كؤوس المروق
من الشراب القديم
خانه
كم خمرة عتقوها
عذراء تبري السقيم
مثل العروس إذ جلوها
في جنح ليل بهيم
وله تلحين آخر (عشاق ) سماعي ثقيل أيضا. *** أصول (أقصاق) - مقام - (يكاه) (تلحين المؤلف)
هات يا ساقي الحميا
إن نجم الليل غرب
واشف يا باهي المحيا
مدنف القلب المعذب
خانه
فإلى كم ذا التواني
يا وحيدا في الغواني
جفنك الفاتر سباني
فاتئد وارع افتتاني
صوتك الساحر شجاني
فصفا وقتي وحاني
فاجل لي صافي القناني
باكرا فالعمر فاني
واسقني حتى تراني
قد عقد منها لساني
راجيا قرب التداني
وهو غايات الأماني
طاب لي اليوم زماني
فاشد لي طيب الأغاني
حيث محبوبي وفاني
بعد ما كان جفاني
في صفا روض التهاني
زف لي غيد المعاني
بين ندمان حسان
حركوا صوت المثاني
قفله
فاملا لي كأسا هنيا
أيها الشادي المربرب
فصل الحسيني (الذي قراره عليه أو على الدوكاه) مربع (يقر على الحسيني)
إن يكن ساقي المدامه
أهيفا خالي العذار
يملا لي كاس العقار
ويكن بين الندامى
قد شدا والكاس يدار
مطرب فاق الهزار
خانه
هات لا تخش الملامه
ليس عن هذا افترار
آه لو دام القرار
يا سروري وانشراحي
إن حصل هذا ودام
فعلى الدنيا السلام
مربع آخر (قراره على الحسيني)
وبعضهم يقر به على النوا - ولا غرابة في ذلك فإن (هل على الأستار هتك) إذا اعتبرناه حسينيا يكون له أسوة به؛ لأنه يقر أيضا على (اليكاه) هو قرار النوا.
دولة الإسعاد وافت
وبدا نجم السعود
وبدور الأنس طافت
تثني أعطاف القدود
خانه
يا سروري إذ تلاقت
منيتي بعد الصدود
بالتهاني والأماني
بين نايات وعود (محجر) (قراره على الدوكاه)
أفديه ريما أثلعا
خنث الشمايل والفنون
أسدا شجاعا أروعا
قد حاز أنواع الفنون
خانه (تلحين المؤلف)
بينا تراه مقنعا
شاهدته شبه المنون
يلهو بأطفال المنى
لهو المقامر بالقمار (محجر) - (قراره على اليكاه)
هل على الأستار هتك
يا أهيل الحي
حق لي والله أشكو
إذ براني العي
والهوى هتك وفتك
والتجافي كي
فارحموا العشاق وابكوا
قد جفتني مي
خانه
هل لكم علم بحالي
معشر العشاق
زاد شوقي وانتحالي
زادني أشواق (مصمودي) - (على الدوكاه)
قل لمعشوق الطباع
مخجل القضب الرشاق
غصن البان لما بان
أنت تفديك العينان
أنت البدر الزاهي على الفنن
أنت ذو الأمر المطاع
أنت مأمول الوفاق
بعد الآن لا تنسان
أيها الغصن الفينان
واذكر مغرم في شكلك الحسن
خانه
آه من مر الوداع
آه من حر الفراق
يا فتان حيني حان
حين فارقت الأوطان
من حيث قد انتقلت بك الظعن
من لنا بالاجتماع
بعد هذا والتلاق
هو الحنان المنان
ذو العطايا والإحسان
حسبي في لوعاتي وفي الشجن (سماعي ثقيل) - (قراره الدوكاه) -
9
هي ظبي نفار بظبي اللحظ يصول
ميلي لك بالطبع فهل أنت ميول
سلسله
رفقا بشج زاد اشتياقا وغراما
كم أشرح عشقي لك والشرح يطول
دور
يا بدر كمال بدجي الشعر تبدى
كم ذا بتجاف وصدود تتصدى
خانه
ارحم دنفا ذاب احترافا وسقاما
عن عهدك يا غادر ما كان يخول (دارج) - (قراره على الدوكاه)
الزهر في الروض قد تكلل
وكوكب الصبح قد تهلل
والورد بالعجب جر ذيلا
والآس بالطل قد تبلل
والنرجس الغض لاح يزهو
بطرفه الناعس المذبل
وقام شحرورها خطيبا
عليه ثوب الجمال مسبل
وإذ علا منبر الروابي
كبر من فوقه وهلل
وبسط الياسمين كفا
كأنه للدعاء يسأل
يا صاح جدد لنا سرورا
فليس وقت السرور يهمل
أما ترى الصفو راق معنى
وأنسنا بالهنا تكمل
فصل الحسيني عشيران *** (مربع) - (تلحين المؤلف)
مر ساجي الطرف بدري
ورنا نحوي وصال
قده بالبان يزري
وجهه فاق الهلال
دور
صحت يا روحي وعمري
أنت سلطان الجمال
رق لي قد بان عذري
وانعطف يا ابن الحلال
خانه
قال لي باهي المحيا
منيتي قان الخدود
سر بنا للروض هيا
نجني أعطاف القدود
قفله
نحتسي صرف الحميا
بين نايات وعود
وارتشف راحا بثغري
من رضاب كالزلال (مخمس) - (تلحين المؤلف)
ساجعات الحمام
بالليل في سفح نعمان
ذكرتني غزالي
عند تلك الخيام
ما بين حور وولدان
في سعود الليالي
خانه
يا رشيق القوام
يا من حكى قده البان
يا بديع الجمال
إن حبك أقام
في القلب وأمسيت حيران
فيك فاشفق لحالي (نوخت) (سمعناه من المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
اسمح وجد يا منيتي
يا مفرد الحسن البديع
إن كنت تطلب مهجتي
إني أنا العبد المطيع
دور
يا حلو يا زاهي الجبين
يا من سبيت كل الملاح
يا من خديدك يا سمين
والثغر راحاتي وراح (سماعي ثقيل) - (تلحين المؤلف)
هيا بنا للحان
نشرب على الألحان
مع رنة العيدان
في حضرة الندمان
واصنع معي إحسان
يا من سبى الولدان
دور
قلبي غدا ولهان
من لوعة الأشجان
لا يعرف السلوان
لو كان مهما كان
ليت العذول ما كان
يا سيد الغزلان
خانه
واستجل يا عمري
حمراء كالجمر
واسمع غنا القمري
في روضة الزهر
واغنم صفا الدهر
في الحال يا بدري
قفله
واشطح مع الندمان
يا بهجة الأزمان (مصمودي) (سمعناه من الأستاذ المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
العيون النرجسية
تورث القلب السقام
والثنايا اللؤلؤية
زانها حسن ابتسام
خانه
سيدي لي فيك غيه
هي قصدي والمرام
امزج الكاسات هيا
واسقني صافي المدام (أقصاق)
بعد أحبابي كساني الأرقا
عز صبري فلهم طول البقا
كنت بالشعب وكانوا جيرتي
وافترقنا والهوى ما افترقا
خانه - (تلحين المؤلف)
أيها الساقي على أعطاف ورق
واجتل الراح على عود ورق
قفله
ذهب قد ذاب في كأس ورق
فوقه در الحباب انتسقا (دارج) (سمعناه من الأستاذ المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
محبوبي اقتصد نكدي
قوى بالبكا رمدي
صحت من لهيب كبدي
أحرق الضنى جسدي
خانه
مسني السهر بت في فكر
قلت يا قمر من بلى صبر
قفله
في هواه فني جلدي
من عذاره الزردي
دور
محبوبي شهر علمه
صارت الملاح خدمه
خالقي بسط نعمه
وأنا بسطت يدي
خانه
خالق الأمم
مسبل النعم
صاحب الحكم
جل واحتكم
قفله
فالسماء بلا عمد
وعليه معتمدي (دارج) - (سمعناه من الشيخ أبي خليل)
إنما أنت قمر
لاح في داجي شعر
فوق غصن يانع من ذهب
بين طول وقصر
وبلوغ وصغر
زاكي الجد شريف النسب
خانه
ما أحسنك تمسي نديمي
أو شريكي في نعيمي
في دجى الليل البهيم
أيها الشادي الوسيم
قفله
هكذا العشق قدر
كل من هام عذر
رب ربح لا يجي بالتعب
دور
أول العشق شغف
وتماديه تلف
رب غثني وتلافى تلفي
يا غزالا في غرف
حاز حسنا وهيف
ومعان حازها بالصدف
خانه
من يداوي لي سقيمي
يا إلهي كن رحيمي
أنت ذو الفيض العميم
اجبر القلب الكليم
قفله
لذلي طيب السمر
حين بدا نور القمر
عاذلي لم يجن غير النصب (دور هندي - معرب)
زارني صنو الغزال
يتجلى مثل الهلال
قده بالاعتدال
يزدري السمر العوال
سلسله
صحت يا راخي الدلال
قم وشنف لي الكؤوس
حسوها اليوم حلالي
يا بديعا في الجمال (سربند) - (تلحين المؤلف)
غرام الحبيب
أمير الملاح
غريم الأديب
أسير النواح
سلسله
فداوى كلوم
قتيل الغرام
ليسلي هموم
النوى والجراح
فصل العجم عشيران (والشوق أفزا) (شنبر) (للأستاذ المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
قم ولازم يا معنى
لثم ثغر ألعس
يا له غصنا تثنى
في رياض السندس
خانه
قلت يا باهي المحيا
عاطني كأس المدام
فهزار الروض غنى
منعشا للأنفس (مخمس تركي) (تلحين المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
يا من رمى القلب وسار
رفقا فما هذا النفار
خانه
وفتى صفا والكاس دار
لما وفى عندي وزار
دور
علمتني النوح يا غزال
في ظلمة الليل الطويل
خانه
اسمح وجد لي بالوصال
وارحم فتى خلع العذار (ورشان) (تلحين المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
آه من جور الغوالي
آه من حر الفراق
سيما راحي الدلال
من سما حسنا وراق
خانه
خده الزاهي المورد
فاق أنوار الشموس
كامل الأوصاف الاغيد
قد سمح لي بالتلاق (أقصاق) شوق أفزا (للمرحوم أبي خليل)
كيف لا أصبو لمرآها الجميل
من سناها يخجل البدر التمام
خانه
غادة في حبها جسمي نحيل
وفؤادي في هواها مستهام
دور
خيزران القد أم أغصان بان
أطلعت بدرا بليل الشعر بان
خانه
فيها قلت حيلتي والصبر بان
وكساني البعد أثواب السقام (دارج) (تلحين المرحوم الأستاذ الشيخ أحمد أبي خليل)
شادن صاد قلوب الأمم
بجمال وشرد
حل في سرحة وادي سلم
بين تيه وغيد
خانه
ليس في العرب ولا في العجم
مثله رطب الجسد
قلت لما طاف بالملتزم
وعلى الحجر اعتمد
قفله
يا رشا الخيف وبان العلم
مدد الله مدد
دور
جل من أنشاك يا هذا الغزال
فتنة للبشر
وكسا خديك أنواع الجمال
بالبها والحور
خانه
يا رشيق القد يا راخي الدلال
يا كثير الخفر
طفت بالأركان وحول الحرم
وتركت الهزل جد
قفله
يا رشا الخيف وبان العلم
مدد الله مدد (ثقيل إسلامبولي) - (تلاحين المؤلف)
يا منى العين ترفق بجريح المقل صبك المفتون
إن دمعي قد تدفق يا حياتي رق لي إنني محزون
خانه
واسق صبا مستهاما
في الهوى يا أملي
قلبه مرهون
جيدك الحالي مطوق
يا أخا البدر الجلي
دره مكنون *** (مربع) - (تلحين المؤلف)
حبيبي طاف بالأقداح
بروض البان والأزهار
وأشرق نوره الوضاح
بوجه يخجل الأقمار
خانه
ووافى بالغصون يزري
فزادت لوعة الأشجان
وقد حلت به الأفراح
بديع الحسن لما زار *** (نوخت) - (تلحين المؤلف)
من لصب في الهوى
صاده لحظ الغزال
حيث غزلان اللوا
أقبلت تبغي نزال
خانه
دون ذياك الخبا
حامت القوم العزاز
من كونه بالجوى
لم يكد يبدو هزال (سماعي ثقيل) - (تلحين المؤلف)
ورب يوم سرور
بالمهرجان قصير
لو بعته بسنين
واعمر ودهور
وكلها في نعيم
ما كنت بالمغدور
دور
بكر علي بكأس
فالكأس في التبكير
أما ترى النجم ولى
وهم بالتغوير
اليوم قصف وبط
فسقني بالكبير
خانه
من كف ظبي مليح
ساجي الجفون غرير
يزهو بورد خد
قد خدشت بعبير
وشعره من ظلام
ووجهه من نور
قفله
يزود اللحظ في العين والهوى في الضمير (دارج) - (تلحين المؤلف) وله تلحين آخر (عجم بوسليك لأبي خليل)
بالله يا باهي الشيم
صلني.. وجودي كالعدم
أظهرت سري المكتتم
ما بين دمعي والسقم
سلسله
بالله قد خط القلم
إن الهوى حكم حكم
دور
بدر منير أو ملك
ما خاب راج أم لك
جل الذي قد كملك
في كل حسن تم لك
سلسله
كم من جهول إن هلك
نال الشفا من منهلك (تنبيه) لم يلحن أحد في مصر من هذا المقام لا موشحات ولا أدوار - غير المرحوم محمد أفندي عثمان؛ فإنه لحن دورا واحدا منه وهو (اليوم صفا) - مع العلم بأنه (شوق أفزا) - وليس بعجم كما يخبرون هنا عنه.
فصل الأوج (شنبر) - للمرحوم الشيخ (أحمد أبي خليل)
أفرغ الروض علينا
حلة من سندس
والسما تزهو لدينا
برداء أطلس
دور
أيها الساقي المفدى
أجلها بكرا عروس
نورها حيث تبدى
أخجلت منه الشموس (مربع)
هي مليحا يتجلى
في الحلى والحلل
سيف لحظ مرسل
في فؤاد المبتلى
ها أنا لك وأنت لي
دع كلام العذل
زر وشرف منزلي
هي بنم روحم على
خانه
أنت سلطان الملاح
قتلتي من لك أباح
من ظبي اللحظ الصحاح
قد ملي قلبي جراح
قفله
لا تطع قول اللواح
بالنبي المرسل
زر وشرف منزلي
هي بنم ورحم علي (محجر)
يا غصن البان
قدك فتان
انعم بلمى ثغرك
فالعاشق ظمآن
دور
خدك تفاح
ريقك كالراح
والنرجس في الطريق وفي صدرك رمان (نوخت)
شادن باللحظ صايل
مربى وقت الأصايل
قلت يا محبوب واصل
صبا مسقم - نه كوزل يا رشا عمرم أمان
دور
قده كالغصن عادل
ليته في الوصل عادل
إن مشى يعمل عمايل
تسبي المغرم - نه كوزل يا رشا عمرم أمان
نوخت
يا نسيمات الصبا
روحي أرض الحجاز
غني في لحن الصبا
أو نغيمات الحجاز
سلسله
وانشدي صبا صبا
وانعشي أهل المجاز
هام من عهد الصبى
راغب يرجو النجاز (سماعي ثقيل)
ليالي الوصل عندي عيد
وأوقات اللقا مغنم
وقربي من مليك الغيد
لأمراض الحشى مرهم
خانه
وجوبي للفيافي البيد
وخوضي في الدجى واليم
وأشجاني مع التسهيد
دواعي شوقي المحكم (سماعي ثقيل)
مليك الحسن في وقت التصافي
سمح بالوصل من بعد التجافي
ملا لي كاس راحي بارتشاف
دعوني والذي يسقي الحميا
خانه
خده مياس
مثل عود الآس
حين بدا بالكاس
أنا عاشق ومغرم (مصمودي)
سبحان من سوى حسنك
وبالبها زادك رفعه
وزان بالحسن خلقك
واللطف يا باهي الطلعه
خانه
يا خل خلي أعراضك
وزر حمانا في الجمعه
بالله لا تصحب غيري
فالجار أولى بالشفعه (أقصاق)
بأبي باهي الجمال
مائس القد
قده فاق العوالي
آه لو يجدي
خانه
صحت يا راخي الدلال
يا منى القصد
جد لي باللقا يا غصن النقا - يا من قد رقى
رتبة المجد
دور
يا أخا البدر المفدى
يا قوام البان
من لهجرانك تصدى
مات في الهجران
خانه
يا هلالا إذ تبدى
نور الأكوان
كأسي أشرقا - يزهو رونقا - منه يستقى
أعذب الشهد (دارج)
أدر راحاتي
على الراحات
ففي نشآني
إشاراتي
وسز نغماتي
على الآلات
ففي أبياتي
تحياتي
سلسله
وطف بألحان
يا قوام البان
أنت لي سلطان
والحبيب الوافي
دور
ألا عاطيني
التي تحييني
فشرب الصيني
يداويني
وقم حييني
على النسرين
وحور العين
تغنيني
سلسله
لأن الراح
نزهة الأرواح
فاصطبح يا صاح
من مدامي الصافي
دور
ألا يا سعدي
حبيبي عندي
وفى لو وعدي
من القصد
حياتي وحدي
بلثم الشهد
وضم النهد
بلا ضد
سلسله
ونحوي مال
منتهى الآمال
باللمى السلسال
والرضا بالشافي
فصل ثان من الأوج (وفيه عراق - وفر حناك - وبسته نكار) (مربع) أوج - والخانه فرحناك - (تلحين المؤلف)
في رياض الآس وافاني منيتي محبوبي
وملا لي الكاس وسقاني صافي المشروبي
خانه
قم يا صاح نجلو
الراح بالأقداح
بدري لاح
بالأفراح
قفله
وبكأس طاف يمنحني
من رحيق الدن (مربع)
جل من أنشا جمالك
فتنة للناظرين
وختم بالمسك خالك
في خديد الياسمين
خانه
يا عبيد الله يا من
منظرك يشفي العليل
جد وبلغني وصالك
واشف ذا الداء الكمين (وهج)
كم وكم ذا الصدود يا أملي
ضاع صبري وقل محتملي
خانه
دع مقال العذول والعذل
واسقني من رضابك العسل
دور
الأمان الأمان من مقلك
يا مليكا على الملاح ملك
خانه
سيف لحظيك في القلوب سلك
وسباني قوامك الأسل (ستة عشر) - (تلحين المؤلف)
ومهفهف طاوي الحشى
خنث المعاطف والنظر
ملأ العيون بصورة
تليت محاسنها سور
خانه
فإذا رنا وإذا مشى
وإذا شدا وإذا سفر
فضح الغزالة والغما
مة والحمامة والقمر (سماعي أقصاق) - 10 من 4 - تلحين المرحوم الأستاذ (الشيخ أحمد أبي خليل) - أما تلحين مصر فهو (مصمودي).
شجني يفوق على الشجون
يا مائسا فضح الغصون
وصل الحبيب متى يكون
لمتيم قلق الجفون
يا صاح كم من عاشق
في عشقه ذاق المنون
لا تعشقن مدللا
فدلاله يرث الجنون (مربع) بسته نكار - (تلحين المؤلف)
عيناك وحاجباك قد أسرفنا
والطرف كحيل
مع لين قوام
أطلق برضاك في الهوى أسرفتي
حيران ذليل
يقنع بسلام
في ثغرك خمرتان قد حرمتا
من غير دليل
يا بدر تمام
والعاشق ظمآن فيا حرمتي
تسقيه قليل
من ريق مدام (ستة عشر) بسته نكار - (تلحين المرحوم أحمد أبي خليل)
بدر حسن لاح لي ينجلي
فوق غصن بالحلي
ينثني والحلل
يحمي فأزل عنه الجوى
بظباء الكحل
يا حياتي قد توا في الهوى مدنف واهي القوى
من تباريح النوا
فأزل عنه الجوى
بتوالي القبل
وا عنائي في الغرام للغلام آل لا يرعى زمام
لمشوق مستهام
فعلى روحي السلام
حان حين الأجل
ما احتيالي في غزال كالهلال ماس تيها ودلال
بين أرباب الجمال
ريقه العذب الزلال
سلسبيل العمل (ستة عشر) - بسته نكار
ترى العقد في ثغره محكما
يرينا الصحاح من الجوهر
وتكملة الحسن إيضاحها
رويناه عن وجهه الأزهر
ومنثور دمعي غدا أحمرا
على آس عارضه الآخر
وبعت رشادي بغي الهوى
لأجلك يا طلعة المشتري *** (ظرفات) بسته نكار (تلحين المؤلف)
الشوق أعياني
يا قرة الأعيان
والبين أوطاني
مواطئ الأشجان
فدمع أجفاني
من فرقتك الوان
أضحى بأوجاني
كالدر والمرجان
خانه
أبكي إذا غرد
طائر على الأشجار
وأقول إن ردد
وباح بالأسرار
كأنه معبد
قد حرك الأوتار
هيجت أشجاني
يا طائر الأشجان (أقصاق) (تلحين المرحوم الشيخ أحمد أبي خليل)
قم لنحو الحان
وبادره حضرة الندمان
فهي منهل
واشد بالألحان
ورنم في صبا الناي لي
والحسيني
دور
يا مدير الراح
أدر لي الخمر بالأقداح
وتعلل
مع رشا إذ لاح
يحاكي الغصن في الميل
والرديني
فصل في طرف من الدوبيت المستظرف
اعلم أن دو بضم الدال المهملة وسكون الواو كلمة فارسية بمعنى اثنين من العدد على ما تقدم ذكره في الدوكاه - فدوبيت بمعنى بيتين؛ لأن غالب ما ينظم على وزنه إنما هو بيتان اثنان فقط - وقيل هو من بحور الشعر المهملة وشطره (فعلن متفاعلن فعولن فاعلن - وقد يدخل الخبن عروضه وضربه وكذا القطع أيضا كما يتبين ذلك لمن يعرف علم العروض ومنه.
القلب إليك مال شوقا وصبا
والصب جوى يبيت يشكو وصبا
بالله عليك لا تطل هجر شج
قد هيج وجده شمال وصبا
بالله عليك يا حبيبي قل لي
هل ترحم إن علمت يوما قلي
حتى لك أظهر الذي أكتمه
علي بكئوس فيك أروى علي
أهواه مهفهفا ثقيل الردف
كالبدر يجل حسنه عن وصف
ما أحسن واو صدغه حين بدت
يا رب عسى تكون واو العطف
ته واجف وصد كيفما شئت علي
في حبك قد تبدل الرشد بغي
والقلب ما يرى على الحب فلا
ينساك ولا يفرح في الكون بشي
الغرة والطرة صبح وظلام
والتهكة والريقة مسك وختام
والمقلة والحاجب قوس وسهام
من ظل بها مغرم كيف ينام
إن فاتني تغيرت أحوالي
أو واصلني فوصله أحوى لي
ما أوجب بعده سوى أفعالي
لا يخطر لي بأنها أفعى لي
الورد بوجنتيك زاه زاهر
والسحر بمقلتيك واف وافر
والعاشق في هواك ساه ساحر
يرجو ويخاف فهو شاك شاكر
إن أضحكني فطالما أبكاني
أو قربني فطالما أقصاني
ما أتعب خاطري وما أشقاه!
من ينصفني وحاكمي سلطاني
دوبيت مردوف
أغصان هواك بقلبي غربت من غير كلام
أشكوك غدا إذا النجوم انكدرت في يوم زحام
والصحف إذا تطايرت وانتشرت والناس نيام
نفس سئلت بأي ذنب قتلت والقتل حرام - ومثله - (ناحت فأجبتها متى نوحك ليش - من غير سبب)
دوبيت مردوف المردوف
عيناك وحاجباك قد أسرفتا
والطرف كحيل - مع لين قوام
أطلق برضاك في الهوى أسرفتي
حيران ذليل - يقنع بسلام
في ثغرك خمرتان قد حرمتا
من غير دليل - يا بدر تمام
والعاشق ظمآن فيا حرمتي
تسقيه قليل - من ريق مدام - ومثله (أهوى رشأ سهامه عيناه - باللحظ يصيب - قلب العشاق)
دوبيت مردوف المردوف ومردوفه
يا من فتكت بمهجتي مقلته
لما رمقا
جد لي بوصال
يحيي رمقي
مضناك جرت من الجفا عبرته
سحقا غدقا
في حبك نال
ما لم يطق
من بعد تنعم علت زفرته
وازداد شقا
من رشق نبال
سود الحدق
لم يطف لهيبه ولا حرقته
يا غصن نفا
إلا بزلال
فيك العبق
دوبيت مردوف المردوف ومردوف مردوفه
يا من تجلى إلى الحمى مصرفه
بالله عليك
خذ معك كتاب
من صب جريح
فيه جبري
لي ثم رشا عساك أن تستعطفه
إن هان عليك
في رد جواب
من نطق فصيح
واكفف ضرري
إن عرض بي فقل نعم أعرفه
مشتاق إليك
قد رق وذاب
والجفن قريح
بين البشر
ما يتركه هواك أو تبلغه
والأمر إليك
ما الهجر صواب
بل ذاك قبيح
من مقتدر
10
هوامش
الفصل السادس عشر
ترجمة (المرحوم الأستاذ الكبير الشيخ أحمد أبي خليل القباني الدمشقي)
هو العلامة الفاضل والأديب الكامل الأستاذ الجليل، الشيخ أحمد أبي خليل.
ولد المترجم من أسرة كريمة المحتد بمدينة دمشق المحمية. سنة 1258 هجرية. ولما ترعرع شمر عن ساعد الجد في اجتناء ثمر العلوم. حتى صار بين أخدانه كالبدر بين النجوم. وارتقى ذروة المعارف. فتحلي من المجد بالتالد والطارف، وفي ذلك الحين كلفه (صبحي باشا) والي تلك الديار أن يؤلف جوقا للتمثيل يرقي بواسطته الأفكار السقيمة. إلى مكارم الأخلاق والمبادئ القويمة. فقام بهذه المأمورية خير قيام. حتى افتخر به الخاص والعام.
وما زال بين آله وصحبه في أسعد حال. وأرغد عيش وأنعم بال.
والشمل مجتمع والجمع مشتمل
على الجميل وحسن الخلق والخلق
حتى أنزلته الأيام بعد إثبات رجله في ركابها. وخذلته حوادث الدهر بعد أن ذلل العظيم من صعابها.
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
ذلك أن بعضا من مشايخ الشام. قدموا تقريرا إلى دار خلافة الإسلام. فالواقية ما معناه: - إن وجود التمثيل في البلاد السورية. مما تعافه النفوس الأبية. وتراه على الناس خطبا جليلا. ورزءا ثقيلا؛ لاستلزامه وجود القيان. ينشدن البديع من الألحان. بأصوات. توقظ أعين اللذات. في أفئدة من حضر من الفتيان والفتيات. فيمثل على مرأى الناظرين. ومسمع من المتفرجين. أحوال العشاق . وما يجدونه من اللذة في طيب الوصل بعد الفراق. فتطبع في الذهن سطور الصبابة والجنون. وتميل بالنفس إلى أنواع الغرام والشجون. والتشبه بأهل الخلاعة والمجون. فكم بسببه قامت حرب الغيرة بين العواذل والعشاق! وسفك الدماء البريئة وأراق. وكم سلب قلب عابد. وفتن عقل ناسك وحل عقد زاهد! كذا قد يرى الإنسان فيه من اللهو، وأحاديث اللغو ما يذهب بفكره. ويضل الطير عن وكره. حتى إذا ما ارتكبت النفس أعظم الموبقات. واجترمت أنكر المحرمات. وابتذلت الخدور. ونفقت سوق الفحش والفجور. وذهب المال. وساء الحال. لا ينفع من ثم التلافي بعد التلاف. ولا يرد السهم إلى القوس وقد خرق الشغاف - ومثلوا بالتمثيل، زاعمين أنه أس كل رذيلة وفعل وبيل...
فحرر الأستاذ خطابا إلى أحد أعيان الإسكندرية يستشيره في الشخوص من عدمه. ويخبره بما جرعه به الدهر من كأس غدره وظلمه. فاستدعاه. مؤكدا له نيل مناه. فكان الناس ينتظرون وقت وصوله. انتظار المحب رجع رسوله. وأقاموا يترقبون تحقيق ذلك الأمل. حتى حضر الفاضل الأجل. فقوبل من وجهاء القوم على الرحب والسعة. والكرامة والدعة. وأخذ اسمه من ذلك الحين ينتشر ويدوي في كل قطر. كأنما تداول سمع المرء أنمله العشر. فكان مرسحه موردا عذبا يؤمه الكبراء والأمراء. والشعراء والأدباء؛ لمشاهدة رواياته وجلها من منشآته
1 . لما جمعت بين جزالة الألفاظ وعذوبتها. ورقة المعاني ودقتها. أرهفت نواحيها بالتهذيب. وطرزت حواشيها بكل فكر غريب. شهد بحسنها الكثير من أئمة البلاغة. ومتقني صناعة الصياغة. كما شهد من قبل أكابر الموسيقيين. وفطاحل الملحنين. بما له من بديع التلاحين الرقيقة لأناشيد الطرب الأنيقة. ما يزري برنة الدينار. ويذهب بصوت الناي والأوتار. ويطوح بالهموم والأتراح، ويغني بلذته عن الراح. فكم له من قطعة رافعة للقدر. ومدحة شارحة للصدر. ومرثية مبكية وللعيون. ومقطعات مختلفة الفنون - هذا ما يتعلق بالإنشاد والإنشاء. أما التمثيل فحدث عنه كما تشاء. فقد بلغ فيه أستاذنا من الإجادة ما فوق الإرادة. بجسم الوهم. وبقربه إلى الفهم. يلبس المجاز بالحقيقة. وما تكلف ولكن أملت عليه السليقة.
وفي تعب من يحسد الشمس نورها
ويجهد أن يأتي لها بضريب
ومن أجل مزاياه أنه كان خصيصا بطريق من طرق الغناء. وتفرد بها تفرد القمر في السماء، فكان بعد انتهاء كل رواية يلقي من القطع الموسيقية شذورا تنزو لها الأكباد. ويتحرك لحسن وقعها الفؤاد. حتى أحرزت مصرنا من إقامته فيها فنونا جزيلة. وفضائل جليلة. يقدرها حق قدرها أولو السجايا الحميدة والعقول الحصيفة. ولا ينكرها إلا ذوو الأغراض السافلة والآراء السخيفة.
وكان أيضا على جانب عظيم من ثبات الجأش وقوة العارضة. في تفهيم المعنى وتقرير القاعدة. فيقولهما بكلام بسيط يقرب من الأفهام. ويسهل تناوله لمن له بهذا الفن أدنى إلمام.
ولطالما سمعته يقول: - التمثيل جلاء البصائر، ومراءة الغابر. ظاهرة ترجمة أحوال وسير. وباطنه مواعظ وعبر. فيه من الحكم البالغة. والآيات الدامغة. ما يطلق اللسان، ويشجع الجبان. ويصفي الأذهان. ويرغب في اكتساب الفضيلة. ويفتح للبليد باب الحيلة. ويرفع لواء الهمم. ويحركها إلى مسابقة الأمم. ويبعث على الحزم والكرم. يلطف الطباع ويشنف الأسماع. وهو أقرب وسيلة لتهذيب الأخلاق ومعرفة طرق السياسة. وذريعة لاجتناء ثمرة الآداب والكياسة. هذا إذا تدرج فيه من ذكر الأحوال. إلى ضرب الأمثال. ومن بيان المنهاج. إلى الاستنتاج؛ ليرتدع الغر من غيه وينزجر. ويجد العبرة في غيره فيعتبر.
صفاته: - كان رحمه الله أنيسا وديعا ذا خلق وسيم. وطباع أرق من النسيم، أديبا ذرب اللسان، لبيبا لم يختلف في فصاحة ألفاظه اثنان. يجمع في شعره الرواية والروية. والبديهة القوية. كل بيت له من الشعر خير من بيت تبر. له سماحة وحماسة. وتدبير وسياسة. مع ثبات أقدام. وصبر وإقدام، قد صيغ من أكسير اللطافة. وتجسم من روح الظرافة. كريم الفقر. وكذلك ذو المنة إذا قدر. مقبول الرجاء، عند الأمراء. لا يمنعه من مساعدة الضعفاء من أبناء فنه إلا ما انطوى عليه البعض من سوء النية. وخبث الطوية. له معرفة تامة ببعض اللغات غير العربية؛ كالفارسية والتركية - ولم يزل اسمه يضرب في كل مكان به المثل. كما كانت باطن يده في حياته للندى وظاهرها للقبل، وبالجملة فمحاسنه لا تحصى بعد. وأوصافه لا تدرك؛ لأنها لا تنتهي إلى حد.
سافر إلى الأستانة في آخر عمره. ولا رفيق له غير علمه وفخره. فأكرم مثواه بعض وزرائها ذوو النخوة والمروءة. والحمية والفتوة. وأنزله المنزل الرحيب. واعتنى به اعتناء المحب للحبيب... وأخيرا استأذنه في الظعن. وأعلمه باشتياقه على الوطن. فآب إلى الشام. شاكرا جميل هذا الهمام. مثنيا عليه ثناء الروض على الغمائم. مترنما بذكر محاسنه ترنم الحمائم. فوافته المنية ليلة سبع وعشرين من رمضان سنة 1320 هجرية. *** فهلعت القلوب عند هذا النبأ العظيم. وارتاعت النفوس لوقعه الأليم بموته أحيى الأسف. وشوى الأكباد على جمر التلف.
وكنت عليه أحذر الموت وحده
فلم يبق لي شيء عليه أحاذر - فكم ارتفعت عليه من الصدور حسرات وزفرات. وسالت من المآقي دموع وعبرات فواها لحشاشة الفضل أرصدها الدهر غوائله. وبقية الفن جر عليها كلاكله. ويا لهفي على هضبة العلم كيف زلزلت. وحدة الذكاء والفهم كيف قللت.
والموت نفاد على كفه
جواهر يختار منها الحسان
ترك خلفه فنونا تبكيه، وتلامذة ترثيه. ومرسحا كان بوجوده مجمع الأنس ونادي الهنا والسرور. فإذا ما صعد عليه صفق الناس طربا وانشرحت الصدور. تفرق شمل صحبه والرفاق. وآخر الصحبة الفراق.
وقد انقضت تلك السنون وأهلها
فكأنها وكأنهم أحلام
ذلك هو الموت الذي لولاه لما كان لك للشجاعة فضل على الجبن والضراعة، والكأس التي يستوي في تجرعها الصغير والكبير. والسبيل المحتوم سلوكه على الصعلوك والأمير. فكلنا مسوفون بقدرة من إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون.
هوامش
الفصل السابع عشر
ترجمة (المرحوم عبده أفندي الحمولي)
إذا بحث الباحث في أطوار الناس وأخلاق الخلق؛ تعين عليه أن يجردهم من طيالس المراتب والمناصب ومظاهر الثروة والجاه، ثم ينفي في نظره ما بينهم من تفاوت الطبقات واختلاف الدرجات التي وضعها الناس لأنفسهم بأنفسهم، ثم ينظر وهم على تلك الحالة المجردة إلى ما وضعه الله فيهم من المواهب والمزايا وأسباب التفاضل بينهم. وما هذه الدنيا في نظر الحكيم إلا ملعب وما الناس في مراتبهم ودرجاتهم إلا كالمشخصين فيه يتزيون بالأزياء المختلفة.. هذا ملك وهذا وزير وهذا قائد وهذا أمير، فإذا أراد الباحث أن يعرف حقيقة أقدارهم وقيمتهم في ذواتهم؛ نظر إليهم من وراء الملعب مجردين من تلك الألبسة الفاخرة في الحالة التي كانوا عليها قبل تشخيص أدوارهم، هنالك يرى الباحث في طبائع الناس وأخلاقهم أنهم مختلفون بينهم ومتفاوتون في سلسلة الترقي والكمال تفاوت الصوان من الياقوت في الأحجار السيالة من البنفسج في النبات، والفهد من القرد في الحيوان، ومن الناس من تميزه الطبيعة بكمال الخلقة، وترتقي به في كمال التصوير، فينشأ فيها من حسن الاتساق ولطف التركيب ما تتجلى به في عالم الإحسان والإتقان، فيصدر عنه من بدائع الأعمال ومحاسن الأفعال ما تطرب له النفوس وتشجى به القلوب، فإن نشأ في طبقة الشعراء كان كالمعري، وإن نشأ في طبقة الحكماء كان كابن سينا - وإن نشأ في طبقة الجند كان كطارق بن زياد - وإن نشأ في طبقة المغنين كان كإسحاق، أو كهذا الفقيد الذي فقدناه بالأمس.
وهب المرحوم عبده الحمولي سجية الإحسان ومزية الإتقان، فكان وحيد عصره وفريد دهره في صناعته مارسها بين الناس أكثر من أربعين عاما، لم يضارعه فيها مضارع ولم يلحق به لاحق، وانحصر فيه الغناء في مصر طول هذه المدة فصار الكل له مقلدين.. يأخذون عنه ولا يبلغون شأوه ولا يتعلقون بغباره، ولا غرو فإنه هو الذي أخرج فن الموسيقى من سقوطه، وتأخره إلى ارتفاعه وتقدمه ولم يقتصر على طريقته التي وجده عليها، بل أخذ فيه بأسباب الاختراع والابتداع والتحسين والتهذيب، وأنشأ له طريقة جديدة بحسن اجتهاده ورقة ذوقه.
ولد المرحوم في سنة 1262 هجرية وليس ذلك على التحقيق بمدينة طنطا، وكان والده يمارس تجارة البن وكان للمروحم أخ أكبر منه فوقع شقاق بين أخيه وأبيه، ففر به أخوه من وجه أبيه هائما به في الخلوات، وكان كلما تعب المرحوم من السير لصغر سنه حمله أخوه على كتفه؛ حتى دنا الغروب وهما على آخر رمق من الجوع والعطش وتعب السير لا يجدان أحدا في وجههما يأنسان به، ويلجآن إليه إلى أن سخر الله لهما رجلا آواهما وسد رمقهما في ليلتهما ثم أقاما عنده أياما.
ومن غريب الاتفاق أن الرجل كان يشتغل بصناعة الغناء وبضرب الآلة المعروفة بالقانون في طنطا وسمع صوت المرحوم في بعض روحاته وغدواته فأعجبه، فعاد به إلى طنطا واشتغل معه هناك مدة وجيزة، وقد بقي تأثير تلك الوحشة والانفراد مع التعب والجوع في تلك الليلة التي خرج منها المرحوم من بيت أبيه مرسوما في رأسه، فكنت تراه إلى آخر عمره ينقبض صدره ويتقطب وجهه كلما دخل عليه أوان الغروب وطالما قص هذه القصة على خلصائه ممن كانوا يعجبون لانقلابه الفجائي من السرور إلى الانقباض في ذلك الميعاد ثم رأى ذلك الرجل الذي آواه عنده واسمه المعلم شعبان أن يحضر به إلى مصر، فاشتغل معه في قهوة معروفة في ذلك العهد بقهوة عثمان أغا في غاية الأشجار وكانت موضع حديثة الأزبكية الموجودة الآن، فاتسع به رزقه وحرص عليه أن يخرج من يده ويستميله غيره من أهل هذه الصناعة، فيضيع عليه رزقه فرأى أن يربطه بعقد زواجه من ابنته، فاستذله وأسره وانقلب يعامله أسوأ المعاملة وكان في مصر رجل طائر الصيت في فن الغناء اسمه (المقدم) أعجب بالمرحوم، فسعى جهده ليلحقه به ويشتغل في (تخته) حتى وصل إلى غرضه وجذب المرحوم وفصل بينه وبين زوجته قطعا لعلاقته بصاحبه وأنقذه مما كان فيه واستمر معه يغني على الطريقة التي كانت معروفة عند المصرين في ذلك العهد - وأصلها على ما يعلم من تاريخ وضعها أن رجلا من أهل حلب اسمه شاكر أفندي، وفد إلى القطر المصري في المائة الأولى بعد الألف وكان فن الألحان فيه فنا مجهولا، فنقل إليه جملة تواشيح وقدود وكانت هي البقية الباقية من التلاحين التي ورثها أهالي حلب عن أهل الدولة العربية، فتلقاه عنه بعضهم وصارت عندهم ذخيرة نفيسة واشتهر حرصهم عليها وصار الواقفون عليها يحرمون الناس من تلقينها للتفرد بها، وبقيت بينهم على بساطتها الأصيلة بدون الشد والتصوير، فكانت قاصرة على أمهات المقامات وبعض الفروع المقارنة لها، وكانت بالنسبة للغناء مثل حروف الهجاء بالنسبة للكلام وأقام المغنون في مصر على هذه الطريقة البسيطة لا يتصرفون فيها أقل تصرف، فلا يدخلون فيها حسنة ولا يخرجون منها سيئة إلى عصر عبده فتلقاها المرحوم منهم على أصلها وغنى بها مدة ثم رفعته سجيته في الطرب وحس ذوقه في الغناء أن يتصرف فيها شيئا ما مع المحافظة على الأصل وعدم الخروج عن دائرته، فأزال عنها بعض الجفوة الحلبية - وما زال يرتقي المرحوم بحسن الغناء حتى ألحقه المغفور له (إسماعيل باشا) بمعيته وسافر معه إلى الأستانة مرارا وسمع هناك آلات الموسيقى التركية وجلب إسماعيل باشا في عودته إلى مصر جماعة من أكابر المغنيين فيها، فكان المرحوم يحضر معهم دائما في اشتغالهم بالغناء، فاستمالته ألحانهم وأخذ يغني منها ما يلائم المزاج المصري ويناسب الطريقة العربية ورأى المجال واسعا له في الموسيقى التركية؛ إذ وجد فيها كثيرا من النغمات التي لم يكن للمصريين علم بها ولم تطرق آذانهم من قبل مثل النهاوند والحجازكار والعجم، وغيرها فنقلها إلى أدوار الغناء المصري ثم التفت إلى بقية مصطلحات الغناء المختلفة في ذلك العصر مثل المتشددين والمشهورين بأولاد الليالي (الفقهاء) والعوالم (القيان) والمداحين (الضاربون بالدفوف) والتقط منهم ما استنسبه، فأضافه مع المختار من الغناء التركي وخلطها بالطريقة القديمة، فجعلها طريقة جديدة وخاصة به - وظهر في مصر وفيها شيوخ المغنين فصار شيخا عليهم، وقد دعاهم جهلهم بما صنع إلى استنكار طريقته في أول الأمر، ولكن ما لبث الناس أن ذاقوا حلاوتها وطلاوتها، فعم استحسانها وذهب استنكارها وانتصر بحسنها عليهم وله فيها من التلاحين أشياء كثيرة.
ومن مزاياه في صناعته أنه كان شديد الطرب لا يقل طربه في أثناء تأديته للغناء على طرب السامع له - وهو أول مغن مصري تنبه إلى حسن الإيماء واستصحاب حركات الغناء بالإشارات التي تقوم مقام الحكاية - وكان شديد الحفظ لما يسمعه مجتهدا دائبا في استخراج محاسن المسموع وطرح معايبه، ذا قدرة أن يبدل القبيح فيه بالحسن، وكان ذهنه شديد التعلق بالنغم، فلا يكاد ينساه وربما نام وهو على (التخت) في أثناء الغناء ثم يستيقظ فيرجع إلى الغناء بما كان فيه من غير مراجعة آلة أو استرشاد بأحد ممن معه كأنما كانت الطبقة رسمت في ذهنه فلم تشوش عليها الأصوات التي مرت عليه وهو في نومه ولم تؤثر عليه الغيبوبة في شيء - وكان واسع التصرف يسترسل في النغمة من حادها إلى ثقيلها فلا يترك فرعا من الفروع إلا ويحيط به بما يشتفي منه السامع؛ حتى إنه يتخيل أن كل الغناء منحصر فيها، وكان لطيف التنقل يوهم السامع في غنائه بأن مراده ما هو فيه حتى إذا رسخ ذلك في ذهنه انتقل منه انتقالا إلى مقام آخر يندهش منه السامع، ثم يندرج حتى يعود إلى ما كان عليه وذلك من أعظم المزايا وأكبر الفضل في هذا الفن - وجملة القول في باب الغناء أن المرحوم جدد فيه وأبدع وأحياه في مصر بعد أن كان شيئا خاملا ثم تمكن فيه من التوفيق بين المزاجين؛ المزاج التركي والمزاج المصري - فبعد أن كان أهل الطبقة الحاكمة في المصريين من الأصل التركي لا يطربون من الغناء المصري ولا يتفتون إليه - أصبحوا بفضل المرحوم وما وفقه فيه من الأنغام التركية مقبولا عندهم مفضلا لديهم - وبعد أن كان المصريون لا يطربون من الغناء التركي، ولا يروقهم غير طريقتهم طريقة التوجه والأنين أصبحوا يطربون لما يلائمهم من الأنغام التركية التي أنعش بها طريقتهم القديمة - فهو الجدير بأن يسمى في مصر معدل المزاجين بين الأمتين، وكما امتزج الجنسان في الأجسام بالأنساب، فقد مزج بينهما عبده بالغناء في الأرواح - وكفاه فخرا أنه لم يصل أحد من قبله ولن يصل من بعده إلى مثل ما وصل إليه من هذا الابتداع والاختراع الذي اهتدى إليه (اللهم إذا عضدت أفكار علماء هذا الفن الراغبين في رقية الأمة والحكومة) وقد ميزه الله به من لطف الذوق وشدة الذكاء وحدة الطرب ومحبة الإتقان والترقي في درجات الكمان هذه مزايا المرحوم من جهة فنه الذي انفرد به - وله مزايا جمة لا تنقص عنها في مكارم الأخلاق ومحاسن الطباع وجميل المعاملات.
ومن الناس من يهبه الله سجية الإحسان ومزية الإتقان فيصرف إتقانه وإحسانه على الفن أو الصناعة التي اختارها لنفسه، فيحسنها ويتقنها ويتحول بكليته إليها ويفضل في نفسه ما عداها من مغارس المحاسن ومنابت الفضائل ومكامن المكارم فيعيش غفلا منها - وإن كان نابها في صناعته فتلقى الناس منه ما يسوء من أخلاقه بقدر ما أحسن من صناعته يرضيك حسنه من باب ويسخطك قبحه من عدة أبواب - فترى الشاعر يرتقي إلى عالم شعره، فيسبق فيه من يباريه ويعلو قدره على سواء فإذا عطفت نظرك على أخلاقه وجدته أحط الناس فيها درجة وأدناهم منزلة، وأردأهم سيرة في المخالطة وأسوأهم معاملة في المعاشرة - وتجد هذا الذي لم يكتف بعالم الحقيقة في الجمال حتى تجاوزه في عالم الخيال أبعد الناس عن جميل الفعال وكريم الخصال.
وترى المصور الذي يباري محاسن الطبيعة يحسن المحاكاة في جمال النظام ولطف الانسجام، ويكون في ما عدا ذلك أخرق أحمق شرس الطباع سافل الأخلاق - وترى العالم يصعد يعلمه إلى عالم الفضائل والحقائق، ثم ترذل أخلاقه بالغلظة والجفاء وتسوء بالتيه والكبرياء - وتراهم قد ارتكنوا في طبقاتهم على فضلهم في صناعتهم وفنونهم وأهملوا بقية الفضائل وبعدوا بنفوسهم عن جمال التهذيب وحسن التثقيف، فإن تحمل الناس منهم سوء الأخلاق ظاهرا للمزية التي تفردوا بها، فإنهم لا يتحملونها باطنا يرضونهم بالوجوه ويبغضونهم في القلوب - أما إذا التفت المتفنن لفنه المحسن في صناعته إلى تهذيب بقية أخلاقه وصناعته وإلى تحسينها وصرف إلى ذلك بعض همه بما أوتيه من سجية الإتقان ومزية الإحسان وارتقى إلى فضائل الأخلاق ارتقاء في فنه أو صناعته، فله يرضي الناس ظاهرا وباطنا وتبلغ مزاياه في قلوبهم المحل الأعلى فتنطوي على محبته وتجتمع على تفضيله في حياته وبعد مماته.
وقد جمع الله للمرحوم عبد الحمولي من الإتقان والإحسان في فنه كما تقدم الكلام عنه وبين كثير من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات فصدر عنه من جميل الفعال ما تحفظ له فيه النوادر وتنتقل رواياته المجالس.
كان المرحوم كبير النفس عالي الهمة يحاول الارتفاع عن طبقته ويسعى في الخروج منها مقتصرا على الاشتغال بالفن لذاته لجهل الناس في حيلهم الماضي بعلو قدر هذا الفن وغفلتهم عن جلاله منزلته بين الفنون - وناهيك به أن أفلاطون وهو حكيم الحكماء جعله (مقدمة علوم الحكمة وأول مراتب التهذيب) - وقد عمد المرحوم إلى ذلك بالفعل في أيام المغفور له إسماعيل باشا فترك مزاولة صناعته بالأجر بين الناس وخرج من زمرة المغنيين إلى زمرة التجار غير طامع في الذهب الذي كان يسيل من حياله بممارسة صناعته في تلك الأوقات فافتتح محلا لتجارة الأقمشة واشترك فيه مع بعض التجار بمبلغ 20000 عشرين ألف جنيها - فما مضى عليها عشرون شهرا إلا وانتهت به سلامة نيته وحسن ثقته بأن خرج منها صفر اليد مدينا للشريك دائنا للناس يمنعه الخجل ويحجبه الحياء عن طلب الوفاء - ولم يمتنع في أثناء ذلك عن الغناء بين الناس بل امتنع عن طالب الأجر عليه إلى أن عادت به حاجة العيش إلى مزاولة صناعته كما كان في أول أمره - ولم يتطلع إلى غرضه في الانقطاع عنها كما فعل ودهره يحول دونه، فلا يستطيع بلوغه إلى آخر مدته.
وكان شهما غيورا شريف السيرة يغار لنفسه ولأعراض الناس لا يبالي في ذلك بهول المواقف وفداحة الخطوب - أمر المغفور له إسماعيل باشا ذات ليلة بإحضار (المز) لتغني في بعض قصوره وهو في عزة سلطانه وشدة بطشه لا يعصى له في الناس أمر ولا يخالف هواه إلا من ارتضى لنفسه سكنى القبور ولا يحلم أحد في منامه أن يقف موقف المعارض في رغبته أو الممانع لإشارته - فتوقف المرحوم عبده وكان قد تزوج بها بعد أن منعها من ممارسة الغناء وأبى أن تخرج من بيته فعاوده الطلب بالتشديد، فاستمر على إبائه إلى أن وصل الأمر إلى استعمال القوة فأرسل مأمور الضابطة بعض أعوانه إلى منزله وأرادوا إخراجها منه بالقوة فوقف أمامهم وقفة الليث يحمي أشبال العرين وفضل الموت أو النفي عن أن تغني المرحومة لحنا واحدا لأحد وهي في عصمته - ولما لم يفده موقفه أمام القوة فائدة استمهلهم برهة ريثما يعود إليهم - فدخل البيت وألقى بنفسه إلى حائط الجار وخرج منها إلى الطريق لاجئا إلى صديقه المرحوم.
شكل 17-1: المرحوم عبده افندى الحامولى. (الشيخ علي الليثي) فكاشفه بما هو فيه من هول الخطب، وكان هذا الشاعر المرحوم ممن جمع الله أيضا كثيرا من المزايا الفاضلة والأخلاق الكريمة وأخصها علو الهمة والسعي لخير الناس وكان ذا مكانة رفيعة عند المرحوم (إسماعيل باشا صديق) فقام إليه في الحال وتواقع الشيخ عليه يلتمس حسن الوساطة لدى ذلك الحاكم القاهر ليرجع في أمره، فقام الوزير من ساعته وقصد مولاه وتلطف له ما أمكن في الاعتذار وما زال به حتى رجع عن طلبه ورضي بعصيان عبده لطاعته، وخلص المرحوم عبده من هذه الحادثة معافى في نفسه مصابا في جسمه، فقد تولد له من اضطراب أعصابه من شدة ما قاساه في هذه النازلة داء الصداع فلم يفارقه طول حياته وكانت إذا اعترته نوبته ألقته على الأرض صريعا يتخبط في أشد الآلام لا يكاد من يراه على تلك الحال يصدق بنجاته منها، فإذا أفاق لزم الفراش من عظم وقعها مدة طويلة، ولم ينجع في ذلك الداء معالجة الأطباء.
وكان المرحوم جلدا صبورا على تحمل الآلام في نفسه وبدنه فقد أصابه غير هذا الداء من الأمراض علل كثيرة بعضها في أثر بعض حتى كان يقول إنه قضى ثلثي أيام حياته في المرض والثلث في مراعاة خواطر الناس، وقد أصيب بخراج في الكبد استعصى على الأطباء أمره ويئسوا فيه من نجاته، حتى امتنعوا عن العملية الجراحية - وقرروا أن النجاح فيها كنسبة الواحد إلى المائة، فألح عليهم المرحوم بوجوب عملها على أي حال فعملوا له عملية البزل فلم يخرج من الأنبوبة شيء فتركوها في جوفه بمبزلها وأمروه أن يستمر راقدا على ظهره لا ينقلب على أحد جنبيه طول ليله وأنذروه إن هو تحرك فانتقلت الأنبوبة فقد قضي عليه ثم وكلوا به من يحرسه واستمر في حالته التي تركوه عليها إلى أن غشيه النعاس في أخريات الليل وغفل الحارس عنه برهة فانقلب على جنبه فأصاب سن المبزل رأس الخراج من طريق الأنفاق، فلم يشعر الحارس إلا وقد سال الصديد من حول الفراش ففزع وأيقن بالخطر وأسرع إلى الطبيب فلما حضر وفحص حالته قال له: إن يد القدرة قامت بما عجزت عنه يد الأطباء - وما كاد يشفى من هذه العملية حتى ظهر في الكبد خراج آخر فعملت له في الإسكندرية عملية ثانية - ثم أصيب بعد ذلك سنة 88 إفرنجية بالتهاب في الرئة، فكان ينفث الدم وتآكل جزء من إحدى الرئتين ومن هنا ابتدأ الداء الذي مات به، فعالجه الأطباء وأشاروا عليه بسكنى حلوان فسكنها ووقف سير الداء فيه - وسافر المرحوم في سنة 96 إلى الأستانة العليا وحظي هناك بالمثول في الحضور الشاهاني مرارا وأعجب به أمير المؤمنين بمهارته في فنه وحسن تأديته له فأسنى عطيته وبلغه حسن رضائه - وكان الواسطة بينهما للتبليغ في ذلك المجلس سماحة السيد أبي الهدى ومما تلقاه عنه من أوامر أمير المؤمنين أن يلقن ما غناه في حضرته من الأصوات لبعض ضباط الموسيقى الشاهانية فلقن المرحوم منه ما أمكنه ولم يسع الوقت تمام القيام بالأمر فوعد أنه يشتغل عند عودته إلى مصر يربط تلك الأصوات برابطة النوتة ثم يعرضها على الأعتاب ليسهل أخذها على ضباط الموسيقى - وأهمل المرحوم مدة وجوده في الأستانة التردد على سماحة السيد واجتمع ببعض المتزاحمين معه على الأعتاب الشاهانية ورغب كل واحد منهم أن تكون الحظوة بتقديم تلك الأغاني والأصوات عند عودة المرحوم إلى مصر وإرسالها إلى الأستانة - فلما عاد أتمها عشرين صوتا (دورا) برابطة النوتة - ثم تردد في كيفية إرسالها وخشي أن يغضب أحدهم باختيار سواء عليه في تقديمها وامتنع عن إرسالها لهم جميعا وأرسلها من طريق رسمي فأسرها له السيد في نفسه - ولما ذهب إلى الأستانة مزودا بالآمال لم يشعر هناك وهو في مجلس أنس لبعض كبار المصريين من أصدقائه من جهة البوغاز إلا وقد أحاط به رجال الشرطة فسار معهم وصاروا ينقلون هذا الذي لم ينتقل عمره من مجلس أنس إلا إلى مجلس سرور طول ليلته من مخفر إلى مخفر ومن سجن إلى سجن حتى وصلوا به على مأمور الضابطة، فأمره بالخروج في الحال من دار الخلافة وعلم المرحوم مما سمعه من بعض الأعوان الحلبيين من ذكر السيد ووجوب السعي في دوام رضائه وأن الأمر مقصود على مجاراته على إهماله أمر سماحته، فلم يلتفت على غير المبادرة في إجابة الأمر بالرحيل عن الأستانة، وقد قاسى من غلظة الجند وسوء معاملة الشرطة شيئا كثيرا يطول شرحه مكان ما كان يرجوه من الحفاوة والكرامة له فأثرت هذه الأمور في صحته أسوأ أثر وعاد إلى مصر مصابا بداء (البول السكري) فأنهك جسمه وأضعف من قواه وغادر حلوان إلى سكنى مصر وقد تراكمت عليه جملة من هموم الحياة فزادت في ضعف الجسم وظهر ذلك الداء الدفين في الرئة ودخل من داء السل في الدرجة التي لا يرجى معها شفاء، وأشار عليه الأطباء بسكنى الصعيد مدة الشتاء الماضي سنة 1900 فأقام في سوهاج شهرين ونصفا عادت له في أثنائها بعض قوته وتقوى أمله في شفائه - ولم يدر المرحوم كنه دائه إلا في اليوم الذي مات في غده.
ثم عجل بالعودة إلى مصر ليشتغل غنائه في اسطوانات (الفوتوغراف) طلبا للعيش ولما حضر وباشر ذلك فعلا جاءه نعي أحد أصدقائه المخلصين بالمنيا فاغتم عليه غما شديدا ولم يسمع لنصيحة أصحابه، بل خالفهم لقضاء ما توجبه عليه مروءته وسافر إلى تلك المدينة، وأقام هناك أياما ما مشاركا لأهل الميت في أحزانهم، ولما عاد، عاد باشتداد المرض عليه حتى أدركته منيته.
وكان المرحوم كريما جوادا محبا لفعل الخير هماما في قضاء الحوائج مدفوعا إلى ذلك بمجرد حب الخير في ذاته وله فيه ما لا يكاد يحصى من الأعمال، وإنما نذكر هنا شيئا منها على طريقة المثال :
دعي المرحوم مع تخته إلى مدينة سوهاج للاحتفال بليلة خيرية لإعانة مدرستها واتفق مع أصحاب الاحتفال على (80) ثمانين جنيها لإحياء تلك الليلة، فلما سافر إلى سوهاج وجاء وقت الغناء رأى كثيرا من أعيان المديرية مجتمعين ليجمعوا من بعضهم ما يتبرع به كل واحد منهم بتبرع بخمسة جنيهات وذاك بستة فدخل في وسطهم فقال: وأنا قد تبرعت بأجرة الليلة وعاد من سوهاج، فنقد المغنين الذين معه أجرتهم من جيبه - واتفق مع بعضهم على إحياء ليلة في ملعب المنصورة بستين جنيها أخذ نصفها مقدما - ولما انتهت الليلة جاءه الرجل يتظلم من قلة الإيراد وإنه صاحب عيلة، فتجاوز له المرحوم في الحال عما بقي له له، وخرج ليلة من بعض الأفراح بعد انتهاء السهر فقصده في الطريق رجل قال له: إن ابني مطلوب في العسكرية، وليس عندي ما أفديه به - فأخرج المرحوم سرة الدراهم التي أخذها وأعطاها له - وبلغه مرة أن أحد معارفه من تجار طنطا وقع في ضيق يخشى عليه من الفضيحة فجمع ما لديه من الدراهم وأعطاه 500 جنيها ليستعين بها في عسرته ويحفظ صيته في تجارته - ومر في سيره إلى الأستانة ذات مرة على أزمير فوجد فيها أحد معارفه مع عياله لا يجد لهم ما يقوم بحاجتهم ولا من يردهم إلى وطنهم فأعطاه كفايته.
ولما توجه إلى الأستانة كان أول عمل له أن سعى إلى بعض الرؤساء في المابين فأخذ منها كتاب توصية لوالي أزمير ليقضي حاجة الرجل - فلما وصل الكتاب إلى يد الوالي تعجب من تلك العناية العالية لهذا الرجل الذي لم يكن يعتني به ولا بحاجته من قبل وقضاها في الحال، وكان استغراب صاحب الحاجة إلى سرعة نهوها أكبر وأكبر - كان يجود مثل هذا الجود وحين هذا الإحسان وهو في حال ربما كانت أضيق عليه من حال سائله - وفي كثيرين من هؤلاء الكبراء والموظفين من سعى لهم المرحوم ولثم لأجلهم الأيدي حتى اتصلوا بهذه المراكز العالية.
وأما مواساته للضعفاء خاصة، فنوادره فيها كثيرة فكان يساعد كل من قصده منهم بنفسه، جاءه رجل من عامة الناس يخبره بعزمه على زواج ابنته وكان جالسا مع أحد رسلاه الكبراء ليتفق معه على ليلة معينة لعرس عندهم - فسأل الرجل عن ميعاد تزويج ابنته فقال له: إنها في ليلة كذا وكانت هي الليلة التي بدأ الاتفاق عليها مع الرسول فالتفت إليه وقال له لا يمكنني الآن إجابة الطلب ثم أرسل مع الرجل الضعيف من يهيئ له معدات الاحتفال وذهب في تلك الليلة المعينة إلى داره فغنى فيها إلى الصباح ووضع في يد الرجل عند انصرافه 20 عشرين جنيها ليقضي بها حاجة العروسين.
وأما بره بأهله ومن حوله فأمر مشهور وكان يدفع في كل شهر كثيرا من المرتبات لعائلات المحتاجين ممن اشتغل معه من أهله فله وغيرهم - وقد وضع قاعدة يسير عليها تخته إلى اليوم: وهي انه إذا عجز أحدهم عن ممارسة صناعته أخرج له نصيبه الذي كان يأخذه في الشغل وهو مقيم في بيته ومنهم من أقام عاجزا عشر سنوات - وبالجملة فقد أنفق المرحوم أكثر ما اكتسبه على وجوه الخيرات ولو كان ادخره عن الناس كما يدخر هؤلاء الأغنياء أموالهم، لكان قد ترك المائة أو المائتين ألف جنيها بعد موته.
وكان كتوما للسر طالما شهد الناس في مختلف طبقاتهم على ما لم يشاهدهم عليه؛ سواء في مجالس أنسهم ولهوهم فلم يسمع عنه أنه نقل بين الناس شيئا مما سمع ورآه.
وكان على ذلك عظيم التواضع يعامل كل إنسان مما تقتضيه ظواهر أمره. وقد جعل لنفسه بحسن سيرته وشرف أخلاقه جاها عظيما ومقاما محترما في النفوس، فلم يدخل مجلسا إلا وهو المقرب المعظم منهم - وكان واسع الخبرة في معاملة كل الطبقات يخاطب كل إنسان بما يألفه ويرتضيه وكان طلق الوجه طلق اللسان يصيب غرضه بحسن بيانه حتى لقد قيل عنه إنه لو كان سفيرا لدولة من الدول لما تعقد عليه أمر في السياسية، وكان خفيف الروح لطيف المجالسة آخذا من كل شيء بطرف يفهم كل ما يقال في المجالس سواء عليه في ذلك مجالس اللهو ومجالس الجد.
يسرك في السراء حلو ندامه
وأنجد في الضراء من صارم وعضب
وكان متوقد الذهن يكاد يبادر بغرضك قبل أن تشافهه به ويعينك على الفصاح بحكايتك بهيئة استماعه لك، وكان كثير الحذر في التعبير لشدة الاحتياط، وكان يضع في كلامه محلا لقدح فكر المخاطب، وكان مع ذلك كله شديدا في الحق لا يبالي بأرباب المناصب والمراتب إذا أغضبه منهم ما يخالف المروءة والفتوة وإن كانت أفعالهم لا تمس شخصه، بل كان يغضب للناس وله وقائع مشهورة مع بعض أرباب المناصب الحاضرة فضح فيها أخلاقهم في مواجهتهم وسط المجالس الكبيرة فخرجوا من أمامه بالذل والصغار.
وقد مات المرحوم والناس إجماع على تفضيله والقلوب مرتبطة بمحبته، وكل الناس راضون عنه لا تسمع منهم إلا الثناء المحض والمدح الصريح؛ سواء في ذلك الخاصي والعامي والكبير والصغير والرفيع والوضيع.
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنه
أثنى عليها السهل والأوغار
فما روضة غناء كأنها حسناء، قد افتن في تصويرها الجمال. وجعلها للناظرين كالمثال فالغصن قلدها. والورد خدها. والرمان نهدها. وعليل النسيم عهدها. والكريم شعرها. والأقاح ثغرها. انتبهت فيها غافية حمام فوق نمارق الأغصان والأكمام آخر الليل وقد عسعس. وأول الصبح وقد تنفس. فلما رفعت طرفها. وجدت بجانبها إلفها. بعد أن نأى عنها مكانا، وفارقها زمانا. فزال عنهما ألم الشوق. والتف الطوق بالطوق. وهتفا ينشدان فوق خرير الماء. قصيدة على روى الراء. أو دعاها ما أرادا من معاني العشاق. في وصف الوصل بعد الفراق. ومن حولهما بقية الأطيار. ترجع إنشادهما في ترجيع الأوتار. مهتزة على كل غصن مائس. كأنها القيان تزف العرائس. بأطرب من صوتك في الآذان. وألذ من ذكرك بين القلب واللسان.
وما أخرى من سكان الأشجار. وذوات الأوكار غادرت أوكارها في وكرها. في ليلة موصوفة ببردها وصرها تلتمس لهن شيئا من القوت. وقد عز كالياقوت فوقعت من الأمطار في شبكة منعتها عن السعي والحركة. إلى أن غادرت العهاد. وأمكن لها الارتياد. فعثرت لهن على شيء من الحب. ودت لو زيد فيه حبة القلب. فراحت إليهن ولا الظافر بتاج الملك. ولا الناجي مع نوح في الفلك. فوجدت السيل قد أتى على الشجرة فاقتلعها. وعلى الأفراخ فابتلعها وبينا هي بين تصعيد وتصويب. وحنين ونحيب؛ إذ انقض عليها صقر أنشب في طوقها أظفاره. وغمس في جوفها منقاره فاجتمعت عليه صنوف الآلام، آلام الأرواح وآلام الأجسام. بأوجع في قلوب رفقاك من يوم فراقك (مصباح الشرق).
دمعة الشعر على عبده (لسعادة شاعر النيل أحمد بك شوقي)
ساجع الشرق طار عن أوكاره
وتولى فن على آثاره
غاله نافذ الجناحين ماض
لا تفر النسور من أظفاره
يطرق الفرح في الغصون ويغشى (لبدا) في الطويل من أعماره
سلب الفن ألحن الطير فيه
والمتين المكين من أوتاره
كان مزماره فأصبح داو
د كئيبا يبكي على مزماره (عبده) بيد أن كل مغن
عبده في افتتانه وابتكاره
معبد الدولتين في مصر إسحا
ق (السميين) رب مصر وجاره
في بساط الرشيد يوما ويوما
في حمى جعفر وضافي ستاره
صفو مليكهما به في ازدياد
ومن الصفو أن يلوذ بداره
يخرج المالكين من جشمة الملك وينسي الوقور ذكر وقاره
رب ليل أغار فيه القماري
وأثار الحسان من أقماره
بصبا يذكر الرياض صباه
وحجاز أرق من أسحاره
وغناء يدار لحنا فلحنا
كحديث النديم موضع ناره
وأنين لو أنه من مشوق
عرف السامعون موضع ناره
يتمنى أخو الهوى منه آها
حين يلحى تكون من أعذاره
زفرات كأنها بث قيس
في معاني الهوى وفي أخباره
لا يجاريه في تفننه العو
د ولا يشتكي إذا لم يجاره
يسمع الليل منه في الفجر يا ليل فيصغي مستمهلا في فراره
فجع الناس يوم مات الحمولي
بدواء الهموم في عطاره
بأبي الفن وابنه وأخيه
والقوي المكين في أسراره
والأبي العفيف في حالتيه
والجواد الكريم في إيثاره
يحبس اللحن عن غني مدل
ويذيق الفقير من مختاره
يا مغيثا بصوته في الرزايا
ومعينا بماله في المكاره
ومجل الفقير بين ذويه
ومعز اليتيم بين صغاره
وعماد الصديق إن مال دهر
وشفاء المحزون من أكداره
لست بالراحل القتيل فتنسى
واحد الفن أمة في دياره
غاية الدهر إن أتى أو تولى
ما لقيت الغداة من إدباره
نزل الجد في الثرى وتساوى
ما مضى من قيامه وعثاره
وانقضى الداء باليقين من الحا
لين فالموت منتهى أقصاره
لهف قومي على مخايل عز
زال عنا بروضه وهزاره
وعلى ذاهب من العيش وليت قولي الأخير من أوطاره
وزمان أنت الرضى من بقايا
ه وأنت العزاء من آثاره
كان للناس ليله حين تشدو
لحق اليوم ليله بنهاره
وقد قال حضرة محمد أفندي المصري هذا الموال:
فن الطرب انطرب لأجلك عراق وحجاز
ومصر ناحت وأبكاك اليمن وحجاز
والترك والهند لو حزنم وناحوا جاز
عليك يا مطرب العشاق في صباهم
لكن إلهي دعى عبده ونحوه جاز
المختار من ألحان المرحوم (عبده أفندي الحمولي) (تنبيه) اعلم أن جميع الأدوار منظومة على أصول (المصمودي) إلا ما نخصصه منها بأنه على غيره. (مذهب - حجاز كار)
الله يصون دولة حسنك
على الدوام من غير زوال
ويصون فؤادي من جفنك
ماضي الحسام من غير قتال
أشكي لمين غيرك حبك
أنا العليل وأنت الطبيب
اسمح وداويني بقربك
واصنع جميل إياك أطيب (مذهب - حجاز كار)
غرام علمني النوح
يا حبيب القلب شوف
مع طيفك أرسلت الروح
أترجاك تعمل معروف
دور
حبيبي شوفوه لي يا ناس
شرد وفيده الكاس
كوى قلبي ده يصح يا ناس
أترجاه يعمل معروف (مذهب - حجاز كار)
كنت فين والحب فين
لم يفارق لحظ عين
يا فؤاد حسبك
ربنا يحاسبك
كم نبال فيك من غزال
غير سيوف الحاجبين
دور
الهوى يسقم صحيح
والفؤاد منه جريح
أعرفه لكن
تركه مش ماكن
يا نصوح فضك وروح
خلي عقلي يستريح (مذهب حجاز كار)
مليك الحسن في دولة جماله
ملك عقلي وأفكاري وروحي
ومن تيهه أسر قلبي دلاله
وزاد في محبته وجدي ونوحي
دور
أنا عاشق ومغرم يا حبيبي
ومن مثلي عشق يا حلو مثلك
أعيش مسعد ولم يزداد لهيبي
وأتهنا بإنعامك ووصلك (مذهب - نهاوند)
كادني الهوى وصبحت عليل
مثل النسيم في روض الحسن
حبي قمر طالع على غصن
كله أدب وطرب وجميل
مالوش مثيل
دور
للحن ده بالطبع أميل
يا للي تلوم دا شيء بالعقل
أنظر كده واحكم بالعدل
كله أدب وطرب وجميل
مالوش مثيل (مذهب - نهاوند)
أهين النفس واتذلل إليكم
وأقول للقلب ذق نار الغرام
يقضيني عذابي حرام عليكم
يدوم لي حسنكم طول الدوام
دور
قالوا لي الناس على أوصاف جمالك
أنا حبيت وزاد قلبي هيام
فجد لي بالوصال واترك دلالك
أنا عاشق ولوعني الغرام (مذهب - نو أثر)
يا منية الأرواح
جد لي بوصلك يوم
دا العقل مني راح
وهجر عيوني النوم
المدامع مطر
يا شقيق القمر
والقليب انفطر
وزاد عذولي لوم
دور
دا الهجر يا روحي
زاد الفؤاد أشجان
ارحم بقى نوحي
واسمح يا غصن البان
والنبي يا جميل
انعطف لي وميل
اشف صب عليل
في محبتك حيران (مذهب - نو أثر)
كل يوم أشكي من جراح قلبي
وكل ما أشكي من نار الغرام
العذول يفرح من بعاد حبي
والله أنا ما أسلاه لو زاد الملام
دور
يا سبب شبكي زاد غرام قلبي
من رأى هتكي دا يقول يا سلام
العذول يفرح من بعاد حبي
والله أنا ما أسلاه لو طال الملام (مذهب - بياتي - دارج)
الحلو لما انعطف
أخجل جميع الغصون
والخد لما انقطف
ورده بغير العيون
دور
يا للي بليت بالهوى
وصرت مغرم أسير
خل اصطبارك دوا
حتى يهون العسير
دور
حبيت أشوف لي سبب
أبني عليه الكلام
لكن لقيت الطلب
بعيد وصعب المرام (مذهب - بيات)
بسحر العين تركت القلب هايم
ولا في الفكر غيرك كل ليلة
أشوف طيفك وأنا صاحي ونايم
كأني في هواك مجنون ليلى (مذهب - بياتي)
قده المياس زود وجدي
في شرب الكاس قضيت عمري
ده حبه كاس وسبب وعدي
طول ليلي سهران ارحم قلبي
دور
بعدك عن عيني أجرى دمعي
حبك ده منين أصله قلبي
من سحر العين ازداد وجدي
طول ليلي سهران ارحم قلبي (مذهب - شوري)
حبيت جميل طبعه الدلال
بالبدع والتيه أفناني
قصدي يتوب عن الخصام
وأقول حبيبي يا ناس هناني
دور
لو كان وفاني بوعده يوم
لو في المنام زارني طيفه
ما كان كفاني لذيذ النوم
لكن ده كله على كيفه (مذهب - حجاز)
فؤادي من لحاظك يا حبيبي
وليه جرحته والوصال هو مرادي
وسقمي زاد ولم طفيت لهيبي
فرفقا يا رشا واترك عنادي
دور
عيونك والجبين أسباب غرامي
وقلبي داب ولم أبعث سلامي
ومن لحظك كوت قلبي شجوني
وعذالي غدوا لم يرحموني (مذهب - عشاق) (لحن عقيب موت ألمز)
شربت الصبر من بعد التصافي
ومر الحال معرفتش أصافي
يغيب النوم وأفكاري توافي
عدمت الوصل يا قلبي علي
دور
على عيني بعاد الحب ساعه
ولكن للقضا سمعا وطاعه
دي غرش الروح في الدنيا وداعه
عدمت الوصل يا قلب علي
دور
أنا مشتاق، ولكن فين حبيبي
أنا جار الضنى يحكم طبيبي
دا كان وصله من الدنيا نصيبي
عدمت الوصل يا قلبي علي
دور
زمان الأنس راح عني وودع
وصرت اليوم من ولهي مولع
وبعد الهجر هو الصبر ينفع
عدمت الوصل يا قلبي علي (مذهب - سيكاه)
متع حياتك بالأحباب
سعدك قمر
شأن الطرب يشفي الأوصاب
للي حضر
وكد زمانك واتهنى
واشرب وطيب
وانفي همومك بالأكواب
أنسك ظهر
دور
انظر لخلك قلبه داب
يا ما الهوى
لوع كثير قبلي أحباب
مثلي سوا
والقلب صابر تتهنى
على الدوام
يا ريت زماني مره طاب
آدي الدوا
دور
ده ده الدلع ده والتنبيه
يا دي القمر
حق اللي حبك تهنيه
من غير كدر
قضى زمانه في حبك
وشاف كتير
لكن بقي هجرك يضني
ارحم أسير (مذهب - جهاركاه)
الحب صبحني عدم
والجسم مني زاد سقام
شف يا جميل
ارحم محبك بالوصال
واترك بقى هذا الدلال
واصنع جميل
دور
يا منيتي إيه السبب
في دا الخصام اللي جرى
قل لي عليه
هو عذولي جاك ولام
على شان كده عامل خصام
وأنا ذنبي إيه (مذهب - حسيني دوكاه)
جددي يا نفس حظك
منيتي الهاجر تعطف
وبشير الأنس وافي
وحبيب القلب شرف
دور
من يلومني في غرامي
عذره جهل الغرام
أنا والله سقامي
أصلها هذا الملام
دور
زاد وجدي من غرامي
في هواك ارحم محبك
وبرى جسمي سقامي
من نهار إن قلبي حبك (مذهب - حسيني دوكاه)
حظ الحياة يبقى لروحي
لما الهوى يجي سوا
يا قلبي طال نوحك ونوحي
واللي جرح عنده الدوا
دور
سحر الجفون خد مني قلبي
وأنا أعمل إيه في دى الهوى
يا ناس عجيب السقم زاد بي
واللي جرح عنده الدوا (مذهب - أوج)
يا للي خليت م الحب
حسك تلامسني
أحسن أنا هوه
تصبح جريح القلب
وتحب صدقني
بالغصب والقوه
دور
في العشق قلبي داب
والنوم شرد عني
والصبر مني بان
هي كده الأحباب
اسمح وواصلني
وارحم يا غصن البان
دور
ما ارضاش أنا بالذل
ولو تروح روحي
حتى اسألوا عني
وسمعت لوم الكل
اسمح وواصلني
حبك مجنني (مذهب - كردان)
شربت الراح في روض الأنس صافي
على زهر الغصون وردي وصافي
وهناني الزمان والوقت صافي
سمح بالوصل محبوبي إلي
دور
تطول يا ليل على اللي به مواجع
خلي البال طول عمره يواجع
يليح الفجر أتهنى بنوره
يقول الليل أنا رايح وراجع
دور
تلومني له أيارد الملامه
وأنا بالصبر حليت لي السلامه
ولي ندمان وانت لك ندامه
سمح بالوصل محبوبي إلي (مذهب - كردان)
المطر يبكي لحالي
والقمر يطلع يكيدني
وعذولي ما رثى لي
آه يا قلبي - زاد وجدي
فين حبي - يفكر ساعة يشوفني
دور
علموا ذلي المعزة
عرفوا بدعة المكايد
صبر قلبي لا يفيده
حار أمره - تاه فكره
زاد مره - من قمر لكن معاند
دور
الدلع فاقت حدوده
والبدع زادت وعادت
صبر قلبي لا يفيده
حار أمره - تاه فكره
دي أمور - صادفت وحالت
الفصل الثامن عشر
ترجمة (المرحوم محمد أفندي عثمان)
هو الملحن المصري المجيد والمتفنن المخترع الفريد - كان رحمه الله مؤلفا بارعا في ترتيب الألحان، بصيرا بأخذ النغم من مواضعها، وجمعها على نسق مستحب كلفا بصناعته، جادا في إتقانها أراد أن يستعيض عن طلاوة الصوت بحسن الأسلوب ولطف السياق؛ ولهذا كان لا يغني منفردا إلا على أجنحة الآلات فإذا لحن أغنية وأسمعها للناس لأول مرة خرجت متقنة الوضع رائقة للسمع، ولكن يبدو عليها أثر أعنات الفكر ويشتم منها ريح الشمع المذاب في السهر على تخريج أجزائها وتوجيه ضروبها والملاءمة بين رناتها ومعانيها - على أن هذا لا ينفي أن عثمان كان ضريب عبده، وأنه أثبت بنتيجة عمله أن لحسن التأليف مكانا بجانب الابتكار وإن للاجتهاد منزلة قد تعادل منزلة الاختراع، بل وإن المجتهد قد يكون أفضل من المخترع بما يهيئه له من مواد الابتداع.
وعلى الحقيقة فإن عثمان كان في أخريات عمره واضع معظم الألحان فيأخذها عبده عنه ويكسوها من الحلل والحلي ما تشاء بديهته الخاصة به - فبينا هي سوقة حسان؛ إذ هي ملكات بتيجان - وبينا هي أشخاص ترمقها عيون المعجبين؛ إذ هي أرواح تتنسمها قلوب المحبين. (المجلة المصرية)
اشتغل صغيرا في تخت محمد أفندي الرشيدي مع علي أفندي الرشيدي ابنه ثم افترق عنهما وصار رئيسا على تخت المنسي وابتدأ اسمه يعلو من ذلك الوقت وكان مجدا مجتهدا في الفن تلقاه على أحسن الأساتذة في عصره كالشيخ (محمد الشلشلموني) و(الحاج رفاعي) و(حسن أفندي الجاهل) الكمنجاتي الشهير و(محمود أفندي الخضراوي) الذي كان مساعدا لعثمان في التلحين رحمة الله عليهم أجمعين.
وفي المدة التي شكل فيها تختا بنفسه فقد حلاوة صوته - ولكنه لفرط ذكائه استعاض عنه باختراع طريقة مبتكرة، وهي الأخذ والرد في الغناء بأسلوب تألفه الأسماع وتستحبه النفوس وتبعه الجميع في ذلك للآن.
وكثيرا ما وقع الجدال واحتدم وطيسه بينه وبين آخرين على تطبيق قاعدة فنية فخرج بفوز القائد وقد افتتح مدينة عظيمة ولا يقل فرحه وجزله بهذا الفوز عن جزل الناس بألحانه الشجية - ومن صفاته أيضا أنه كان بشوش الوجه شجاعا مقداما لا يرهب المعارك التي تحدث أحيانا في الأفراح المصرية - وشجاعته هذه مما أدت إلى وقوعه في كثير من المشاكل في أول عهده - وكثيرا من الناس يفضلون صناعته على غيرها ويميلون إلى تقليد طريقته لسهولتها على أكثر الأصوات وخفتها على الأرواح.
وقد كان - رحمه الله - مشهورا في إرضاء الناس بحسن سياسته - له كثير من نوادر المروءة والكرم ما تشهد له بعلو الهمة ويعجز عن وصفها القلم - مات رحمه المنان وأنزل عليه شآبيب الغفران، وهو لم يبلغ الأربعين من العمر ولم يخلفه في شكل تلحين أدواره أحد - وقد مللنا من طول البحث والتنقيب على صورته الفوتوغرافية - وأجمع الكل على أنه لم يرسم نفسه أبدا - ولما كنا لم نزل للآن في شك مما يقولون، فنرجو بلسان الإنسانية كل محب له أن يتحفنا بها إذا كانت عنده وهي خدمة جليلة يستحق فاعلها جزيل الشكر وعظيم الاحترام - وإذا أراد زيادة على ذلك مكافأة مالية، فنحن مستعدون أيضا إلى ذلك بجملة المصاريف الباهظة والأتعاب الشاقة التي تحملناها في إيجاد الصور الأخرى.
المختار من تلاحين المرحوم (محمد أفندي عثمان) (مذهب - راست)
مليكي أنا عبدك
وسابق لك بالإحسان
وشايفك خلاف عهدك
وخايف يكون هجران
والنبي ترحم
دور
أحبك ولو تهجر
وأكره عذولي فيك
وأشكي ولم تعذر
وسقمي كمان يرضيك
والنبي ترحم (مذهب - نهاوند)
فؤادي يا جميل يعشق ولكن
بطبعه حر لم ينذل عمره
إذا شاف ظلم من أهل المحاسن
عدل بالطبع ولم يرضاش بأسره
دور
حياتي في هواك ارحم وكلم
أسير لحظك ولم يعشق خلافك
وأنا راضي رضاك بعد المكارم
وأنت يا جميل تعرف خلاصك (مذهب - حجاز كار)
يا ما أنت وحشني وروحي فيك
يا مئانس قلبي لمين أشكيك
أشكيك للي قادر يهديك
ويبلغ الصابر أمله
أنا حالي وبعدك لم يرضيك
دور
كان عقلك فين لما حبيت
ولغير منصف ودك وديت
تنوي الهجران ولقاك حنيت
يا قلب انت معمول لك إيه
هو سحر جرى والا انجنيت
دور
كيد العوازل كايدني
بس اسمع شوف
دا انت ملكني من قلبي
والا بالمعروف
ستر العذول دايما مكشوف
وأنا بالصبر أبلغ أملي
يا ما نسمع بكره وبعده نشوف (مذهب - بياتي)
قدك أمير الأغصان
من غير مكابر
وورد خدك سلطان
على الأزاهر
دا الحب كله أشجان
يا قلب حاذر
والصد ويا الهجران
جزا المخاطر
دور
يا قلب أد انت حبيت
ورجعت تندم
وصبحت تشكي ما رأيت
لك حد يرحم
صدقت قولي ورأيت
ذل المتيم
يا ما نصحتك ونهيت
لو كنت تفهم
دور
أعرض لحسنك أوراق
واكتب دون
وأبات صريع الأشواق
واحسب واخمن
دا هجر وصبابه وفراق
يا رب هون
وارحم قلوب العشاق
دا شيء يجنن (مذهب - حجاز)
انت فريد في الحسن
ولاك جمالك
يا حلو واصل وكد الأعادي
يكفي دلالك
دور
من علمك على الدلال
والا ده طبعك
ع الحالتين ما هوش حلال
انصف بشرعك (مذهب - حجاز)
فريد المحاسن بان
وكان احتجب عني
وشافه غصين البان
فقال للحمام غني
دور
رأى أعيني بتنوح
فغنى ومال عني
وهيج بلابل الروح
وفنه غلب فني
دور
سلامي على الأحباب
ونار البعاد حره
وبلغ سلامي وقول
أصل الغرام نظره (مذهب - صبا)
على الملاح انت الأمير
وأنا على العشاق كده
تيهك جعلني لك أسير
يكفي دلال
يا ذا الجمال
طال المال
على النوال
الله يجازي البغدده
دور
ما لكش غيري ين يديك
يشوف دلالك ما أسعده
طبع الفؤاد ميال إليك
من غير ملال
يا ابن الحلال
يكفي دلال
امتى الوصال
الله يجازي الهجر ده (مذهب - صبا)
اعشق الخالص لحبك
واترك المشغول بغيرك
وبده ينسر قلبك
وبده يرتاح ضميرك
من يهون وده عليك
ليه تميل روحك إليه
دور
الفؤاد ناوي ونادر
إن جفاك لم عاد يعود لك
ده صفاك للصب نادر
وملا لك عند وصلك
في اعتذارك إيه تقول
بعد ميلك للعذول (مذهب - صبا)
ما أحب غيرك وأنت مهجة قلبي
يا للي سلامك رد في روحي
وإن طال علي البعد ده يا حبي
لأقول لروحي روحي
للجميل ده روحي روحي
أهواك ولكن ما بيدي
إياك يكون وصلك عيدي
دور
اللي يحبك ليه بتخلف ظنه
وكم بآسي وانت شارد مني
كل الأحبة عيدوا واتهنوا
إلا أنا بابكي لبعدك عني
من يوم فارقتك يا روحي
والنوم مشتت من نوحي
جميل سلامك بالسلامة جاني
مشتاق لحسنك يا سبب أشجاني
امتى أشوفك والزمان يسعدني (مذهب - سيكاه)
أنا أعشق في زماني
حلو شفت المر فيه
يريد قتلي أنا أهواه
وكتر الحب أساه
يا فؤادي ذق هواني
أنت خليته يتيه
دور
ارضى علي يا حبيبي
لاجل ما ارتاح م الملام
أسير الحب يا ناس محتار
وكم اصبر على دي النار
والمكايد هي هي
من غزال شارد دوام (مذاهب - سيكاه)
في البعد يا ما كنت أنوح
والقلب ده يا ما اتكلم
على الحبيب
ومهجتي كادت تروح
لكن لطف ربي وسلم
لأفرح وأطيب
دور
آنست يا نور العيون
شرفت يا روح المهجه
بعد الغياب
قلبي عليك كله شجون
لكن ده أنسه والبهجه
سلم وطاب (مذهب - جهاركاه)
بدع الحبيب كله يطرب
إن كان دلع والا غيه
وكل أحواله تعجب
بس الجفا والأسيه
والتيه يخليه
مش عارف ليه
وده إيه يرضيه
يا قلبي عليه
دور
على هواك تعرف شغلك
إن كان تسيء والا تحسن
عبدك أنا راجي عفوك
لمودتي إن كان يمكن
أنعم بوصالك
هو جرى إيه
الهجر ده ليه
يا قلبي عليه (مذهب - جهاركاه)
النوم وعد بس إن صدق
إني أشوف طيف الحبيب
وكم بده خلفه سبق
وإن اتفق ده يبقى عجيب
ده جمال بدلال
صبحني مثال
أقول إيه وأعيد إيه
كان حبي ده ليه
دور
الشوق حلف لا ينطفي
إلا نهار فرح الوصال
والقلب قال لا يشتفي
إلا إذا ضم الجمال
بأمان - وطمان
قال زي زمان
أقول إيه وأعيد إيه
كان حبي ده ليه (مذهب نوا - راست)
القلب سلم من زمان
أمره إليك
ويصح ترضى له الهوان
ويهون عليك
ده يوم سلام بعد الصدود
وعيد حياتي والسعود
إذا امتنع بوس الخدود
أبوس إيديك
دور
الوصل نساني العتاب
وكان كثير
وبعد ما شفت العذاب
هان العسير
وردت الروح في العليل
والرب أسعف بالجميل
شجن كثير ونوم قليل
كن لي نصير
وحياة عينيك
أبوس إيديك (مذهب - حسيني دوكاه)
عهد الأخوة تحفظه
بالروح وما لنا غير كده
واجب علينا نلحظه
بعين صفا والود ده
حسن الوفا أحسن
بكل ما أمكن
والصب لو أعلن
حبه يكيد به العدا
دور
عيد البشائر والفرح
لاح لي بوجهك يا قمر
لما العذول شاف المنح
من سعدنا قلبه انفطر
طالع سعودك جد
بالنصر فوق الحد
ما فيش خلافك حد
أسمع كلامه إن أمر (مذهب - شوق أفزا)
اليوم صفا داعيا لطرب
والراح حلي ويا الوصال
والقلب ده إن كان عجب
أنا أهادي به الجمال
وأسوح وأنوح
وأحضر وأروح
دور
ما أحلى المدام ويا القمر
في الروض أنا ويا الحبيب
حتى إذا سمح القدر
بالوصف ده ويكون قريب
لأكيد بأكيد
من لام وأزيد
في غرام وهيام
ما أقبلشي ملام (مذهب - أوج)
فؤادي أسألك قول لي
تعلمت الهوى ده منين
وتاه فكري معاك قول لي
أدين حاضر وانت فين
دور
غرايب والنبي سيرك
وحق اللحظ والخدين
وأنا قلبي ما فيه غيرك
وليه قلبك يساع اثنين (مذهب - عراق)
مثلك إذا حكم بالعدل أحسن
في رعايا الحسن وخصوصا أنا
كثير صبر فؤادي حتى أعلن
د الدلال والبدع ما هو شرعنا
دور
ارحم أنا عشقتك بعد أمرك
باللواحظ يوم قابلنا بعضنا
وليه بقى تلاويعك وهجرك
د الدلال والبدع ما هو شرعنا (مذهب - أوج)
لسان الدمع أفصح من يأتي
وأنت في الفؤاد لا بد تعلم
هويتك والهوى لاجلك هواني
ولكن كل ده ما كانش يلزم
أطيع أمرك وتتجنى
وتهجرني وتتهنى
دور
أدين صابر على ناري ويمكن
يصادف يوم ونتعاتب ونشرح
وده يوم الصفا لو كنت تحسن
وصبك بعد طول الوجد يفرح
وظني فيك جميل مثلك
ومتعشم أنا بعدلك (مذهب - كردان)
بستان جمالك من حسنه
أبهى وأجمل من بستان
وإن ماس قوامك على غصنه
يعلم البلبل ألحان
دور
سمح زمني واتلطف
وشفت حبي في البستان
فقلت له لما شرف
والله زمان يا حلو زمان (مذهب - كردان)
طال الجفا من محبوبي
إيه العمل يا أهل الأشجان
وكيف أحول عن مطلوبي
ومنيتي أحسن إنسان
دور
امتى فؤادي يتهنى
لو كان سمح محبوبي كان
والسعد امتى يخدمنا
وأشوف عذولي يوم زعلان
الفصل التاسع عشر
الشيخ محمد عبد الرحيم الشهير - بالمسلوب
هو المنشد الشهير. والملحن المصري الكبير. راوية فن الموشحات القديمة العربية. وشيخ مشايخ منشدي الأذكار الصوفية. وهبه الله مزية الإتقان في إلقاء الموشحات والألحان، كما له الباع الطويل والذوق السليم في صياغة الأدوار العربية. على الطريقة الشجية المصرية. حفظه الله وأبقاه.
المختار من تلاحين الأستاذ الشيخ محمد عبد الرحيم (الشهير بالمسلوب) (مذهب - راست)
في هواك أوهبت روحي
وبقيت أسير لحظك وخدك
ومن جفاك زاد نوحي
وسقم جسمي يشهد لك
دور
في الغرام قضيت حياتك
يا قلبي اصبر أحسن لك
تترك ودادي وحياتك
أسى الحبيب أم أحسن لك (مذهب - راست)
من فرط ما كنت أنوح
زادت أجراحي
في هواك يا صاح
متى تعود الليالي
واعمل أفراحي
وأطربك يا حمام
دور
من بعد ما كنت خالي
انشغل بالي
في هواك يا صاح
متى تجيني البيت عندي
واعمل أفراحي
واطربك يا حمام (مذهب - راست)
في رياض الجلنار
أنعم وزار زاهي الجبين
في فؤادي جلنار
ما لي اصطبار يا عاشقين
آه لو رآه - ما راح وتاه - أشكي لمين
دور
بالعيون أبدى السلام
يا سلام من ده جميل
حتى عذولي جا ولام
أشكي لمين يا عاشقين
آه لو رآه ما راح وتاه
من غير دليل
دور
بعت قلبي واشتراه
آهين وآه حبيت وكان
يا عذولي وإيش تراه
من نار جفاه أعطى الأمان
آه لو رآه ما راح وتاه
ده شيء جنان (مذهب - راست)
مثلك ما رأيت يا فريد عصرك
والنبي حبيت يا جميل حسنك
لحظك في الفؤاد
حرمني السهاد
قل لي إيه المراد
واعف عن عبدك
دور
يا فريد الغيد يا حبيب قلبي
اسمح لي يا سيد يحفظك ربي
والنبي يا جميل
انعطف لي وميل
تشف صب عليل
وانعطف قربي (مذهب - راست)
يا ناس خايف أقول أحبه
يظهر دلاله ويعز وصله
لكن أقول آه ما بيدي حيله
وكل منا يعمل بأصله
دور
من ريحوه مره العواذل
وشاف حبيبه مايل لوصله
ده أمر كان في الحب باطل
وكل منا يعمل بأصله (مذهب - نهاوند - أقصاق)
في زمان الوصل هني
منيتي واطف اللهيب بكاس
ده بعاد الحب هانئ يا ناس
وحصل عند الطبيب إياس
ربي يجزي من يلومني
دور
يا بديع الحسن زرني
أنت نور عين الجمال كمال
والعذول بالكدب يحكي بحال
وحصل عند الطبيب أمال
ربي يجزي من يلومني (مذهب - نو أثر)
العفو يا سيد الملاح
جسمي صبح مضنى سقيم
جد بالوصال تشفي الجراح
يا منيتي أنت الحكيم
دور
إزاي أطيب من غير دواك
وأنا مليش غيرك طبيب
قلبي المكوي من نار جفاك
اعطف عليه إياك يطيب
شكل 19-1: الشيخ محمد عبد الرحيم الشهير بالمسلوب. (مذهب - نهاوند)
أنا من هجرك أحكي خصرك
ولي أنت الآمر والناهي
ولحظك صاحي زادت أجراحي
ما يوريني غير داجي الساهي
دور
أحب أعرض لك وأطلب وصلك
جفاني نوم وأنت لايم
قل لي أنت وصلك امتى
وديني مستنظر والشوق حاكم (مذهب - بياتي)
على شان ما أحبك تهجرني
في شرع مين تهجر مسكينك
قاضي الغرام ولو ينصفني
لكان حكم بيني وبينك
دور
القلب يلحظ بالإشارة
إن شاف مرامه
والحب يظهر له أماره
في حال سلامه
دور
يا قلب أحوالك عجيبة
طالت مناها
والشمس بالأنوار قريبة
وبعيد سماها (مذهب - حجاز)
حبيت جميل حرم وصلي
يا منصفين يا عاشقين
وفي الهوى حلل قتلي
في شرع مين
دور
الهجر قاسي يا عنيه
والهجر ليه
خليت عذولي يفرح فيه
وأنا ذنبي إيه
دور
ما أحلى انعطاف قده الأهيف
لما يميل
بديع جماله لم يوصف
صنع الجليل
دور
امتى كده تسمح ليله
من غير رقيب
وأعدها أحلى جميله
بس النصيب (مذهب - سيكاه)
يحرم علي أنظر غيرك
من بعد بعدك يا عني
وازداد وجدي وشجوني
لكن هواك وعد علي
دور
تعيش وتهجر أمثالي
يعيش جمالك للدنيا
لا بد مرة تصفى لي
والصبر يصبح كالرؤيا (مذهب - سيكاه)
سباني سهام العين
وقلبي بحبك هام
صدود الملاح يومين
وهجرك سنين وأيام
دور
يا قاسي تعالى شوف
محبك صبح في حال
وصالك جزا المعروف
وهجرك ما كان ع البال (مذهب - جهاركاه)
الوجه مثل البدر تمام
واللحظ يرمي في قلبي سهام
دول يحسبوا إن الهجر حلال
والله حرام بالله حرام
دور
من بدع حبي اليوم ما ينام
هلبت أن التيه ده علام
دول يحسبوا أن الهجر حلال
والله حرام بالله حرام (مذهب - حسيني دوكاه)
أفراح وصالك تدعي الناس
بالائتناس
والخير على قدوم الواردين
الكاس من يده ينباس
راح بالحواس
واصنع جميل
يا منبت العقل والدين
دور
منى على نور الأعيان
ألفين سلام
مع التحية والتسليم
سافر وأودعني أسقام
والقلب هام
يا رب عجل بالتسليم (مذاهب - حسيني دوكاه)
البدر لاح في سماه
بده يشاهد جمالك
قصده وغاية مناه
ينظر ولو طيف خيالك
دور
يا بدر إيه المرام
توعد وتخلف في ساعة دا
تيه وقال ده حرام
الحب ما هوش دلاعه (مذهب - أوج)
عشق الجمال لي جميل
والصبر عندي غريم
والقلب وإن كان عليل
أنا ودادي سليم
دور
يا لوعتي من الخدود
زادت علي احمرار
والشعر فوق النهود
بالليل تراءى النهار (مذاهب - أوج)
يا من أسرني بالجمال
صل مغرمك وارع الجميل
من علمك هذا الدلال
قل لي فهل عندك دليل
دور
لما ضنى جسمي السقام
من جهلهم جابوا الطبيب
يا ناس أنا أرضى السقام
الموت ولا بعد الحبيب
دور
يا رب جسمي يحمل ليه
والهجر ده ما أقدر عليه
وكلما اتذلل إليه
يغضب ويعمل بغدده
دور
يا ناس مليك الحسن جار
ولم أجد لي من مجير
وله على قلبي انتصار
يا أهل الهوى هل من نصير (مذهب - أوج)
الحب يلعب بالأرواح
ويخلي دمع العين يجري
اللي يحب منين يرتاح
أتأذيت وتهت وزاد فكري
دور
في صحتك اشرب دا الكاس
وأقول محه في عيونك
وافرح بوصلك يا مياس
رفقا وارحم مجنونك (مذهب - كردان)
يا قلب لو كان تتبعني
من نار هواه ما تتولع
قال ده كلام ما ينفعني
أهواه وعليه يدلع
دور
أنا وأنت والدنيا
ولو أسير دايما عبدك
والوصل ده حاجة ثانية
إن جدت به أبقى في يدك
وهذه عشرون دورا انتخبناها من الأدوار القديمة وهي غاية في الطرب غير أننا بكل أسف لا ندري أسماء ملحنيها رحمهم الله. (مذهب - راست)
الورد في وجنات بهي الجمال
وا عنبري الخد سبى مهجتي
أهيف شغل بالي بتيه الدلال
ما حياتي في الحب يا لوعتي
دور
الغصن إذا شافك يزيد اعتدال
وجلنار خدك سبى مهجتي
روحوا اسألوا العشاق هم يعرفوا
سقمي وأشجاني وطول صبوتي (مذهب - راست)
ناحت فأجبتها متى نوحك ليش
من غير سبب
ها الفك والغصون تبكين على إيش
ذا أمره عجب
أقسمت بمن كان إماما لقريش
فخرا وتسب
من بعدك ما صفا لمحبوبك عيش
والدمع سكب
دور
من كحل جفنيك بسحر الملكين
يا غصن رشيق
حتى نصبت لكل صب شركين
في كل طريق
أصبحت أنا وعاذلي منهمكين
لا صبر أطيق
دمعي ودمي كلاهما منسفكين
درا وعقيق (مذاهب - حجاز كار)
يا حبيبي لحظك يجر
ده الجفا منك حرام
لا تعذبني بهجرك
يا أبيض يا حلو القوام
دور
البلبل غنى وشجاني
والحبيب كان غايب جاني
ولثمته من خده الوردي
أتمايل وشفق على حالي (مذهب - حجاز كار) لازمه
الليالي أسعفتنا بالمنا
ومحيا الراح قد أبدى السنا
دور
عذبوني كيف شئتم عذبوا
إنما التعذيب منكم يعذب
دور
يا فريد الحسن وصلك لذ لي
زر ولا تسمع كلام العذلي
دور
يوم وصالك يا حبيبي يوم عيد
ونهار القرب منك لي سعيد (مذهب - نو أثر)
جاني الجميل والكاس في يده
عمل أبيبه من ورد خده
أسر فؤادي من حسن قده
حبيت ولكن وعد علي
دور
ليه الدلال يا حلو زايد
دا هجر منك والا وحايد
وإن كنت مغرم وكنت رايد
حبيت ولكن وعد علي (مذهب - بياتي)
رايح فين يا مسليني
يا بدر حبك كاويني
املا المدام يا جميل واسقيني
يا كتر شوقي عليك يا سلام
دور
رايح فين وجاي منين
يا للي كويتني بسحر العين
القلب ده ما يساع اثنين
لا الصدود ولا التجافي
دور
يا بدر خالك والوجنات
ورمش عينيك سبوني
دول صبحوني فيك ولهان
وهم في عشقك رموني
دور
غيبوا عام وطلوا يوم
ترأوني على حالي
واتركوا العاذل واللوم
في الحب راح عقلي ومالي (مذهب - بياتي)
أهل الغرام في جمالك
يا بدر صاروا حيارى
من مدامة دلالك
قد أصبحوا فيك سكارى
دور
الله يجازي العواذل
هم سبب هجر حبي
وإن كان بدك تعاتب
عاتب حبيبك يا قلبي
دور
يا حلو صدق وآمن
أنا فؤادي يحبك
واترك كلام العواذل
يرتاح قلبي وقلبك
دور
إن غبت يوم عن عيوني
يزداد بكائي ونوحي
ويوم أشوف نور جبينك
الله يسعد صباحي (مذهب - بياتي)
الحبيب لما هجرني
خلي للعاذل كلام
قلت له يا حلو صلني
قال ذق نار الغرام
دور
كده الزمان طبعه كده
عادل وغدره قوام
إن كان حبيبي فاهم كده
قل له على الدوام السلام (مذهب - بياتي)
ليلة الوصال تسوى الدنيا
ما اعرفش أكافئ حبي بإيه
لمست جسمه بإيدي
ضحك وقال دهده لأ ليه
دور
أنت بعيد والا عندي
العقل راح والفكر احتار
قرب لعندي وقل لي أمال
أحسن أموت وأدخل في النار (مذهب - شورى)
قاسيت كتير لما حبيت
لكن سيدي لطف بيا
أديني بالسلامة جيت
وأكيد اللي كان فرح في
دور
حرام عليك ارحم يا سيد
وشوف اللي جرا لي
أديني بالسلامة جيت
وأكيد اللي كان فرح في (مذهب - بياتي)
يا ناس بعاد الحبيب
مالي عليه اصطبار
د الحب أمره عجيب
خلعت فيه العذار
دور
قصدي أشوف الجميل
ولو في طيف الخيال
وأقول لقلبي العليل
أسعد وفز بالوصال (مذهب - عشاق)
يا قلبي من قال لك تعشق
تستاهل ما يجري عليك
يا قلب شف حالي واشفق
لعذابي دا الحق عليك
دور
من وجدي طول ليلي أبكي
وفؤادي ما بين يديك
يا قلبي شف حالي وارحم
يا قلبي ما اهنش عليك (مذهب - حجاز)
في مجلس الأنس الهني
طاب الصبوح وقد وفى
والغصن في الروض ينثني
طربا لأوقات الصفا
دور
بالامتثال حكم الهوى
إني أحبه لو ظلم
وكيف أداري صبوتي
والحب أشهر من علم
دور
يا للي تلوم العاشقين
ما لك ومال أهل الغرام
خليك على سرك أمين
واوع تلوم حالا تلام
دور
لو كان عذولي له نظر
ما راح لعاشق يعذله
لكن عذولي في القمر
ما لوش نظر يحق له (مذهب - سيكاه)
قل لي يا جميل قل لي
قل وإيش جرى مني
دا حبك مجنني
بالليل يا وعدك يا عين
دور
إيش جاني من ابن فلان
أشجاني ولم لي لان
ما أعدل قوامه البان
بالليل يا وعدك يا عين (مذهب - سيكاه)
يا أبو العيون الكحايل
ويا ظريف الشمايل
أما لوصلك دلايل
هجرك حرمني منامي
دور
كسبت إيه يا عذولي
لما صفاني الحبيب
والصلح لا بد عنه
وكل آت قريب (مذهب - سيكاه)
يا قاسي تعالى شوق
محبك صبح في حال
وصالك جزى المعروف
وهجرك ما كان ع البال (مذهب - سيكاه)
جمالك يا فريد عصرك
يحاكي البدر في تمه
وأخوك الظبي حين شافك
عشق ذاتك وزال همه
دور
أنا اللي في الهوى صياد
وجيت أصطاد صادوني
بلا شبكة ولا سنار
برمش العين رموني (مذهب - جهاركاه)
على روحي أنا الجاني
وقلبي للهوى الجني
وخلي بالجفا مغرم
ولو يرحم لمال جاني
دور
عجب يعني وصالي مر
ووصل الغير بيحلا لك
أريد قربك تريد بعدي
ولم باخطر على بالك (مذهب - حسيني دوكاه)
فنون شمايل حبيبي
بالمحاسن جننتني
إن وعد يوفي بوعده
وإن بعد ما اعدمش وده
من غرامي من يغيتني
دور
إن كان قصدك حبيبك
ينعطف نحوك وينعم
أدب النفس اللطيفة
وانعش الروح الخفيفة
بالأدب أنعم وأكرم (مذهب - أوج)
سمح لي زماني بوصل الجميل
وكل الليالي بطول الدوام
في روض التهاني يتم الجميل
ولما سمح لي شربنا المدام
دور
يا سيدي جمالك ينوف البدور
وكل الأهلة ونور الصباح
في روض التهاني يتم السرور
بقرب مليكي أمير الملاح
هؤلاء هم كبار المغنيين الملحنين الذين ازدهت وازدانت بهم مصر من أواسط القرن الماضي إلى آخره.
أما المغنين الذين اشتهروا فقط بحسن الصوت وجودة أداء أدوار معاصريهم السابقين فهم حضرات: (محمد أفندي سالم) و(الشيخ يوسف المنيلاوي) والمرحوم (الشيخ محمد الشنتوري) و (الشيخ محمد الشبشيري) و(الشيخ خليل محرم) و(عبد الحي أفندي ) - والمرحوم (أحمد أفندي حسنين) - و(أحمد أفندي فريد) - وسنكتب شيئا عن البلبلين المتفردين الآن وهما حضرة (محمد أفندي سالم) و(الشيخ يوسف المنيلاوي).
الفصل العشرون
محمد أفندي سالم
هو المطرب الشهير شهي التغريد، والمبدع الكبير معبدي الأناشيد. ذو الصوت الشجي الجوهري، المتموج الجهوري، المخترع الناظم (محمد أفندي سالم).
هو في درجة ومن طبقة المرحوم (عبده أفندي الحمولي) في الغناء، ومن نظرائه في إتقان الترتيب ووحدة الأداء. وقد اعترف له المرحوم فوق ذلك حيث قال: أحسن الأصوات في مصر صوتان: (سالم) في الرجال و(ألمز) في النساء.
وقد علم الله أنه ما تكلم بغير الحق. وما نطق إلا بالصدق لأن صوت المترجم سليم رخيم أشهى إلى الآذان من رجوع العافية إلى جسم السقيم. وأصفى من ماء الغمام. وأضوأ من بدر التمام. إذا انكشفت عنه حجب الغمام في حندس الظلام. صوت إذا شدا به بين رجال حلبته كان لهم كعذر الذنوب. أو سله من صقاله كان كحسام صقيل يفرق به عن القلب صدأه ويفتح باب الفرح. أو بذور الحياة تنبت في القلب نور السرور بحسن ترجيع الأنغام. أو هزار مغر يغرد فيغري الخلي بالوجد والغرام. فهو يمتاز عن غيره بصفائه وتهاديه في حلة من الحلاوة. وحلية مضيئة من الطلاوة. لو تجسم لكان حقه. أن يجمل الياقوت حقه.
فما صوت الطيور على غصون الأشجار. ولا خرير ماء الغدران والأنهار. ولا البشرى رجع بها الرسول. بقرب بلوغ المحب غاية المحب - ولا صوت الحبيب يرن أذن المغرم الولهان. بعد طول الصد والهجران - بألذ وأطرب من صوت (سالم) وهو يشنف على عوده الأسماع بأطرب النقر، ويقرن معه غناء كالغنى بعد الفقر.
فتن الأنام بصوته وبعوده
شاد تجمعت المحاسن فيه
حتى كأن لسانه بيمينه
طربا وإن يمينه في فيه *** ولكن لما كان أكثر العوام. كالأنعام. لا يفقهون للجمال الحقيقي معنى. ويدعون بأن المترجم قد كبر سنا. وقد غاب عنهم بأن الشبان في مصر لا يمكنهم أن يأتوا بمثل ما يأتي به هذا المغني المجيد. من محاسن الإبداع وأحاسن الأناشيد. وإنه مهما كبر فصوته لا يزال في شبابه يستنزل به الأعصم من وكره ويسبي الليث في غابه - أما كفى على فضله دليلا أنه يغني الأدوار بدون مساعد. ويأتي فيها بالطرف والفرائد. وتجده مع ذلك لا يتعالى. ولا يتكبر ولا يتعالى. بل يجاوب من يكرر الطلب عليه من السامعين بكلام ظريف كالوشي المنمق. والرحيق المروق، يسر المحزون. ويسهل الحزون. فيسكرون سكرين: سكر غنائه الرقيق، وسكر حديث العذب الأنيق.
حليت ما لحنته بصناعة
فأتت وقصر دونها الحذاق
تزهى المجالس ما حضرت وإن تغب
يوما فما لبهائها إشراق
وعسى بتلك الشهادة الحقة التي لا أريد بها غير الخدمة العامة - أن يتنبه أصحاب الأعراس الكبيرة إلى هذا الفرد الباقي في تلك الأمة فيزينون أفراحهم بصوته المطرب. ويكملون أنسهم يتفننه المعجب. ولا يصغون إلى كلام الوشاة الذين في قلوبهم مرض. أو يكون لهم في الفساد غرض. عمه الله بالتأييد. وعمره العمر المديد. ولو كره المنافقون.
الفصل الحادي والعشرون
الشيخ يوسف المنيلاوي
هو البلبل الصياح. والمغني المبدع الصداح. نزهة النفس. وريحانة الأنس الطائر الصيت في رخامة الصوت بين جميع عشاق السماع والغناء. والحائز لرئاسة أكبر تخت في مصر عند دعوته لأعراس الوجهاء والكبراء.
والله لو أنصف العشاق أنفسهم
أعطوك ما ادخروا منها وما صانوا
ما أنت حين تغنيهم وتطربهم
إلا نسيم الصبا والقوم أغصان
وفي أوائل هذا القرن أي بعد موت المرحومين عبده - وعثمان - وسكوت الأستاذ (المسلوب) عن التلحين ظهر في عالم تلحين الأدوار اثنان: هما حضرة (إبراهيم أفندي القباني) و(داود أفندي حسني)، أما الأول فإنه كان قديما لا يكتفي بما يأخذه عن الملحنين السابقين من الأدوار، بل كان مجدا مجتهدا لحن في زمانهم أدوارا غناها في تخته وأعجب بها الناس، وغير بعض الأدوار التي للمرحوم (محمد أفندي عثمان) ووضعها على نغمات أخرى مع فضل عثمان ومركزه السامي الذي لا ينكره أحد - كمذهب القلب سلم - النوا راست - فقد لحنه (صبا) وقدك أمير الأغصان البياتي - فقد لحنه (بوسليك) - و - قل لي رأيت آية - البياتي - (راستا)، و أنا يا بدر - الراست - (حجازكارا).
وقد ظهرت الآن نتيجة جدة في تلاحينه المشهورة التي سنذكر المختار منها - كذا فقد لحن جميع أدوار حضرة (داود أفندي حسني) أما من نفس مقاماتها بأسلوب آخر - أو من مقامات أخرى، وهذا ما يدل دلالة صريحة على اجتهاده وميله الغريزي إلى الوصول إلى درجة كبار الملحنين أبقاه الله وأمثاله لهذه الأمة اليتيمة سندا وعضدا.
وأما الثاني - فإنه لحن ما ينوف عن العشرة أدوار فآثرنا وضعها جميعها تنشيطا له؛ ولأنه لا يمكننا الاختيار لقلتها الآن جعله الله قدوة حسنة تقتدي بآدابه، وحسن أخلاقه أكثر المغنين - الذين يتكبرون بلا جاه ويغنون بلا علم.
الفصل الثاني والعشرون
المختار من ألحان إبراهيم أفندي القباني
(مذهب - راست)
البلبل جاني وقال لي
اسمح بوصلك يا خلي
فقلت له ابعد عني
البلبل على الحبيب زعلان
يا ما أنت ظالم
والقلب مشغول بالمحبة
والا أنت عالم
ليه كده زعلان
أنا من غرام محبوبي
طول ليلي سهران
من غرام عاشق جمالك
البلبل على الحبيب فرحان
1
دور
ليه يا حمام بتنوح ليه
ليه فكرتني بالحبايب
يا هل ترى ترجع الأوطان
والا نعيش العمر غرايب
يا ما انت ظالم.. إلخ.... (مذهب - راست)
حبيت فؤادي أنهو يوم
طلبت وصلك في العشاق
حتى تقول من باب اللوم
هو الوصال م الباب للطاق
دور
ملكت قلبي اوعى له
واحفظ ودادي ودادي
واترك عذولي وأفعاله
شمت في الأعادي (مذهب - شوري)
شرع الغرام قال لي يا ناس
الوصل أمره ويايه
شكل 22-1: محمد افندى سالم.
لم سمح لي بشرب الكاس
عرفت إيه قصده معايه
دور
حكم الهوى قاسي علي
أروح لمين ده ينصفني
صبرت قلبي يا عني
لما تجيني وتعرفني (مذهب - صبا)
يعيش ويعشق قلبي
رق الدلال والتيه
سلطان زمانه حبي
يؤمر وينهي فيه
الحب ده يا ناس
هو سبب دي الكاس
مكتوب على حبي
يقدر عذولي يمحيه
دور
العشق ناره جنه
نعم عذاب الروح
واللي عشق يتهنى
بالسهد وي النوح
حبيت وكم لي سنين
والقلب فيه مسكين
والحب بيزيد معنى
في جيته والروح (مذهب - صبا)
اسمعوا مني وارحموا حالي
دا البعد جنني والوصال يحلا لي
أصحى من نومي أفتكر حبي
أبكي من لومي وغرام صبي
وأقول حبيت والوقت ما صفا لي
دور
أهدي لك روحي وأنت لم تعلم
والهجر زاد نوحي والقلب فيك مغرم
لو تزور مرة تعرف الطالع
وإن رضيت بالوصل ما هناك مانع
وأقول حبيت والوقت د صافي لي (مذهب - حجاز)
وحياتك أنا أهواك
وأنت يا جميل تعرف
هو العذول أساك
على عبدك فما أنصف
لكن أنا أصبر
لما يجي كيفك
هلبت يوم تعذر
وأشوف جمال طيفك
دور
وصالك حياة الروح
وبعدك يوم على عيني
خليتني أنا مجروح يا قلبك
يا عزيز عيني
يكفي بقى تهجر
والا على كيفك
هلبت يوم تعذر
وأشوف جمال طيفك (مذهب - سيكاه)
يا قلب ما كنت تايب
وارتحت من دي الأسية
رجعت تهوى الحبايب
يا قلب حقك علي
دور
شربت كاسي في بعدك
والهجر زود لهيبي
شرفت بالأنس عبدك
والله زمان يا حبيبي (مذهب - شعار) على شرط أن تكون النغمة الظاهرة فيه هي (الكردي).
تضحكني الحواسد في غرامي
وحالاته تبكيني
وحكم الحب لم يقبل محامي
ولا فيش عدل يرضيني
ولكن يا فؤادي ارتاح
وصيرك يضمن الأفراح
دور
فؤادي رقيق يعشق ولكن
بطبعه الحر يعجبني
إذا شاف ظلم من أهل المحاسن
قوام يعدل ويحجبني
وأما إن رأى إنصاف
يقدم روحه باستعطاف (مذهب - عراق)
نظير القلب ما يعشق يقاسي
ويستاهل محب العشق ذله
صبح في حال - وصبره طال
ولكن كل ده من حكم خله
دور
نصحتك يا فؤادي ما قبلتش
وطاوعت الغرام وازداد لهيبك
وزاد وجدك أسيت هجر اللي صدك
دا كله من الهوى شيء مش بإيدك (مذهب - عراق)
لما رأيت حكم الأيام
وقوام قدك يحكم بالعدل
الخصم نأى فابعث لي سلام
بالله عليك أحسن له أصل
دور
البعد ضني والهجر حرام
وحياة عينيك انعم بالوصل
يا سيدي كفى ذا القلب هيام
بالله عليك أحسن له أصل
هوامش
الفصل الثالث والعشرون
أدوار داوود أفندي حسني
(مذهب - راست)
يا طالع السعد افرح لي
دا الحب راح يوفي بوعده
تاب عن جفاه وح يسمح لي
بالوصل والقلب يساعده
دور
من شوق أنا قلبي يهواك
على شان كده طالب
وفيت بوعدك جود بصفاك
وإن كنت تنسى أنت وأصلك
زال الجفا آن الصفا
حبي وفى ارتاح قلبي
سعدي عجب فرحي وجب
أنس وطرب شرف حبي (مذهب - كردان)
فؤادي أمره عجيب
في العشق مالوش مثال
يهوى الغزل والغزال
ويميل كثير للجمال
يا هل ترى يحتار
ويبات يآسي النار
من دي الدلال
دور
قلبي كواه البعاد
وفكري مشغول عليك
لما منعت الوداد
شكيت غرامي إليك
وليه تزدني نواح
ما دمت أنا والروح
ما بين يديك (مذهب - حجاز كار)
دع العذول د من فكرك
دا الميل إليه مش ح يفيدك
إن كنت أخالف يوم أمرك
بالطبع أهي روحي في إيدك
دور
العشق ما كان ليش على البال
أصل الهوى هي عيوني
مسكين يا قلبي دا صبرك طال
خليت عواذلك لاموني
يا أهل الغرام والله الملام
مش على الملام انصفوني
شكل 23-1: داود افندى حسنى.
زاد بي الأنين أروح لمين
أنا مسكين يا منصفين اعذروني (مذهب - نهاوند)
حبي عزم بالوصال
دا كان دلال ولطايف
عن البعاد سألته قال
من العذول كنت خايف
دور
شرف حبيبي بالإنصاف
والبدر لاح يوم أعياده
وفي الدلال حلو الأوصاف
الله يجازي حساده (مذهب - بياتي شوري)
سلمت روحك يا فؤادي للغرام
من غير ما تعلم
وصبحت عرضة للهوان والملام
خايف لتعدم
يا قلب تعرف خلاصك
دور
الأمر أمرك مش قايل لك من زمان
شوف الأدلة
روحي في إيدك وهبتها لك بس الأمان
من دي المذله
يا قلب تعرف خلاصك (مذهب - بياتي)
كل من يعشق جميل
ينصفه يرتاح فؤاده
وانت يا قلبي لك خليل
أمر من الصبر بعاده
دور
كم تخاطر وأن عليل
د الغرام يا ما كوى
وبس تعشق ليه وتميل
لما أنت مش قد الهوى (مذهب - حجاز )
دليل الحب في قلبي تحكم
وأنا معرفش ليه ما اقدرش أعاتبك
أعيش بالطبع في حبك متيم
ويحكم بالبعاد والهجر قلبك
دور
حياة القلب تسليمك علي
وأوصاف الدلع أحوال تليق لك
وقصدي من هواك تنظر إلي
وتنسى الهجر لا العشاق تملك (مذهب - سيكاه)
عزيز حبك أدين فنه
وكنت أهواه ويهواني
وودعني وودعته
وبكيته وبكاني
ولوامي عليك جوني
وصافوني وهنوني
وهنوا القلب يوم جاني
دور
أفوتك ليه تشاغلني
وإيه خاطر على بالك
تقابلني تحاورني
ويبقى القلب يصفى لك
على حالي انشغل بالي
يروح مالي ويهني لي
وألوذ بالعشق من ثاني (مذهب - عشاق)
القلب في ودك مشتاق
وبس تيهك وصدودك
يعمل له إيه
من يوم ما جاك البدر سياق
احتار يكرر أوصافك
حلمك عليه
دور
الغصن في قدك لو مال
شكلك يماثل أوصافه
والهجر ليه
ارحم متيم له أحوال
لما التقاك تهوى خلافه
صعبان عليه (مذهب - جهاره) (وهو أحسن ألحانه في الحقيقة)
أسير العشق يا ما يشوف هوان
وراضي الحب من طبعه يهان
يا فؤادي كان إيه جرى لك
انشغل بالحب بالك
والسقم بالوجد خالك
حاكمك خصمك وكيف يصفى الأمان
دور
ضناني البعد أشكي لمين هواني
وأنا في الحب لوعني زماني
الحبيب قلل ودادي
والزمان حلل بعادي
والهوى لوع فؤادي
وقلبي في الغرام يا ناس غواني
أما من يغني هذه الأدوار الآن خلا بعض من ذكرناهم سابقا من كبار مشاهير المغنين فهم حضرات - (محمد أفندي السبع) و(أحمد أفندي صابر) و(محمد أفندي صادق) و(الشيخ سيد الصفطي) - و(الشيخ حسن الحويجي) - و(علي أفندي عبد الباري) وكثير من الفقهاء الذين لا يأتي على ذاكرتي أسماؤهم الآن لكثرتهم - وقد ظلموا الناس وأنفسهم، وايم الله بدخولهم في هذا الفن - و(نوادي السماع)
1 .
وقد كنت كتبت شيئا عن (الموسيقى ومؤلفاتها في مصر) فآثرت أن أضعه هنا لتعلقه بما تقدم من الكلام.
لا خلاف بين أهل الأدب والظرف. والكياسة واللطف. إن بلادنا الشرقية في احتياج عظيم إلى رقيها في الصناعة الموسيقية. ولا يحصل هذا الرقي إلا بنشر النافع من المؤلفات. وإنشاء مدرسة تتكفل الحكومة أو الأغنياء بما يلزم لها من النفقات. بيد أن نشر الكتب المفيدة من السهل الآن. ووجود المدرسة كذلك في الإمكان. متى جاد الموسرون لها بالأصفر الرنان. وما حدا بنا إلى هذا القول إلا كثرة المجموعات القليلة الفائدة. العديمة العائدة. التي شغلت المطابع وملأت المكاتب. حتى مجتها الأدق وعاقتها الرغائب. على إن كل من جمع بعض الأدوار والموشحات. والمبتذل من القصائد والمواليا والمقطعات. مع القصور في التعبير. وعدم الإجادة في التحبير. نسبة إلى هذا الفن الكثير الأدعياء. وعد نفسه من المؤلفين النجباء، حتى تشاكل على الناس العالم والجاهل. واختلط الحابل بالنابل. ولعمرك لا يرضى بهذا الغبن الفاحش إلا من حمل ظلماء أو يتعامى فيجترح في عدم إظهاره للحق إثما. وليس - وايم الله - فيما أدعيه من ذلك ليس. كيف وهو ما تجزى به نفس عن نفس. فإن شككت فيه فما عليك إلا أن تتحققه بنفسك. وتختبره عند الفراغ من عملك. فيتضح لك الصدق من المين. ويظهر الصبح لكل ذي عينين.
ولنضرب لك على ذلك مثلا بمجموع طبعه صاحبه في هذا الباب. وزعم أنه أمثل كتاب، ملأه بأنواع الأغاليط والخلل. والأضاحيك والخطل. سالكا مسلك سابقيه من جهلاء هذا الفن الذين اندفعوا في طريق التأليف على التخريف. تحت ستار التصنيف، فضرب معهم في الركاكة بسهمين وذهب مذهبهم ثم عاد بخفي حنين. وخيل لها جهلا أن مؤلفه يشتمل على الآيات والسور. بوضعه فيه بعض الصور. فجاء كتابه هذا دليلا على غباوته وفهاهته. دون فصاحته، وأقرب برهان على ما نقول: إنه غير وبدل في النقول. ففهم وأفهم الحقائق بغير معناها. وأراد أن يؤديها فأزراها. وأغرب في ادعائها، فكان من ألد أعدائها. وترك الناس تارة يضحكون. وأخرى يتأففون ويسخرون، من أوضاعه المختلة الأوضاع. المرصوفة على طريقة تقذي الأعين، وتنبو عنها الأسماع. حيث ترك الجوهر وتمسك بالعرض، فكان أشبه بالهواء الفاسد كله مرض. يزيد علة العليل. وليس في كتابه من ضروب الفن إلا الثقيل. وكيف لا يضحكون إذا رأوا رسما حجازيا، وتحته أدوار الحمولي. والقباني وبجانبه ما لمحمد عثمان من الألحان . إلى غير ذلك من الخلط في الترتيب. والخبط في التبويب.
ولم يكتف حضرة المؤلف الكبير. والمغني المصري الشهير. بما ارتكبه في كتابه الأول من آثام الغلط. وأوزار الشطط. حتى دفعه الغرور مرة أخرى إلى طرق هذا الباب. بما يبعد عن طريق الصواب. وسولت له نفسه فثناه بكتاب آخر وضع فيه صور الراقصات. ذاكرا الأدوار السافلة التي يغني عادة بها في مثل تلك المجتمعات. واضعا كلا منهن حسبما يعهده في رباتها من الترتيب في قوة الرقص ودرجة الجمال. وإجادة الخلاعة في سلب عقول الرجال. فدون كل ذلك بيده الأثيمة. وارتكب أقبح جريمة. بما أدى إلى سخط أهل الصناعة من ذلك الصنيع. وتغيظ ذوي المجد الأثيل والشرف الرفيع. فحارب بذلك الفضيلة. لينصر الرذيلة. كأنه لم يقنع بما حلق في بلادنا من الفساد فحام حولها ليزيد ضرر العباد. وأقسم أن يجهز على البقية الباقية من الحياء والآداب، ويقطع بينها وبين طالبيها الأسباب. فأدى بذلك وظيفة الشيطان. في إفساد البنات والشبان. ومن يؤذي إخوانه. ويرضي شيطانه. فقد لؤم في القول والعمل. وخاب فيه الرجاء والأمل.
أليس من المضحك المبكي إن ما يرى ويسمع ليلا في حاله السكر واللهو. يقرأ وينظر نهارا في حالة العقل والصحو. فمثل هذا الكويتب الحقير، أجدر بالتفات الحكومة ورجال الأمن من كتاب المسامير، وحق لهم رد جماح هؤلاء الصبية الأغمار، الذين يبيعون على الناس مفاتيح الفساد السائق إلى وليه جيوش الدمار؛ ليرتدع من ينسج على منوالهم ويزدجر، ويجد العبرة في غيره فيعتبر، وعلى الأمة أن لا تتلقاه إلا بالتمزيق. وذره في عيني صاحبه بعد الحريق. فالامتناع عن مطالعته نعمة جزيلة. وعدم النظر إلى أولئك النسوة من الفضيلة. اللهم ألهمنا جميعا لما فيه الصواب. ولا تزغ قلوبنا إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
شكل 23-2: سليمان افندى حداد.
شكل 23-3: سليمان افندى قرداحى.
شكل 23-4: اسكندر افندى فرح.
شكل 23-5: الشيخ سلامه حجازى.
هوامش
الفصل الرابع والعشرون
ترجمة (الأستاذ الشيخ سلامة حجازي)
هو الممثل المطرب البارع. والنجم الزاهر الساطع. رافع لواء التمثيل العربي. (الشيخ سلامة حجازي).
ولد المترجم سنة 1278 ه وذلك على التقريب بمدينة الإسكندرية. وبعد أن حضر مبادئ العلوم اشتغل بفن الإنشاد على الأذكار الصوفية. فلما جاز قصب السبق على معاصريه هناك بما كان يودعه في المسامع من طيب ألحانه، لهجت الألسنة بذكره ورفع الناس من قدره وشأنه. حتى وصلت شهرته إلى مسامع رئيس جمعية من جمعيات التمثيل، فسعى إليه وحسن له الدخول في هذا الفن الجليل. شارحا له فضائله ومزاياه. كاشفا له عن حسن مستقبله إذا أطاع أمره ولباه. قال له مثلا: واعلم أن التمثيل أنفع صناعة. وأربح بضاعة. يكسو صاحبه ثوب الجمال والجلال. ويصيره معدودا من أفاضل الرجال. الذين يرفلون في حلل الرفاهية. ويتنعمون في عيشة راضية. فبفضل تلاوة الروايات يمكنك أن تخرج للناس إبريز البلاغة. وتصوغ لحين الكلام أحسن صياغه. فإذا ما تكلمت رأيت آذانا صاغية. وقلوبا واعية. وسيتضح لك صدق قولي أيها النبيل. حيثما ترى إخوانك هذه الليلة في التمثيل. بملابسهم الفاخرة، ومحاسنهم الباهرة، وشمائلهم اللطيفة، ونفوسهم الشريفة. وهم يهدون إلى الأسماع أنواع البديع من الأناشيد والألحان. وينزهون الأحداق في حدائق المناظر مع محاسن الأشعار وسحر البيان. فينشرح منك الصدر ويقر الناظر. وتود أن تكون بين النجوم الزواهر.
فجنح الأستاذ إلى الطاعة ولبى الطلب. بكل أدب. لعلمه أن ليس أحسن من الخضوع والانقياد. إلى ذوي الدراية والرشاد. فكان أول دور مثله في رواية (مي) - هو (كورياس). مع حضرة أستاذه الأول (سليمان أفندي حداد) الذي مثل أمامه (هوراس).
وكان الملعب في تلك الليلة غاصا بوجهاء القوم من جميع الطوائف وفضلائهم. وشعرائهم وأدبائهم. وكلهم أجمع على رخامة صوت الأستاذ وبزوغ سعده إذا ثبت وثابر على العمل، فأجاب الله سؤلهم وبلغهم رجاءهم والأمل.
وقد مكث بعد ذلك زهاء الخمس عشرة سنة في جوق حضرة (إسكندر أفندي فرح). وهو يزيل عن قلوب الناس الهم والترح. ثم انفصل عنه حبا في أن يرتقي به هذا الفن النفيس
1 .
فأصبح مديرا لهذا الجوق، وأنعم به من رئيس، قد كملت فيه أسباب الظرف. واللياقة واللطف. حلو الشمائل نبيل. وقدره بين الناس أثيث أثيل. فهمه صحيح. ولسانه فصيح. يرى بأول رأيه آخر الأمور. ويهتك عن مبهماتها ظلم الستور. بحكمته يؤلف بين الجمر والماء. كما جمع بين حسن التمثيل مع صعوبته وطيب الغناء.
يا من تجمع من حسن الخلال له
ما قد غدا في جميع الناس مفترقا
يا أكرم الناس أفعالا وأكملهم
فضلا وأشرفهم إن ميزوا خلقا
وبالجملة فقد أجمع الناس على تفضيله. في غنائه وتمثيله، ما زال عاقدا ألوية أهل الألحان، ورئيس الممثلين في كل زمان ومكان. إن شاء الله.
ويحق لنا الآن نحن - معشر الشرقيين - الفخر بوجود مثل هذا الجوق الوطني الكبير الذي يضارع أجواق أوروبا الشهيرة - أبقى الله رئيسه وصحبه قدوة حسنة نقتدي بأعماله وتستضيء بنبراسه الجمعيات الشرقيات الأخرى، إنه سميع الدعاء. مجيب النداء.
وعلى ذكر ذلك أنشر هنا ما كتبته جريدة الأفكار الغراء في عددها 293 من سنتها السابعة الصادر في يوم الجمعة غرة الحجة سنة 1323 بخصوص حضرة الشيخ المذكور وجوقته تحت عنوان (التمثيل والممثلون):
إن كان للمدارس فضل في تربية عقول الناشئة وتشحيذ أذهانهم. وللجمعيات مزية لتيقيظ ذاكرات كبار الطلبة ومتخرجي دور العلوم. وللجرائد فائدة ونفع لنبهاء الأمة ورجال العمل فيها. فللتمثيل الفوائد الممتازة والمنافع العميمة لكل واحد في كل طبقة ووسط، فقد أفادت التجارب والاختبارات أن المرئيات أقرب إلى الحافظة والتصور والمسموعات أوكد آثارا في النفس، وأكثر إثارة لتأثرها فإذا اجتمع الأمران وازدوج الخبران كان أثراهما أمكن وقعا وأشد انفعالا بالنفس التي لا تلبث خافقة ترفرف كالطير وراء حركات المناظر وتغيراتها - وقد عرف سكان العرب للتمثيل هذه المحامد الجميلة فصرفوا لتكثير دورها كل عناية والتفات حتى أصبحت متعددة المحال متنوعة المناظر منبثة في كل النواح. ومنذ العهد الأقرب شعر بالحاجة للتمثل في ترقية النفوس وتعديل الأمزجة واعتدال المشارب - بنو مصرنا العزيزة فشغفوا به وولعوا بكل جديد فيه، خصوصا منه الغريب الرؤية الحكمي الوضع المهذب المؤدب وعلم كبار رجال هذا الفن من ناس هذا الميل الكبير الفائدة، فاهتموا به ولا كاهتمام حضرة الممثل الوحيد المطرب المجيد الشيخ سلامة حجازي صاحب الشهرة الذائعة والصيت البعيد فإنه طفق - أعانه الله منذ استقلاله بهذه الفن - يجيء لنا بالمستغرب من القصص الحلوة الحديث، المدهشة المناظر ولسنا وحدنا في امتداح هذا النابغة الموسيقي المعجب فقد امتلأت نواحي بلاد القطر من الثناء على اجتهاده والمدح لاهتمامه حتى قال أحد الإفرنج (العارفين بالعربية طبعا) وقد حضره في تمثيله وأبصره وقت إلقائه التلحينات وهو يترنم بصوته الرخيم وينظر للذي جانبه مستلفتا إياه إلى انتظامه معه في الإيقاع والتنغيم: لا بد أن يكون لهذا الرجل في دماغه مخان يضبط بأحدهما تصويته ويزن بالثاني أصوات رفقائه، أو يكون الذي يصوت بما نسمعه منه سواه - وليس بعد هذا من حاجة لامتداح، فإن شهادة الأجنبي بعشرة (خصوصا الغربي في هذه الأيام) ولم نرد أن ما يحمد عليه حضرة الشيخ هو حسن التنغيم فقط، فإنه لم ينس أنه هو بذاته ذاك المؤسس لأول جوق تمثيل في وإنه الذي أدهش بإتقان هذا الفن كل واحد وساق الممثلين بتعاليمه وإرشاده لإحسان الحركة والرشاقة والمهارة في أعمالهم فهو أبو هذا الفن ومبدع وجوده ورئيس فنه في مصر وكل من جاء فتابع بلا ريب لآثاره وممثل لوصاياه. وهذا من حوله من رجال جوقة البارعين قد بلغوا من أعلى هذا الفن قمته حتى صار في قدرة كل واحد منهم أن يظهر بأشكال تذهل الرائين بدون أن يلحظ واحد أنه هو - وهذا غاية في الاقتدار ونهاية في التحكم على الإرادة ومصائر ما يمكن أن يبلغه الممثل في إتقان فنه سواء الشرقي أو الغربي ولا بدع إذا افتخرت الصحافة بالشيخ وجوقه عن لسان بني وطنه المصري ورجت له أن يتقدم في فنه وأن يعرف الناس فضله ومزاياه فيقبلوا عليه ولا يحجبهم عن الرغبة فيه متحيز بذم الورد على احمراره وبحد البدر على أنواره. (تنبيه) لعموم الأجواق العربية - قد أشرت منذ سنتين على حضرة (إسكندر أفندي فرح) حينما رغب إلي أن أشتغل معه بعد أن انفصل عنه الأستاذ (الشيخ سلامة) بأن يشكل (جوقة موسيقية تركية) لاتحادها تماما مع الألحان العربية - وتشتغل مع جوقة الغناء سواء بسواء؛ حيث أكون ربطت القطعة بالنوتة أولا وأعطيتها للجوقة الموسيقية ثانيا - فتكون في هذه الحالة كل رواية (أوبرت) - وبعد ذلك يمكنني أن ألحن رواية برمتها (أوبرا) - ودللته على من يكون رئيسا لهذه الجوقة - وبالفعل جعلني الواسطة بينه وبينه - وبعد أن قمت بهذه المأمورية خير قيام وأعجب بمهارة هذا الأستاذ الذي انتخبته الحضور - ضن بالمصاريف فضرب صفحا عن هذا العمل الجليل - فلم آل جهدا في أن نبهت إلى هذه الفكرة حضرة صديقي الفاضل الشيخ (سلامة حجازي) - فعسى بهمته الشماء وما عهد فيه من ميله لرقي فنه أن يتمم هذا العمل العظيم الذي شرعت فيه لرقي فنين في الحقيقة هما (التمثيل والموسيقى) وما على من يريد التفرد ويود أن يعمل عملا عظيما يدون له في التاريخ هذا الأمر بعزيز، سيما بعد بذل كثيرا من المصاريف التي سيجني أكثر منها أضعافا إن شاء الله إذا أطاع ما يشير به عليه محبوه. ولكي يكون له من جهة أخرى فضل السبق على سواء في إحياء (فن التمثيل) الذي لا يتم ولا تقوم له قائمة إلا إذا حلت في جسمه روح (فن الموسيقى) - وإني لا أخشى أن أقول بصراحة وحرية ضمير بأني مستعد لخدمة أية جمعية تمثيلية في مصر تود أن تكون البادئة بهذا العمل - وعسى أن تكون (جمعية المعارف) لأنه من السهل عليها عمله الآن لوجودي رئيسا لها - ولي أمل وطيد في نجاحها؛ لذكاء شبانها وميلهم إلى الآداب.
المختارات من تلاحين الأستاذ الشيخ سلامة حجازي (تنبيه) اعلم أن ما سنذكره هنا هو عبارة عن الألحان التي تنشدها الجوقة بمناسبات الوقائع التي تتخلل بين الفصول. (سماعي ثقيل - نهاوند)
شكرنا للمليك اغنموه
وعلى كل البرايا قدموه
فهو فرد مثل بدر في سماء
رب فضل لا يضاهى
قطب عدل لا يباهى
يا رفاقي كل حين عظموه (نهاوند - زرفكند)
أيها الغفار
يا مولى الأنام
هب لنا الغفران
من كل الأنام
دور
واحبنا بالفضل
وامنحنا السلام
يا إله الناس
يا مولى الأنام (نهاوند 2 من 4)
طف بالكؤوس على الندامى
وارو النفوس من المدامه
وزوج ابن غمام بنت عنقود
فنحن أهلا لغرام من الشهود
واشرب واشرب واطرب واطرب
وانهب فرص اللذات (حجاز كار - نوخت)
العدل والإنصاف روح الوطن
والعفو والإحسان أصل المنن
فأنت مولانا إمام الهدى
بالعدل تحمينا وحسن الفطن (حجاز - سماعي ثقيل)
دام مولانا المليك الأفضل
بالعلا والافتخار
رأيه السامي سديد أكمل
بالوفا والاقتدار (حجاز كار - سماعي ثقيل)
أنار سعدي - وتم قصدي
ونلت وعدي - على الرشد
ولاح مجدي - بخير رقدي
وليس عندي - سوى المجد
خانه
فما الأزمان
بهذا الآن
سوى الألحان
بها قصدي (حجاز - أقصاق)
أنعمت بالخير الجزيل
يا أيها المولى الجليل
فاسلم ودم طول المدى
بالأمن يا شافي الغليل (حجاز - دارج)
أيها المولى تأن
إن في الصبر المرام
سوف يمضي الهم عنا
ليس في ذاك كلام
خانه
وتلاقى الأنس دوما
بالتهاني والسلام
فاشكر المولى العظيم
كلما ناح الحمام
واحسن الصنع إلينا
واحبنا حسن الختام (بوسليك - أقصاق)
أيا كترين بالإنصاف
ترين الموت بالهند
فذوقي ضربة السياف
جزاء النكث بالعهد
أيا أتلاود سامحني
وهيا بالعجل نهرب
وبالإنصاف عاملني
فعنك الآن لا أرغب (حسيني دوكاه - نوخت)
مرحبا أهلا ببدر
ساطع البشرى
من غدا للشمس يزري
وجهها الدري
خانه
أشرقتا والسعد وافى
وزهى البشر
وزمان الأنس صافي
وأتى اليسر (حسيني عشيران - أقصاق)
يا مليكا ساد كل الملوك
بجلال أعظم لا يرام
قد كفى الأعداء أن يرهبوك
يوم حرب أشأم أو سلام
دور
قد حباك الله عرشا مجيد
يا علي الشيم والمقام
فاحتكم فينا برأي سديد
قدوة للعالم في الأنام (سيكاه - نوخت)
ملك الألباب خفف
حر نيران الغرام
يا نسيم الصبح لطف
شر لوعات الغرام
سلسله
كيد البعاد آسي
يبلي ولا يرحم
قلبي وأنفاسي
والروح قد أعدم
يا لقومي والديار
زاد نوحي والسقام (سيكاه - سماعي ثقيل)
يا أميرا بالسجايا الغر ساد
بالعلا والعدل أرضيت العباد
جئتنا بالنصر والفتح المبين
وكفيت الناس شر الظالمين
فاغتنم صفو الليالي والزمان
وليلاقي الضد أنواع الهوان (جهاركاه - واحدة من نوع النوار)
هلم يا أخا العلا إلى الوغا
فقد بدا وقت الانتقام
أين السلاح لاح النجاح خذوا الرماح
قد انتهى كل ما يرام
إذا نسير لا نستشير هيا إذا
نحمي الوطن من العدى
يا ربنا هبنا على أعدائنا فوزا ونصرا
ويل لمن يرمي الوطن سهم الحزن
من العدى من ضرب الحسام في الصدام (بوسليك - نوخت)
لها الهنا لها الرضا
يا ربنا في جنتك
تلقى هناك ربي هداك
بل في علاك ومحبتك
دور
حب أكيد حظ سعيد
دوما يزيد في حضرتك
عن الغرام من فيك هام
حسن الختام في نعمتك (بوسليك - مصمودي)
هات لي خمرة الشفا من شفاهك
واسقنيها على فخامة جاهك
واعطنيها يا أوحد العصر لطفا
وبديع المثال في أشباهك (عجم عشيران - ظرفات)
يا مليكا فضله عم الوجود
وله في الناس إحسان وجود
ولدى الهيجا له باس الأسود
يورد الأعدا إلى شر الورود (عجم بوسليك - سماعي ثقيل)
يا أيها الملك السعيد
قد فزت بالعيش الرغيد
كترين في ثوب إليها
زفت إليك كما تريد (عجم بوسليك - 3 من 8)
ذا مقام الغرام
وفعال الهيام
لك أجر الهوى
فعلى الدنيا السلام
أما افتتاحاته واختتامته التمثيلية - فنجدها في كتابي (نيل الأماني - في ضروب الأغاني) بغاية الدقة والتصحيح.
هوامش
الفصل الخامس والعشرون
ترجمة (كامل أفندي الخلعي)
(مؤلف هذا الكتاب)
بقلم حضرة الكاتب الأديب، والناثر الأريب، صديقه وتلميذه الفاضل. عبد الله أفندي كامل.
هو الموسيقار الأديب، ونابغة مصر الأريب، الذكي اللوذعي، (كامل أفندي الخلعي)، ابن سليمان أفندي الخلعي. من أسرة الخلعي الشهيرة بدمنهور.
ولد المترجم بالإسكندرية لما كان والده ضابطا بالجيش المصري في يوم عشرين رجب سنة 1296 هجرية. وجاء به إلى مصر صغيرا، فأدخله إحدى المدارس الأميرية. فأشرقت شمس ذلك المفضال. إشراقها في وجه الهلال. وكان يميل إلى مطالعة كل كتاب. ميل الأرض الماحلة لابن السحاب. فكنت تراه حليف رقاع.. أليف محبرة ويراع.
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
قد اطلع على كثير من كتب الأدب، ودرس أشعار العرب. وتصفح وسائل الأدباء. وطالع مقامات البلغاء والفصحاء. فعلق في ذاكرته النثر الفحل. والنظم الجزل. فكان في ذلك كالنحل تروح وتغدو على غصون الأشجار المختلفة الأجناس. فتختار منها أندر الأزهار. وأغرب الأنوار. وتنفث من مجموع ذلك شهدا فيه شفاء للناس.
وأعقب ذلك بمصاحبته لخير من شعر وكتب. ونثر وخطب. العلامة الفاضل الذكي. سما حتلو أفندم (السيد توفيق أفندي البكري) - فصار كاتبا ليده أزمانا طويلة وهو له أقرب جليس. وأيمن نديم وأنيس.
ثم تنقل تنقل القمر في المنازل. وعاشر العظماء والأماثل، فتراه يوما في روض أنيق، ويوما بحزوي ويوما بالعقيق.
ولما كان علو همته لا يقف عند حد. وليس لصدره ورد. شغف بفن (الموسيقى) بعد فني الرسم والخط شغف عمر بالثريا. وحارثة بن بدر بالحميا. وصافى أهل الفضل في ذلك الفن الجليل. كالموصلي والمغربي وعبد الرحيم وأبي خليل. فأخذ منهم ما أشجى وأطرب، وروى عنهم ما أعجب به وأغرب.
فما إسحاق الموصلي في توقيعه على الألحان. ولا إبراهيم بن المهدي في قدرته على تبديد الأحزان. ولا معبد في جلب السرور. ولا زرياب وقد أهر خفايا القلوب ومكنونات الصدور. بأحسن صوت ولا أتقن في الصناعة. ولا أعلم مجيد هذه البضاعة. من هذا الذي ميز الغث من الثمين. وأظهر الشك من اليقين. ولا غرو فالبحر الخضم، إذا فاض لم يحكه اليم.
وليس يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى ذليل
لعبت في أسرته أيدي الأيام ففرقتهم منه الآمال. بل جد واجتهد. وقيد ما شرد، ورحل إلى البلاد القاصية. والجهات النائية؛ ليستجلي غوامض أسرار هذا الفن النفيس. حتى صار أستاذا يرجع إليه في المشكلات ويعول عليه في التدريس. متضلعا من الموسيقى الشرقي قديمها وحديثها، حافظا لتلحين الموشحات والأدوار المصرية. والشامية والتركية. ما يعجز عن حفظ عشره أكبر موسيقي في الشرق مع الدقة وحسن الإلقاء؛ حتى يخيل للسامع أنه ثمل بين الرياض الغناء. مشهورا في توليد السرور في قلوب خلصائه حين غنائه. فلا يعتريهم ضجر أو سآمة. بل كأن المحل الذي هم فيه فم يفتر عن ابتسامة.
مر المذاق على أعدائه بشع
حلو الفكاهة للأصحاب كالعسل
وحسبك دليلا قاطعا، وبرهانا قويا ساطعا، ما في ألحانه من المتانة والطرب. وهي كما شهد لها أئمة الفن والناس غايات الأرب. له كثير من الأفكار السامية والألفاظ الرقيقة. والمعاني السهلة العميقة. ما تشهد له بطول الباع. وسعة الاطلاع. وأنه من فصحاء الأدباء. قال منها في مؤلف مطبوع له هذا التشبيه في الغناء: «اللحن البديع - من مغن مجيد - وعلى آلات الطرب، كالمعنى اللطيف - يكسوه اللفظ الشريف - ضمهما بيت بليغ من الشعر».
وله في الحكم العصرية. لتهذيب أنفس المسرفين من أبناء الأغنياء في الأزبكية: الأزبكية ملعب يمثل عليه إسراف الوارثين فيظهر الواحد منهم في الفصل الأول من الرواية ملكا (يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما) حتى إذا ما انتهت *** ظهر في الفصل المضحك أجيرا يلعن الزمن ويذم الدهر وينشد مع الحكيم.
الناس من دنياهم في مأتم
فالسحب تبكي والرواعد تندب
وخاصم مرة صديقا له فقال: «لا أريد فراقك أبدا - ولكني سأراك بالنظارة المعظمة معكوسة».
وله في الغرام: «الحب طائر يلتقط حبة القلب؛ فالبصير من قتله أو فر منه قبل أن يراه». وقال أيضا: «لا يحزنك رغبة محبوبك عنك إلى سواك؛ فإنه ملك يتصرف في ملكه كيف شاء فيرضى عن هذا ويسخط على ذاك ولكن الذنب عليك حيث استهواك إلى الدخول في خدمته».
وكسا كثيرا من المعاني الغربية - حللا عربية. فقال منها: «كان بعض الملوك الفاتحين يسامر إحدى معشوقاته، في فتوحاته، ويذكر لها أنه كم سلب العاقل، واستنزل العصم من المعاقل، وكم ترك فوقا لأرض أرضا ثانية من الأشلاء، وأذل دولا شماء وكم هدم معلما. وأطاح عرمرما. وإن الدنيا طوع يديه، والأفلاك مسخرة إليه. فأجابته أجل أيها الملك الفاتح. والروض النافح. ولكن فتح المعاقل بقاذفة الشؤبوب، أخف من فتح القلوب، وإخضاع أمة من الأعداء، أهون من خداع غانية هيفاء».
وقال تحت عنوان (الداء الدفين): - لا يسلو العاشق ما تلذذ به من سلاف كأس الحب، كما لا ينسى ما تجرعه من مرارة آخره في القلب. فإن غدر به معشوقه فدب في قلبه له دبيب الملال. وصار معذبا بين عزة النفس وذل الحال.
تريدين كيما تجمعيني وخالدا
وهل يجمع السيفان ويحك في غمد
لما أمكنه أن يتلوه مع ذلك ولو سقي السلوان، ولا يطفأ ما اتقد في قلبه من لواعج الأشجان.
لا يخطر السلوان عنك بخاطري
إلا ورد من الجوى بكمين
إلا بأمرين: إذا تغيرت صورة من يهواه، أو اتخذ له عشيقا سواه.
فالأول: إذا رغبت العين أن تتمتع بحقيقة مرآي ما هو مطبوع في القلب. لما أجيبت بغير السلب. وهناك تذهب السكرة، ويتنبه العقل فتأتي الفكرة حاملة لواء النجاة، منقوشا عليها بمداد الحياة، (من الوجود، يعشق المفقود).
والثاني: يتذرع المعشوق الجديد بسلاح عزم العاشق الوطيد. وينقض على المعشوق الأول فيقوض منه الدعائم، وينزعه ليحل محله من قليب قلب الهائم. والعاشق المسكين بين ذلك تتنازعه عوامل الأسى والأسف. ويشوى كبده على جمر التلف. على ترك معشوقه السابق. وخشيته من اللاحق، وتستمر تلك الثورة في قلبه على قدم وساق. بين الحب والحزن والفراق، حتى يتغلب أخيرا على نفسه وينبذ الأول ظهريا، وضعيفان يغلبان قويا. فهو كما ترى في شفاء مقيم مهما تنوعت الأسباب، وبلاء عظيم ما دام يجري في عروقه دم الشباب؛ ذلك لأن المعشوق الجديد متى ثبتت قدمه في الدار، فعل ما يهوى ويختار. فران على قلبه. وأخذ بمجامع لبه. وربط جوارحه. وحل جوانحه. وتصرف كسابقه تصرف الملاك على مرأى من المالك. فيتلف معالم عقله ويسد في وجه صاحبه المسالك.
المستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
فيرفع الدعوى من خصمه إليه، فيحكم له لا عليه.
يا أعدل الناس إلا في محاكمتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
فمثل قلبه في ذلك كالبكر العذراء، إذا تزوجت رجلا جميل الطلعة والرواء وبعد قليل من الزمان. سامها خسفا وأذاقها الهوان. وانقلب عليها بعد العزة فاستذلها. وما كفاه قلاها حتى لابس عليها غيرها. فتطلب بالضرورة ما ينقصها من لذة الجماع . وتذهب إلى القاضي ليحكم لها في هذا النزاع، وبعد التثبت من أقوالها. يحكم بانفصالها عن زوجها. وهي مطلقة التصرف ثمت للتأهل بأي رجل تشاء. ممن فوق الغبراء. فلو أمكنها العدول عن تجديد عقد الزواج. وفضلت العزلة عن احتياجها في المستقبل إلى مر العلاج.
تفرد الشيء خير من تألفه
بغيره وتجر الألفة النقما
لأمكن كذلك للعاشق أن يمتنع ثانية عن الغرام. بعد أن أذاقه صنوف الآلام. ولكن أنى له ذلك وبذوره كامنة في قلبه كمون النار في الحجر. والزهر في الشجر. وإرادته ضعيفة من أن تحجر على عينه من صرف إنسانها على كل جميل. أو تخلصه من شبكة الحب إذا أوقعه فيها قلبه العليل.
وويح إنسان عيني إن جنحت إلى الس
سلوى فلي منه دوما أوب مؤتاب
شكل 25-1: كامل افندى الخلعى.
وقال تحت عنوان (النجاة من خطر الهوى):
إذا ضاق صدر الصب. وامتلأ بجيش سلطان الغرام فضاؤه الرحب. وعلى حرانه حتى صار كالبركان العظيم. من أوار حر الجحيم. وغدا قلبه مصبا لسوط العذاب. وحطبا لنار العقاب. وعقله كرة لصولجان الفكر ومأوى للهموم. وطرفه موكلا يرعى النجوم، فانبرى كمن سبقه بالملائمة على العين. وادعى أنه داعية الأسى والغبن، حيث أعقبت النظرة بعد النظرة. فأوقعت باستحسانها المرثي القلب في الغصة والحسرة.
لأعذبن العين غير مفكر
فيها؛ جرت بالدمع أو سالت دما
ولأهجرن من الرقاد لذيذه
حتى يعود على الجفون محرما
هي أوقعتني في حبائل فتنة
لو لم تورطني لكنت مسلما
سفكت دمي فلأسفحن دموعها
وهي التي ابتدأت فكانت أظلما
فعاد ثمت ليله نهارا بالسهاد. ونهاره ليلا في السواد. وحوصر على باب فمه بكاتم سر الملك وجنده. فأمسى معتقلا بسلاسل الحيرة في حبس من جلده. فأذعن مرغما لإرادة أمره القاضي بأن لا تنبعث أشعته من الظلمات إلى النور. وأن لا يخرج سره المكنون من حيز الخفاء إلى شمس الظهور. وافترسته خلال ذلك لتوانيه في عمله أنياب الفقر. وتوالت عليه كوارث الدهر. قرح إلى قرح. وملح على جرح. فأثقلته صنوف الآلام: آلام الأرواح وآلام الأجسام . وأصبح صريع الغرام مسكينا. وللنوائب مستكينا. طرفه يقظان مغضوض. وإبهامه معضوض . وأسقط في يده، ولم يدر كيف يهتدي سواء السبيل. ويفر من وجه هذا الظالم وجحفله العريض الثقيل. وينجو من حكم سلطانه المستعبد للأحرار. والمستأثر بذوي الأقدار. والمعطل عما ينفع من المصالح. والمدمى بسلاحه الماضي الجوارح. والمقلب القلب على جمر الغضا وضرام الألم. والمانع عن الاشتغال بالعلوم والحكم. والسائق إلى وليه غمام الغم. والهائم به في وادي الهم. فليهب ويستبد بالعزائم؛ لتشتد منه الدعائم. وينفش على ما سلم في قلبه من سهام العين النجلاء. هذه الحكمة لتكون كإنذار بوشك وقوع معركة شعواء لا تظهر قوة ساعد العقل في ضرب الحسام. إلا في محاربة النفس في ساحة الغرام.
أجل: فلا يلبث أن ينتبه العقل من غشيته، ويفيق بعد طول السبات من غفلته وسكرته. ويتألب على النفس المنغمسة في حماة الرذيلة. بعد أن يتدرع بالفضيلة. ويغل في عنق معشوقه سلسلة مساوية إذا تمكن من أسره؛ ليرد ما كاده له إبان ما كان مستسلما لأمره.
وبعد التحام القتال، واشتباك الطعن والنزال، ومعاناة كبير عناد ومجالدة. ومجادلة ومجاهدة. تضع الحرب أوزارها، فتتبدى عن العين الكليلة عن ذنوب المعشوق ظلم أستارها، فترى العقل وقد خرج من تحت النقع مكللا بإكليل الفوز والظفر. منشورا فوقه أعلام الفتح والنصر. واضعا (الغيرة) أصل بلاء العشاق في القيود والأغلال، والشكائم الثقال، ثم يلفظ بها إلى أقصى مكان. ليخطب ود أبيها ليزوجها منه من يرضى لنفسه الصغار والهوان. ومن ثم يعود إلى برجه آمنا من العثار مرة أخرى في وهدة الخبال والجنون، متحدثا بنعمة ربه الذي أفرج كربه صاحبه وأنقذه من ريب المنون. وألهمه من فيضه الإلهي الصواب، فاستنبط به دفائن نبات القلوب. واستخرج بصولته ودائع الغيوب. وأودع فيه القوة التي ملكته من عنان مركب ربه وهواه. فكفاه في الحقيقة أعدى أعداه. وسيره بسرعة البرق ليلجمه قبل أن يجمع فيهوي به في مهاوي المهالك، ويحيد عن الصراط المستقيم ليسلك أوعر المسالك.
وعلى أثر شكره الله. على ما منحه وأولاد. يشعر العاشق براحة البال. وانفراج الأزمة لهزيمة كتائب البلبال. وانبعاث روحه ثانية خالصة من الآثام. بعد أن كانت ملوثة بالغرام. فيبتهل إلى الله بخشوع. ويتضرع إليه بخنوع وخضوع. قائلا سبحانك لا يأخذك نوم ولا سنه. ولا تحدك الأوهام والألسنة. تنتقم بقدرتك من الباغي. وتفضي بنيل المباغي. نعمك لا تحصى. مع كثرة ما تعصى. خلقت لنا العقل نبراسا نستضيء بنوره في خنادس الليالي المواثل. ونفرق بحسامه القاطع بين الحالي والعاطل والحق والباطل. ونسترشد بهديه لتحفظه من طوارئ الحدثان بزيادة التجارب. ونستنقذ بحكمته مما يكدر صفاء العيش من انصباب متاعب المصائب. وانتياب شوائب النوائب، فما ألطف صنعتك في إزالة اللأواء. وأوسع رحمتك لإدامة الآلاء. لا يفي الشكر لمواهبك بجزائها. ولا بأقل جزء من أجزائها. أحمدك حمد المعترف بفضلك الجليل. المقر بإحسانك الجزيل. على إنجائك لي من فعل هذا الشراب. الممزوج بالزعاف والصاب. بعد أن كنت منه على شفا جرف هار. وركوب مطية الدمار. كالمتلذذ في مضجعه باستنشاق الكثير من الأزهار. فتخدر أعصابه بسموم أريجها المعطار. ويقضي على مهل نحبه. ويلقى ربه.
ولما قرع باب السماء. بمثل هذا الدعاء. وسأل العفو وطلب الاستغفار. على ما جناه من العزيز الغفار. لاذ بالمتاب. وبعد أن زاغ عن سنن الرشاد آب. فتمسك بأطراف الورع والعفاف. وآلى أن لا يحتسي - ما دام حيا - من كأس هذا السلاف. الذي هوى به فأحال صبغة حاله. وكساه أثواب الضنى بذميم خلاله.
هذا ولما كان لا يمكن الاحتراز من الأقدار. والاحتراس من الفلك المدار.
إذا نزل المقدام ولم يبق للفتى
نهوض ولا للمخضرات إباء
وحيث إن الحب راحته عنا. وبقاؤه فنا. والمرء يذنب ثم يتوب. واللب يعزب ثم يثوب؛ لذلك خلع لباس الجزع وسلم الأمر لله. ونسي ما جنته عليه عيناه.
فمن كان يؤتى من عدو وحاسد
فإني من عيني أتيت ومن قلبي
ثم أراد بعد برهة أن ينزه الفكر. في ملعب عجائب الدهر. فنظر من نافذة الاستقامة المشرفة على طريق السلامة. فرأى ثم رأى المعشوق خارجا منه يتعثر في أذياله. ويتضاءل حسنه في أسماله. ينفض عن عطفيه عثير سقوطه من قمة السعادة والعلاء. إلى الدرك الأسفل من هوة التعاسة والشقاء. وكأنه به وهو يعض سبابة الندم. والسدم يجول في باطنه فيحرق الإرم. تعسا لك أيتها النفس.. ما أسرعك في اتباعك فاسد الهوى. وسحقا لك فإنك لا تميلين لغير معاشرة من ضل وغوى. فكفري عن ذنبك العظيم. وارجعي خاشعة إلى حظيرة ربك الكريم. فيسبل ستار التوبة على نحوس مطالع أيامك. ويغفر لك ما تقدم من ذنوبك وآثامك. واحفظي من الآن زمام الذمام. واصبري في هاجرة هجر عاشقك على الأوام. جزاء نكثك للعهد. وانتهاك حرمة الوفاء والود. واعلمي بأن العدل كل العدل. ما حكم به عليك العقل. وأن من لم يكن حكيما. لم يزل سقيما. ومن اتخذ الحكمة لجاما. اتخذه الناس إماما. أما من آثر اللذات فقد تورط في البلوى. وانتهى من حرم الحرمان إلى الغاية القصوى. وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوى.
يجمع إلى ذلك آداب الأخلاق ولطف الروح وحسن المعاشرة، وجودة التصور وطيب المسامرة. ووفاء العهد. وثبات الجأش والود. يتكلم بحكمة الشيوخ في سن الشباب. ويغرب إذا حدث في غير موضع الأغراب. ذو أفكار مصيبة. وفراسات عجيبة. وعزم بالثبات ناطق. ولدى الخطوب صادق. يكاد يهدي بأفكاره النجم الثاقب. ويستتبع بآراء فراسته سهم كل كوكب صائب.
يشاهد أعقاب الأمور بعقله كما شاهد المحسوس بالعين ناظر
أقوى علماء فنه بيانا وأطلقهم لسانا. وأخفهم روحا وأصفاهم نية. وأرقهم طبعا وأنقاهم في حسن الطوية. وأسخاهم يدا. وأجزلهم ندى. وأبعدهم في نظر الأشياء مرمى. وأسدهم في المناظر سهما.
فتى مثل صفو الماء أما لقاؤه
فبشر وأما وعده فجميل
غني عن الفحشاء أما لسانه
فعف وأما طرفه فكليل
ولولا خوفي من القول بأني أنظر إليه بعين الرضا لأسهبت في المقال. ووفيته حقه في هذا المجال. بذكر محاسنه الغراء التي يطول شرحها. ويعز على البليغ البارع حصرها.
ولولا أن يظن بنا غلو
لزدنا في الحديث من استزادا
ولقد سألته يوما عن سر تأخر هذا الفن في بلادنا الآن. وهل يمكننا أن نراه وقد صعد إلى ذروة الكمال والإتقان؟ فأطرق زمانا في الفكرة. وقال هذه الشذرة. بعد أن تنفس الصعداء. من كبد حراء. أتنتظر لهذا الفن الراقي وهو لم يزل في المهد. وسيبعث من المهد إلى اللحد. وكيف لا تتوقع الموت لفن، الحكومة لا تنظر له بعين الإكبار والإعظام. والأهالي يتكلفون لأربابه السلام. ولو شاءت الأولى لرفعته مكانا عليا. ولم يك شيئا منسيا. وابتنت له مدرسة ولو بمساعدة الأغنياء. ويجيء رقي هذا الفن من الأمراء؛ لأنها الأساس الذي يشيد على دعائمه رقي هذا الفن النفيس. فيتخرج ثمت كل إمام رئيس. ينشد لنا مع رصفائه ما يسمو بالنفس إلى معارج الأبهة والجلال؛ لنتناسى التافه من المقال، ولاكته الألسنة من عبارات العشق وذكر الغواني. وندب على ما بقي في هذا الفن من أحسن المعاني ولقد سمعنا أن بعضهم كان في العصر الأول يقول للمغني: أضحكنا. فلا يزال القوم في ضحك إلى أن يقال له أبكنا. فينتقل بهم ظفرة من الضحك إلى البكاء. أو يسكن أعصاب اثنين التهبت بينهما نيران الغضب والشحناء. فتصلح ضمائرهما ويندمان على ما سلف من الضغينة والجفاء. وترق قلوبهما ويعودان إلى الصفاء والولاء. أو يحرك النفس نحو قواها الشريفة من الجود والحلم والفضيلة في الأعمال. إلى المروءة والعدل والصدق في الأقوال. أو يستعمل لحنا منوما يخفف عن المريض ألم العلل والأسقام. فتتخدر أعصابه وتأخذه سنة المنام. إلى غير ذلك من الكيفيات الكامنة في الموسيقى التي يضيق عن شرحها البليغ اللبيق. والفصيح المقول المنطيق.
خفض عليك أيها الصديق. ولكن إذا عارضك بعض المعاصرين. أو عصابة من متكلفي السماع المتطفلين. وتصدوا للمعاكسة. والمشغابة والمشاكسة. واعترفوا بأنهم مستحسنون طريقتهم في الغناء. وراضون عنها تمام الرضاء، وما رأيك هذا من سقط المتاع. والحثالة التي تقل بها وجوه الانتفاع. بل ونتيجة القول فيه إلى الضباع. فماذا نقول. في هذا الجهل والفضول؟ والحسود لا يرضيه إلا زوال النعمة. وتثبيط الهمة!!
أجل، لا أنكر عليك ذلك ولكن إذا قورنت الأعمال بالحزم. والثبات والعزم. خرج صاحبها من حومة الوغى ظافرا منتصرا على العدى، ولم يذهب سعيه سدى، فالعزائم منازل الأبطال. واستعمال الصبر دأب الرجال. فمن فتح عمله بالجد وعظم درجة الاجتهاد. استفتح أبواب الخير. واقتعد غارب السداد. سيما ونحن ولله الحمد في عصر بزغت فيه أنوار العلوم. ولم يحرم من أدباء وفضلاء يدركون طريقي المنطوق منها والمفهوم. ويميزون بين العالم والجاهل. والحق والباطل. والحسن والقبيح. والفاسد والصحيح؛ ولذا يجب على النابه أن يثبت للنهاية؛ حتى يظفر بالغاية. ومن ثم لا تثني عزمه مواقع أو عراقيل. ولو اجتمع لمعاكسته أبناء فنه من جليل وضئيل
1
أما الذين لا ترضيهم أقوالنا من بعض الملحنين والمغنين. فلا سبيل إلى إقناعهم مهما أتينا لهم بشموس الأدلة ومتين البراهين. ولا يجب علينا أن نجيبهم بشيء على قدحهم؛ لأننا لسنا بأول من قدح فيهم القادحون. وهجاهم الهاجون. ويحق له أن يقول مع من يقول:
إذا قال فيك الناس ما لا تحبه
فصبرا يفئ ود العدو إليكا
وقد نطقوا مينا على الله وافترى
فما لهم لا يفترون عليكا
بل نتركهم مع الأيام طالبين لهم الهداية لأقوم سبيل، ولأنفسنا التوفيق لخدمة الأوطان بإحياء هذا الفن الجليل.
فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى
عليهم وهل إلا عليك المعول
وإذا كان الجاحظ على علو مرتبته في البلاغة وسمو درجته في العلم. استعاذ بالله من أولئك الذين ما خلقوا إلا لقرض الأمراض وعض عباد الله بأضراس من الوقاحة وأنياب من الشتم. فقال: من ألف كتابا فقد عرض عرضه للمفاضح فإن أحسن فقد استهدف. وإن أساء فقد استقذف. فأعوذ بالله من أولئك الثرثارين. الحسدة المتفيهقين.
وقال شوبنهاور حكيم الألمان: وإذا كان من شأن أصحاب الفضل والذكاء أن لا يلتفتوا إلى حسد الحساد، ولا يكترثوا بهم ولا يثير فيهم ما يأتونه معهم من آثار العداوة والبغضاء ثائرة الحقد والغيظ، بل تكون معاملتهم دائما معاملة الشفقة والمرحمة؛ فإن أهلا لحسد والنقص لا يزدادون إلا عداوة وكراهة ولا يميلون أبدا إليهم ولا يأنسون إلا بمن يكونوا على منالهم أو أدنى منهم طبقة في قلة الفضل وضعف الذهن، أما إذا وصل صاحب الفضل إلى حسن الذكر وعلو الصيت ونال حقه في زمانه فلا يكون ذلك إلا من باب حسن الاتفاق وتوافق الظروف ومساعدة الأقدار كما جرى ذلك للمرحوم (عبده أفندي الحمولي).
وعلى أية حال، فإن حسن الذكر كما يقول عنه أحد القدماء من الحكماء: «لا يفتر عن ملازمة الفضل ملازمة الظلال للأجسام فهو مثلها في حركتها وسيرها فتارة يكون من أمامه وتارة يكون من خلفه - فإن سكت عنك أهل عصرك ولم ينصفوك ولم يشهدوا لك بما أوتيته من الفضل لما يكون بهم من الحسد والنقص أنصفك من يأتي بعدهم وردوا إليك حقك بخلوهم عن كل هوى وغرض ***» وهذا القول من هذا الحكيم القديم يدلنا على أن السعي في إنكار ما ينفع الناس من الفضل والانتصار لما يضر من الجهل داء قديم في نفوس أهل النقص والعجز، وزد على ذلك أن انتشار الذكر بفضل الرجل الفاضل ينقص من أهل طبقته من معاصريه ويحط من شأنهم، فهم يسعون ما استطاعوا في كتمان فضله وانتقاص منزلته؛ حتى لا تعلو على منزلتهم ولا تغلب على شهرتهم ولا يروق لمن كان حاصلا منهم على شيء من حسن الذكر أن يشاركه فيه خلافه ويزاحمه فيه نده.
هوامش
بسم الله الرحمن الرحيم
أنشأ لنا هذا التقريظ البديع الفائق، ذا اللفظ الشريف والمعنى الرائق. من جمع إلى جمال طلعته كمال الأخلاق والشيم. وحبه الخالص لإحياء الفنون الجميلة من العدم، الأريب الألمعي الفاضل. حضرة (طه أفندي كامل) موقد سبكه، والحق يقال في بوتقة الفصاحة وسكبه في قالب الملاحة. وصاغه بآلات حسن الانسجام. ورصعه بجواهر الكلام. وأخرج غواص فكره من بحر المعاني والبيان. فرائد أفكر لم تظفر بها أصناف الآذان. وخرائد أبكار لم تقترعها فحول الأذهان. فاختلب ببهائه القلوب والأرواح. واستلب بروائه الأموال والأشباح. وقد ذكر فيه حفظه الله بدء حظوته بمعرفتنا. وانضمامه إلى سلك تلامذتنا. جعله له قدوة حسنة لأمثاله من الشبان. الذين يميزون ما زان من الأشياء وشان. ويفرقون بين الحسن والقبيح. والفاسد والصحيح . كيما يأخذوا بناصر هذا الفن فيرفعوا به إلى ذروة مجده. ويعيدوا المشرفي إلى غمده. فقد هوى في مصرنا - وايم الله - إلى حضيض الخسة والهوان. وسامه الناس الخسف والخذلان. وما ذلك إلا لانتماء بعض زعانف القوم إلى رحابه. وتكأكئهم على بابه. وإتيانهم ما يخدش سمعته. ويذهب بهجته. وتعويدهم الناس على سماع شنيع الكلام. مما تنبو عن الإصغاء إليه طبيعة كل شريف همام. ألهمنا الله جميعا إلى ما فيه الخير والصلاح. وهدانا إلى سبيل الفلاح والنجاح.
التقريظ
حمدا لمن تترنم بذكره الأطيار على الأفنان بفنون ألحانها. فتخلب القلوب بشدوها على دقها وعيدانها. وتنوح فتناجي كل مشوق بأنواع الأشواق. وتقرح وتفرح، فتأخذ الأحزان عن يعقوب والألحان عن إسحاق. وتصدح فتصدع قلب كل متيم مشتاق. وتسجع من الصبا لطول شقة النوى؛ فتهيج بلابل العشاق.
لقد عرض الحمام لنا بسجع
إذا أصغى له ركب تلاحى
شجا قلب الخلي فقيل: غني
وبرح بالشجي فقيل: ناحا
وصلاة وسلاما على نبي تتغنى بمديحه المشاة والركبان. صلاة دائمة ما غردت البلابل على الأغصان. (أما بعد) فإن السماع. ينعش الأرواح ويشنف الأسماع. وهو كيمياء الطرب وأدم المدام. ولولاه ما طاب لمغرم ادكار معشوقه، ولا انعطف معشوق على مستهام. سيما إذا كانت الألحان متينة الصناعة. ومؤديها ذو صوت شجى وبراعة. وأصوات المساعدين له مع آلات الطرب في اتحاد واصطحاب. والشموع الباهرة تحترق فيستضيء بنورها الخلان والأصحاب.
كأن الشموع وقد أذكيت
رماح على كل رمح سنان
طعن الظلام فمزقنه
فصاح الصباح: الأمان الأمان
وحيثما كان مجلس الشرب موضوعا للاستكثار من اللذات، فالأولى أن يجمع به من الندماء ما اتصف بالحذق والفطنة والفكاهات، ومعرفة أنواع الغناء والطرب؛ كي يكون له للسماع نوبة وأخرى للحديث والأدب، قال المعتز رحمه الله، وأكرم مثواه:
ونداماي في شباب وحسن
وائتلاف لهم نفوس كرام
بين أقداحهم حديث قصير
هو سحر وما سواه كلام
وغناء يستعجل الراح بالرا
ح كما ناح في القصور حمام
وكأن السقاة بين الندامى
ألفات بين السطور قيام
فإذا استكمل الندماء هذه اللطافات، واتصفوا بما تقدم ذكره من الصفات، فقد عقدت الخناصر على محاضرتهم. وأشير بالبنان إلى منادمتهم ومحاوتهم. وحلا بوجودهم شرب الراح. وجاء السرور بجر ذيل الأفراح. فقام احتفاء بقدومه بين الجميع خطيب الأنس والظرف قائلا: هلموا بنا؛ فقد طاب مجال القصف والعزف، فالوقت معين، وماء الشبيبة معين، ونشر البشر فائح، ونور الهناء لائح. وغصن الصبا رطيب. ومطرف اللهو قشيب.
هو يوم حلو الشمائل فاجمع
بكئوس الشمول شمل السرور
من مدام أرق من نفس ال
صب وأصفى من دمعة المهجور
رق جلبابها فلم تر إلا
روح نار تحل في جسم نور
فلا تسمع فيه إلا نغمات المثالث والمثاني، ورنات القوارير والفناني. فمن عود يحرك أو يحرق. أو قدح يروب أو يروق. أو شاد يغرد، أو شارب يعربد، أو خد ورد ينشق، أو ورد خد ينشق.
لا تسمع الآذان في جنباته
إلا ترنم ألسن العيدان
أو صوت تصفيق الجليس ونقره
وبكاء راووق وضحك قناني
فيحتسونها صرفا مملوءة من شراب سائغ ذهبي الجلباب، لؤلؤي النقاب، يورد ريح الورد، ويحكي نار إبراهيم في اللون والبرد.
حمراء رصعها الخباب بجوهر
كالزهر في مرج من العقيان
والله لو عقل المجوس لكأسها
جعلوه بيت عبادة النيران
يطوف بها سقاة بأيديهم أقداح، تفتح أبواب الأفراح، ما منهم إلا كل غزال أهيف. يفتر ثغره عن لؤلؤ رطب وعن قرقف. قد نقش العذار فص وجهه. وأحرق فضة خده. صبيح وسيم. تعرف فيه نضرة النعيم. مشرق بالأنوار. تحج إلى كعبته الأبصار. يترقرق فيه ماء الصبا. ويخفي من لمعه بروق الصبا. نزهة المشتاق، ومرآة لوجود العشاق، سمهري القوام لين القد. إذا نطق أخرج جواهر الكلام من بين شفاه كورق الورد. كأن الراح من خده معصورة. وملاحة الصورة عليه مقصورة. تتعطف الأغصان سجدا لعطفه. ويسقي بطرفه أضعاف ما يسقي بكفه.
ساق كبدر دجي يسعى بشمس ضحى
بين الندامى يفوق الغصن إن خطرا
فاعجب لشمس أضاءت من يدي قمر
والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا
يتهادى في مشيته كالطاووس، فينفي عن القلب البؤوس. ويميل كالغصن الرشيق؛ ليملأ للندماء كاسات رحيق كالحريق.
جالها على الندمان فاحمر لونها
لخجلتها عند البروز من الخدر
وصب عليها الماء فاصفر لونها
ويحسن عند الملتقى وجل البكر
ويناول للشاربين نقلا على الراح. من مسكر الفاكهة أو التفاح النفاح.
الراح تفاح جرى ذائبا
كذلك التفاح راح جمد
فاشرب على جامده ذوبه
ولا تدع لذة يوم لغد
فيتلذذ الحضور بالمسموع والمشموم. والمشروب والمطعوم. والاكتفاء بتمتيع النظر إلى الوجوه الحسان. واستنشاق الورد والنرجس والبنفسج والريحان.
مليك الورد وافى في جيوش
من الأزهار في الخلل البهية
فوافته الأزاهر طائعات
لأن الورد شوكته قوية
وبين ذلك قريض ينشد وملح ونوادر، ومجامر الند تملأ الفضاء بعبير شذاها العاطر. وقمر يبتسم للكون ويتطلع كالحسناء من خلف الغمام. والنيرات السواطع منتثرة حوله كحاشيته وهو بينهم البدر التمام.
على رسل فما لك من مجار
إلى رتب العلاء ولا رسيل
ولم يزل أولئك القوم بين كمنجة وقانون. وعود وأرغنون، وناي مرقص مطرب. وشاد معجب مغرب. وساق فاتن ودهر موات. وأمر مستمع أقول: خذ وهات. وشمس تدور. على نجوم وبدور. وهم يتمتعون بالملذات في هذا القصر. حتى مطلع الفجر. فيسرح سوام البصر. بين الماء والخضر، إذا محي الليل وارتفعت الحجب. وبدا النهار فباخت نار الشهب. واقتنص بازي الضوء غراب الظلام. وفض كافور النور عن الغسق مسك الختام. وظهر وجه النير الأعظم. والسراج الوهاج المقدم. كأنه جذوة أو قطعة من دينار. أو كأس ستر بعضه الحباب. أو حسناء غطت وجهها بنقاب. ثم كشفت أستارها, ألقت على الأفق أنوارها.
وكأنها عند انبساط شعاعها
تبر يذوب على فروع المشرق
فضحك لها الزهور في الأكمام. والغصون ترقص على غناء الحمام. فنثر حال اهتزازها من طيب الأزهار. ما يتضوع أريجه في الفضاء وينشر عرقه المعطار.
قد أتينا الرياض حين تخلت
وتحلت من الندى بجمان
ورأينا خواتم الزهر لما
سقطت من أنامل الأغصان
وإذا ما أرجع البصر. إلى جهات أخر. وجد مرج أفسح من أمل حريص طامع. في جاه غني كريم نافع. وأنزه للأبصار والبصائر. من غض شباب زاه زاهر . ساعده الدهر بعافية ومال وافر. روائحه ألطف من نسيم السحر. ورواشح مائه أعذب من ماء الحياة صفاء بلا كدر. وتغاريد طيوره ألذ في السماع من ثناء الناي على الوتر. والرعابيب تمرح مع أسراب الغزلان. بين غياض النسرين والآس والأقحوان. والسواقي تجرها صفر البقر. بين خرير الماء وحفيف الشجر. فينحدر ماؤها بين الجداول والحياض. ويلتوي ليسقي المزارع والرياض.
في ربيع الوصل لما
أن وفى الظبي الشرود
وسرت بشرى الصبا لل
روض تنبي بالورود
خرت الأنهار والأغصان
مالت للسجود
واجتمعنا في رياض
حسنها يسبي الوجود
فالسحاب الصب فيها
بالحشا أمسى يجود
في ربيع الوصل لما
أن وفي الظبي الشرود
وسسرت بشرى الصبا لل
روض تنبي بالورود
خرت الأنهار والأغصان
مالت للسجود
واجتمعنا في رياض
حسنها يسبي الوجود
فالسحاب الصب فيها
بالحشا أمسى يجود
نثر الدر علينا
منه بلور الغمام
فوق صحن سندسي
فيه مليا قوت جام
وثغور من عقيق
زانها حسن ابتسام
وعيون من لجين
ناظرات لا تنام
وغصون الدوح حف
تنا بأنواع النقود
طيرها غنى عليها
إذ علا عودا وطار
وشذاها ضاع فيه ال
مسك لما منه غار
والصبا أمسى عليلا
في رباها حين سار
جنة الفردوس فيها
وجه بدري حين نار
أصبحت جنات عدن
تشتهى فيها الخلود
قم نديمي عاطني
فالدهر لا يسوي الحزن
كأس عيشي ينمحي
في مزجها صرف الزمن
الطلا والماء وال
خضرة والوجه الحسن
لا تطع في ذا عذولا
إنه خبن كمن
في حشاه غليان
لا تقل خل ودود
فينصرف الجمع مما سمع ورأى منشرح الصدر والخاطر. قرير العين والناظر.
ووجه كل قد غدا
مثل الربيع القادم
بعين سحب قد بكت
وزهر ثغر باسم
شملنا الله وإياكم ببره الوافر. ورفده المتابع المتواتر. وأغدق علينا نعمه السابغات، في أسعد الظروف والأوقات. •••
ولقد أسعدني الحظ وحسن الطالع. بما سأسرده على القراء الكرام وأقصه على المسامع: جمعتني الصدفة في نادي أديب من الأدباء، ووجيه من الوجهاء. اشتمل مجلسه العالي على كثير من أهل الأدب، ومحبي لغة العرب، الذي إن نظموا أودعوا أصداف المسامع درا. أو نثروا نفثوا في عقد العقول سحرا. وصرنا نتجاذب أطراف السمر في ذكر أهل البراعة. ونعد مناقب فرسان أصحاب البراعة. ونورد أخبار اللسن. ونروي عنهم كل حديث حسن. أمتع من نسيم السحر. المتعطر بربى الزهر، حتى انتهى بنا الحديث إلى ذكر المغنين والأغاني. بمناسبة ذكر كتاب (الأغاني) فتكلم كل بما دار في خلده. وأفرغ جعبة محصوله على قدر جهده. وكان في المجلس شاب لم يتكلم بإسهاب إلى قرب انتهاء الحديث. الدائر محوره - وقتئذ - على تفضيل أيهما؛ الغناء القديم أم الحديث. فأبدى من الرأي الفصل. والقول الجزل ما كشف لنا به الستار عن وهن التلحين الحديث، وضعف ألفاظه وسخافة معانيه. وأثبت ببراهينه الساطعة حسن الغناء القديم وقوة صياغته ومتانة مبانيه. وما زال ينادمنا بأفصح لسان. ويجلو علينا عقائل أخلاقه الحسان. وينثر جواهر لفظه النظيم. ويزف إلينا ملحا ألذ من الزلال على قلب الكليم. حتى جلا عن القلوب الهموم والأوصاب. وأعجب بفصاحته الحضور أيما إعجاب. فراقني ما شاهدت من حاله. وأمعنت النظر في مستقبله ومآله. وسألت - هما - من بجواري، والجالس على يساري: أو تعرف أيها الفاضل هذا الشاب. السالب بمنطقه العذب نهي أولي الألباب: فقال: نعم هو نابغة مصر. ومحيي ما اندرس من معالم فن الموسيقى في هذا العصر. الذي شهدت له أئمة فنه في براعة اختراع الألحان والموشحات. والفوز بالقدح المعلى في وضع الأسفار الأثيرة ونشر جليل المؤلفات. الأديب الموسيقي اللوذعي. (كامل أفندي الخلعي) وجل غرضه الذي يسعى إليه الآن. أن يصل هذا الفن في الشرق إلى درجة الكمال والإتقان، فنراه مكبا على تحصيل غوامض أسرار هذا الفن النفيس، حتى صار أستاذا عظيما شرقيا يرجع إليه في المشكلات ويعول عليه في التدريس. فرغبت إليه أن يرجوه ليتحفنا بشيء من تلاحينه الخاصة وطيب نغماته. وأن يجود علينا بما من الله عليه من جزيل نعمه وهباته. فلبى الطلب بكل خضوع وأدب. ولم يعتذر بوجود ألم في صوته كأكثر ثقال المغنين إذا استماحهم راغب إنشاد شيء من التلحين. بلغنا المقصود من سؤالنا. وجمع بيننا وبين آمالنا. فإذا - والحق يقال - صوت شجي رخيم. أشهى إلى الآذان من رجوع العافية إلى جسم السقيم. وأصفى من ماء الغمام. وأضوأ من بدر بالتمام إذا انكشفت عنه حجب الغمام. في حندس الظلام. أغنى بمغانيه النفس بعد فقرها. وأرجع إليها محبوبها بعد طول شوقها. وأهدى الروح إلى الأرواح، وأطرب السمع بضروبه الصحاح، فلا تخلو له قطعة من صنعه. ولا خانه. من متانه. ولا قفله. من حفله. حتى ثملنا طربا، ومسنا تيها وعجبا. وأخذ بعض الجماعة من الطرب ما يأخذ أهل السكر. فنشروا أعلام الثناء والشكر. وظهرت أسرار السرور. وانشرحت صدور الصدور. خصوصا مما سمعناه من النغمات غير الملحن عليها في مصر أدوار أو موشحات. (كالتكريز والفر حناك وألبسته نكار. والعجم والبوسليك والسوزناك والحجاز كار).
ولم نزل تتمتع منه بالسماع والحديث بكل مطلوب. إلى أن آذنت الشمس بالغروب. فتأهب للقيام. فحييناه بالترحاب والإكرام. فخرج والعيون تشيعه. والقلوب معه. فيا له يوما ما كان أطيبه وأقصره. وسرورا ما أوفاه وأوفره! ملكنا فيه زمام التهاني. وحصلنا منه على الآمال والأماني.
ولما انفض عقد مجلسنا وانتثر. سرت معه ليريني آخر مؤلف من مؤلفاته الغرر. فكانت فاتحة الألطاف أن قرأت على غلافه بالحرف الجميل الجلي: كتاب (الموسيقى الشرقي) فتصفحته تصفح منتقد بصير، عليم بأسرار التأليف خبير. فانشرح صدري بالوقوف على مغانيه. وجال فكري حيث جال في معانيه. وامتلأ قلبي من نوره نورا. ورجعت به إلى أهلي فرحا مسرورا. كتاب يشتمل من أصناف الفوائد. على أصداف الفرائد. حوى من هذا الفن ما لم يحوه كتاب. وفتح للطالب إلى أقصى المطالب كل باب؛ إذ هو فريد في فنه الفائق. وحيد في جمعه للدقائق. عزيز التحقيق. كثير التدقيق. لم ينسج ناسج من المتقدمين على منواله. ولم يسمح الدهر بمثاله. على أن فضل القدماء لا ينكر. والإغضاء عن بيان فضلهم لا يشكر، فنحن إنما بنينا على أساسهم. واهتدينا بنبراسهم. غير أننا إذا وضعناه موضع الكتب القديمة. كنا كمن لا يعرف لهذا الفن قيمه. وإذا قابلناه بما سلف. كنا كمن قابل بين الدر والصدف. والقصدير والذهب. أو الرأس والذنب.
ساقني إلى مطالعته بالتدقيق سلاسة وضعه. وجودة ورقه ودقة طبعه. وانسجام عباراته، ولطف إشاراته. ومن ثمين ما وجدته فيه الأوزان العربية والتركية. موضوعة بطريقة سهلة المأخذ بالنوتة الإفرنجية. مع قواعد علم التصوير ورصد النغمات. وتعليم أية آلة من الآلات. مع تصويرها بالشرح الوافي. والبيان الكافي. بألفاظ وضيه. ومعان مضيه، كذا يجد فيه المطلع من صور مشهوري هذا العصر ما هو غرة في جبين الدهر. وكلها متقنة الوضع، رائقة الصنع. مما تتوق إلى النظر إليه أنفس أدباء المطلعين. فيشكرون صنيع المؤلف ويترحمون على من مات من فطاحل المغنين - والموشحات مرتبة ترتيبا جميلا على هيئة فصول. كأحسن ما يغرفه كبار الفن من أعذب المسموع وألذ المنقول. مع تراجم أهل العصر. والمختار من تلاحين علماء الشام ومصر. مما يعد في الحقيقة بدعة الأمصار. وشرك الخواطر ونزهة الأبصار. على أني لو استعرت فصاحة الأدباء. وأعطيت بلاغة الخطباء. لما أمكني أن في هذا السفر. حقه من التمداح والشكر. وقصارى المديح عجز الفصيح.
وقد هداني أيضا هذا المؤلف الجليل إلى وجود مجموعة أخرى لهذا الموسيقي النبيل، تشتمل على اثني عشر موشحا من أمثل ألحانه. وأجمل ما جاد به صوته السليم وفنه الممسك له بعنانه. قد جلاها للناس في معرض المبتدع المخترع. لا الناقل المقترع. وربطها بالنوتة الإفرنجية. ووضع عليها ألفاظها باللغتين العربية والفرنساوية. وهو أول شرقي رفع شأن وطنه في علمه بعمله. وأتى بما لم يأت سابقوه ولا معاصروه بمثله.
ولما كان من الواجب على كل حر شريف يحب خير وطنه والإصلاح. أن يرشد إخوانه إلى ما فيه الخير والصلاح فأقول: لا جدال في حسن الغناء القديم ووثاقته. ولا نزاع في متانة تركيبه وصياغته؛ لأنه الأساس الذي اقتاد به المحدثون. وعليه مثل الملحنون. وتناقله الخلف عن السلف في كل قطر ومصر. جيلا بعد جيل وأهل عصر بعد عصر؛ لأن كل ملحن مجيد لا بد أن يكون استكثر في بدئه من حفظ تراكيبهم. وتحدي أساليبهم. ومحاكاة نغمتهم. والحذاء كما سبق القول على أمثلتهم. كيما تتحصل عن ذلك عنده ملكه التلحين. فتصدر ألحانه خالية مما يشين.
ولما كنا في الحقيقة - وإن تقادمت الأيام - سلالة أولئك الأقوام الكرام. فما علينا إلا أن نطلب الخير. بالاقتداء بهم في السير، لنكون لمن بعدنا قدوة. كما كان لنا بذلك السلف الصالح أسوة.
ولو انتبه أهل الفن قديما لربط موشحاتنا العربية، بالنوتة الإفرنجية. لما انتسخت أكثر عمليات تلحينها. ولما تعب مثل كامل أفندي المذكور في كتابة ألحانه خوف الضياع وتدوينها؛ لأن البيشراوات والبستان والموشحات، هي الجزء الأول. الذي عليه في هذا الفن المعول. وما الأدوار إلى قطع صغيرة عديمة القيمة. موضوعة على غير أصول ومحشوة بالمعاني السقيمة - بخلاف الموشحات فإنها محصورة القوانين، صحيحة القسمة في التلحين. تشتمل على ألفاظ أرق من الشمول. ومعان بعيون عقائلها تفتن العقول. وكفى على فضلها دليلا أننا نسمعها نحن وآباؤنا من قبل. ولم نعف سماعها إذا أعيدت وكررت في كل فصل. وبرهاني (بدري أدر كاس الطلا) بحياتك قل لي أليس كلما كرر شنف الآذان وحلا. ويا (هلالا غاب عني واحتجب) أترغب فوق أن يزيل عن قلبك الهم والنصب. إلى آخره مما يطول شرحه وتفصيله. ويعسر الآن تأسيسه وتأصيله. وأكبر دور إذا قيل بضع مرات في محفل أو ناد. بحته نفوسنا وصار كالكلام المعاد - وما ذلك إلا لمتانة تلحين الأول وضعف الثاني. يعرف ذلك جيدا من كان لهذا الفن يعاني.
ولكن لما كان المشتغلون بصناعة التلحين في هذا الزمان. لا يمكنهم تلحين الموشحات لصعوبة تركيبها وعدم معرفتهم أسرار الأوزان. تركوها ظهريا ونبذوها منسيا. وقد عودوا الناس على سماع أدوارهم البسيطة القليلة البضاعة. الخالية من محاسن الإبداع ودقيق الصناعة. واستملحها السامعون لسهولة معانيها. وهم لا يدرون بأنها مسروقة من الموشحات ومشذبة من نواحيها. *** ومن يقيس التراب بالمسجد، والحصى بالزبرجد. أو الصفر بالصفر. والتراب بالسراب. وشتان بين الليل الدامس. والنهار الشامس. وهل يقارن الدر بالحصى. والسيف بالعصا . وكم بين الحق والباطل. والخالي والعاطل. وبين حوت السماء. وحوت الماء !
والخلاصة أن الفرق بين الموشحات والأدوار. عند أئمة الفن أو ذوي الأبصار. كالفرق بين ظاهر الثوب المحاك بالحرير المزين بالألوان. وبين باطنه الذي لخسته لا تود أن تراه العينان. *** ولما لم أجد في الشرق الآن من لحن من نوع الموشحات بهذه المتانة الفائقة. والجزالة في الطرب الرائقة الشائقة. غير حضرة الأستاذ المبدع الموسيقى (كامل أفندي الخلعي) فأحببت اعترافا بما له على هذا الفن من الأيادي البيضاء أن أذكر شيئا من مناقبه إلى حضرات المطلعين الأجلاء. وعسى أن يجعل جائزتي قبول كتابتي. لتتم سعادتي.
وإني أسأله تعالى في النهاية أن يجعل عمله خدمة نافعة للوطن ولكافة المريدين والفضلاء. وأن يجزيه عليه أحسن الجزاء. وأن يهنئه بالنجم الأسعد. والجد الأصعد. ويعيذه من شر من حسد وطعن. ويكلأه بعينه التي لا تنام إن قام أو ظعن. كما وإني أسأله لنا جميعا النعمة السابغة. والمنحة السائغة. وأن يخرجنا من ظلم الوهم. إلى نور الفهم؛ كي نأخذ بيد كل مرشد لنا ونتمسك بما يبديه. ونضرب عرض الحائط بقول حساده وأعاديه. ومن ثم نصل إلى غاية المأمور. ونهاية المسئول. إن شاء الله
1 . *** هذا ولما آن أن ننتهي من هذا الكتاب. وحان نجاز طبعه المستطاب، بسطت يد الإخلاص والولاء، ورفعت أكف الضراعة والدعاء. بدوام بقاء حامي الممالك والبلاد، المحامي عن حوزة الدين صيانة لأرواح العباد، حجة الله على العالمين. وبرهانه القاطع على العتاة الجاحدين، السلطان الأكرم، والمتبوع الأعظم، مولانا (عبد الحميد الثاني). الملك العثماني، فدعوت بنصره. وسعود عصره. راجيا من الملك المجيد. دوام عزه والتأييد. وأن يهب أمير البلاد، تابعه المعظم، وولي نعمتنا المفخم، الملحوظ بالسبع المثاني. (عباس باشا حلمي الثاني). طول العمر. ودوام اليمن والخير. كما أدعو ببقاء ذات رب المكارم والنعم. والمحاسن العميمة ومعالي الهمم. من ساعدني على طبع كتابي هذا حتى خرج للوجد. يزدهي بأنوار طلعته والسعود، صاحب السجايا الحميدة وجميل المناقب. عطو فتلو أفندم (إدريس بك راغب). وقد ضمنت هذا الإخلاص الأكيد . في هذا النشيد.
مقام - يكاه - أصول - أقصاق - 8/9
2
أقبل البشر بهيا
ورياض الأنس أخصب
فاغنموا الوقت وهيا
نحتسي الصفو ونطرب
دور
دام في عز مشيد
غوثنا (عبد الحميد)
وبه نجم السعود
قد تبدى في صعود
دور
يا مليكا عز قدرا
وسما نهبا وأمرا
قد حباك الله نصرا
خفقت منه البنود
دور
و(بعباس) المعالي
بسمت بيض الليالي
وبه كل الأهالي
أحرزت غاي السعود
دور
ساس أحكام البلاد
ناهجا نهج السداد
فغدت كل العباد
لا يرى فيهم حسود
دور
دام (إدريس) المفدى
يمنح الراجين رفدا
سعده السامي تبدى
وبه ضاءالوجود
دور
فهو مشكاة السياده
وهو مصباح السعاده
وله الإحسان عاده (راغب) كهف الوفود
موشح مقام يكاه - أصول أقصاق 8/9
هات يا ساقي الحميا
إن نجم الليل غرب
واشف يا باهي المحيا
مدنف القلب المعذب
خانه
فإلى كم ذا التواني
يا وحيدا في الغواني
جفنك الفاتر سباني
فاتئد وارع افتتاني
صوتك الساحر شجاني
فصفا وقتي وحاني
فاجل لي صافي القناني
باكرا فالعمر فاني
واسقني حتى تراني
قد عقد منها لساني
راجيا قرب التداني
وهو غايات الأماني
طاب لي اليوم زماني
فاشد لي طيب الأغاني
حيث محبوبي وفاني
بعد ما كان جفاني
في صفا روض التهاني
زف لي غيد المعاني
بين ندمان حسان
حركوا صوت المثاني
قفله
فامل لي كأسا هنيا
أيها الشادي المربرب
موشح مقام حجاز - أصول يورك سماعي 8/6
يا راعي الظبا
في حيك غزال
خلته في قبا
مذ رنا وصال
قال لي: خذ جبا
واشربها حلال
ناديت مرحبا
يا بدر الكمال
خانه
قل لي يا مصون
ما هذا الدلال
يا حلو المجون
ما آن الوصال
زادت بي شجون
سلواني محال
وحالي أبى
عن غيرك ومال
إيه أمان أمان
إيه أمان أمان
موشح مقام يكاه - أصول أقصاق 8/9
Makam Yakkah - Oussoul Acsak 9/8
Hati ya sakil houmailla.
Inna nagmal laili gharrab.
Oachfi ya bahil mouhaia.
Moudnafal Kalbil mouazza.
خانه
Khana
Fa Ila camm zal tawani.
Ya oahidann fil ghawani.
Gafnoukal fater sabani.
Fattaid oar; ftitani.
Sawtoukal saher chagani.
Façafa oakti oahani.
Faglouli safil kanani.
Bakirann fal oumrou fani.
Oaskini hatta tarani.
Cad oukid minha liçani.
Ragiann kourbal - tadnai.
Oahous ghaiatoul amani.
Taba lil yawma zamani.
Fachdouli tibal aghani.
Haiçou mahboubi oafani.
Baada macana ghafani.
FaÇafa rokit tahani.
Zaffali ghidal maani.
Raina noudman inn hiçani.
Harrakon sowtal maÇani.
قفله
Kafla
Famalali kaçann hanilliann.
Aiouhac chadil mourabrab.
موشح مقام حجاز - أصول يورك سماعي 8/6
Makam Hugaz - Oussioul youreuk samay
Ya rail ziba fi haiak ghazal.
Khelton fi kaba mouzz rana oaçal.
Kalli kouz ghaba oachrabba halal.
Nadet marhaba ya badral kamal.
خانه
Khana
Kolli ya maçoun ma hazel dalal.
Ya houloal mougoun maanal wiçal.
Zadat bi chougoun souloani mouhal.
Oahali aba an ghairak oa mal.
Eh aman aman. Eh aman aman.
هوامش
صفحه نامشخص