عندما يولد جسم رنان صوتا في الهواء، فإن الاهتزازات التي تحصل فيه عند ذلك، تنتقل إلى الهواء الذي يحيط به وهو الذي يوصلها إلى آذاننا.
ولبيان الصفة التي ينتقل بها الصوت في الهواء يكفي ملاحظة ما يحصل على سطح ماء راكد عندما تمس نقطة من نقطة جملة مرات متتالية بطرف عصاه، فيشاهد عند ذلك تولد جملة أمواج صغيرة دائرية تبعد شيئا فشيئا عن النقطة التي تتولد فيها - وإذا تأمل للأجسام الخفيفة السابحة على سطح ذلك السائل يرى أنها ترتفع كلما تقابلها موجة بدون أن تنتقل من مواضعها - ومن ذلك ينتج أن الاضطراب الذي يحصل في النقطة الممسوسة بالعصاة يولد في جميع نقط السائل على التعاقب بدون أن ينقلها حركات صعود وهبوط مشابهة التي تحصل في تلك النقطة - وبهذه الكيفية ينتشر أيضا الصوت في الهواء، أي أن الجسم المتذبذب لا يولد حركة انتقالية في الهواء، بل يحدث في نقطة على التعاقب حركات ذهاب وإياب صغيرة مشابهة للتي تحصل في الجسم الرنان، والذي يولد سمع الصوت هي الحركة الاهتزازية التي تحصل في الطبقة الهوائية الملامسة لغشاء الطبلة - وقد سميت الاضطرابات التي تحصل في الهواء حول الجسم الرنان (بالأمواج الصوتية) وذلك للاشتباه الموجود بينها وبين الأمواج المائية.
سرعة انتشار الصوت في الهواء
إذا نظر إنسان إلى مدفع وقت طلقه، وهو بعيد عنه، فإنه يرى اللهب الذي يخرج منه قبل أن يسمع الفرقعة، فهذا يدل على انتشار الصوت ليس وقتيا، بل يستغرق زمنا لانتقاله من نقطة إلى أخرى.
ومن جهة أخرى إذا لاحظ الإنسان ألحان موسيقى تصدح على بعد، فإنه يسمع تطابق وتوالي ألحانها كما لو كان بجوارها فهذا يدل أيضا على أن جميع الأصوات تسري في الهواء بسرعة واحدة مهما كان ارتفاعها وشدتها وعلى ذلك يكفي لتعيين سرعة انتشار الأصوات تعيين سرعة انتشار أحدها.
ثم إنه إذا انتقل إنسان في نقط مختلفة البعد عن مدفع وصار يعين في كل منها الزمن الذي يمضي من وقت رؤيته لهب المدفع إلى سماع صوته، فإنه يرى أن هذه الأزمنة تكون مناسبة الأبعاد تلك النقط من المدفع، فهذا دليل أيضا على أن سرعة انتشار الصوت منتظمة؛ ولذا عرفت سرعة الصوت بالمسألة التي يقطعها في الثانية الواحدة.
وأول تجربة فعلت لتعيين سرعة الصوت بضبط كاف كانت في فرنسا سنة 1822 وقد فعلت هذه التجربة بالقرب من باريس بين (فيلجويف) (ومونتيري) فوضع مدفعان في البلدين المذكورين، وأطلق المدفع الذي في البلد الأولى فحسب الذين في البلد الثانية الزمن الذي مضى من وقت رؤية لهب المدفع إلى سماع صوته، ثم أطلق المدفع الذي في البلد الثانية خوفا من أن يكون لاتجاه الهواء تأثير على انتشار الصوت، وحسب الذين في البلد الأولى الزمن الذي مضى من وقت رؤية اللهب إلى سماع الصوت - وقد عملت هذه التجربة جملة مرارا لزيادة الضبط وأخذ متوسط تلك الأعداد وحيث كان يمكن أن يعتبر أن الضوء يقطع المسافة الواقعة بين البلدتين المذكورتين في مدة غير محسوسة؛ إذن يكون متوسط هذه الأعداد هو الزمن الذي يقطع فيه الصوت المسافة المذكورة، وعلى ذلك، فإذا قسم هذا المتوسط على مقدار هذه المسافة يكون خارج القسمة هو سرعة الصوت - وقد عملت هذه القسمة، فكان الخارج هو 340 مترا أعني أن الصوت يقطع في الهواء 340 مترا في الثانية الواحدة.
وأما سرعة الصوت في الأجسام الصلبة في أعظم أيضا فقد عمل (بيوت) عدة تجارب على مواسير الزهر المعدة لتوصيل المياه، فظهر له أن سرعة الصوت في الحديد الزهر هي تقريبا قدر سرعته في الهواء عشر مرات ونصف.
انعكاس الصوت والصدى
إذا صادفت الأمواج الصوتية في سيرها عائقا ثابتا، فإنها تنعكس بواسطته كما ينعكس الضوء بسطح مصقول وانعكاس الصوت بهذه الكيفية وهو المحدث للصدى، فإنه متى صرخ إنسان على مسافة من حائط مرتفع أو تل يسمع إعادة صوته يعذر من طويل أو قصير على حسب بعد المسافة؛ وذلك لأن الأمواج الصوتية عندما تصادم الحائط أو التل ترد بواسطته إلى أذنه.
صفحه نامشخص