============================================================
وأما أم جعفر (21) بنت جعفر بن المنصور فإنها كانت تريد أن تتقدم الرشيد في كل شيء من جد وهزل ، فأما الجد فالأثار الجميلة التي ليس في الإسلام مثلها، فإنها حفرت عين المشاش وساقتها اثنى عشر ميلا إلى مكة وأنفقت عليها ألف ألف وسبعمائة ألف دينار، ثم اتخذت المصانع والسقايات والمتوضئات حول المسجد الحرام، وبنت دور السبيل ومصانع بمنى وافي] عرفات سقايات (30)، وحفرت آبارا في منى على طريق مكة ووقفت على ذلك ضياعا غلتها ثلاثون ألف دينار في السنة، وبنت في الثغور دور السبيل، وعملت البيمارستانات، وحبست ضياعا على الثغور وعلى الفقراء والمساكين ما غلته مائة ألف دينار وأما ما يتلين به الملوك وينعمون به ، فهي أول من عمل في الإسلام ، الآلة من الذهب والفضة المكللة بالجوهر، واتخذت رفيع الوشي حتى بلغ ثوب وشي غمل لها خمسين ألف دينار. وأول من اتخذ الشاكرية(21) من الخدم والجوار يركبون الدواب ويختلفون في حوائجها برسائلها وكتبها، وأول من عمل القباب من الفضة والأبنوس والصندل ، ورأسها وكلاليبها من الذهب والفضة مليسة بالوشي والستور والديباج والخز والملحم والديبقي(32) وأول من اتخذ القمص اللؤلؤ مفصلة بالجوهر وشمع العنبر، وتشبه الناس بأم جعفر في جميع أفعالها وكان محمد الأمين بن الرشيد وأمه أم جعفر، فقدم الخدم واثرهم ورفع منازهم ، فلما رأت أم جعفر استضعافه بالخدم الخذت الجوارى المقدودات الحسان الوجوه، فطرت رؤوسهن، وجعلت هن الطرد والأصداغ وشعور الأقفاء. وألبستهن الأقبية والمناطق، وكانت أول من فعل ذلك وبعثت بهن إليه، وأبرزتهن للناس، فاتخذ الناس من الخاصة والعامة الجوار المطمومات ، وألبسوهن الأقبية والمناطق وسموهن الغلاميات، وقصرت أيام محمد حتى قتل وكان المأمون أمير المؤمنين ابن الرشيد، فكان في أول خلافته يغلبه الفضل، يستعمل النجوم والنظر فيها، ويذهب مذاهب ملوك الفرس، ويشتهي قراءة الكتب القديمة، فلما قدم العراق اطرح ذلك، وأظهر القول بالعدل والتوحيد، وجالس المتكلمين والفقهاء والأدباء وأقدمهم من البلدان وأجرى لهم الأرزاق، فكثر المتكلمون في أيامه، ووضع كل امرىء كتابا يتصر قوله ويرد على من خالفه . وكان أكرم الناس عفوا وأحسنهم مقدرة وأجودهم بالمال وأبذهم للعطايا.
(24) أم جمفر زبيدة بنت جمفر بن آي جفر المنصور، اسمهاأمة العزيز، ولقبها جدها أبو جعفر النصور وبيدة، لبضاضتها وضارتها، توفيت ستة 210ه/ 825م (ابن خلكان، وليات 2: 314- 417) (20) في الأصل : بمسنا وعرفات وسفايات . ومصانع تعفى السدود (31) الشاكرية فرقة عسكرية مدربه تدريبأ خاصا (لزيادة التفاصيل انظر : 1 (34) في الأصل : الدنيفي - التيبقى : نسبة إلى قرية تيبق الواقعة قرب دمياط في مصر (الحطط المقريزية 1: 226) 10
صفحه ۲۶