مروج الذهب ومعادن الجوهر

المسعودی d. 346 AH
114

مروج الذهب ومعادن الجوهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وقبض الإسكندر وهو ابن ست وثلاثين سنة، وكان ملكه تسع سنين قبل قتله لدارا بن دارا، وست سنين بعد قتله لدارا بن دارا وتملكه على سائر ملوك الأرض، وملك وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وذلك بمقدونية، وهي مصر، وعهد إلى ولي عهده بطليموس بن أريت أن يحمل تابوته إلى والدته بالإسكندرية، وأوصاه آن يكتب إليها إذا أتاها نعيه أن تتخذ وليمة وتنادي في مملكتها أن لا يتخلف عنها أحد، وأن لا يجيب دعوتها من قد فقد محبوبا أو مات له خليل وليكون ذلك مأتم الإسكندر بالسرور، خلاف مأتم الناس بالحزن، فلما ورد نعيه إليها، ووضع التابوت بين يديها، نادت في أهل مملكتها على ما به أمرها، فلم يجب أحد دعوتها، ولا بادر إلى ندائها، فقالت لحشمها : ما بال الناس لم يجيبوا دعوتي. فقالوا لها: أنت منعتيهم من ذلك، قالت: وكيف. قيل لها: أمرت أن لا يجيبك من فقد محبوبا، أو عدم خليلا، أوفارق حبيبا، وليس فيهم أحد إلا وقد أصابه بعض ذلك، فلما سمعت ذلك استيقظت وعلمت ما به سئلت، وقالت: لقد عزاني ولده أحسن العزاء، وقالت: يا إسكندر ما أشبه أواخرك بأوائلك، وأمرت به فجعل في تابوت من المرمر، وطلي بالأطلية الماسكة لأجزائه، وأخرجته عن الذهب؟ لعلمها أن من يطرأ بعدها من الملوك والأمم لا يتركونه في ذلك الذهب، وجعل التابوت المرمر على أحجار نصبت، وصخور نصبت، من الرخام والمرمر قد رصفت، وهذا الموضع من الرخام والمرمر باق ببلاد الإسكندرية من أرض مصر يعرف بقبر الإسكندر إلى هذا الوقت وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة، وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب جوامع من أخبار الإسكندرية وعجائبها، ومصر وأخبارها ونيلها، في الموضع المستحق له من ذلك في كتابنا، إن شاء الله تعالى.

ذكر جوامع من حروب الاسكندر بأرض الهند

صفحه ۱۲۹