ملوک الطوائف و نظرات در تاریخ اسلام
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
ژانرها
الفصل الحادي عشر
لم يقنع ابن عمار بما وفق إليه من إنقاذ مملكة إشبيلية من مخالب الأذفونش ورد عادية هذا الطاغية عنها، بل رغب في أن تمتد حدود المملكة وتتسع رقعتها، واتجهت أطماعه إلى ولاية مرسية التي كانت من قبل قسما من مملكة زهير ثم من مملكة بلنسية ولكنها كانت مستقلة في العصر الذي نتحدث عنه الآن، وكان أبو عبد الرحمن بن طاهر ملكها، والمدبر لشئونها، وهو من أصل عربي ينتسب إلى قبيلة قيس، وكان ملكا طائل الغنى، ضخم الثروة، قد دخل في حوزته نصف المملكة، وكان - مع غناه الطائل - مثقفا خصب الذهن، حصيف الرأي، ولكنه مع كل هذه المزايا لم يكن كثير الخيل والجند، مما جعل الاستيلاء على بلاده ميسورا وسهلا، وقد لاحظ ذلك ابن عمار.
وفي سنة (1078) مر بمرسية لمقابلة «الكونت دي برشلونة ريمون بيرنجيه» الثاني المعروف باسم «كاب دي توب» وإنما سمي كذلك نظرا لغزاره شعره، وإنما عرج على هذا الكونت ليخفي السبب الحقيقي الذي من أجله مر بهذه الجهة، ولكي يهتبل هذه الفرصة ارتبط بروابط الصداقة مع بعض أعيان مملكة مرسية الذين علم أنهم كانوا في حالة استياء من ابن طاهر أو أنهم على استعداد للخيانة والانقلاب متى اشترى ضمائرهم بالمال.
ولما كان في حضرة «ريمون» عرض عليه عشرة آلاف مثقال ذهبا لقاء مساعدته بجنود من عنده لفتح مرسية فقبل الكونت الاقتراح، وتعاقد معه على أن يكون ابن المعتمد الذي يتولى قيادة جيش إشبيلية رهينة عنده، حتى يصله المبلغ المتفق عليه، وسلم الكونت ابن أخيه لابن عمار كرهينة وضمان لتنفيذ شروط المعاهدة، وكان المعتمد يجهل نص الاتفاق الذي يجعل ابنه رهينة عند الكونت، وضمانا لوصول المبلغ، وابن عمار كان على يقين من وصول المبلغ في الوقت المعين، فلا محل للخوف من تطبيق هذا النص، وليس ثمة ما يوجب بقاءه رهينة عند «ريمون» ما دام المبلغ يصل في الوقت المحدد.
وتم الاتفاق، واجتمعت جنود إشبيلية بجنود «ريمون» وزحف الجيش المتحد لمهاجمة ولاية مرسية المستقلة، ولما كان من عادة المعتمد التهاون، ترك الأجل المضروب موعدا للدفع يمر دون أن يصل المبلغ في موعده، فترجح عند الكونت أن ابن عمار خدعه، فاستشاط غضبا، وأمر بإلقاء القبض على ابن عمار وابن المعتمد قائد جيش إشبيلية وحاول جيش إشبيلية إنقاذهما، فهزم واضطر إلى الاندحار.
وكان المعتمد لا يزال في طريقه إلى مرسية مع ابن أخي الكونت وحاشيته، وقد أبطأ به السفر، فلم يكن قد جاوز بعد ضفاف «الوادي اليانع» وكان النهر في إبان فيضانه فلم يكن قد عبره، وثمة صادفه بعض فلول جيشه على الضفة الأخرى للنهر، ومعهم فارسان يحملان إليه رسالة من ابن عمار فاقتحما بجواديهما النهر، وأبلغا المعتمد اعتقال «ريمون» لابنه ولوزيره، وأن هذا الأخير بعثهما إليه يريد منه أن يتعجل خلاص السجينين، وإطلاق سراحهما، بتنفيذ شروط الاتفاق، وأشار إليه أن يبقى حيث هو، فلم يقو فؤاده على احتمال هذه الكارثة ولم يطق صبرا، وقلق على مصير ولده، ووضع ابن شقيق «ريمون» في السلاسل والأغلال.
ومضى على هذه الحال عشرة أيام، دخل فيها ابن عمار في جوار «جاين» فأطلق سراحه، وجاء إلى المعتمد ولكنه لم يستطع المثول بين يديه تفاديا من غضبه، وتلطف فأرسل إليه يقول:
أأسلك قصدا أم أعوج عن الركب
فقد صرت من أمري على مركب صعب
وأصبحت لا أدري أفي البعد راحتي
صفحه نامشخص