مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن الموصلی d. 774 AH
46

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پژوهشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

فَإِنْ قُلْتُمْ: تَأْوِيلُنَا لِلنُّصُوصِ الَّتِي جَاءُوا بِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَكْذِيبَهُمْ، قُلْنَا: فَمِنْ أَيْنَ صَارَ تَأْوِيلُنَا لِلنُّصُوصِ الَّتِي جَاءُوا بِهَا فِي الْمِيعَادِ يَسْتَلْزِمُ تَكْذِيبَهُمْ دُونَ تَأْوِيلِكُمْ: أَلِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي؟ فَصَاحَتِ الْقَرَامِطَةُ وَالْمَلَاحِدَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ وَقَالُوا: مَا الَّذِي سَوَّغَ لَكُمْ تَأْوِيلَ الْأَخْبَارِ وَحَرَّمَ عَلَيْنَا تَأْوِيلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْإِيجَابِ، وَمَوْرِدُ الْجَمِيعِ عَنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالُوا: وَأَيْنَ تَقَعُ نُصُوصُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ نُصُوصِ الْخَبَرِ؟ قَالُوا: وَكَثِيرٌ مِنْكُمْ قَدْ فَتَحُوا لَنَا بَابَ التَّأْوِيلِ فِي الْأَمْرِ، فَأَوَّلُوا أَوَامِرَ وَنَوَاهِيَ كَثِيرَةً صَرِيحَةَ الدِّلَالَةِ أَوْ ظَاهِرَةَ الدِّلَالَةِ فِي مَعْنَاهَا بِمَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَقَائِقِهَا، فَهَلُمَّ نَضَعُهَا فِي كِفَّةٍ وَنَضَعُ تَأْوِيلَاتِنَا فِي كِفَّةٍ وَنُوَازِنُ بَيْنَهَا، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّا أَكْثَرُ تَأْوِيلًا مِنْهُمْ، وَلَكِنَّا وَجَدْنَا بَابًا مَفْتُوحًا فَدَخَلْنَاهُ. فَهَذِهِ مِنْ شُؤْمِ جِنَايَةِ التَّأْوِيلِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ طَرْدَ إِبْلِيسَ وَلَعْنَهُ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّهُ عَارَضَ النَّصَّ بِالْقِيَاسِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلَ لِنَفْسِهِ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ الْعَقْلِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى نَصِّ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ، فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: ١٢] وَهَذَا دَلِيلٌ قَدْ حُذِفَتْ إِحْدَى مُقَدِّمَتَيْهِ، وَهِيَ: أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَخْضَعُ لِلْمَفْضُولِ، وَطَوَى ذِكْرَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ كَأَنَّهَا صُورَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَقَرَّرَ الْمُقَدِّمَةَ الْأَوْلَى بِقَوْلِهِ: ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢] فَكَانَ نَتِيجَةَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ امْتِنَاعُهُ مِنَ السُّجُودِ، وَظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ الْعَقْلِيَّةَ تَنْفَعُهُ بِتَأْوِيلِهِ فَجَرَى عَلَيْهِ مَا جَرَى، وَصَارَ إِمَامًا لِكُلِّ مَنْ عَارَضَ نُصُوصَ الْوَحْيِ بِتَأْوِيلِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، كَمْ لِهَذَا الْإِمَامِ اللَّعِينِ مِنْ أَتْبَاعٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ عَامَّةَ شُبَهِ الْمُتَأَوِّلِينَ رَأَيْتَهَا مِنْ جِنْسِ شُبْهَتِهِ، وَالْقَائِلُ: إِذَا تَعَارَضَ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ

1 / 60