مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
ژانرها
حسنا، دارت زوجتك حول نفسها دورتين - كما قلنا لك ذلك سابقا - هذا كل ما تتذكره، ثم وجدت نفسك في المستشفى فاقد الذاكرة بصورة كلية. أنت الآن تقيم في بيتك الهادئ تحت رعاية زوجتك الجميلة، وهي الوحيدة التي ترعاك، بعد أن انصرف عنك الجميع. كانت ترعاك بحب حقيقي وبصدق، لم تدخر جهدا من أجلك وأجل أطفالك الثلاثة، إذا كانت لك ذاكرة إنسانية جيدة لسمعتها تقول لك كل يوم: أنا آسفة، لقد حدث كل شيء دون إرادتي، ما كنت لأصارحك وأحكي لك كل شيء، وتعني بينها وبين نفسها أنك لم تكن بالذكاء الكافي.
بالتأكيد ليس بإمكانك أن تستمع لحكايتها؛ لأنك إذا لم تكن بذاكرة خربة الآن، لسمعت ما يبكيك، وسامحتها ببساطة؛ لأن كل ما حصل بين زوجتك وجارك، حدث قبل سنوات كثيرة قبل أن تتزوجا، لكن عقلك المرتبك خلط الحابل بالنابل.
هذه هي القصة، ودعوني أرى أي خيرين أنتم وأي أشرار بينكم. ما رأيكم الآن؟ ويعني هذا السؤال فيما يعني الآتي: إنكم قرأتم ما تريدونه أن يحدث في القصة، وليست هي مسئوليتي إذا لم يحدث، أو أنه حدث بالفعل على المستوى الذهني أو مستوى النص، لكني لا أظن أن أحدكم قد بلغ من الفظاعة أشدها ونصب نفسه قاضيا حكيما، أو حتى شاهدا صالحا؛ ليجيب على أسئلة الجلاد بكلمة واحدة مسالمة بائسة مثل كلمة: نعم، أقصد لا.
أنا سأنسحب عند هذا الحد، قد أتدخل أحيانا في مجريات السرد، قد لا أتدخل؛ لأنني أريدكم أن تستمتعوا بهذه الرواية وأنتم تطرحون من خلالها وجهات نظركم المختلفة، تتحملون مسئوليات ما تصلون إليه من نتائج وتأويل قد يضر بالنص ضررا بالغا، فأنا لست سوى ميسر، بينكم وبينكم أيضا، سلوى عبد الله، أمها، عبد الباقي الخضر، إدريس، الفقيه المتشرد ... وغيرهم سيحكون لكم ما يربككم ويتطلب منكم وجهة نظر واضحة وفعلا مباشرا. مع السلامة.
سلوى السردية
قبل أن أبدأ مشوار السرد حيث أرادني المؤلف الأول أن أكون الراوية أو صوت الراوية، أريد أن أعرفكم بنفسي، وأفشي لكم سرا. أولا: أنا سلوى عبد الله، أسكن بالأزهري في الخرطوم، عمري سبعة وعشرون عاما، تخرجت في كلية البيطرة جامعة بحر الغزال، قسم الإنتاج الحيواني، أعمل الآن طبيبة بيطرية في وزارة الثروة الحيوانية. إذا شيء لي أن أصف كيف أبدو، فإنني مثل كل البنيات جميلة، عاطفية. ونسبة للهجين الوراثي الذي شكل ملامحي؛ حيث إنني من أم ترجع أصولها إلى شرق دارفور وأب من قبيلة الأزاندي، ورثت من والدي لون البشرة الحمراء والوجه الدائري ومن أسرة أمي قصر القامة والأثداء الكبيرة، لكن لا يعني ذلك أنني قصيرة جدا، فطولي هو 160سم، بالنسبة لبنت نحيفة ذات وجه وسيم - يقولون أيضا: إنه ساحر - أظنه طولا مقبولا. يهمني أيضا أن تعرفوا عني أنني فتاة ملول، أحب دائما أن أؤكد لنفسي أنني محبوبة وأنني مرغوب في، هذا قد يوقعني في شباك لرجال كثر. لكن لا تخافوا علي، إنني دائما ما أتعامل مع الرجل في حدود، فمثلا لا تتجاوز علاقتي الجسدية مع الرجل الوسيم قبلات عميقات ، وقد أمارس معه الجنس أونلاين
online sex
لا أكثر، أما الرجل غير الوسيم فحسبه مواعيد لا أفي بها إطلاقا. وأظن أن هذا يكفي.
أما الشيء السر، فإن الشخصية التي يلبسها عنوة الكاتب على اسمي، هي شخصية غير محببة لدي وأنه أقحمني فيها إقحاما، الأجدر به أن يختار اسما آخر غير اسمي. لكنه لا يستطيع، فهو يريد ألا ينساني وللأبد بأن يحولني من حبيبة معشوقة إلى شخصية روائية لا علاقة لها بواقع حالي، لكنها أكثر ديمومة مني ومنه، فهي ستبقى بعد موتنا البيولوجي بسنوات كثيرة، قد يكون العكس؛ أي أنه ينوي التخلص مني أيضا بأن يسردني، يفرغ الشحنة العاطفية التي تخصني على لوحة مفاتيح حاسبه الآلي، كما يفعل الأجداد في العصر الحجري بأن يتخلصوا من خوفهم من الوحش برسمه على الجدران. الشيء الأهم أن الكاتب يريد أن يكفر عن خيانته الشخصية لي، فلقد خانني مرارا وتكرارا وأجحف بكل المشاعر الطيبة والحب الذي أكنه له. ليس هذا المكان بالموضع المناسب للتشكي، كما أنني لا أشكو، لكنني للأسف سأنتقم. هذه الكلمة لا أحبها، لكن استخدامها يجعلني أحس بالرضا؛ لأن الكاتب هنا يريدني أن أمثل شخصية أخرى باسمي، ليست شخصيتي، بالتالي سوف أترك ما يخصني ويخصه وأتحول إلى مسخ سردي، أسكن في سلوى التي يريد. ربما تعلمت من هذه التجربة أن أصبح روائية في يوم ما وأكتب قصتي الفعلية معه ومع غيره، صدقوني سأحكي كل شيء دون مواربة، سأفضح شخصيته الحقيقية، أقصد الشخصية الداعرة الشهوانية التي تختفي وراء ذلك المثقف الذي يدعي الحشمة، وسيعرف الناس كم هو تافه وحقير. كان هذا الروائي المغمور هو الشخص الوحيد الذي تجاوزت معه القبلة والجنس الإلكتروني إلى ما لا أغفره لنفسي من أفعال. حسنا، إلى أن يحين ذلك الوقت الذي أمتلك فيه أدوات الكتابة، دعوني أصطحبكم في هذه الرواية كراوية أو شخصية أساسية، كما يكتبها ويتخيلها الروائي بركة ساكن، أي سأكون مثل المسرنمة التي يطوف بها حمار النوم أينما يشاء، سأكون طيعة وسهلة وأن أسلمه قياد روحي وجسدي بصورة مطلقة ونهائية ؛ لأمكنه من كتابة رواية جيدة، قد تكون أجمل رواية يكتبها في حياته. أعتقد أن هذا التفسير والشرح لا بد منهما؛ حتى لا يخلط الناس ما بين سلوى في الواقع وسلوى السردية؛ لأنه سيجعلني أحكي بضمير المتكلم، وهي طريقة توحي بأن الراوي هو المؤلف وهو الذي يحكي عن تجاربه الحياتية الشخصية.
أشكركم لما أبديتموه من صبر لقراءة شروحي، وأشكر المؤلف الذي أتاح لي هذه الفرصة وهذه المساحة؛ لكي أعبر فيها عما أشاء للقراء، إنه وفاء منه للاتفاق المبدئي بيننا، عندما طلب مني أن يستخدم اسمي في روايته «مخيلة الخندريس». وآسفة للإطالة.
صفحه نامشخص