مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
ژانرها
فموتي في الوغى عيشي لأني
رأيت العيش في أرب النفوس
ولو سقيتها بيدي نديم
أسر به لكان أبا ضبيس
أبو الطيب المتنبي
إقرار مهم
جرت أحداث هذه الرواية في دولة شديدة الشبه بجمهورية السودان، قد تتطابق أسماء المدن، القرى، الأشخاص، الوزارات والصحف. قد تتطابق الأحداث، السياسات، الأزمنة والأزمات أيضا، لكن تظل أحداث الرواية تجري في دولة خيالية لا وجود لها في الواقع؛ لأن ما يحدث في هذه الرواية يستحيل حدوثه في واقع السودان. هي من شطحات الخيال المريض لكاتبها بركة ساكن، بالتالي الأفكار التي تطرحها هذه الرواية لا تعبر بأي حال من الأحوال عن رأي المؤلف، بل تعبر عن أفكار القارئ، وهو من يتحمل مسئوليتها والدفاع عنها.
وقبل أن أحدثكم لماذا أتبنى هذا الرأي الصريح المتطرف، هو أن الآراء في قاموسي أربعة: آراء خيرة، آراء شريرة، آراء خيرة وشريرة، آراء لا خيرة ولا شريرة. طبعا كما هو معروف ومؤكد، لا توجد آراء بين بين. فالرأيان الأولان هما رأيان قد يصدران من الكاتب الأول للنص - في هذه الحالة هو شخصي الضعيف. أما الرأيان الأخيران فهما رأيا القارئ، الذي لسوء حظه يتطلع إلى الرأيين الأولين، لكنه للأسف يفهمهما كما يشاء، ويؤول النص وفقا لما يريده هو. فما أراه أنا خيرا مطلقا وجمالا متكاملا مفرطا في إنسانيته، قد يراه هذا القارئ الشرير شيطانيا قبيحا وحيوانا مفترسا. العكس أيضا صحيح؛ قد يقرأ ما أعني به أنا شرا جميلا خيرا مطلقا، بالتالي من يتحمل سوء أو حسن ظن القارئ غير القارئ نفسه؟ وهذا يقود إلى الرجال والنساء الذين يستخدمهم البعض لتقييم أعمال أدبية صرفة أو سياسية أو حتى علمية؛ بغرض تجريمها وتحريمها أو صرف صك مرور خجول من أجلها.
في ظني أن السلطات الرشيدة، يجب عليها أن تقاضي أو تحاكم القارئ الذي عين حكما؛ لأنه لا يقوم سوى بعرض قراءة خاصة به للعمل الفني، بالتالي يفضح سريرة نفسه وقبحها أو يستعرض جمالها. وسأحكي لكم قصة هنا - أفكر فيها الآن - ستكون جميلة في رأينا وعفيفة، إذا سمحتم لي باستخدام هذا المصطلح الخلقي في وصف عمل أدبي، ولو أنني أتفق مع الكثيرين بأن العمل الأدبي حمال قيم، طالما اعتمد على اللغة التي قال عنها كارل ماركس ذلك.
ذات يوم مطير، وأنت تخاف من المطر والبرق، يخيفك أكثر الرعد الذي يصحب البرق الفجائي، ليس ذلك خوفا من الموت، لكنها فوبيا صاحبتك منذ أن كنت طفلا صغيرا ترضع من ثدي أمك، يوم أن خطفت الصاعقة روح والدك أمام عينيك. عندما احتشدت السحب السوداء الخيرة الحبلى بالمياه في السماء، في الشرق، فأسرعت الخطا نحو بيتك. أنت تعرف أن السحب القبلية مطرها مؤكد، وهي معرفة شائعة. وأنت تهتم بكل ما ينذرك بالمطر، فليست في بلدك هيئة أرصاد تهتم بصحتك وسلامتك. تحركت من السوق الكبيرة حيث تعمل قبل ميعاد خروجك الطبيعي بساعتين، على بعد خمسة كيلومترات من بيتك في حي الموظفين. حتى لا نفضحك فإننا سوف لا نذكر في أي مدينة أنت، أو اسمك كاملا، أو رقم بيتك أو تليفونك، سوف لا نصف هيئتك كيف تبدو، فبعض الناس بإمكانهم حذر من تكون، وسيرسلون لك رسائل نصية يقولون لك فيها: بركة ساكن كان يقصدك، وبذلك يزيفون الواقع، وهم الذين يقصدونك في حقيقة الأمر.
صفحه نامشخص