60 - حدثني أحمد بن أبي يعقوب، عن أبيه، عن جده واضح، قال:
((كانت بين المهدي وأخيه جعفر بن أبي جعفر عداوة في أيام المنصور، وكان مصقلة بن حبيب ينقل عنه إلى جعفر ما يكره، ولا يمكن المهدي أن يسطو #94# على مصقلة ولا يمسه بسوء. فلما تولى الخلافة نذر دمه، فاختفى. فحدثني مصقلة أنه نبا به موضعه الذي كان به، فخرج مستترا يريد غيره، فلحقه رجل من أعدائه وصاح في أصحاب الأرباع، ((هذا بغية أمير المؤمنين!)): ((فتسرع إلي الشرط ورأيت الموت عيانا. فبينا أنا في أيديهم، اجتاز بي معن بن زائدة، فصحت به: ((يا سيدي! يا أبا المنذر! أجرني أجارك الله!))، فقال للشرط والرجل المتشبث بي: ((خلوا عنه))، فقال الرجل: ((ماذا أقول لأمير المؤمنين؟))، قال: ((تقول له إنه عندي))، ثم أمر بحملي على جنيبة من جنائبه، وسار بي إلى منزله، وقدم طعامه فأكلت معه ومع ولده. فلما فرغنا من الطعام قيل له: ((وافى رسول أمير المؤمنين!))، فقال لولده: ((اقضوا حقي عليكم بألا تسلموا مصقلة، فقد استجار بي!)). فحلفوا له على ذلك، وركب.
فلما رآه المهدي قال: ((تجير علي يا معن؟))، قال: ((نعم يا أمير المؤمنين!))، قال: ((ونعم أيضا؟))، قال: ((يا أمير المؤمنين! قتلت في دولتك زهاء ثلاثين ألف عدو، ولا أستحق أن أجير فيها عدوا واحدا!))، قال: ((نعم تستحق ذلك، قد وهبناك دمه))، فقال: ((يا أمير المؤمنين! ليس هكذا ينعم مثلك بالحياة! إذا تصدقت على أحد بحياته فاجعلها في خفض عيش من نعمتك)). قال: ((يعطى ألف دينار))، قال: ((يا أمير المؤمنين! لا تستوي جائزتك وجائزة عبدك معن! هذا ما سمحت له به))، فقال: ((ادفعوا إلى جار معن ألفي دينار))، فحملت معي إلى منزلي ثلاثة آلاف دينار، وأمنت على نفسي)).
صفحه ۹۳