... (قدمها صاحب الكتاب على جواب أصحاب المخلوق للقدرية في هذا الباب). قال صاحب الكتاب: والعلم بالجهات هو عمود هذا الباب الذي يرفع عليه سمكه، وأسه الذي تقوم عليه دعائمه، فيقال للقوم: أخبرونا عن جهة الشيء في الفعل، أهي جهة محدث؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل شيء محدث، فإن قالوا: إنهما جهتان فهو ما نقول، ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة محدث في الفعل، أهي جهة عرض؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل محدث عرض، فإن قالوا: بأنهما جهتان فهو ما نقول. ثم نقول لهم: أخبرونا عن جهة العرض في الفعل، أهي جهة حركة؟ فإن قالوا: نعم أثبتوا أن كل عرض حركة، فإن قالوا: هما جهتان فهو ما نقول. ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة حركة في الفعل، أهي جهة كسب؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل حركة كسب، فإن قالوا: هما جهتان فهو ما نقول. ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة حركة في الفعل؟ أهي جهة سكون؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل حركة سكون، فإن قالوا: هما جهتان فهو ما نقول. ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة كسب في الفعل، أهي جهة طاعة؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل كسب طاعة، فإن قالوا: هما جهتان فهو ما نقول. ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة طاعة في الفعل أهي جهة توحيد؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل طاعة توحيد، وليس ذلك من قولهم، فإن قالوا: بأنهما جهتان فهو ما نقول. ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة كسب في الفعل، أهي جهة معصية؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل معصية كسب _كذا_، ثم يقال لهم: أخبرونا عن جهة معصية في الفعل، أهي جهة كفر؟ فإن قالوا: نعم، أثبتوا أن كل معصية كفر، وليس من قولهم، وإن قالوا: بأنهما جهتان فهو ما نقول. فعلى هذا التثقيف تكرر المساءلة عليهم، والمجاوبة لهم في كل ما يسألون عنه في هذا الباب، فاتخذوه أصلا، وغماما، وأسا تبنون عليه تهتدوا إن شاء الله .
عود الكلام إلى جواب أصحاب المخلوق للقدرية:
صفحه ۳۹