186

موجز

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

ژانرها

في زعمهم أن علم الله محدث، وأنه لا يكون أن يعلم الأشياء حتى تكون، وزعموا أن ما دلهم على ذلك أن قالوا: وجدنا الله حكيما عليما، ووجدنا الحكيم العليم لن يرسل رسولا في حاجة إلى من عنده به العلم أنه غير قاض لحاجته، لو فعل ذلك لكان عابثا في إرساله، فلما تبين أنهم غير مجيبين له علمنا بهذا أنه غير عالم بما العباد له عالمون، قالوا فلهذه العلة قلنا: إن علمه محدث، ولهذه العلة التي حكيناها عنهم، وصفوا الله أيضا جل جلاله بالبداء _تعالى الله عن ذلك_، وتعلقوا في وصفهم إياه بالبداء بقوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} (¬1) ، ويقال لهم: أما من ذهبتم إليه من حدوث العلم إلى الله جل جلاله، وما أعلنتم به على ذلك، فإن الله أخبرنا عن إبليس أنه قائل في الآخرة قولا، لقول الله وحكايته عنه: {وقال الشيطان لما قضي الأمر: إن الله وعدكم وعد الحق، ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} (¬2) فهل علم الله في حين إخباره إيانا بما أخبر عن الشيطان من قوله: فإن زعموا أنه أخبر من ذلك بما لا علم له به، وصفوه بأكثر مما حاولوا نفيه عنه من العبث في إرساله، إلى من يعلم أنه لا يجيب؛ وذلك أنهم نزهوه عن العبث في وصفهم الذي ظنوا أنه عبث، وهو غاية الحكمة، ثم وصفوه بالكذب في خبره، فإن قالوا: بل كان عالما بما أخبر به عن إبليس، وعن ما راجع به الذين استكبروا والذين استضعفوا، وأصحاب الأعراف، وبما حكاه عن مالك، وجوابه لأهل النار، واستغاثة أهل النار به، تركوا قولهم، وكذلك يقال لهم: أخبرونا عن قوله: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا} (¬3)

¬__________

(¬1) سورة الرعد آية رقم 39.

(¬2) سورة إبراهيم آية رقم 22.

(¬3) سورة الإسراء آية رقم 4..

صفحه ۱۸۶