أحسنوا وحدوا الله، والحسنى الجنة، والزيادة ما يزيدهم الله من فضله ورحمته، وقال أبو حازم المدني: الزيادة نعم الله التي أنعم بها عليهم، أعطاهم إياها، لم يحاسبهم عليها، ولم يصنع بهم ما صنع بالآخرين، وقال علي بن أبي طالب: الزيادة لؤلؤة لها أربعة أبواب، ومعناهم كلهم واحد، لأن ذلك كله ثواب، وللمشبهة تأويل آخر وهو أشد استكراها من هذا التأويل، وأشد تعسفا؛ وذلك أن المشبهة سمعت الله يقول: {يوم يكشف عن ساق} (¬1) فقالوا: هي ساق الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، قالوا: ويصدق هذا التأويل الحديث: "إن جهنم تشكو الخلاء حتى يضع الجبار فيها قدمه" (¬2) ،
¬__________
(¬1) سورة القلم آية رقم 42، قال جمهور العلماء: يكشف عن شدة، وأنشدوا: "وقامت الحرب على ساق"، وقال آخر: "وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا".
قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معناة الجد، فيه شمر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة، وهذا قول الفراء، وأبي عبيدة، وتغلب، وكثير من اللغويين.
(¬2) الحديث رواه الإمام البخاري في كتاب التفسير، 1 باب وتقول هل من مزيد، 4849، بسنده عن أبي هريرة رفعه، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان، يقال لجهنم هل امتلأت...؟ وتقول هل من مزيد...؟، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول: قط قط، ورواه الترمذي في التفسير، 51 باب ومن سورة "ق" 3272 بسنده عن أنس بن مالك أن نبي الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: وذكره، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وفيه عن أبي هريرة.
يقول جار الله الزمخشري في كتابه (الفائق في غريب الحديث): وضع القدم على الشيء مثل للردع والقمع، فكأنه قال: يأتيها أمر الله فيكفها عن طلب المزيد فترتدع. ه.
قلت: والواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله عز وجل لا تتبعض ولا يحويها مكان، ولا توصف بالتغيير ولا بالانتقال. وقد حكى أبو عبيد الهروي عن الحسن البصري أنه قال: القدم هم الذين قدمهم الله لها من شرار خلقه، وأثبتهم لها.
وقال أبو منصور الأزهري: القدم الذين تقدم القوم بتخليدهم في النار، يقال لمن قدم قدم، ولما هدم هدم، ويؤيد هذا قوله: وأما الجنة فينشئ لها خلقا.
ووجه ثان: أن كل قادم عليها يسمى قدما، فالقدم جمع قادم، ومن يرويه بلفظ الرجل فإنه يقال: رجل من جراد، فيكون المراد يدخلها جماعة يشبهون في كثرتهم الجراد، فيسرعون التهافت فيها.
صفحه ۱۴۱