أهي الابن؟ فإذا قالوا: نعم، قيل لهم: فهي بعض الله، فإن زعموا أنها بعض الله، قيل لهم: فإذا كانت الأبعاض كلها قديمة فما معنى قولكم: إنه ابن لبعض، وهما قديمان جميعا؟ وما جعل هذا البعض أولى بأن يكون ابنا للبعض الآخر من أن يكون ذلك البعض ابنه؟ فإن زعموا أن ذلك أولى لأنه أقل من هذا قيل لهم: فكل بعض الشيء هو أقل من البعض الآخر فهو ابن له، فإذا كان ذلك كذلك عدد عليهم جميع ما في العالم، فجعل كل بعض أقل من بعض ابنا للبعض الأكثر، وهذا مما لا يعقله أحد في قصة ولا يجده في صحيح معنى، فإن قالوا: إن الكل في ذلك البدن، قيل لهم: فأي شيء منه الابن، وأي شيء منه روح القدس (¬1) ،
¬__________
(¬1) هو أحد الأقانيم الثلاثة المؤلفة لله تعالى في اعتقاد بعض النصارى.
قالت دائرة معارف القرن العشرين الفرنسية: جاء لفظ روح الله ونفحة الله في التوراة ولم يقصد بها إلا أصل القدرة الإلهية، أو طريقة تأثير تلك القدرة. فجاء في التوراة:
"إن الأرض في مبدأ تكوينها حين كانت خالية خاوية مجللة بالظلمات كان روح الله يتحرك على مياهها، فلما سوى الله الإنسان من الطين، ونفخ فيه من روحه فاستوى بشرا سويا، ثم سحب روحه منه فعاد طينا كما كان أولا، ولكن الله أعاد له روحه ثانية، ومن نفخة الله أو روحه نشأت جميع الكائنات الأرضية".
وقد جاء في الأناجيل: ذكر الأب والابن والروح القدس، ولكن لا يوجد فيها إشارة إلى التثليث ولا إلى ما يشير إليه العلم اللاهوتي اليوم، فالإله الذي كان يتكلم عنه عيسى عليه السلام وحواريه هو الله الواحد رب الأنبياء الذي تجب له العبادة وحده، وكان عيسى عليه السلام يدعو هذا الإله "الآب"، ولا يدعو ربا سواه. ثم قالت دائرة المعارف الفرنسية: الكلام على الروح القدس ظل مدة طويلة كثير التخالف ومرتبكا فقال هرمس: الجزء الإلهي في عيسى هو الروح القدس، يعني الابن المخلوق، قبل أن يخلق شيء في العالم.
وكان جوستان وتيوفيل: "يعتبران الروح القدس تارة كشكل خاص لمظهر الكلمة، وتارة كصفة من صفات الله؛ ولكنهما لم يعتبراها قط شخصا إلهيا".
وقال اثيناغور (110 180) بأن روح القدس هو قوة من الله تخرج منه وتعود إليه كشعاع الشمس.
ولما اجتمع مجمع (نيسية) سنة 325 وحدد وحدة أزلية الآب والابن ترك للناس الحرية في الاختلاف على الروح القدس. [عمار الطالبي].
صفحه ۱۰۸