محمد علی جناح
القائد الأعظم محمد علي جناح
ژانرها
هذا وذاك هما الوجهة المعقولة التي نتخيلها للفرد وحده، وللناس كافة، إذا كان للتاريخ وجهة معقولة تدل عليها الحوادث الماضية.
ثم قلنا: ولم تكن الحروب ولا المطامع حائلا دون هذا الاتجاه، بل لعلها كانت من دوافعه ودواعيه، فأسفرت كل حرب من حروب الرومان، والفرس، والعرب، والصليبيين ، والعثمانيين عن تشابك بين ناحية وناحية من الكرة الأرضية، ومن جراء هذه الحروب تشابكت آسيا، وأوروبة، وأفريقية، وانفتح الطريق إلى القارات المجهولة. «وإذا نظرنا إلى أثر الحروب في المخترعات وتسخير قوى الطبيعة جاز لنا أن نقول: إن وسائل المواصلات قبل غيرها مدينة للحروب بالشيء الكثير، فماذا يكون الطيران والرادار ومحركات القوى جميعا لولا ضرورات الحروب، واشتراك غريزة الدفاع عن النفس في سباق هذا المضمار؟ بل نحن نتعلم من التاريخ أن الدولة الفاتحة لا تدوم إلا بمقدار ما لدوامها من رسالة عالمية، فدولة الرومان دامت حين كانت لازمة للعالم، وأخذت في الانحلال حين بطلت رسالتها العالمية ...»
واستطردنا إلى دلائل ذلك الاتجاه في تاريخ الهند وفي حروب الاستعمار الأوروبي «وهي محنة طامة على الشرق بأسره، نقم منها الشرق لما أصابه من بلواها ورغب فيها الغرب لأمر أراده وأرادت الحوادث غيره، ولم يخطر للشرق ولا للغرب على بال.»
ومما أرادته الحوادث ولم يرده الغرب المستعمر اجتماع كلمة الهند في وحدة تحارب الغرب المستعمر، قلنا إنها - أي الهند: «لم تكن قط وطنا واحدا في عصر من العصور؛ لأنها كانت تتألف من شتى العناصر، وشتى المذاهب، وشتى اللغات، وشتى المصالح، وشتى المواقع الجغرافية، فلم تدافع قط دفاعا واحدا، ولم تشترك قط في هجوم واحد، ولم تجمع قط على مطلب واحد بينها وبين أبنائها، ولا بينها وبين الغرباء عنها والمغيرين عليها، فلما ابتليت باستعمار واحد طغى عليها من أقصاها إلى أقصاها وجد فيها وطن واحد يواجه ذلك الاستعمار بمطلب واحد، وهو مطلب الخلاص منه، كيفما تعددت وسائله بين طلابه.»
وقد تعددت وسائله بين طلابه فكانت الباكستان وكانت الهند، ولكنهما قبل أن تصبحا دولتين كانتا «وحدة» متفقة على مكافحة المستعمر وإكراهه على الجلاء.
ولو شئنا لقلنا: إن قيام الدولتين بعد الخلاص من الاستعمار كان نفعا مضافا إلى نفع؛ لأنه يستصفي لكل منهما جهودها، ويفرغها لرسالتها التي هي أقدر عليها، ويعفيها من المنازعات الداخلية، ويفتح الباب للتعاون بين الدولتين في السياسة العالمية والإنسانية، ولكننا نكتفي باجتماع القوى على محاربة السيطرة الأجنبية؛ لأنه النتيجة الطبيعية التي لا خلاف عليها: نتيجة طبيعية غريبة لمقدمات طبيعية أغرب منها. ••• «أقصد ذا المسير أم اضطرار؟»
إن المؤرخ الذي لا تلجئه هذه الأطوار وأشباهها في تاريخ الهند إلى إلقاء هذا السؤال على نفسه؛ يتعرض للنظر في التاريخ بعين لا تبصر، وليس أعمى من لا يريد أن يرى كما كان يقول جناح.
ومسألة «الزعيم المناسب» في الحركة الهندية الحديثة هي إحدى المسائل التي تلجئ المؤرخ إلى تكرار ذلك السؤال، ولا كذلك مسألة الزعيم في كثير من الأقطار ولا سيما الأقطار الأوروبية، فإن مكان الزعيم فيها يمتلئ كما يمتلئ مكان الحرف الناقص في الصحيفة المطبوعة، مكان محدود وحرف يتمم الكلمة كسائر الحروف، وكلمة معروفة التهجئة في كل الصندوق.
أما الزعيم الذي يأتي إلى مكانه في الحركة الهندية فهو أشبه بالحرف الذي يتعين به هجاء الكلمة ويتعين معناها، ولا تتم الكلمة قبل استقراره في مكانه.
كم تصفية للزعماء تمت قبل بعث العصبة الإسلامية.
صفحه نامشخص