محالفه سهگانه
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
ژانرها
المجلس (بصوت حي) :
اصمت يا شقي، قصر لسانك، أقلع عن السفاهة. (فالثعلب كان خاضعا لمزاج التهكم والهزل الذي استولى عليه في أثناء هذه الجلسة، ولولا ذلك لكان مات لا شك من العذاب الجسدي والعقلي الذي ذاقه، ومع أنه تطرف أحيانا في تهكمه، فالمتفكر العادل لا يسعه إلا أن يثني على تجلده وصبره، فهو لم يظهر في كل الجلسة شيئا من أمارات الغضب مع أن القضاة أثاروا كامن حقده، وعذبوه عذابا مؤلما، وناهيك عن أنه فاز في آخر الأمر على مستنطقيه بتهكمه الجارح، واستهزائه الفاتك، وعلى الأخص الحمار الذي ضاق صبره في تلك الآونة عند كلام الثعلب عن العجائب، وكان يضم الواحدة من أذنيه الطويلتين إلى الأخرى، ويقوم عن مجلسه ويقعد، ثم يرفس برجليه حتى إنه أخيرا نهق نهقة عظيمة، وضرب بيده على الطاولة، فوقعت على صليب من خشب، فتناوله وضرب به الثعلب، فأصاب رأسه الصغير، وشجه شجة عميقة، فوقع في الحال مغميا عليه، مختبطا بدمائه.)
الحصان (يخاطب الحمار) :
اكظم غيظك يا حضرة الأخ، ولا تبتدئ بالقصاص من الآن، فإن عملك هذا يدل على نقص في الحكمة، وضعف في احتمال المصائب.
الحمار :
ألا ترى وتسمع كيف أن هذا الشقي الكافر يشتمنا، ويهزأ بنا في وسط مجلسنا هذا، أما والله لو لم أكن على ثقة بأن الحكم سيكون بالإعدام لكنت أذبحه ذبحا، وأسلخه سلخا، أليس هذا عدو الله اللدود، وعدو الحيوانات العنيد؟ ألم يقل إنه لا يريد أن يملك عليه أحدا؟ ألم يقل لنا الأسد: «أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فآتوا بهم هاهنا، واذبحوهم قدامي»؟
الحصان :
نعم قال ذلك، ولكن فليذبحهم غيرنا بأمرنا، ولا نتنازل نحن لتدنيس أيدينا بهذه النطفة القذرة. (وفي مدة هذه المفاوضة كان الثعلب مطروحا على الأرض مغميا عليه، فأشار الحصان إلى الجحش بأن يضمد له جرحه، ويعطيه بعض المنعشات، ففعل ذلك، وعادت إلى الثعلب روحه، فأنهضه إذ ذاك الجحش عن الأرض، وهو لا يستطيع الوقوف من شدة الألم والدوار، فأذن له المجلس بالجلوس، فجلس على كرسي الاستنطاق ثانية، وعادت السؤالات كالصواعق تتراكم على رأسه الدامي.)
البغل :
أرأيت إلى أين أدت بك وقاحتك، قلت لك مرارا: الزم جانب الأدب، وكن محتشما ولا تجدف على الآيات المنزلة، ولا تسخر بالقضايا المقدسة، أنت تعرف حق المعرفة بأن الأسد لما جاء إلى العالم صنع العجائب الكثيرة، فأبرأ الأبرص، وسكن اضطراب البحر، ومشى على وجه الماء، وأحيى الصبية، وفتح العميان، وطرد الشياطين من المجانين، وأدخلهم في الخنازير.
صفحه نامشخص