محالفه سهگانه
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
ژانرها
الجميع (بصوت حي) :
أخرجوه من الإسطبل، أخرجوه حالا، سفيه متهتك سكران أسقطوه عن البرميل! أخرجوه من الإسطبل.
فهجم إذ ذاك عليه أربعة من البغال الكبار، اثنان منهم قبضا على رجليه وذنبه، واثنان أمسكاه برأسه، وحملوه كلهم إلى باب الإسطبل، وهو يقول: تذكروا أنكم شحطوني (هك) من جمعيتكم، فلا تعتبوا علي إذا صرت جمل، ولفيت لفه خضرا ضراعين (هك)، بطلت كون (هك) حمار خليلكم هالفروه (هك) لا إله إلا الله، وبكره بتسمعوا (هك) عني في جرائد إسطنبول (هك)، هونيك بغني وبرقص، وبنبسط بين الحريم (هك)، وأجري بضهر الفلك (هلك)، أنتو صلحوا العالم، وخلصوا نفوس البشر (هك)، وأنا أجري (هك)، وكان قد وصل إلى الباب فرماه البغال خارجا، وأغلقوا باب الإسطبل، وأقفلوه كي لا يحاول الدخول ثانية.
الفصل الثالث
المحالفة
وبعد أن طرد الحمار السكران من الجلسة، وساد النظام انتصب الحصان صاحب الدعوة، وطفق يخطب في ضيوفه قائلا:
بسرور لا يحد أرحب بجمعيتي البغال والحمير اللتين قاومتانا في الماضي، ومن صميم الفؤاد أشكر لكم جميعا تلبيتكم الدعوة، وتشريفكم هذا الإسطبل، فقد جعلتموني سعيدا جدا؛ أولا لأنكم من زمن طويل لم تجتمعوا كلكم تحت سقف واحد. وثانيا لأن آمالي عظيمة في نتائج اجتماعنا الحسنة، فحضوركم يشير إلى الخير، وملامح وجوهكم المنيرة تنبئنا بالسلام. خذوني بحلمكم قليلا لأبسط لديكم بعض الكلام بشأن هذا المؤتمر مبينا بوجيز العبارة الغاية التي من أجلها دعيتم إليه، واعلموا يا أسيادي أن الحاجة وليس النظرايات الفلسفية دعتني إلى عملي هذا الخطير، لما رأيت جمعيتنا في تقهقر، ولما عاينت تقدم أعدائنا السريع هزني عامل الغيرة على صالحنا المشترك، وباشرت بالمشروع الذي جعلنا حجر زاويته مؤتمرنا هذا السلمي، نعم إن الحاجة تدفعنا والضرورة تنذرنا، والصالح العمومي يحركنا إلى إتمام أمرين خطيرين، ولو على الرغم منا، ألا وهما الاتفاق والاتحاد.
قد مضى على شقاقنا مئات من السنين، ونحن لم نزرع في خلالها إلا بذور البغض والشحناء والإحن، فكانت جمعيتنا تعلم أعضاءها كي يبغضوا أقاربنا الحمير، وجمعية هؤلاء تحث أعضاءها على القيام ضد إخواننا البغال، وكلنا أسيادي فروع من أصل واحد قد شتمنا بعضنا في الماضي قد اضطهدنا بعضنا، وضيقنا على نفوسنا، وقتلنا الألوف من القردة والثعالب والبقر والجمال، وغيرهم من الحيوانات التي خلقها الله كما خلقنا وجعلنا كلنا متساوين. قد فرقنا الابن عن والده، والأخ عن أخيه، والابنة عن أمها، والمرأة عن زوجها، وأضرمنا نيران الفتن في الهيئة الاجتماعية، ولماذا هذا كله ألتأييد سلطتنا التي هي واحدة؟ ألينتصر بعضنا على بعض بقتل أنفسنا؟ فما هو يا ترى سبب شقاقنا؟ ما الذي فرق بيننا، وجعلنا أعداء الداء؟ إني أخجل حينما أتأمل بهذا السبب الطفيف الذي نجمت عنه هذه الانشقاقات القتالة، أليس سبب انشقاقنا نحن الخيل عن الجمعية الأصلية قضية أحد الحمير الكبار الذي أراد أن يقترن بدابة في الدير، ومنعه عن ذلك نائب الأسد، فقامت قيامة الحمار الفصيح على النائب العظيم.
فرماه البغال خارجا وأغلقوا الباب.
وكان ما كان من الانقلاب الذي ندعوه إصلاحا، فهل هذه القضية الصغيرة تبقينا متشتتين عن بعضنا مدى الزمان؟ هل يجب أن نضحي حياتنا وحياة الملايين من إخواننا إكراما لمخلوقين تخاصما في الأجيال المتوسطة لغايات شخصية؟ أمن أجل هذا نتقاتل؟ أمن أجل هذا نشتغل بالسر ضد بعضنا، ونبتعد عن الوئام الذي فيه حياتنا؟ أمن أجل أفراد لا نعرفهم إلا من التاريخ نكيد لمن نعرفهم المكائد، ونسعى في إسقاط بعضنا البعض. قد مضى ما مضى، قد ارتكب أجدادنا جرائم عديدة، عار علينا أن نكررها نحن في هذا الجيل، نعم إني أشعر بهذه الذنوب التي ناءت علي كلها، فصرت أتأوه من ثقلها، قد اتصلت خطيئة أجدادنا بنا، فيجب أن نطهر أنفسنا بالقيام بهذا المشروع الذي فيه خير الحيوانية عموما، ألا تعلمون أن شقاقنا هذا هو سبب سعادة أعدائنا، وتقدمهم، ألا تعلمون أن قوة العدو - وهو عدونا كلنا - مؤلفة من ضعفنا، وتقدمه مستمد من تقهقرنا، وتقهقرنا ناجم عن انقسامنا، وانقسامنا ناشئ عن جهلنا، وجهلنا يثبته فينا غرضنا الأعمى، ومحبتنا الذاتية؟ فلنقتل إذن أغراضنا العمياء، فلنمت ولو إلى حين محبتنا الذاتية! أين الحكمة التي هبطت علينا من السماء، قل لي بربك أيها الحمار المحترم ما هي قوتنا الآن، وأين تلك السلطة الممتدة، والعز الشامخ؟ أين تلك الخيرات الغزيرة التي كانت تطرح على أقدامنا، قد زالت كلها أو أوشكت أن تزول، ونحن نحن الجانون على أنفسنا.
صفحه نامشخص