151

مدخل کبیر

ژانرها

فأما قوم من الأوائل فوافقوهم فيما ذكروا من طبائع هذه الأركان وخاصيتها وخالفوهم في الألوان والطعوم وزعموا أن بعض هذه الأركان له لون وطعم وبعضها له لون ولا طعم وبعضها لا لون له ولا طعم إلا أنه قابل للألوان والطعوم فأما الركنان اللذان لهما لونان وطعمان فهما الماء والأرض وإن لون الماء البياض وطعمه العذوبة ولون الأرض الغبرة والكمودة وطعمها المرارة وقال قوم إن طعم الأرض العذوبة واحتجوا على ذلك بأن قالوا إن الأرض منبتة للأشياء ولو كان طعمها المرارة لما أنبتت شيئا فهذه حجتهم وأما الذي له لون ولا طعم له فهي النار ولونها الحمرة واحتجوا على ذلك بالنار التي تجذب من قرع جسمين أو من البرق وقالوا إن كان يختلف لون تلك النار التي نراها في الجو عن حد الحمرة الحقيقي التي تكون للنار بزيادة قليلة أو نقصان قليل على قدر الجسم الذي رئي فيه لون النار فالحمرة أقرب الألوان إليها وأما الذي لا طعم له ولا لون وهو قابل للألوان والطعوم فهو الهواء لأنه يقبل من الألوان الأضداد كالبياض والسواد وما بينهما وبتوسطه بين الشيء الذي له طعم وبين الذوق يعرف الطعم

فتركنا الإخبار عن هذه الأركان وحالاتها لأنا لم نقصد في هذا الموضع للاستقصاء عنها ولولا حاجتنا إلى ذكر هذا فيما يستقبل لم نذكره

فأما الأخلاط الأربعة المركبة فهي المرة الصفراء والدم والبلغم والمرة السوداء وكل الأوائل مجمعون على أن لكل واحد من هذه الأخلاط الأربعة طبيعة وخاصية ولون وطعم فأما ألوانها فإنها تدرك بالبصر وأما طعومها فإنما تدرك بالذوق وأما طبائعها التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فإنهم زعموا أنها تدرك باللون أو بالطعم أو بالمماسة فأما خاصية الأشياء فإنما تدرك بأفاعيلها التي تظهر في الوقت الذي يقرب فيه بعض الأشياء من بعض أو يماس بعضها بعضا فأما المرة الصفراء فلونها لون النار وطعمها المرارة وطبيعتها الحرارة واليبوسة وخاصيتها الحرارة وفعلها الإحراق وهذا موافق لطبيعة النار وخاصيتها وأما الدم فلونه الحمرة ومذاقته حلوة وطبيعته الحرارة والرطوبة وخاصيته الرطوبة وفعله أنه منبت منشئ للأشياء وهذا موافق لطبيعة الهواء وخاصيته وأما البلغم فلونه البياض وطعمه الملوحة وطبيعته البرودة والرطوبة وخاصيته البرودة وفعله أنه يغذي الأشياء وهذا موافق لطبيعة الماء وخاصيته وأما المرة السوداء فلونها الغبرة والكمودة وطعمها الحموضة وطبيعتها البرودة واليبوسة وخاصيتها اليبوسة وفعلها إمساك الأشياء وهذا موافق لطبيعة الأرض وخاصيتها فهذا ما ذكروا من طبائع الأركان والأخلاط

صفحه ۳۶۰