وعامة الأوائل مجمعون على أن للأركان الأربعة طبيعة وخاصية وإنها لا ألوان لها ولا طعوم وأن الألوان والطعوم إنما هي لكل شيء يحدث منها لأنهم زعموا أن النار لا لون لها على الحقيقة والذي نرى لها من اللون إنما هو على قدر الجسم الذي يقبل فعل النار وأن خاصيتها الحرارة وفعلها الإحراق وأما الهواء فهو جسم لا لون له إلا أنه قابل للألوان وإن خاصيته الرطوبة وفعله إنه منبت منشئ للأشياء وأما الماء فإنه ليس له لون بالحقيقة وإنما يرى لونه على قدر الشيء الذي يكون فيه الماء وإن خاصيته البرودة وفعله غذاء الأشياء وأما الأرض فليس لها لون بالحقيقة والذي يرى من لونها إنما هو على قدر ما يكون فيها من البخارات وتغييرها لها وخاصيتها اليبوسة وفعلها أن تبقي الأشياء فأما الطعوم فإن النار والهواء لا طعم لهما وأما الأرض والماء فمختلفا الطعم لأن لكل موضع من الأرض طعما خلاف طعم الموضع الآخر وذلك على قدر اختلاف البخارات التي تكون فيها وأما الماء فإنما يوجد طعمه على قدر طبيعة الموضع الذي يكون فيه الماء لأنه إن كان ذلك الموضع طيبا كان طعم الماء الذي يكون فيه عذبا وإن كان ذلك الموضع مالحا كان طعم ذلك الماء مالحا فإذن ليس لهذه الأركان الأربعة لون ولا طعم على الحقيقة وإنما لها طبيعة وخاصية على ما ذكرنا قبل
صفحه ۳۵۸