وقال الشيخ بتأن: «إنه «نائم» على الدوام، وإنه ليذهب ليؤدي أعماله وهو مستغرق في النوم، ويغط وهو يخدمنا على المائدة.»
قال المستر بكوك: «ما أعجب، وما أغرب!»
وردد الشيخ قوله: «حقا ما أعجب وما أغرب ... إني بهذا الغلام لفخور ... ولن أدعه يفارقني لأي سبب من الأسباب، إنه لأعجوبة من أعاجيب الطبيعة ... جو ... جو ... ارفع هذه الأشياء وافتح زجاجة أخرى ... أأنت سامع؟»
ونهض الغلام الشحيم اللحيم وفتح عينيه، وازدرد الفطيرة الضخمة التي كان منشغلا بمضغها حين استولى النعاس عليه آخر مرة، وراح في بطء ينفذ أوامر سيده، محدقا البصر في استرخاء في بقايا المائدة، وهو يرفع الصحاف ويودعها جوف «السفط».
وأحضرت الزجاجة الجديدة، وما لبثت أن أفرغت، ثم ربط السلة في موضعها القديم، وعاد الغلام السمين يصعد إلى المقعد، ووضعت المناظر والمجاهير مرة أخرى فوق الأبصار، واستؤنفت الحركات العسكرية أمام النظارة، واشتد قصف المدافع، وعادت السيدات إلى الإجفال من الخوف، وإذا بنزك ينبعث في الفضاء، فيتلقاه الناس بالفرح والاغتباط، وما كاد ينطفئ ويتوارى، حتى حذا الجنود والجماعة التي أسلفنا عليك وصفها حذوه، فتواروا هم كذلك منصرفين.
وانثنى الشيخ يقول وهو يهز يد المستر بكوك عقب حديث جرى متقطعا على فترات خلال ختام العرض : «والآن تذكر أننا سنراكم جميعا غدا ...»
وأجاب المستر بكوك: «بكل تأكيد.»
قال: «ولديك عنواننا.»
وأجاب المستر بكوك، وهو يستوحي كناشته: «نعم ... عزبة مانور ... في دنجلي ديل.»
قال: «بالضبط ... وتذكر أنني لن أتركك حتى تقيم لدينا أسبوعا على الأقل، وأؤكد لك أنك ستشهد كل ما يستحق المشاهدة، وإذا رغبت في الاستمتاع بالحياة في الريف، فتعال أشهدك منها ألوانا، وأسرحك فيه سراحا جميلا ... يا جو ... لعنة الله على هذا الغلام ... لقد عاد إلى النوم ثانية ... جو ... ساعد «توم» على إسراج الجياد.»
صفحه نامشخص