فان اراد الفصيح ان يترك هذا اللفظ ، ويأتى بلفظ آخر ، لم يمكنه لأن ما يقوم مقامه : اما لفظ واحد ، او ألفاظ متعددة ، ولا يجد العربي لفظا واحدا يدل عليه ، لأن الثياب من الحرير عرفها العرب من الفرس ، ولم يكن لهم بها عهد ، ولا وضع في اللغة العربية للديباج الثخين اسم.
وانما عربوا ما سمعوا من العجم ، واستغنوا به عن الوضع ، لقلة وجوده عندهم ، وندرة تلفظهم به.
واما ان يذكر بلفظين فاكثر : فانه يكون قد اخل بالبلاغة ، لأن ذكر لفظين بمعنى يمكن ذكره بلفظ واحد ، تطويل.
فعلم بهذا : ان لفظ استبرق يجب على كل فصيح : ان يتكلم به في موضعه ، ولا يجد ما يقوم مقامه ، واي فصاحة ابلغ : من ان لا يوجد غيره مثله؟
وقال ابو عبيد القاسم بن سلام بعد ان حكى القول بالوقوع عن الفقهاء ، والمنع : عن اهل العربية :
والصواب عندى : مذهب فيه تصديق القولين جميعا. وذلك : ان هذه الأحرف اصولها اعجمية كما قال الفقهاء ، لكنها وقعت للعرب ، فعربتها بألسنتها ، وحولتها عن ألفاظ العجم الى الفاظها ، فصارت عربية.
ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف : بكلام العرب فمن قال انها عربية ، فهو صادق ، ومن قال : عجمية ، فصادق.
ومال الى هذا القول : الجواليقى ، وابن الجوزى ، وآخرون. انتهى.
(تنبيه)، قال في المزهر : «المعرب» هو ما استعملته العرب : من الالفاظ ، الموضوعة لمعان في غير لغتها.
صفحه ۴۰۶