واما قوله (وايضا كل سليم العقل) الخ فتوضيحه ان سليم العقل يعلم ان إرادته لا تتوقف على ارادة اخرى فلا بد ان تكون ارادته من الله تعالى اذ لو كانت منه لتوقفت على ارادة اخرى لتوقف الفعل الاختياري على ارادته فيلزم التسلسل في الارادات وهو باطل فاذا كانت ارادته من الله تعالى وغير اختيارية للعبد لم يكن الفعل من اثار العبد وقدرته بل من اثار الله تعالى لوجوب حصول الفعل عقيب الارادة المتعلقة به الجازمة الجامعة للشرائط المخلوقة لله تعالى فلم تكن ارادة العبد ولا حصول الفعل عقيبها من اثار العبد بل من الله تعالى.
وفيه ان عدم احتياج الارادة إلى ارادة اخرى لا يدل على عدم كونها من افعال العبد المستندة الى قدرته فان تاثير قدرته في الفعل لا يتوقف ذاتا على الارادة ولذا كان الغافل يفعل بقدرته وهو لا إرادة له وكذا النائم وانما سمي الفعل المقدور اختياريا لاحتياجه غالبا الى الارادة والاختيار فتوهم من ذلك اشتراط سبق الارادة في كل فعل مقدور وهو خطأ وبالجملة فعل العبد المقدور نوعان والعلم خارجي كالقيام والقعود ونحوهما وذهني وهو افعال القوى الباطنة كالارادة والعلم والرضا والكراهه ونحوها والاول مسبوق بالارادة الا نادرا كفعل الغافل والنائم والثاني بالعكس والجمع مقدور ومفعول للعبد ولذا كلف الانسان عقلا وشرعا بالمعرفة ووجب عليه الرضا بالقضاء وورد العفو عن النية وقال تعالى ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وقال سبحانه ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا ) وقال تعالى : ( فطوعت له نفسه قتل أخيه ) وقال رسول الله (ص) انما لكل امرىء ما نوى ، وقال نية المرء خير من عمله ويشهد لكون الارادة من الافعال المستندة الى قدرة العبد ان الانسان قد يتطلب معرفة صلاح الفعل ليحدث له ارادة به وقد
صفحه ۲۸