معتمد بن عباد
المعتمد بن عباد: الملك الجواد الشجاع الشاعر المرزأ
ژانرها
لياليك في زاهيك أصفى صحبتها
كذا صحبت قبلي الملوك اللياليا
نعيم وبؤس، ذا لذلك ناسخ
وبعدهما نسخ الليالي الأمانيا (1) عيشة المعتمد في أغمات
مر بنا ما مر من أحوال المعتمد في شقائه وبؤسه، وما لقي من غير الأيام في نكبته ومحنته، وحسب القارئ ما مر به، ولكن لعل قارئا يسأل كيف كانت عيشة المعتمد؟ لا ريب أنها كانت عيشة ضنكا، ولكن ما كان مبلغها من الضيق والحرمان؟
مر بنا أن المعتمد سأل حواء بنت تاشفين خباء فاعتذرت إليه أن ليس عندها خباء، ومر بنا أن بناته غزلن للقوت، وأن ابنا له عمل في حانوت صائغ ومر به ابن اللبانة فأنشأ قصيدته الباكية التي أثبت آنفا.
ويقول ابن الأثير في حوادث سنة 484:
وفعل أمير المسلمين بهم أفعالا لم يسلكها أحد ممن كان قبله، ولا يفعلها أحد ممن يأتي بعده؛ إلا من رضي لنفسه بهذه الرذيلة؛ وذلك أنه سجنهم فلم يجر عليهم ما يقوم بهم، حتى كان بنات المعتمد يغزلن للناس بأجرة ينفقنها على أنفسهن، وذكر ذلك المعتمد في أبيات ترد عند ذكر وفاته، فأبان أمير المسلمين بهذا الفعل عن صغر نفس ولؤم قدرة.
كل هذه الأخبار تدل على بؤس المعتمد وضيق عيشته، ولكنا نجد في الأخبار كذلك أنه أعطى الحصري الشاعر حين قصده في طنجة وهو في طريقه إلى المنفى، وأنه أرسل إلى ابن اللبانة حين أزمع السفر من أغمات هدية ذات قيمة فاعتذر ابن اللبانة وردها، ونقرأ كذلك أن ابن حمديس الشاعر زاره فحجبه الخادم وأنشأ المعتمد أبياتا يعتذر فيها لابن حمديس ويذكر غباوة خدمه وجهلهم بعد أن كان خدمه ما كانوا وهو في ملكه ودولته.
والجمع بين هذه الأخبار المختلفة أن الرجل عاش في شقاء وبؤس وضيق، لا ريب في هذا، ولا يبعد أن بعض أقاربه أو أصهاره أو أنصاره الذين سلموا من النكبة أمدوه بما يقيم أوده، ويحفظ كرامته؛ وقد قصده الشعراء ووفوا له في شدته وكربته فليس بعيدا أن يكون غيرهم قصده أو أرسل إليه ما يخفف عنه شدة الأسر، وقسوة الفاقة، فصلحت حاله أحيانا، ولا أقول: إن المعتمد ادخر بعض جواهره ونفائسه فأنفق منها، فلو كان عنده بقية من الأعلاق ما غزلت بناته للناس ولا نفخ ابنه في كير صائغ. (2) أخلاق المعتمد
صفحه نامشخص