لئن كنت قد بلغت عني خيانة
لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ولست بمستبق أخا لا تلمه
على شعث أي الرجال المهذب؟
وهذا شعر وتلك سليقة لا يخلقها في نفسية الشاعر إلا عصر ارتكزت نواة الأدب فيه حول مدنية خاصة، وطابع من الحضارة كان يمثله النعمان في خورنقه بالحيرة.
وكذلك الحال في شعر زهير بن أبي سلمى في معلقته وحولياته. غير أن معلقته في الواقع هي أدل شيء على نزاهة نفسه وعلى تأثير عوامل الحياة التي حوطته في زمانه، ولا تذكر لك شيئا من حكمه، بل تذكر لك حادثة عطف فيها على قوم آذاهم شخص منهم، وهي صفة قليلا ما تظهر في أخلاق العرب، إذ يقول بعد أن ناح على الطلول، وقبل أن يمشي في ذكر حكمياته:
لعمري لنعم الحي جر عليهم
بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم
وكان طوى كشحا على مستكنة
فلا هو أبداها ولم يتقدم
صفحه نامشخص