Muawiyah ibn Abi Sufyan: Commander of the Faithful and Scribe of the Prophet's Revelation - Dispelling Doubts and Refuting Fabrications
معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين ﷺ كشف شبهات ورد مفتريات
ناشر
دار الخلفاء الراشدين - الإسكندرية،مكتبة الأصولي - دمنهور
محل انتشار
مكتبة دار العلوم - البحيرة (مصر)
ژانرها
فالظاهر أن هذا الدعاء منه ﵌ غير مقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب فى وصل كلامها بلا نية كقوله ﵌ لبلال ﵁: «مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ» (١).
وقوله ﵌ لمعاذ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ» (٢) ونحو ذلك.
ويمكن أن يكون ذلك منه ﵌ بباعث البشرية التى أفصح عنها هو نفسه ﵌ فى أحاديث كثيرة متواترة، منها قوله ﵌: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي ﷿ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا» (رواه مسلم).
وقد ختم الإمام مسلم ﵀ بهذا الحديث الأحاديث الواردة في دعاء النبي ﵌ أن يجعل ما صدر منه من سب ودعاء على أحد ليس هو أهلًا لذلك أن يجعله له زكاة،
(١) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵁ قَالَ: «ضِفْتُ النَّبِيَّ ﵌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ»، قَالَ: «فَجَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ»، قَالَ: «فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ: «مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ»، وَقَامَ يُصَلِّي» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ: (ضِفْتُ):أَيْ نَزَلْت عَلَيْهِ ضَيْفًا. (بِجَنْبٍ):جَنْب الشَّاة شِقّهَا، وَجَنْب الْإِنْسَان شِقّه. (الشَّفْرَة): هِيَ السِّكِّين الْعَظِيمَة، وَقِيلَ: هِيَ السِّكِّين الْعَرِيضَة. (يَحُزّ): حَزَّهُ وَاحْتَزَّهُ أَيْ قَطَعَهُ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز قَطْع اللَّحْم بِالسِّكِّينِ، وَفِي النَّهْي عَنْهُ حَدِيث ضَعِيف فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ. ...
(فَآذَنَهُ): أَيْ أَعْلَمَهُ وَأَخْبَرَهُ. (وَقَالَ (النَّبِيّ ﵌: (مَا لَهُ): لِبِلَالٍ قَدْ عَجَّلَ وَلَمْ يَنْتَظِر إِلَى أَنْ أَفْرُغ مِنْ أَكْل طَعَامِي. (تَرِبَتْ يَدَاهُ): تَرِبَ الشَّيْء: أَصَابَهُ التُّرَاب، وَمِنْهُ تَرِبَ الرَّجُل اِفْتَقَرَ كَأَنَّهُ لَصِقَ بِالتُّرَابِ، يُقَال تَرِبَتْ يَدَاك وَهُوَ عَلَى الدُّعَاء أَيْ لَا أَصَبْت خَيْرًا.
وَ(تَرِبَتْ يَدَاهُ) كَلِمَة تَقُولهَا الْعَرَب عِنْد اللَّوْم وَمَعْنَاهَا الدُّعَاء عَلَيْهِ بِالْفَقْرِ وَالْعَدَم، وَقَدْ يُطْلِقُونَهَا فِي كَلَامهمْ وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ وُقُوع الْأَمْر كَمَا قَالُوا عَقْرَى حَلْقَى فَإِنَّ هَذَا الْبَاب لَمَّا كَثُرَ فِي كَلَامهمْ وَأَدَامَ اِسْتِعْمَاله فِي مَجَارِي اِسْتِعْمَالهمْ صَارَ عِنْدهمْ بِمَعْنَى اللَّغْو، وَذَلِكَ مِنْ لَغْو الْيَمِين الَّذِي لَا اِعْتِبَار بِهِ وَلَا كَفَّارَة فِيهِ.
(٢) جزء من حديث طويل عن معاذ ﵁: «... قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِما نَتَكَلَّمُ بهِ؟ فقالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، - أوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». (رواهُ الترمذيُّ وصححه الألباني).
1 / 160