جهتگیری سیاسی مصر در دوران محمد علی: بنیانگذار مصر مدرن
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
ژانرها
فلو أمكن معادلة التحالف المعقود بين تركيا وروسيا بتفاهم بين مصر وإنجلترا لكان في الاستطاعة تحقيق الأحلام التي كانت تجيش في صدر نائب السلطان منذ سنوات عديدة.
ومن ثم قدمت مذكرة ممتعة وعلى جانب عظيم من الأهمية إلى قنصل إنجلترا العام لإبلاغها إلى لندن، جاء فيها أن أول غاية يرمي نائب السلطان إلى تحقيقها هي اقتلاع نفوذ روسيا من تركيا، وأن ينظم جيشا لا تنحصر مهمته في حمل روسيا على احترام استقلال تركيا وحدها، بل واستقلال إيران أيضا، «أما الغاية التي كان يرمي إليها نائب السلطان من امتلاك سوريا فقد كان باعثها النية السابقة؛ ولذلك كان يعلل نفسه بعد معركة قونية أن يحدث انقلابا في نظام الحكم في الآستانة، بحيث يتمكن بمساعدة فرنسا وإنجلترا من التعجيل بإحباط مآرب روسيا، ثم استطردت المذكرة بأن الباشا سوف يكون لديه قريبا جيش قوي يبلغ 150000 كامل العدد والعدد، وعلى قدم الاستعداد للتعاون مع إنجلترا في المهمة المجيدة؛ مهمة تخليص تركيا وإيران من النير الروسي، ثم انتهى الباشا بتوجيه خطابه إلى ما عرف عن الإنجليز من شيم العدالة وحب الإنصاف؛ إذ كان يصح له في الوقت نفسه أن ينادي باستقلال مصر ، وهو ما عول على فعله فيما لو استمرت عداوة الباب العالي له.»
9
وكان معتمدو إنجلترا في الشرق ميالين في ذلك الوقت للموافقة على تلك الاقتراحات، وإليك ما كتبه بونسيني إلى كامبل في سنة 1833م؛ إذ قال: «إذا كانت روسيا مدفوعة بعوامل الأثرة والأنانية؛ فالمرجو أن تكون قوة محمد علي في الجهة التي تقضي مصلحته باستخدامها فيها، أي من يطرد من آسيا ومن كافة الأراضي التركية تلك الدولة التي إذا سمح لهما بغرس جذورها لتمكنت قبل مرور وقت طويل من شل مجهودات شعبه المصري والعربي الجديد.»
10
بل إن كامبل كتب في العام التالي يقول: إن من رأيه «فيما يتعلق بصد روسيا ووقف اعتدائها من ناحية آسيا أن إنشاء خلافة عربية برعاية محمد على قد يكون أقوى سد يمكن إقامته لصد روسيا، بل لعل ذلك يكون أضمن من أي مقاومة يمكن أن يبديها الباب العالي، بل إن محمد علي فيما لو اقتضت الظروف ذلك قد يقدم مساعدة عظيمة لإيران (إذا افترضت أنه استولى على بغداد) فيما لو اشتبكت في حرب مع روسيا.»
11
ومن المحتمل أن هذه الآراء اتفقت إلى كراهية بالمرستون لسياسة روسيا والغايات التي ترمي إليها؛ فلقد كان ينظر إليها باعتبارها الدولة الوحيدة التي يرجح نشوب الحرب بيننا وبينها، ولطالما أبدى تذمره مما كانت تبديه من روح العداء في مختلف الأنحاء، وهي الروح المستمدة من خلق القيصر شخصيا ومن هيأة الحكم الدائم فيها، وفضلا عن ذلك فقد كان يتلقى في الوقت نفسه معلومات من أشخاص ليسوا تحت سلطة محمد علي ولا تحت تأثير سحره بأن روسيا تعمل بنشاط على ترسيخ أقدامها في منطقة الطرق الخطيرة، وبهذه المناسبة كتب معتمدنا هناك يقول: «إن روسيا إذا ما وطدت أقدامها في بغداد؛ فإن وجود العراق في مركز وسط وما يجري فيه من الأنهار الصالحة للملاحة وما لديه من الموارد الطبيعية كل هذا يكون بمثابة أحسن فرصة للزحف على الهند في المستقبل ... أو على الأقل لترسيخ أقدام الدسائس ومواصلتها وهي أشد خطر من الحرب نفسها.»
12
أفليس في الاستطاعة أن يؤدي الخوف إلى دسائس الروس وزحفهم عن طريق إيران إلى الهند إلى تحقيق ما كان يرجوه نائب السلطان من اعتراف الإنجليز ومساعدتهم إياه بعد أن خاب في تحقيقها «أولا» الجلاء عن المورة، و«ثانيا» التلويح بعقد معاهدة مع فرنسا ... ألم تسع الحكومة الإنجليزية في الهند إلى عقد محالفة بين السيخ والأفغان وإيران عندما خيف من زحف نابليون على الهند بالطرق البرية.
صفحه نامشخص