منهج الاعتدال

Adnan Al-Arur d. Unknown
18

منهج الاعتدال

منهج الاعتدال

ناشر

دار التابعين بالرياض

محل انتشار

٢٠٠٢

ژانرها

ما يظهر للعقلاء من حقيقة تعليماته، وإشراقة أحكامه، وسر عباداته. فإن من تأمل الإسلام بعقل وفطنة، يجد في عقيدته الوضوح والصفاء، ويلفي في توحيده المتانة والشفاء كل الشفاء، لما يختلج في الصدور، وتتساءل عنه العقول. ومن فكّر بوعي في العبادات، وجد في الصلاة والصوم والصدقات، وفي حفظ الأعراض وتحريم المحرمات، سرًا عظيمًا، وهدفًا ساميًا في تزكية النفوس، وصلاحًا قويًا للأبدان، واستقامة عظيمة للأعمال. ومن تأمل قواعد التوارث في الإسلام -على سبيل المثال- يذهل لعظمتها، ودقتها وتفصيل توزيعها، وموافقتها للطبيعة البشرية التي فطر الله الناس عليها، على مر العصور، في شأن القرابة، وفي شأن حب المال، فالوالدان والأولاد هم أعز القرابة، لذلك كان لهم حظ وافر، وأنصبة موزونة، وانظر بتفكر كيف ينقص حظ الأب والأم والزوجة حين يكون للميت أولاد، ونقصان حظهم من المال مقبول منهم بكل رضى، لأنه سيعود على الأولاد الذين يحبونهم، لا على غيرهم، والأولاد أحوج إليه منهم في الغالب، فسبحان الله ما أعلمه وما أحكمه! كما تتجلى عظمة الإسلام، فيما أمر به من التعاون والتكافل، والتسامح وصلة الأرحام، وصنع المعروف، ومعالجة القضايا الاجتماعية، ومبادئ الحياة الزوجية، وقد أعطى الإسلام نصيبًا وافرًا للاهتمام بحسن الأخلاق، لما له من تأثير بالغ في تعاضد المجتمع وقوته، وحسبنا حديث رسول الله ﷺ: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» [رواه أحمد (٢/ ٣٩٨) والبخاري في الأدب المفرد (٢٧٣) وصححه شيخنا الألباني]. وتظهر متانة الإسلام، في بناء مجتمع يسوده العدل والأمان، وتتضح وضوحًا جليًا في أوامره وأحكامه بالعدل بين بني الإنسان، فلا فرق بين ذكر وأنثى، ولا عربي وأعجمي، ولا أبيض ولا أسود، ولا غني ولا فقير، ولا وجيه ولا صعلوك في المعاملات.

1 / 18