من المشكلات اللغوية في القرآن الكريم
من المشكلات اللغوية في القرآن الكريم
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
السنة السابعة-العدد الرابع
سال انتشار
ربيع الآخر ١٣٩٥ هـ ابريل ١٩٧٥ م
ژانرها
أَجْرًا﴾، ذلك أن الآية تقص ما حدث على يد العبد الصالح من أمور شاذة واعتراض موسى عليه فيما يفعل، وهنا أمر عجيب وهو أن القوم قد بخلوا عليهم بالطعام رغم سؤالهم إياهم، ومع هذا يقيم الخضر لهم الجدار بدون أجر. لهذا اعترض موسى عليه، فسياق القصة كلها يقضي أن يكون جواب الشرط إما فعلًا عجيبًا من الخضر أو اعتراضًا من موسى.
وفي الحادث الأول وهو خرق السفينة، ﴿حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ نجد جواب الشرط هو (خرقها) وهو عمل عجيب يستدعي التساؤل والاعتراض، وفي الحادث الثاني وهو قتل الغلام. . . ﴿حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ نجد جواب الشرط هو (قال)، أي اعتراض موسى، وفي هذه الآية ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ نجد كلمة ﴿اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا﴾ لا هي فعل عجيب للخضر ولا اعتراض من موسى، وأيضًا لم يكن ورودهما القرية طلبًا للطعام.
وإذن فجملة استطعما أهلها هي نعت لقرية المضاف إليه، وهو جملة فعلية، فلا بد من وجود رابط بها يعود على القرية، وهذا الرابط هو الضمير في أهلها، ولو جاء التعبير - على هذا التقدير. . حتى إذا أتيا أهل قرية استطعماهم لبقي النعت الجملة بلا رابط.
وتقدير الآية بعد هذا هو: حتى إذا وصلا قرية قد رفض أهلها أن يقدموا لهما شيئًا من القرى، وكان بها جدار يوشك أن ينهار، فأخذ الخضر بقيمة عجب موسى وقال له: لو شئت لاتخذت عليه أجرًا.
وهناك وجه آخر لم يغب عن ذهن الباحثين، وهو عود الضمير على الأهل لو قيل (استطعماهم)، وتكون الجملة الفعلية نعتًا لأهل لا للقرية، ولكنهم استبعدوا هذا الوجه لأن الآية ظلت تتحدث عن القرية لا عن الأهل، قالت: ﴿فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا﴾ ولم تقل فوجد عندهم جدارًا، ولأن الجدار من مباني القرية لا من سكانها، والحديث عن عملهم فيها لا عن مجادلتهم السكان.
اعتمد هذا الوجه قاضي القضاة تقي الدين السبكي، ونقله عنه ابنه في (عروس الأفراح) . . ثم نقله الألوسي في تفسيره.
1 / 129