من المشكلات اللغوية في القرآن الكريم
من المشكلات اللغوية في القرآن الكريم
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
السنة السابعة-العدد الرابع
سال انتشار
ربيع الآخر ١٣٩٥ هـ ابريل ١٩٧٥ م
ژانرها
وهذا كما تقول: لعلي إن ضربت بسيفك ينكسر، ولعلي إن حاربتك تنهزم و(لعلّ) في كل هذه الحالات بمعنى الاشفاق، ولكنها ما زالت بحاجة إلى اسم وخبر. وقد ضرب أبو عبيدة في مجازه صفحًا عن هذه الآية.
ونقل الطبري هذا الشاهد السابق وأوْرد تنظيرًا آخر وهو قول الشاعر:
ألم تعلموا أن ابن قيس وقتله.
بغير دم دار المذلة حلت.
قال: "فألغى ابن قيس وقد ابتدأ يذكره. وأخبر عن قتله أنه ذُلّ".
وهذا الاستشهاد غير قوي، لأنه يحتمل التأويل بالمفرد، فيمكن أن تكون الواو للمعية، فيظل الحديث عن ابن قيس الذي قتل لغير جريرة. ويكون التقدير: إن ابن قيس مع قتله بغير ذنب هو إن وذلة، فما بعد الواو فضلة لا يحتاج إلى إخبار عنه. ومن المألوف السائغ أن يقال: إني وما ملكت يدي ملك لك ورهن أمرك، وفي القرآن أيضًا: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم﴾ .
ومن الأساليب التي أثارت تساؤلات البلاغيين ما حكى به القرآن الكريم قصة موسى ﵇ والعبد الصالح الذي قابله، وهو الخضر ﵇، إذ قال: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ .
فقد تكررت كلمة أهل، وكان مقتضى الظاهر أن يقال: حتى إذا أتيا أهل قرية استطعماهم. فذهب كثير من المفسرين واللغويين يتلمسون العلل لهذا الإظهار في موضع الإضمار، والواقع أن الأمر ليس كذلك، وليس في الآية إظهار في محل الإضمار، بل يتعين أن يكون التعبير كذلك ﴿اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا﴾ ولا يجوز (استطعماهم) .
ويرجع سبب الاختلاف في وجهة النظر إلى الاختلاف في تقدير جواب الشرط فالذين قدروه (استطعما أهلها) جواب الشرط اعتبروا أهلها إظهارًا، ولكن هذه لا تصلح جواب شرط، وإنما جواب الشرط هو ﴿قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ
1 / 128