357

مصر در آغاز قرن نوزدهم ۱۸۰۱–۱۸۱۱ (بخش اول)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

ژانرها

D’Enghien

في مارس 1804 بجانب مذبحة المماليك

الحادثين.

ومن المعروف أن الدوق «دانجيان» لم يشترك إطلاقا في المؤامرات التي دبرت وقتذاك لاغتيال القنصل الأول، بل كانت كل جريمته أنه الرجل الذي رفض الرضوخ لسلطان بونابرت، والذي كان له من الكفاءة وبعد الصيت كسليل لأمراء كونديه

Condé

ما يجعل منه المنافس الخطر الوحيد الذي يخشى بأسه نابليون في وقت اعتزم فيه إنشاء الإمبراطورية.

ويرى المستنكرون لمذبحة القلعة أن محمد علي بفتكه بالمماليك في هذه المجزرة التي لم تبق ولم تذر قد أخذ البريء بجريرة المذنب فأهلك المستأمنين الذين جاءوا القاهرة ليعيشوا فيها وفي القرى المجاورة في هدوء وسلام، ويتمتعون بلذائذ الحياة ونعمها تحت مراقبة الباشا وفي كنفه وتحت رعايته، وأنه كان في وسعه أن يقابل أعداءه وخصومه وجها لوجه في ميدان الحرب والسياسة بدلا وخيرا من الغدر بهم، وأنه كان في وسعه استخدامهم في حربه ضد الوهابيين بدلا من الإجهاز عليهم وسفك دمائهم، كما أن فريقا من هؤلاء المستنكرين صاروا يرون فيما بدا من نشاط ضئيل من جانب بكوات أقاصي الصعيد بعد هذه المذبحة خطرا قد يستفحل شره تدريجيا نتيجة لها حتى لا يلبث أن يفضي إلى اشتعال الحرب الأهلية في البلاد، وكان «دروفتي» نفسه من أصحاب هذا الرأي.

ومع ذلك، فقد ناقض كل هؤلاء أنفسهم بأنفسهم عندما قالوا إن القضاء على المماليك كان لخير مصر وصالحها، وأنه لم تكن هناك وسيلة أخرى يمكن بها التخلص من هؤلاء الفسدة أحسن من ذلك، وأنه يشك كثيرا في صحة الوعود والعهود التي يقطعونها على أنفسهم في اتفاقاتهم مع الباشا، وأنه كان من المتعذر - بسبب توزيع قواتهم في جهات مختلفة وفي أقاصي الصعيد - على الباشا أن يشتبك معهم في معارك أخرى فاصلة، وأنه من المتعذر كذلك عمليا على الباشا أن يجمع في جيشه بين فريقي المماليك والأرنئود (الألبانيين) بسبب ما جرى من دم كثير بينهما في معارك عديدة، وأنه وإن كان في وسع الباشا التغلب على المماليك في معركة فاصلة قاضية وإنقاذ البلاد من شرور الحرب الأهلية فإن ذلك يتطلب تضحية قسم لا يستهان به من جيشه عند مواجهته للمماليك وللوهابيين معا وفي وقت واحد، كما أن ذلك سوف يصرفه عن التفرغ لتدبير شئون الحكم، ومن شأنه أن يعطل مشروعاته الكبرى الداخلية والخارجية معا، وأن محمد علي منذ أن أجهز عليهم قد أصبح مرهوب الجانب ويخشاه أعداؤه، حتى إن الباب العالي لم يلبث أن وجد نفسه من ذلك الحين مرغما على النظر إليه كنظره إلى حليف مستقل، ولا يعامله كتابع قوي فحسب، وأن محمد علي أسدى بفتكه بالمماليك خدمة جليلة للباب العالي ولأمته .

واعتقد آخرون من مستنكري مذبحة القلعة أن هذه المذبحة كانت من الناحية القومية ذات أضرار بليغة؛ لأنها ألقت الرعب والفزع في قلوب الأهلين، حتى قضت على كل نزعة ديمقراطية، فتعذرت عودة الطمأنينة والشجاعة إلى النفوس أزمانا طويلة بسببها، حتى إن أحدا من أفراد الشعب ما عاد يتصدى لمعارضة الباشا ومحاسبته ونقد تصرفاته طوال المدة التي قضاها في حكم البلاد بعد ذلك؛ أي حوالي سبع وثلاثين سنة.

ومع ذلك، فقد فات أصحاب هذا الرأي أن هؤلاء المماليك طائفة لا تربطهم بالبلاد وأهلها أية روابط من الجنس واللغة، ولا يعرفون من الدين سوى مظهره، ويعيشون في انفصال طبقتهم العسكرية الأرستقراطية بمعزل عن سائر الناس، لا هم لهم إلا استنزاف موارد البلاد وتسخير أهلها في خدمتهم، وفاتهم كذلك أنه لم يكن للقومية أي أثر بينهم، فهم يطلبون إما حماية الإنجليز وإما حماية الفرنسيين، ولا يدخل الاستقلال في نطاق تفكيرهم، فكان كل ما سعى إليه الألفي والبرديسي وزملاؤهما الاستعانة بالدول الأجنبية لاسترجاع سيطرتهم المفقودة، وقد أوضح ذلك في عبارات لا لبس فيها ولا إبهام، شاهين بك الألفي في كتابه الذي أشرنا إليه مرارا إلى الأميرال «كولنجوود» في أغسطس 1809، فكان ركن الزاوية في مقترحاته على الإنجليز أن يمده هؤلاء بالمال حتى يستطيع البكوات جلب عدد من المماليك من الخارج يكفي لسد الثغرة التي حدثت في صفوفهم حتى يتمكنوا بذلك من الاستيلاء على السلطة الكاملة في مصر، فلا يبقى للباب العالي سوى السيادة الاسمية التي ترمز لها الجزية السنوية فحسب، ويتعهدون في نظير ذلك بأن يمكنوا للإنجليز بسط حمايتهم الفعلية على مصر.

صفحه نامشخص