الثاني:
أن عادة قتل الملوك تفشت من مصر إلى الأمم الأخرى في الطور الأولى من الحضارة المصرية، وقد كان ملوك إثيوبيا يقتلون إلى عصر الرومان .
الثالث:
أن قتل الملوك كان جاريا إلى عهد قريب في السودان، وكان الملك إذا أحس بالضعف رضي بالقتل حتى لا يصيب الضعف شعبه؛ إذ هو المسئول عن الزارعة وعن صحة الشعب.
الرابع:
أن التضحية البشرية مورست في عهد قديم في مصر، ثم ترقى الشعب، ولكن أحد الحكام المصريين في السودان عاد إليها فوجدت الضحايا البشرية في قبره لأن الوسط السوداني الذي كان يعيش فيه لم يكن متدرجا في الرقي مع الحضارة المصرية بل وقف عند طورها الأول.
الخامس:
أن مانيتو المؤرخ المصري ذكر أن المصريين كانوا يحرقون رجلا أصهب الشعر ثم يذرون رماده، وأن هذه التضحية البشرية كان يضحى بها على قبر أوزوريس.
وتفسير هذه التضحية أن أوزوريس هو رب القمح، والقمح أصفر أصهب فالرجل الأصهب يمثل أوزوريس الذي كان ملكا وربا وقتل من أجل الزراعة.
فالمصريون عرفوا التضحية البشرية - قبل عهد الفراعنة - في الملوك، وعرفوها بعد الفراعنة في أفراد آخرين، ولن نكسب مجدا بأن ندعي أن أسلافنا لم يعرفوا التضحية البشرية وأنهم كانوا أعمق ذهنا وأسمى عواطف من ارتكاب هذه الجناية؛ فإنهم كانوا مبتدئين يتحسسون العقائد والآراء لزيادة صحتهم ووفرة محصولاتهم، وقد هداهم ذهنهم إلى أن الملك هو المسئول عن الصحة والبركة، فإذا أهمل وجب قتله، ثم أذاعوا هذه العقيدة في أنحاء العالم حتى لقد نرى لها أثرا في أوروبا نفسها الآن حيث تقام حفلات تومئ إلى قتل الإله أي الملك، وملوك السودان وهم أقرب الملوك المتوحشين إلينا مارسوا هذه العادة وربما لا يزال بعضهم يمارسها إن لم تكن الحكومات الأوروبية قد منعتها، وكتاب الغصن الذهبي الذي ألفه فريزر يقوم على هذا الأساس وهو قتل الملوك. •••
صفحه نامشخص