واعتزل عن الخلق بعد أن اتى بالخصلتين: خضوع القلب وفراغ البدن استأنس روحه وسره بالله عز وجل ووجد حلاوة مخاطبات الله تعالى عز وجل عباده الصالحين وعلم لطفه بهم ومقام اختصاصه لهم بفنون كراماته وبدايع إشاراته فإن شرب كأسا من هذا المشرب لا يختار ذلك الحال حالا وعلى ذلك الوقت وقتا بل يؤثره كل طاعة وعبادة لأن فيه المناجاة مع الرب بلا واسطه فانظر كيف تقرا كتاب ربك ومنشود ولايتك وكيف تجيب أوامره وتجتنب نواهيه وكيف تتمثل حدوده فإنه كتاب عزيز: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه تنزيل من حكيم حميد) فرتله ترتيلا وقف وعده ووعيده وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده
صفحه ۲۹