من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
ژانرها
11
ولجالينوس مقالة في «المزاج» يبين فيها أن الأمزجة تسع؛ فالدافع على التأليف هو الموضوع، هل الأمزجة تسع كما هو الحال عند جالينوس، أم أربع كما هو الحال عند أرسطو؟ والأمزجة ثمان بالإضافة إلى المعتدل، وهو الموجود في اللحم في جلد الكف وطرف السبابة؛ فالمعتدل في أطراف النوع. وتوجد فيه كيفيات الأسطقسات بمقادير متساوية، من الحار والبارد، والرطب واليابس. وقد غلط جالينوس في إضافة المعتدل إلى الكيفيات الأولى؛ لأنه شبه الأمور الطبيعية بالأمور الصناعية؛ فأرسطو أكثر طبيعية من جالينوس، قايس بينهما، وتصور أن كل واحد منها فاعل ومنفعل.
12
وبالنسبة للمشائين الأمزجة الأربعة مركبة على نحو وجودها في البسائط، ولكن جالينوس وأتباعه لم يفهموا هذا المعنى في فعل الحرارة والبرودة في الرطوبة واليبوسة، وجعلوا كل واحدة من الأربعة فاعلة، وأولوا أرسطو تأويلا بعيدا. والمشاءون مجرد رواة للتاريخ الفلسفي ينقل عنهم جالينوس.
13
ويضع ابن رشد جالينوس مع تاريخ الحكماء، وأنه استدرك ما فات جميع الفلاسفة والأطباء قبله، وتابعه من أتى بعده، ويشكره ابن رشد على حسن صنيعه، ويحكم بينه وبين القدماء، أيهما حق وأيهما باطل، ويشكر صاحب الحق وينبه على غلط صاحب الباطل. ويستشهد بالقدماء؛ فليس كل ما يقوله القدماء خطأ على الإطلاق. وعلى مستوى المصطلحات ما زال ابن رشد يستعمل أيضا اللفظ المعرب «الأسطقسات» مفردا ومثنى وجمعا، وليس المترجم بعد أن استقر، مثل الموسيقى والجغرافيا والفلسفة والسفسطة.
14
ولا فرق في آليات الإبداع بين الشرح والتلخيص والجامع والعرض والتأليف من حيث تحليل أفعال الشعور المعرفي، ومنطق الاستدلال، والتطابق بين المقدمات والنتائج، والمسار الفكري بين البداية والنهاية، والمنطق المعياري باستثناء أفعال القول؛ لأن التأليف لا يبدأ بشرح أقوال. يظهر أرسطو كأحد مكونات التأليف أثناء تمثل الوافد. إنما تظهر أفعال القول للمعترض الذي يرد عليه سلفا طبقا للأسلوب الفقهي. كما تظهر أفعال البيان والإيضاح للغرض والقصد؛ فالتأليف قصدي وليس مجرد تجميع. وتظهر أفعال الشعور المعرفي التي تبين أفعال الفكر في اتجاهه القصدي. فغرض ابن رشد فحص عدد إضافات المزاجات والموجود في كل نوع من الأجسام المتشابهة الأجزاء، سواء كانت لذي نقص أو لم تكن؛ فإن النظر في المزاج يكون ذاتيا أو جسميا. ويبدأ بالإعلان عن القصد، وينتهي بالإعلان عن تحقيق القصد. وتظهر البيئة الدينية كالعادة في البداية والنهاية، بالبسملة والحمدلة، والصلاة والسلام على الرسول، وطلب الرضا عن المؤلف.
15 (ب) وفي «البذور والزروع» يظهر أرسطو وحده دون أي شارح أو أي فيلسوف آخر.
16
صفحه نامشخص